بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعجل فرجهم والعن اعدائهم
السلام عليكم الشيخ ياسر الحبيب
ما هي صفة ام الامام المهدي عليهما السلام
فقد ورد حديث في (كمال الدين): ((عن عبد الواحد بن محمّد بن عبدوس، عن أبي عمرو الكشي، عن محمّد بن مسعود، عن علي بن محمّد القمّي، عن محمّد بن أحمد بن يحيى، عن إبراهيم بن هاشم، عن أبي أحمد الأزدي، عن ضريس الكناسي، قال: سمعت أبا جعفر(عليه السلام) يقول: (إنّ صاحب هذا الأمر فيه سُنّة من يوسف، ابن أمَة سوداء، يصلح الله عزّ وجلّ أمره في ليلة واحدة) )) كمال الدين وتمام النعمة ج1 الباب 32 الحديث12
فهل هذا الحديث الصحيح هل ام القائم عليها السلام سواداء ام بيضاء على رغم من وجود روايات انها جارية رومية وهل من الممكن ان تعطونا نبذة مختصرة من حياتها فالروايات متعارضة في صفتها
الأولى: وهي المعروفة عن بشر النخّاس، وفيها: أنّ أُمّ القائم(عليه السلام) جارية رومية من ولد قيصر
(واثنتان) عن حكيمة عمّة الإمام العسكري(عليه السلام)، وفيهما: أنّه كان لها جارية تعهدت بتربيتها ثمّ وهبتها إلى الإمام الحسن(عليه السلام)، وليس فيها أنّها رومية، ولا أنّ الإمام الهادي(عليه السلام) اشتراها، بل تذكر أنّها جارية فقط، وهي ملك يمين، أو كانت عند العمّة حكيمة تربّيها بنفسها.
والرابعة: فيها: أنّه (عجّل الله فرجه) ابن خير الإماء.
والخامسة:فيها: أنّه ابن أمَة سوداء.
ولكن هناك روايات أخرى: إحداها عن أبي بصير، وعن سدير، وغيرهم، تذكر فقط أنّ فيه شبهاً من يوسف(عليه السلام)، وليس فيها أنّه ابن أمَة سوداء
وهناك من يقول ان رويات ولادة الامام المهدي ضعيفة السند فهل هذا صحيح؟
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
جواب المكتب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
التعارض في الأحاديث والروايات أمر طبيعي ولذلك يجتهد العلماء في حل هذه التعارضات بالجمع من خلال حمل بعض الروايات على معنى لا ينافي غيرها أو طرحها إذا لم تقاوم غيرها في القوة أو الكثرة.
وممن اجتهد في ذلك العلامة المجلسي (رضوان الله عليه) حيث قال في تعليقه على الرواية المشار إليها: «قوله عليه السلام: (ابن أمة سوداء) يخالف كثيرا من الأخبار التي وردت في وصف أمه عليه السلام ظاهرا، إلا أن يُحمل على الأم بالواسطة أو المربية» (بحار الأنوار ج٥١ ص٢١٩).
وهناك من العلماء من احتمل أن كلمة (سوداء) مزادة في الحديث لأنها وردت في نسخة كتاب الغيبة للنعماني، بينما لا وجود لها في كتاب كمال الدين للصدوق.
لكن للشيخ الحبيب اجتهادا آخر وهو أن هذه الرواية ليس المقصود بها الإمام المهدي (عليه السلام وعجل الله فرجه الشريف) كما يُظَن، بل المقصود بها الإمام الكاظم (عليه السلام) بقرينة شبهه بيوسف (عليه السلام) من حيث السجن، ففي رواية أخرى عن الإمام الباقر (عليه السلام): «وأما سنة من يوسف فالسجن» وفي لفظ آخر: «فالحبس» (كمال الدين ج١ ص١٥٢ والإمامة والتبصرة ص٩٣ وغيبة الطوسي ص٦٠). ومن المعلوم أن الإمام الكاظم (عليه السلام) هو الإمام السجين المعروف بذلك، ولم يحدثنا التاريخ عن تعرض الإمام المهدي (عليه السلام) للسجن كما لا يُحتمل تعرضه لذلك قبل ظهوره الشريف بحيث تُعرف هذه السنة فيه.
وكذلك فإن والدة الإمام الكاظم (عليه السلام) هي السيدة حميدة المصفاة (عليها السلام)، وهي من البربر، وفيهم سواد أو سُمرة لا تُنكر، وقد ورث تلك الصبغة الإمام (عليه السلام)، ففي صفته الشريفة أنه خضر حالك أي أسمر اللون، بل أسمر غميق أي شديد السمرة (مناقب ابن شهراشوب ج٣ ص٤٣٧ والفصول المهمة ج٢ ص٩٣٦ وبحار الأنوار ج٤٨ ص١١ وأعيان الشيعة ج٢ ص٥٣٥).
وعليه فإن هذه الرواية تتحدث عن الإمام الكاظم (عليه السلام) لا الإمام المهدي (عليه السلام)، وهي من جملة الروايات الكثيرة التي أشارت إلى الدور المقدَّر للإمام الكاظم (عليه السلام) في القيام بأمر الحكومة لولا إفشاء الشيعة لذلك ووقوع البداء كما شرحه الشيخ في بعض محاضراته القديمة، فعن الصادق عليه السلام: «كأني بابن حميدة على أعوادها قد دانت له شرق الارض وغربها» (غيبة الطوسي ص٥٣)، وعن داود الرقي قال: «قلت لأبي الحسن الرضا علیه السلام: جعلت فداك إنه والله ما یلج في صدري من أمرك شيء إلا حدیثا سمعته من ذریح یرویه عن أبي جعفر عليه السلام. قال لي: وما هو؟ قال: سمعته یقول: سابعنا قائمنا إن شاء الله. قال: صدقت وصدق ذریح وصدق أبو جعفر عليه السلام. فازددتُ والله شکا! ثم قال: یا داود بن أبي خالد أما والله لولا أن موسی عليه السلام قال للعالم: ستَجَدِنُیِ إِن شاءَ اللّهُ صابِراً؛ ماسأله عن شيء، وکذلك أبو جعفر علیه السلام لولا أن قال: إن شاء الله؛ لکان کما قال. قال: فقطعتُ علیه» (رجال الكشي ص٣٧٣). وعن أبي حمزة الثمالي قال: «قلت لأبي جعفر عليه السلام: إن عليا عليه السلام كان يقول: إلى السبعين بلاء، وكان يقول: بعد البلاء رخاء. وقد مضت السبعون ولم نر رخاءًا. فقال أبو جعفر عليه السلام: يا ثابت إن الله تعالى كان وقَّتَ هذا الأمر في السبعين، فلما قُتل الحسين اشتد غضب الله على أهل الأرض فأخره إلى أربعين ومئة سنة، فحدَّثناكم فأذعتم الحديث وكشفتم قناع السر فأخره الله ولم يجعل له بعد ذلك وقتا عندنا، ويمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب. قال أبوحمزة: وقلت ذلك لأبي عبدالله عليه السلام فقال: قد كان ذلك» (غيبة الطوسي ص٤٢٨).
وبهذا يتضح أن المراد بحديث: «ابن أمة سوداء» هو: «ابن حميدة» عليهما السلام.
وأما الادعاء بأن روايات ولادة الإمام المهدي (عليه السلام) ضعيفة السند فهو ادعاء لا يطلقه إلا جاهل أو منحرف في قلبه مرض، فإن روايات ولادته (عليه السلام) متواترة عند الطائفة المحقة، ومن البديهيات العلمية أنه مع وجود التواتر لا تصل النوبة في الإثبات إلى أخبار الآحاد. ومع ذلك فإن هنالك روايات تثبت ولادته (عجل الله فرجه) بالسند الصحيح على اختلاف المباني، ومنها على سبيل التبرك ما رواه الشيخ الكليني (رضوان الله عليه) عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن إسحاق، عن أبي هاشم الجعفري قال: «قلت لأبي محمد عليه السلام: جلالتك تمنعني من مسألتك، فتأذن لي أن أسألك؟ فقال: سل. قلت: يا سيدي هل لك ولد؟ فقال: نعم. فقلت: فإن حدث بك حدث فأين أسأل عنه؟ قال: بالمدينة» (الكافي ج١ ٣٢٨) وفي تعليقه قال العلامة المجلسي (رضوان الله عليه): «صحيح» (مرآة العقول ج٤ ص٢).
وللاستزادة ننصحكم بالرجوع إلى سلسلة محاضرات الشيخ الحبيب بعنوان: «العبقات المهدوية».
https://al-qatrah.net/visection43
وفقكم الله لمراضيه.
مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى
15 ربيع الآخر 1442 هجرية