بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
دخلت في حوار مع زميل حول بعض المسائل الخلافية بين الشيعة والعامة، وأطلب من سماحتكم اعطاءنا بعض التوضيحات مشكورين على ذلك سلفا
فيمن نزلت الآية عبس وتولى؟
دمتم بخير والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
باسمه تقدست أسماؤه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
نزلت في عثمان بن عفان عليه لعائن الله، لا في نبي الرحمة (صلى الله عليه وآله وسلم) كما يفتري المخالفون الذين هان عليهم أن ينسبوا إلى النبيّ هذه المعابة عوضا عن نسبتها إلى سيّدهم نعثل بني أمية!
قال السيد المرتضى رضوان الله تعالى عليه: ”ليس في ظاهر الآية دلالة على توجهها إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بل هو خبر محض لم يصرح بالمخبر عنه، وفيها ما يدل على أن المعنيَّ بها غيره لأن العبوس ليس من صفات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) مع الأعداء المباينين فضلا عن المؤمنين والمسترشدين، ثم الوصف بأنه يتصدّى للأغنياء ويتلهى عن الفقراء لا يشبه أخلاقه الكريمة، ويؤيد هذا القول قوله سبحانه في وصفه صلى الله عليه وآله وسلم: وإنك لعلى خلق عظيم. وقوله: ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك. فالظاهر أن قوله «عبس و تولى» المراد به غيره، و قد رُوي عن الصادق (عليه السلام) أنها نزلت في رجل من بني أمية كان عند النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فجاء ابن أم مكتوم فلما رآه تقذّر منه وجمع نفسه وعبس وأعرض بوجهه عنه فحكى الله سبحانه ذلك وأنكره عليه“. (مجمع البيان في تفسير الآية الشريفة).
وقال الشيخ الطوسي رضوان الله تعالى عليه: ”هذا فاسد! لأن النبي صلى الله عليه وآله قد أجلّ الله قدره عن هذه الصفات، وكيف يصفه بالعبوس والتقطيب وقد وصفه بأنه على خلق عظيم؟! وقال: ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك؟! وكيف يُعرض عمن تقدّم وصفه مع قوله تعالى: ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه؟! ومَن عرف النبي صلى الله عليه وآله وحُسن أخلاقه وما خصّه الله تعالى به من مكارم الأخلاق وحُسن الصحبة حتى قيل: إنه لم يكن يصافح أحدا قط فينزع يده من يده حتى يكون ذلك الذي ينزع يده من يده! فمن هذه صفته كيف يقطب في وجه أعمى جاء يطلب الإسلام؟! على أن الأنبياء عليهم السلام منزّهون عن مثل هذه الأخلاق وعمّا هو دونها لما في ذلك من التنفير عن قبول قولهم والإصغاء إلى دعائهم، ولا يُجوِّز مثل هذا على الأنبياء من عرف مقدارهم وتبيّن نعتهم“. (التبيان للطوسي ج10 ص269).
والقصة الحقيقية لسبب نزول هذه الآية الشريفة يرويها علي بن إبراهيم القمي (رضوان الله تعالى عليه) عن الأئمة الطاهرين عليهم السلام، قال: ”نزلت في عثمان وابن أم مكتوم، وكان ابن أم مكتوم موذنا لرسول الله صلى الله عليه وآله، وكان أعمى، وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وعنده أصحابه وعثمان عنده، فقدّمه رسول الله صلى الله عليه وآله عليه، فعبس وجهه وتولّى عنه فأنزل الله: عبس وتولّى، يعني عثمان“. (تفسير القمي ج2 ص404).
وهذه هي حالنا مع معشر المخالفين النواصب! ففي الوقت الذي ننزّه فيه نبيّنا الأكرم (صلى الله عليه وآله) مما افتراه عليه أمثال عائشة وأبي هريرة وأنس بن مالك ومجاهد وهشام بن عروة والضحاك ونافع وكعب الأحبار والحسن البصري؛ فإن القوم لا يستحون من نسبة تلك المخازي إليه صلى الله عليه وآله، وهم مع ذلك يدّعون أنهم مسلمون وهذا نبيّهم! كذبوا عليهم لعنة الله، كما قال إمامنا الجواد صلوات الله عليه.
والعجب من قوم يطلبون سيرة نبي من البعداء عنه ولا يطلبونها عند أبنائه وأهل بيته! أفلا سألوا أبناء هذا النبي عن سيرة جدّهم الصحيحة؟!
سقاكم الله من حوض الكوثر. والسلام.
الخامس عشر من شهر شوال لسنة 1428 من الهجرة النبوية الشريفة.