الشيخ ياسر الحبيب غفر الله لنا وله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هل يتسع صدر سماحتكم لعدد من الاسئلة واعتذر لاني لا استطيع الدخول لموقعكم على الشبكة كونه محجوبا ولله الحمد :
السوال الاول : كيف كانت بدايات فتح بلاد فارس على يد المسلمين وكيف كانت النتيجة وماذا حصل بعد الفتح
السوال الثاني : ماعلاقة مجوس الفرس باليهود الحاقدين على الاسلام وأهله ؟
باسمه تقدست أسماؤه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
ج1: تقرأ التفاصيل في كتب التاريخ، أما الإجمال فهو أن عمر بن الخطاب (لعنه الله) أمر بتجهيز جيش للسير نحو فارس بينما اختار هو أن يجلس في مكانه خوفا وجبنا! خلافا لسيرة رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذي كان يشارك بنفسه في الغزوات بشجاعة وبسالة، وما امتناع عمر إلا لما عُرف عنه من الجبن والفرار في الغزوات!
وعلى أية حال فقد كلّف عمر سعد بن أبي وقاص (لعنه الله) بقيادة الجيش، فانطلق الجيش نحو فارس وجرت معارك متعددة منها معركة الجسر ومعركة المدائن ومعركة نهاوند ومعركة القادسية، وتوالى سقوط الفرس المجوس إلى أن أُنهيت دولتهم.
واعتنق هؤلاء الفرس الإسلام تدريجيا، لكنه كان إسلاماً مزيّفا تحت حكومة ابن صهّاك، فأصبحوا من الموالين لأبي بكر وعمر وعائشة! بل ومن المعادين لأهل البيت عليهم السلام، حتى بلغ من عداوتهم لأهل بيت النبي (صلوات الله عليهم) أنهم كانوا يلعنون أمير المؤمنين عليا (عليه السلام) في مساجدهم! وأنهم استمهلوا عمر بن عبد العزيز أن يتمّوا أربعين يوما في لعنه (عليه السلام) بعدما أمرهم بالكفّ عن ذلك!
وهكذا كانت بلاد فارس ناصبية معادية للشيعة والتشيّع منذ دخول الإسلام إليها، وظلّت على ذلك نحوا من ألف عام، إلا أن الشيعة العرب لم يهملوها وكثفوا حملاتهم التبليغية فيها، وكان من هؤلاء ابن هلال الثقفي (رضوان الله تعالى عليه) صاحب كتاب الغارات وكتاب المعرفة في المناقب والمثالب، الذي حلف بأن يترك العراق والكوفة - مركز التشيّع - ويتجه إلى فارس وأصفهان - مركز التسنن البكري والنُّصب - ليحدّث بكتبه هناك على أمل هداية الناس، فتعرّض إلى صنوف التنكيل والعذاب إلى أن قُتل رحمه الله، لكنه استطاع غرس بعض بذور التشيّع هناك بهداية بعض الإيرانيين.
وتشاء الإرادة الإلهية أن يهتدي أحد العلماء البكريين الإيرانيين وهو صفي الدين الأردبيلي الشافعي، فيتشيّع وهو وأبناؤه وأحفاده، ويكون أحد هؤلاء الأحفاد قائدا عسكريا يقوم في ما بعد بثورة عظيمة هدفها إزالة الحكم البكري وإقامة الحكم الشيعي، فينجح في ذلك، وهو الشاه إسماعيل الصفوي الذي أسّس للمرة الأولى حكما شيعيا غيّر إيران بالكامل بعد نحو ألف سنة من النصب إلى التشيّع والإسلام الحق!
وهكذا تشاء الإرادة الإلهية أن ينطلق التشيّع من إيران التي كان أهلها بالأمس القريب من ألدّ أعدائه! ذلك لأن التشيّع هو الحق، وما سواه هو الباطل، ولا يمكن للباطل أن يصمد أمام الحق إلى الأبد. ولذا فإننا نؤكد بأننا سنرى في المستقبل أن التشيّع سينطلق من الحجاز، ومن مصر، ومن الشام، ومن المغرب، ومن كل البلاد بعون الله تعالى، حتى يصبح الدين كلّه لله، وها نحن نرى البكريين يدخلون في دين الله أفواجا.
ج2: لم يحدثنا التاريخ عن تواصل ملموس بين الفرس واليهود للتآمر على النبي (صلى الله عليه وآله) أو على الإسلام، إلا أن ذلك ليس ببعيد في مقام الاحتمال.
القدر المتيقن هو أن اليهود الحاقدين قد تآمروا مع كفار قريش المشركين، ومع المنافقين المتسترين بالإسلام، كأبي بكر وعمر وعبد الله بن أبي بن سلول من أجل كسر الإسلام وقتل النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، وفي ذلك نزلت آيات ووردت أحاديث. ويكفي أن عمر كان يتردّد على مدارسهم أيام السبت حتى عنّفه رسول الله! وأن أول من أطلق عليه لقب ”الفاروق“ هم أهل الكتاب من اليهود! وأنه بعد استلامه للخلافة ترك المجال واسعا لكعب الأحبار اليهودي لإلقاء أساطيره وإسرائيلياته في المسجد النبوي الشريف! وأنه كان مستشاره الأول بل أستاذه! ولذا ترى عمر قد حاول بكل خبث ودهاء أن يشكّك المسلمين في القرآن بدعوى أنه محرّف! وذلك حتى يقضي على هذا الدين ومعجزته الخالدة إرضاءً لسيّده كعب الأحبار وسادته اليهود! وفي كل هذا وغيره دلالات على أن هناك خيوطا تآمرية بين هؤلاء، ولذا استطاعوا تحريف الإسلام وصنع نسخة مزيفة عنه، إلا أن أبناء نبيّنا والأئمة من ذريته (صلوات الله عليهم) قد تصدّوا لذلك وحافظوا على الإسلام الحق إلى أن وصلنا بحمد الله تعالى.
هدانا الله وإياكم إلى سواء السبيل. والسلام.
ليلة الخامس والعشرين من شهر ذي القعدة لسنة 1428 من الهجرة النبوية الشريفة.