السلام عليكم ورحمه الله وبركاته اذا كان الله ليس كمثله شيء فما معنى ان الله عالم والانسان عالم ولله قدير والانسان قدير والله حكيم والانسان حكيم فما الفرق علما انها نفس الصفه كيف نرد على الوهابيه
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
جواب المكتب:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نبارك لكم ذكرى ميلاد الإمام العسكري عليه السلام، وكل عام وأنتم بخير.
هذا الإشكال الذي وقع فيه الغلاة لا فقط المجسمة المشركون قد أجاب عنه أئمة الهدى عليهم السلام فبيّنوا أنّ الاشتراك هنا في اللفظ والاسم لا في المعنى وقد بيّن أهل بيت النبوة عليهم السلام طرفًا من وجوه الاختلاف تجدها في هذا الخبر الشريف.
عَنْ أَبِی الْحَسَنِ الرِّضَا عليه السلام أَنَّهُ قَالَ في حديث: ثُمَّ وَصَفَ نَفْسَهُ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ بِأَسْمَاءٍ دَعَا الْخَلْقَ ـ إِذْ خَلَقَهُمْ وَتَعَبَّدَهُمْ وَابْتَلَاهُمْ ـ إِلى أَنْ يَدْعُوهُ بِهَا، فَسَمّى نَفْسَهُ سَمِيعاً، بَصِيراً، قَادِراً، قَائِماً، نَاطِقاً، ظَاهِراً، بَاطِناً، لَطِيفاً، خَبِيراً، قَوِيّاً، عَزِيزاً ، حَكِيماً، عَلِيماً، وَمَا أَشْبَهَ هذِهِ الْأَسْمَاءَ. فَلَمَّا رَأى ذلِكَ مِنْ أَسْمَائِهِ الْغَالُونَ الْمُكَذِّبُونَ وَقَدْ سَمِعُونَا نُحَدِّثُ عَنِ اللّه ِأَنَّهُ لَا شَيْءَ مِثْلُهُ، وَلَا شَيْءَ مِنَ الْخَلْقِ فِي حَالِهِ ـ قَالُوا: أَخْبِرُونَا ـ إِذَا زَعَمْتُمْ أَنَّهُ لَا مِثْلَ لِلّهِ وَلَا شِبْهَ لَهُ ـ كَيْفَ شَارَكْتُمُوهُ فِي أَسْمَائِهِ الْحُسْنى، فَتَسَمَّيْتُمْ بِجَمِيعِهَا؟! فَإِنَّ فِي ذلِكَ دَلِيلاً عَلى أَنَّكُمْ مِثْلُهُ فِي حَالَاتِهِ كُلِّهَا، أَوْ فِي بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ؛ إِذْ جَمَعْتُمُ الْأَسْمَاءَ الطَّيِّبَةَ. قِيلَ لَهُمْ: إِنَّ اللّه َ ـ تَبَارَكَ وَتَعَالى ـ أَلْزَمَ الْعِبَادَ أَسْمَاءً مِنْ أَسْمَائِهِ عَلَى اخْتِلَافِ الْمَعَانِي؛ وَذلِكَ كَمَا يَجْمَعُ الِاسْمُ الْوَاحِدُ مَعْنَيَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، وَالدَّلِيلُ عَلى ذلِكَ قَوْلُ النَّاسِ الْجَائِزُ عِنْدَهُمُ الشَّائِعُ، وَهُوَ الَّذِي خَاطَبَ اللّه ُ بِهِ الْخَلْقَ، فَكَلَّمَهُمْ بِمَا يَعْقِلُونَ لِيَكُونَ عَلَيْهِمْ حُجَّةً فِي تَضْيِيعِ مَا ضَيَّعُوا؛ فَقَدْ يُقَالُ لِلرَّجُلِ: كَلْبٌ، وَحِمَارٌ، وَثَوْرٌ، وَسُكَّرَةٌ، وَعَلْقَمَةٌ، وَأَسَدٌ، كُلُّ ذلِكَ عَلى خِلَافِهِ وَحَالَاتِهِ، لَمْ تَقَعِ الْأَسَامِي عَلى مَعَانِيهَا الَّتِي كَانَتْ بُنِيَتْ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْانْسَانَ لَيْسَ بِأَسَدٍ وَلَا كَلْبٍ، فَافْهَمْ ذلِكَ رَحِمَكَ اللّه ُ. وَإِنَّمَا سُمِّيَ اللّهُ تَعَالى بِالْعِلْمِ بِغَيْرِ عِلْمٍ حَادِثٍ عَلِمَ بِهِ الْأَشْيَاءَ، اسْتَعَانَ بِهِ عَلى حِفْظِ مَا يُسْتَقْبَلُ مِنْ أَمْرِهِ، وَالرَّوِيَّةِ فِيمَا يَخْلُقُ مِنْ خَلْقِهِ، وَيُفْسِدُ مَا مَضى مِمَّا أَفْنى مِنْ خَلْقِهِ، مِمَّا لَوْ لَمْ يَحْضُرْهُ ذلِكَ الْعِلْمُ وَيَغِيبُهُ كَانَ جَاهِلاً ضَعِيفاً، كَمَا أَنَّا لَوْ رَأَيْنَا عُلَمَاءَ الْخَلْقِ إِنَّمَا سُمُّوا بِالْعِلْمِ لِعِلْمٍ حَادِثٍ؛ إِذْ كَانُوا فِيهِ جَهَلَةً ، وَرُبَّمَا فَارَقَهُمُ الْعِلْمُ بِالْأَشْيَاءِ، فَعَادُوا إِلَى الْجَهْلِ. وَإِنَّمَا سُمِّيَ اللّه ُ عَالِماً؛ لِأَنَّهُ لَا يَجْهَلُ شَيْئاً، فَقَدْ جَمَعَ الْخَالِقَ وَالْمَخْلُوقَ اسْمُ الْعَالِمِ، وَاخْتَلَفَ الْمَعْنى عَلى مَا رَأَيْتَ. وَسُمِّيَ رَبُّنَا سَمِيعاً لَا بِخَرْتٍ فِيهِ يَسْمَعُ بِهِ الصَّوْتَ وَلَا يُبْصِرُ بِهِ، كَمَا أَنَّ خَرْتَنَا ـ الَّذِي بِهِ نَسْمَعُ ـ لَا نَقْوى بِهِ عَلَى الْبَصَرِ، وَلَكِنَّهُ أَخْبَرَ أَنَّهُ لَا يَخْفى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنَ الْأَصْوَاتِ، لَيْسَ عَلى حَدِّ مَا سُمِّينَا نَحْنُ، فَقَدْ جَمَعْنَا الِاسْمَ بِالسَّمْعِ، وَاخْتَلَفَ الْمَعْنى. وَهكَذَا الْبَصَرُ لَا بِخَرْتٍ مِنْهُ أَبْصَرَ، كَمَا أَنَّا نُبْصِرُ بِخَرْتٍ مِنَّا لَا نَنْتَفِعُ بِهِ فِي غَيْرِهِ، وَلكِنَّ اللّه َ بَصِيرٌ لَا يَحْتَمِلُ شَخْصاً مَنْظُوراً إِلَيْهِ، فَقَدْ جَمَعْنَا الِاسْمَ، وَاخْتَلَفَ الْمَعْنى… ]إلى أن قال عليه السلام[ وَهكَذَا جَمِيعُ الْأَسْمَاءِ وَإِنْ كُنَّا لَمْ نَسْتَجْمِعْهَا كُلَّهَا ، فَقَدْ يَكْتَفِي الِاعْتِبَارُ بِمَا أَلْقَيْنَا إِلَيْكَ، وَاللّه ُ عَوْنُكَ وَعَوْنُنَا فِي إِرْشَادِنَا وَتَوْفِيقِنَا». (عيون أخبار الرضا "عليه السلام" - الشيخ الصدوق - ج ٢ - ص١٣٣)
وكما رأيتم تلك المفاهيم العوجاء هي ما فتح من خلاله الغلاة والمشبهة أبوابًا لتبرير كفرياتهم وقد ردّ عليهم الأئمة عليهم السلام وأبطلوا مقالتهم.
والحاصل أننا نعبد المعنى بإيقاع الاسم عليه، فقد ورد في الكافي الشريف عن الإمام الصادق عليه السلام (من عبد المعنى بإيقاع الأسماء عليه بصفاته التي وصف بها نفسه فعقد عليه قلبه ونطق به لسانه في سرائره وعلانيته فأولئك أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام حقا. وفي حديث آخر: أولئك هم المؤمنون حقا). (الكافي - الشيخ الكليني - ج ١ - الصفحة ٨٧)
ومن كلام الإمام الرضا عليه السلام في خبر آخر: (خَالِقَ هذَا الْخَلْقِ لَطِيفٌ، لَطُفَ بِخَلْقِ مَا سَمَّيْنَاهُ بِلَا عِلَاجٍ وَلَا أَدَاةٍ وَلَا آلَةٍ، وَأَنَّ كُلَّ صَانِعِ شَيْءٍ فَمِنْ شَيْءٍ صَنَعَ، وَاللهُ ـ الْخَالِقُ اللَّطِيفُ الْجَلِيلُ ـ خَلَقَ وَصَنَعَ لَا مِنْ شَيْءٍ).
فيكون إيقاع الاسم على المعنى بأن تقول: أنا أعبدُ الخالق الذي خلق وصنع لا من شيء.
الاسم: الخالق، ومعناه: الذي خلق وصنع لا من شيء.
هذا ولمزيد من المعرفة في علم التوحيد والتوفيق لإِحكامه بعون الله نُحيلكم إلى سلسلة الشيخ الحبيب الرمضانية بعنوان: الله كأن لم تعرفه من قبل:
اضغط هنا
وفقكم الله لمراضيه.
مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى
4 ربيع الآخر 1446 هجرية