هل كان الأمير حسام الدولة المقلد بن المسيب شيعيا؟‎

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

السلام عليكم ورحمة الله و بركاته : ورد في كتاب بحار الأنوار - ج ١٠٤ - الصفحة ١١٩ و كذلك ج ٤٢ - الصفحة ٤ قصة أوردها العلامة المجلسي في الفهرست بعنوان " قصة أمير ملعون نقلها العلامة الحلي قدس سره" يحكي فيها عن أمير اسمه حسام الدولة المقلد بن المسيب و من خلال البحث و جدته يرجع إلى الأسرة العقيلية الشيعية و هو بالتالي يجب ان يكون شيعي إيضاً ولكن القصة التي نقلها العلامة المجلسي عن العلامة الحلي تنقل بأن هذا الأمير كان مُعادي للإمام علي (ع) حسب فهمي للقصة و قد قتله أمير المؤمنين بكرامة من الله (ع) بأمر من رسول الله ص ... فمن يكون هذا المقلد بن المسيب ؟ و إن كان شيعي كيف يُعادي أمير المؤمنين (ع) .. الرجاء توضيح و مزيد من التفاصيل حول هذا الرجل .. مع الشكر الجزيل و التوفيق الدائم لكم..


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عظم الله أجوركم بذكرى استشهاد الإمام الباقر عليه السلام، ولعنة الله على قاتليه.

بمراجعة الشيخ،

لم يكن لهذا الأمير وأمثاله من الحكام الجامحين دين ولا مذهب! إنما هي ميول وادعاءات وتقلبات، وأما الإله الحقيقي الذي يعبدون فهو: الهوى! كما قال سبحانه: (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ).

والقصة التي حكاها العلامة الحلي والتي نقلها عنه العلامة المجلسي؛ ليس فيها أن الرجل كان معاديا لأمير المؤمنين عليه السلام فحسب؛ بل كان زنديقا يكذِّب نبوة رسول الله صلى الله عليه وآله! وقد كان يكتم ذلك حتى أفلت من لسانه مصداقا لقوله سبحانه: (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ).

وتمام القصة هو ما ذكره العلامة في إجازته الكبيرة عن تاج الدين الحسن بن الدربي، عن أبي العامر بن سالم بن قهازويه في سنة إحدى وتسعين وخمسمائة، عن أبي البقاء هبة الله بن نما، عن أبي البقاء هبة الله بن ناصر بن نصر، عن أبيه، عن الأسعد، عن الرئيس أبي البقاء أحمد بن علي المزرع، عمن حدثه عن بعض أهل الموصل قال: «عزمت الحج فأتيت الأمير حسام الدولة المقلد بن المسيب وهو أميرنا يومئذ، فودعته وعرضت الحاجة عليه، فاستخلى بي وأحضر لي مصحفا فحلفني به إلا بلغت رسالته وحلف به لو ظهر هذا الخبر لأقتلنك، فلما فرغ قال: إذا أتيت المدينة فقف عند قبر محمد صلى الله عليه وآله وقل: يا محمد قلت وصنعت ومَوَّهت على الناس في حياتك لم أمرتهم بزيارتك بعد مماتك؟! وكلام نحو هذا، فسقط في يدي لما أتيتُه، ولم أعلم أنه يرى رأي الكفار، فحججت وعدت حتى أتيت المدينة وزرت رسول الله صلى الله عليه وآله وهبته أن أقول ما قال لي، وبقيت أياما حتى إذا كان ليلة مسيرنا فذكرت يميني بالمصحف فوقفت أمام القبر وقلت: يا رسول الله حاكي الكفر ليس بكافر، قال لي المقلد بن المسيب كذا وكذا، ثم استعظمت ذلك وفزعت عنه، فأتيت رحلي ورفاقتي ورميت بنفسي وتدبرت وحرت كالمجهود، فلما أن تهور الليل رأيت في منامي رسول الله صلى الله عليه وآله وعليا وبيد علي سيف وبينهما رجل نائم عليه إزار رقيق أبيض بطراز أحمر، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا فلان اكشف عن وجهه، فكشفته فقال: تعرفه؟ قلت: نعم، قال: من هو؟ قلت: المقلد بن المسيب، قال: يا علي اذبحه، فأمر السيف على نحره وذبحه، ورفعه فمسحه بالإزار الذي على صدره مسحتين، فأثر الدم فيه خطين، فانتبهت مرعوبا ولم أكن أخبرت أحدا، فتداخلني أمر عظيم حتى أخبرت رجلا من أصحابي، وكتبت شرح المنام وأرخت الليلة، ولم نعلم به ثالثا حتى انتهينا إلى الكوفة سمعنا الخبر أن الأمير قد قتل وأصبح مذبوحا في فراشه، فسألنا لما وصلنا إلى الموصل عن خبره فلم يزد أحد غير أنه أصبح مذبوحا، فسألنا عن الليلة التي ذبح فيها فإذا هي الليلة التي أرخناها بالمدينة مع صاحبي، فكان موافقا، ثم قلنا: قد بقي شيء واحد وهو الإزار والدم عليه، فسألنا عمن غسله فأرشدنا إليه، فسألناه فأخرج لنا ما أخذ من ثيابه حين غسله والإزار الأبيض المطرز بالأحمر وفيه الخطان بالدم» (بحار الأنوار ج42 ص4).

والقصة قد حُرِّفت عند العدو إلى الذي حكاه الذهبي إذ قال: «فأخبرنا محمد بن النحاس، أنا يوسف الساوي، أنا السلفي، أنا أبو علي البرداني، أنا أبي، والحسن بن طالب البزاز، وابن نبهان الكاتب، قالوا: أراد رجل الحج، فأحضره الأمير مقلد وقال: اقرأ على النبي صلى الله عليه وسلم السلام وقل له: لولا صاحباك لزرتك! قال الرجل: فحججت وأتيت المدينة، ولم أقل ذلك إجلالا، فنمت، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في منامي، فقال: يا فلان، لم لا تؤد الرسالة؟ فقلت: يا رسول الله أجللتك، فرفع رأسه إلى رجل قائم فقال: خذ هذا الموسى، يعنى مقلدا، فوافيت إلى العراق، فسمعت أن الأمير مقلد ذبح على فراشه، ووجد الموسى عند رأسه، فذكرت للناس الرؤيا، فشاعت، فأحضرني ابنه قرواش، فحدثته، فقال لي: تعرف الموسى؟ فقلت: نعم. فأحضر طبقا مملوءا مواسي، فأخرجته منهم، فقال: صدقت، هذا وجدته عند رأسه، وهو مذبوح». (تاريخ الإسلام ج27 ص261).

وأنت خبير بأنهم حرَّفوا الحكاية لكي يقال أن في الشيعة من كان يمتنع عن زيارة المصطفى صلى الله عليه وآله لأجل أن صاحبيه أبي بكر وعمر دُفِنا بجواره! وهذا إفكٌ بَيِّن، فإن الشيعة ما زالوا يتهافتون على زيارته صلى الله عليه وآله، كما يزورون أئمتهم من آله عليهم السلام، وإن دُفِن إلى جوارهم اللعناء والأشقياء، ليس على ألسنتهم في هذا إلا ما قال دعبل الخزاعي رحمه الله في تجاور قبري الرضا عليه السلام وهارون العباسي لعنه الله:

قبران في طوس خير الناس كلهم
وشرهم هذا من العبرِ

ما ينفع الرجس من قرب الزكيِّ
ولا على الزَّكيِّ بقرب الرجس من ضررِ

هذا وإن في كل ملة ودين ومذهب؛ منافقون، يعلنون غير ما يسرِّون، فلا عجب أن ترى فيمن يدعي التشيع مثل هذا الأمير المنافق. على أن النفاق في أمراء الملة البكرية أعظم وأكثر انتشارا إذا نظر المرء بعين الإنصاف واستقرأ التاريخ قديما وحديثا.

وفقكم الله لمراضيه.

مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى

6 ذو الحجة 1446 هجرية


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp