لماذا ترفضون البخاري وصحيحه؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

لسلام عليكم و رحمة الله و بركاته.
أختكم الجازي من الكويت، انا سنيه، و أحترم مذهبكم كثيرا لانني اؤمن بأن المسلمين سواسيه و يتفقون على وحدانية الله تبارك و تعالى و كذلك بنوبة محمد عليه الصلاة و السلام، و لكن كما تعرفون أن الكلام قد كثر عن مذهبكم و كذلك عن مذهبنا،لم أرد أن اسال أصدقائي الشيعة عنها، ولكن كل ما فعلت انني طلبت عنوانكم البريدي لأراسل الشيخ ياسر الحبيب، حيث انه صاحب علم و أتمنى ان يفيدني، عندي بعض الإستفسارات و اتمنى ان تجيبوني عليها.

لماذا لا تعترفون بصحيح البخاري؟ مع انه جمع الكثير من الأحاديث لسنين طويله


باسمه تقدست أسماؤه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

وهل كل من جمع كثيرا من الأحاديث لسنين طويلة يجب أن يُعترف بجمعه ويعوَّل عليه؟! إذا كان هذا هو المقياس فإن هناك من هو أعظم من البخاري جمعاً للأحاديث واجتهاداً في تتبّعها فلماذا لم تعتمدوا على جمعه أكثر من البخاري؟!
إننا لا نرى ما يسمّى بصحيح البخاري حجة ولا الأحاديث الواردة فيه معتبرة وذلك لعدة أسباب؛ أولها أن البخاري قد جمع أحاديثه عن رواةٍ لا نعرفهم بالوثاقة، بل إن فيهم النواصب والخوارج والزنادقة فكيف يمكن لنا أن نعتمد على ما يرويه هؤلاء؟! فقد روى البخاري عن إسحاق بن سويد العدوي الذي ذكر ابن حجر أنه كان يحمل على علي (عليه السلام) تحاملا شديدا ويقول: ”لا أحب عليا“! (تهذيب التهذيب لابن حجر ج1 ص206).
كما روى البخاري عن حريز بن عثمان الحمصي الذي قال عنه ابن عياش: ”عادلت حريز بن عثمان من مصر إلى مكة فجعل يسب عليا ويلعنه“! وقال ابن حبّان عنه: ”كان يلعن عليا بالغداة سبعين مرة وبالعشي سبعين مرة“! (تهذيب التهذيب لابن حجر ج2 ص207).
كما روى عن الحصين بن نمير الواسطي وقيس بن أبي حازم وعبد الله بن سالم الأشعري وعكرمة مولى ابن عباس وعمران بن حطان والوليد بن كثير بن يحيى المدني وغيرهم من المشهورين بالنصب والعداوة لأهل بيت النبي صلوات الله عليهم، ومن الذين كانوا يروْن رأي الخوارج!
هذا عدا عن روايته عن كثير من المجاهيل كأسباط أبو إليسع وأسامة بن حفص المدني وعباس بن الحسين القنطري ومحمد بن حكم المروزي وغيرهم.
فكُيف تريدين لنا أن نثق بما يرويه البخاري عن هؤلاء الكفرة النواصب أو الزنادقة الخوارج أو عن هؤلاء المجاهيل؟! أيقبل وجدان مسلم حديث الذين كانوا يلعنون علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهما) ويصرّحون ببغضه؟! ألم يعلن النبي صلى الله عليه وآله أن: ”حبّ علي إيمان وبغضه نفاق، وأنه لا يحب عليا إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق“؟! (صحيح مسلم ج1 ص86 وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ج2 ص240 وغيرهما في معناه كثير).
فهذا سبب لرفض البخاري وصحيحه السقيم! أما السبب الثاني فهو أن البخاري هذا نفسه ليس ممن تتلمذ في مدرسة الأئمة من أهل البيت صلوات الله عليهم، ولم يكن من أصحابهم أو شيعتهم ومواليهم، فعلى أي أساس نقبل أحاديثه التي يرويها عن المتردّية والنطيحة! ألم يأمرنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأن نأخذ من عترته أهل بيته؟! ألم يقل: ”إني تارك فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي أبدا؛ كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض“؟! (مسند أحمد بن حنبل ج3 ص14 وصحيح مسلم ج4 ص1874 وسنن الترمذي ج5 ص662 وغيرهم بألفاظ متقاربة كثير).
إن البخاري هذا لم يروِ عن الأئمة من أهل بيت النبي (صلوات الله عليهم) إلا نزرا يسيرا ليس يُذكر، مع أن رسولنا الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) قد أمرنا بالرجوع إليهم وأخذ الحديث عنهم، وبدلا من ذلك قام البخاري فولّى شطر وجهه صوب الكفرة والنواصب والخوارج والكذابين والمجاهيل! فلماذا نأخذ بأحاديثه ونُهمل الأحاديث التي جمعها الشيخ الكليني والشيخ الطوسي والشيخ الصدوق وغيرهم من الذين التزموا بأمر رسول الله (صلى الله عليه وآله) فأخذوا الأحاديث من عترته أهل بيته؟!
وثالث الأسباب؛ أن البخاري هذا ليس موثوقا به عندنا! ولمّا رجعنا إلى ما قيل فيه من علماء المخالفين وجدنا بعضهم يصفونه بالكذب والتدليس! وهذا (البعض) لم يكن شخصا عاديا، بل هو أعظم رجال الجرح والتعديل عندهم! وهو الذهبي حيث اعتبر البخاري من الضعفاء والمتروكين أي الذين لا يُعتدّ برواياتهم! (حكاه عنه المناوي في فيض القدير شرح الجامع الصغير ج1 ص32).
بل وأكثر من هذا أعلن الذهبي أن البخاري كان مدلّسا! (سير أعلام النبلاء ج12 ص274).
بل وأكثر من هذا! نقل الذهبي عن أبي الفرج الجوزي وغيره من العلماء أن البخاري – بكل صراحة – كذاب! (ميزان الاعتدال في ترجمته ج3 ص484).
ورابع الأسباب أن كتاب البخاري نفسه قد وقع فيه تحريف وتغيير وتبديل! لأن صاحبه قد هلك قبل أن ينتهي من تبييضه فأخذه القوم من بعده وانتسخوه ونشروه! وقد اعترف بذلك ابن حجر إذ قال: ”ولم أقف في شيء من نسخ البخاري على ترجمة لمناقب عبد الرحمن بن عوف، ولا لسعيد بن زيد، وهما من العشرة. وإن كان قد أفرد ذكر إسلام سعيد بن زيد بترجمة في أوائل السيرة النبوية. وأظن ذلك من تصرف الناقلين لكتاب البخاري. كما تقدم مراراً أنه ترك الكتاب مسوّدة، فإن أسماء من ذكرهم هنا لم يقع فيهم مراعاة الأفضلية، ولا السابقية، ولا الأسنية. وهذه جهات التقديم في الترتيب. فلما لم يراع واحداً منها دل على أنه كتب كل ترجمة على حدة، فضم بعض النقلة بعضـها إلى بعض حسبما اتفق“! (مقدمة فتح الباري ج7 ص93).
كما ورد عن أبي الوليد الباجي قوله: ”وقد أخبرنا أبو ذر عبد بن أحمد الهروي الحافظ (رحمه الله) ، ثنا أبو إسحاق المستملي إبراهيم بن أحمد، قال انتسخت كتاب البخاري من أصله. كان عند محمد بن يوسف الفربري، فرأيته لم يتم بعد، وقد بقيت عليه مواضع مبيضة كثيرة منها تراجم لم يثبت بعدها شيئاً، ومنها أحاديث لم يترجم عليها، فأضفنا بعض ذلك إلى بعض!
ومما يدل على صحة هذا القول أن رواية أبي إسحاق المستملي، ورواية أبي محمد السرخسي، ورواية أبي الهيثم الكشميهني، ورواية أبي زيد المروزي ـ وقد نسخوا من أصل واحد ـ فيها التقديم والتأخير. وإنما ذلك بحسب ما قدر كل واحد منهم في ما كان في طرة أو رقعة مضافة أنه من موضع ما، فأضافه إليه! ويبين ذلك أنك تجد ترجمتين وأكثر من ذلك متصلة ليس بينهما أحاديث! وإنما أوردت هذا لما عني به أهل بلدنا من طلب معنى يجمع بين الترجمة والحديث الذي يليها، وتكلفهم في تعسف التأويل ما لا يسوغ“! (التعديل والتجريح لمن خرج له البخاري في الجامع الصحيح ج1 ص310).
كما أقرّ بذلك محمود أبو رية إذ قال: ”فعدد أحاديث البخاري يزيد في رواية الفربري على عدده في رواية ابن معقل النسفي بمئتين، ويزيد عدد النسفي على عدد حماد بن شاكر النسفي بمئة كما ذكره العراقي“! (أضواء على السنة المحمدية ص307).
فهذه اعترافات عشّاق البخاري بأن كتابه إنما كان مسوّدة لا مبيّضة، أي أنه لم ينتهِ منه بعد، وأن النسخ التي انتسخت من أصوله تختلف عن غيرها من حيث الزيادة والنقصان، ففي بعضها أحاديث لا تكون في الأخرى! وهذا هو الدسّ والتحريف والتبديل والتغيير! فبعد هذا يُطلب منا أن نعترف بالخاري البخاري وكتابه السقيم؟! كيف؟
وخامس الأسباب أننا حين بحثنا في شخصية البخاري وجدناه مجنونا في عقله لوثة! فقد كان من جنونه فتواه المضحكة بأن صبيّين إذا ارتضعا بلبن بهيمة فإنهما يصبحان أخويْن! وكانت هذه الفتوى سببا لأن يطرده الناس من قريته (بخارا) في أوزبكستان لرفضهم هذه المهزلة باسم الدين! قال السرخسي الحنفي عند تعرّضه لمسألة الرضاع: ”ولو اُرضع الصبيان من بهيمة لم يكن ذلك رضاعاً، وكان بمنزلة طعام أكلاه من إناء واحد. ومحمد بن اسماعيل (البخاري) صاحب الأخبار رحمه الله يقول: تثبت به حرمة الرضاع! فإنه دخل بخارا في زمن الشيخ الامام أبي حفص (رحمه الله) وجعل يفتي، فقال له الشيخ رحمه الله: لا تفعل فلست هناك! فأبى أن يقبل نصحه، حتى استُفتي عن هذه المسألة: اذا أرضع صبيّان بلبن شاة.. فأفتى بثبوت الحرمة! فاجتمعوا وأخرجوه من بخارا بسبب هذه الفتوى“! (المبسوط للسرخسي الحنفي ج5 ص139 وج30 ص297).
والعجب من القوم الذين يسمون أنفسهم اليوم بأهل السنة كيف بجّلوا البخاري مع ما ظهر لهم من سخافة عقله الذي قاده إلى فتوى من هذا النوع المثير للسخرية!
وسادس الأسباب التي تجعلنا نرفض البخاري هو أننا حين نظرنا في أحاديث هذا الكتاب وجدنا كثيرا منها مما لا يقبله العقل والوجدان ويتنافى مع القرآن الحكيم، كأحاديث التجسيم ونسبة الظلم وفعل القبيح إلى الله تعالى، وأحاديث الانتقاص من شأن النبي (صلى الله عليه وآله) التي افترتها عائشة وغيرها، وأحاديث تحريف القرآن، وغيرها من الأباطيل والأحاديث السخيفة كحديث أحد من يسموّنهم بالصحابة أنه رأى قردَيْن زنيا في الجاهلية فجاء باقي القردة وأقاموا عليهما حد الرجم وأنه رجم معهم!
هذا وإننا إذ نرفض سقيم البخاري فإننا لا نمنع من الاعتماد على بعض أحاديثه التي تدّعمها القواعد العلمية، وكذا فإننا نحتج به على من يؤمن به، أما أن نكون بلهاء كغيرنا فنقول بأن ما ورد في هذا الكتاب من أولّه إلى آخره كله صحيح لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.. فلا! فنحن أهل العقل وقد تركنا لغيرنا حرية أن يكون من أهل البلاهة!
هدانا الله وإياكم. والسلام.

ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان المبارك لسنة 1428 من الهجرة النبوية الشريفة.


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp