السلام عليكم اللهم صل على محمد وال محمد
يحتج علينا المخالفون الذين يذهبون الى جواز رؤية الله يوم القيامة
بهذه الروايات
فما هو الرد عليهم ؟.وما تفسير هذه الروايات ؟
فقد جاء في \"لئالى الأخبار\" (4/410-411 ) لعمدة العلماء والمحققين محمد التوسيركاني في \" باب في أن أهل الجنة يسمعون صوته \" هذا الحديث - وهو حديث طويل - ونصه : ( في أن أهل الجنة يسمعون صوته تعالى ويخاطبهم وينظرون إليه وهما ألذ الأشياء عندهم قال (ع) في حديث يذكر فيه إشتغال المؤمنين بنعم الجنة : فبينما هم كذلك إذ يسمعون صوتاًمن تحت العرش : يا أهل الجنة كيف ترون منقلبكم ؟ فيقولون : خير المنقلب منقلبنا وخير الثواب ثوابنا ، قد سمعنا الصوت واشتهينا النظر وهو أعظم ثوابنا وقد وعدته ولا تخلف الميعاد فيأمر الله الحجاب فيقوم سبعون ألف حاجب فيركبون على النوق والبرازين وعليهم الحلى والحلل فيسبرون في ظل العرش حتى ينتهوا إلى دار السلام وهي دار الله دار البهاء والنور والسرور والكرامة فيسمعون الصوت فيقولون : يا سيدنا سمعنا لذاذة منطقك وأرنا وجهك فيتجلى لهم سبحانه وتعالى ، حتى ينظرون إلى وجهه تبارك وتعالى المكنون من كل عين ناظر فلا يتمالكون حتى يخروا على وجوههم سجدا فيقولون: سبحانك ما عبدناك حق عبادتك يا عظيم قال فيقول : يا عبادي إرفعوا رؤسكم ليس هذا بدار عمل .... فإذا رفعوا رفعوها وقد أشرقت وجوههم من نور وجهه سبعين ضعفا ثم يقول : يا ملائكتي أطعموهم واسقوهم ..يا ملائكتي طيبوهم فيأتيهم ريح من تحت العرش يمسك أشد بياضا من الثلج ويعبر وجوههم وجباههم وجنوبهم تسمى المثيرة فيستمكنون من النظر إلى وجهه فيقولون يا سيدنا حسبنا لذاذة منطقك والنظر إلى وجهك لا نريد به بدلا ولا نبتغي به حولا فيقول الرب إني أعلم أنكم إلى أزواجكم مشتاقون وان أزواجكم إليكم مشتاقات ارجعوا إلى أزواجكم قال : فيقولون : يا سيدنا اجعل لنا شرطاً قال فإن لكم كل جمعة زورة ما بين الجمعة سبعة آلاف سنة مما تعدّون قال فينصرفون فيعطى كل رجل منهم رمانة خضر في كل رمانة سبعون حلة .... حتى يبشروا أزواجهم وهن قيام على أبواب الجنان قال: فلما دنى منها نظرت إلى وجهه فأنكرته من غير سوء ، وقالت: حبيبي لقد خرجت من عندي وما أنت هكذا قال: فيقول: حبيبتي تلومني أن أكون هكذا وقد نظرت إلى وجه ربي تبارك وتعالى فأشرق وجهي من نور وجهه ، ثم يعرض عنها فينظر إليها نظرة فيقول: حبيبتي لقد خرجت من عندك و ماكنت هكذا فنقول : حبيبي تلومني أن أكون هكذا، وقد نظرت إلى وجه الناظر إلى وجهه ربي فأشرق وجهي من وجه الناظر إلى وجه ربي سبعين ضعفا ، فنعانقه من باب الخيمة والرب يضحك إليهم ).
وفي \" البحار\" (8/126ح27 باب الجنة و نعيمها ) عن عاصم بن حميد عن أبي عبد الله (ع) قال: (مامن عمل حسن يعمله العبد إلا وله ثواب في القرآن إلا صلاة الليل ، فإن الله لم يبين ثوابها لعظيم خطرها عنده فقال:{ تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا} إلى قوله :{ يعملون } ثم قال: إن لله كرامة في عباده المؤمنين في كل يوم جمعة ، فإذا كان يوم الجمعة بعث الله إلى المؤمن ملكا معه حلة فينتهي إلى باب الجنة فيقول: اسأذنوا لي على فلان فيقال له: هذا رسول ربك على الباب، فيقول: لأزواجه أي شيئ ترين عليّ أحسن ؟ فيقلن : يا سيدنا والذي أباحك الجنة ما رأينا عليك شيئا أحسن من هذا بعث إليك ربك ، فيتزر بواحدة ويتعطف بالأخرى فلا يمرّ بشيئ إلا أضاء له حتى ينتهي إلى الموعد ، فإذا اجتمعوا تجلى لهم الرب تبارك وتعالى ، فإذا نظروا إليه خرّوا سجدا فيقول: عبادي ارفعوا رؤوسكم ليس هذا يوم سجود ولا يوم عبادة قد رفعت عنكم المؤونة، فيقولون : يارب وأي شيئ أفضل مما أعطيتنا ، أعطيتنا الجنة، فيقول: لكم مثل ما في أيديكم سبعين ضعفا ، فيرجع المؤمن في كل جمعة بسبعين ضعفا مثل ما في يديه وهو قوله:{ وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ } وهو يوم الجمعة ) .
وأخرج الصدوق في \" التوحيد\" (ص117ح20 ) بإسناده عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال: قلت له: أخبرني عن الله عز وجل هل يراه المؤمنون يوم القيامة ؟ قال: نعم ، وقد رأوه قبل يوم القيامة ، فقلت: متى ؟ قال: حين قال لهم : { أَلَسْتُ بِرَبّكُمْ قَالُوا بَلَى } ثم سكت ساعة ، ثم قال: وإن المؤمنين ليرونه في الدنيا قبل يوم القيامة ، ألست تراه في وقتك هذا ؟ قال أبو بصير : فقلت : له جعلت فداك فأحدث بهذا عنك ؟ فقال لا ، فإنك إذا حدثت به أنكره منكر جاهل بمعنى ما تقوله ثم قدر أن ذلك تشبيه كفر وليست الرؤية بالقلب كالرؤية بالعين ، تعالى الله عما يصفه المشبهون والملحدون .
وجاء اثبات الرؤية من كلام الامام السجاد رحمه الله تعالى الذي أعرض \" المؤلف الأمين \" عن ذكره هنا واقتصر على بعض الأذكار بقوله \" وإليك ما يحضرني من نصوصها في الموضوع \" ، فحاول طمسها في مهدها ، ولو كانت هذه النصوص في صالحه لما طمسها ومرّ عليها هكذا مرور الكرام ، وهكذا يفعلون ، ولكن شاء الله أن يفضح أمر \" آية الكذب والتدليس \" ، وإليك هذه الأدعية . قال في دعاء المتوسلين : ( وأقررت أعينهم بالنظر إليك يوم لقائك ) . وقال في دعاء آخر وهو دعاء المحبين : ( ولا تصرف عني وجهك ) . وفي دعاء آخر وهو : ( وشوقته إلى لقائك وضيته بقضائك ومنحته بالنظر إلى وجهك ). وفي دعاء آخر وهو مناجاة الزاهدين : ( ولا تحجب مشتاقيك عن النظر إلى جميل رؤيتك ) . وفي دعاء آخر وهو مناجاة المفتقرين : ( واقدر أعيينا يوم لقائك برؤيتك ) . وفي دعاء آخروهو في استكشاف الهموم ( رغبتي شوقاً إلى لقائك ..) الصحيفة السجادية الكاملة ص: 317
كيف نرد على المخالفين وكيف نشرح لهم هذه الروايات ؟.
asia
باسمه تقدست أسماؤه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. عظم الله أجورنا وأجوركم بذكرى استشهاد سيدنا ومولانا السبط الأكبر أبي محمد الحسن المجبتى صلوات الله وسلامه عليه، جعلنا الله وإياكم من الطالبين بثأره مع ولده القائم من آل محمد صلوات الله عليهم وعجل الله فرجه الشريف.
أما الرواية الأولى فأصلها ما رواه المفيد (رضوان الله تعالى عليه) في كتاب الاختصاص (ص394)، وهذا النص المنقول قد وقع فيه تلاعب من قبلهم حيث حذفوا بعض الكلمات عمدا لإيهام الناس بأن في الروايات الشيعية ما يشير إلى إمكانية رؤية ذات الله تبارك وتعالى!
ففي النص المنقول: ”قد سمعنا الصوت واشتهينا النظر وهو أعظم ثوابنا“، بينما في النص الأصلي: ”قد سمعنا الصوت واشتهينا النظر إلى أنوار جلالك وهو أعظم ثوابنا“!
وفي النص المنقول: ”يا سيدنا سمعنا لذاذة منطقك وأرنا وجهك“، بينما في النص الأصلي: ”يا سيدنا سمعنا لذاذة منطقة فأرنا نور وجهك“!
وفي النص المنقول: ”يا سيدنا حسبنا لذاذة منطقك والنظر إلى وجهك“، بينما في النص الأصلي: ”يا سيدنا حسبنا لذاذة منطقك والنظر إلى نور وجهك“!
وفي النص المنقول: ”حبيبتي تلوميني أن أكون هكذا وقد نظرت إلى وجه ربي تبارك وتعالى“، بينما في النص الأصلي: ”حبيبتي تلوميني أن أكون هكذا وقد نظرت إلى نور وجه ربي تبارك وتعالى“!
فها أنت ترى تحريفهم للرواية بحذف الألفاظ التي تؤكد أن ما يراه المؤمنون في الآخرة إنما هو (نور جلال ووجه الله) وليس (ذات الله) تبارك وتعالى، فالله ليس جسما حتى يُرى والعياذ بالله، وإنما الذي يراه المؤمن هو نور خاص ينسبه الله تعالى إلى نفسه، كما نسب العرش إلى نفسه، أو كما نسب الكرسي إلى نفسه، وهكذا.
وأما الرواية الثانية فأصلها ما رواه علي بن إبراهيم القمي (رضوان الله تعالى عليه) في تفسيره (ج2 ص169)، ووقع في النص المنقول منها ما وقع في سابقتها من التلاعب!
ففي النص المنقول: ”فإذا اجتمعوا تجلى لهم الرب تبارك وتعالى، فإذا نظروا إليه خرّوا سجدا“، بينما في النص الأصلي: ”فإذا اجتمعوا تجلى لهم الرب تبارك وتعالى فإذا نظروا إليه أي إلى رحمته خروا سجدا“!
كما أنهم بتروا الرواية ولم يكملوها لأنه جاء فيها: ”فيمرّ المؤمن فلا يمرّ بشيء إلا أضاء له حتى ينتهي إلى أزواجه فيقلن: والذي أباحنا الجنة يا سيدنا ما رأيناك أحسن منك الساعة! فيقول: إني قد نظرت إلى نور ربي“.
فهكذا ترى أن الذي يراه المؤمن كما في نصّ الرواية ليس هو (ذات الله) تبارك وتعالى، وإنما (رحمته ونوره)، إلا أن المخالفين يعشقون التلاعب الصبياني في الروايات!
وأما الرواية الثالثة التي رواها الصدوق (رضوان الله تعالى عليه) فهي تنفي إمكان رؤية الله تعالى بالبصر كما يعتقد المخالفون، وتثبت في المقابل أن معنى الرؤية إنما هو الرؤية القلبية، أي الرؤية بالبصيرة، أي الإيمان المطلق، وهذا واضح من قوله (عليه السلام) في ذيل الرواية: ”فإنك إذا حدثت به أنكره منكر جاهل بمعنى ما تقوله ثم قدر أن ذلك تشبيه كفر وليست الرؤية بالقلب كالرؤية بالعين، تعالى الله عما يصفه المشبهون والملحدون“.
فالإمام (صلوات الله عليه) يدعو صاحبه أبا بصير (عليه الرحمة) أن لا يحدّث بهذا الحديث أحدا من الجاهلين فيظن أن الرؤية تكون بالعين فيقع في التشبيه المساوي للكفر! وما هي بالعين وإنما هي بالقلب، تعالى الله عما يصفه المشبّهون والملحدون.
والمخالفون ضربوا بسوقهم هذا الحديث أعظم مثال على الحماقة والجهل! فقد أتوا به بقصد أن يكون دليلا لهم فإذا به دليل عليهم حيث لم يفهموا مدلوله رغم وضوحه حتى عند من لم يبلغوا الحلم!
وأما ما جاء به المخالف الجاهل من عبارات مقتطعة من أدعية مولانا السجاد (صلوات الله عليه) فإنها جميعا محمولة على معنى رؤية نور الله ورحمته وقدرته وما يجري هذا المجرى، وذلك بدلالة نفيهم (صلوات الله عليهم) لإمكان الرؤية البصرية في أحاديث شتّى، وتفسيرهم لمعنى الرؤية بأنها الرؤية بالقلب أو رؤية الرحمة والنور والقدرة أو رؤية نور النبي وآله صلوات الله عليهم.
ولا بدّ من ردّ متشابه أحاديثهم (عليهم السلام) إلى محكمها حيث قد أمرونا بذلك، فقالوا: ”إن في أخبارنا محكما كمحكم القرآن، ومتشابها كمتشابه القرآن، فردّوا متشابهها إلى محكمها ولا تتبعوا متشابهها دون محكمها فتضلوا“. (الوسائل للحر العاملي عن العيون للصدوق ج27 ص115).
والمحكم من أخبارهم في هذا الباب مثل ما رواه الخزاز القمي (رضوان الله تعالى عليه) عن هشام قال: ”كنت عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام إذ دخل عليه معاوية بن وهب وعبد الملك بن أعين، فقال له معاوية بن وهب: يابن رسول الله، ما تقول في الخبر الذي رُوي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأى ربّه؛ على أي صورة رآه؟ وعن الحديث الذي رووه أن المؤمنين يرون ربهم في الجنة؛ على أي صورة يرونه؟ فتبسّم عليه السلام ثم قال: يا معاوية بن وهب، ما أقبح بالرجل يأتي عليه سبعون سنة أو ثمانون سنة يعيش في ملك الله ويأكل من نعمه ثم لا يعرفه حق معرفته!
ثم قال عليه السلام: يا معاوية، إن محمدا صلى الله عليه وآله وسلم لم يرَ ربّه تبارك وتعالى بمشاهدة العيان، وإن الرؤية على وجهين: رؤية القلب ورؤية البصر، فمن عنى برؤية القلب فهو مصيب، ومن عنى برؤية البصر فقد كفر بالله وبآياته لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من شبّه الله بخلقه فقد كفر!
ولقد حدثني أبي عن أبيه عن الحسين بن علي عليهم السلام قال: سئل أمير المؤمنين عليه السلام فقيل له: يا أخا رسول الله، هل رأيت ربّك؟ قال: وكيف أعبد من لم أره؟! لم تره العيون بمشاهدة العيان ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان، وإذا كان المؤمن يرى ربّه بمشاهدة البصر فإن كل من جاز عليه البصر والرؤية فهو مخلوق، ولا بد للمخلوق من الخالق، فقد جعلته إذن محدَثا مخلوقا! ومن شبّهه بخلقه فقد اتخذ مع الله شريكا!
ويلهم! أوَ لم يسمعوا يقول الله تعالى: لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير“؟! (كفاية الأثر للخزاز القمي ص261).
وفقكم الله وإيانا لنيل مراضيه. والسلام.
ليلة السابع من شهر صفر لسنة 1429 من الهجرة النبوية الشريفة.