السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
أنا امرأة موالية من تونس أبلغ من 28سنة أعمل مدرسة للغة الانكليزية وأتولى شؤوني بنفسي ووالدي متوفى لدى مشكلة تؤرقني منذ سنوات حيث ابتلاني الله بأخوة أشد عليا حتى من النواصب ومن أمثلة ذلك أنهم يمنعونني من الحجاب بالعنف وخاصة في موضوع الزواج حيث يرفضون ارتباطي بأي شخص يكون موالي بل أكثر من ذلك يريدون تزويجي من شخص من العامة يختارونه هم ولزلت إلى حد الآن صامدة مستعملتا كل الوسائل لكنني على وشك الاستسلام فماذا أفعل في هذه الحالة خاصة أنني لا أريد أن أسبب أية مشكلة لوالدتي البكرية التي تعاني من مرض القلب ؟
فهل أقبل الزواج ممن يختارونه لي ؟
أو أعصيهم و أتزوج من موالي رغما عنهم ؟
أم ماذا أفعل تحديدا ؟
ودمتم موفقين
اختكم من تونس
حوراء
باسمه جلت أسماؤه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. عظم الله أجورنا وأجوركم بذكرى أصل يوم العذاب حيث انتهكت حرمة الزهراء (صلوات الله عليها) وجرى الهجوم عليها وإزهاق روح جنينها السبط المحسن السقط صلوات الله عليه، جعلنا الله وإياكم من الطالبين بالثارات مع إمامنا المهدي المنتظر صلوات الله عليه وعجل الله فرجه الشريف.
إن ما تتعرضين له هو ابتلاء من الله سبحانه كما قال سبحانه: ”وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ“. (محمد صلى الله عليه وآله: 32).
وما دمتِ اخترتِ موالاة محمد وآله صلوات الله عليهم؛ فإن عليك أن توطني نفسك على تحمّل البلاء، فقد قال إمامنا أمير المؤمنين صلوات الله عليه: ”من أحبّنا أهل البيت فليستعد عدّة للبلاء“! (الغارات للثقفي رضوان الله تعالى عليه ج2 ص588). وقال عليه السلام: ”لو أحبّني جبل لتهافت“! (نهج البلاغة - باب الحكم برقم: 111).
أما أخوتكِ ومنعهم إياكِ من الحجاب كما أمر الله تعالى فهو أمر يوجب عليك الصمود أكثر وعدم الاستجابة لضغوطهم، فإنه لا ولاية لهم عليكِ شرعاً، ورضوخك لهم - لا سمح الله - يجعلهم يتمادوْن أكثر فيتحكمون في مصيرك ويزوّجونك رغما عن إرادتك مع أن مثل هذا العقد لو تمّ لكان باطلا شرعا ولا أثر له.
والذي ننصحكِ به هو السعي في هداية والدتك إلى الحق، بل ومحاولة هداية أشقائك أيضا وإنْ كان الظاهر مما كتبتيه أنهم غير قابلين للهداية وأنك قد حاولت معهم مرارا دون جدوى.
ثم عليك أن لا تتنازلي عن حقّك في الالتزام بشرع الله تعالى، كارتداء الحجاب، والزواج ممن ترضين دينه وخلقه، فإذا أرادوا قهرك على شخص بكري فإنه يجوز لك الاستعانة بالسلطات وحماية نفسك من ذلك، ولا تقبلي أبدا بالزواج من مخالف وقد هداكِ الله تعالى إلى الإيمان، فإن ذلك أصلا محلّ إشكال شرعي ليس هاهنا محلّ بيانه، ثم إنه يوجب المنافرة بينكما ويدمّر مستقبلك ومستقبل أبنائك.
وإذا وجدتِ رجلا مواليا مؤمنا حسن الأخلاق طيّب العشرة، فتزوّجيه واتكلي على الله تعالى، غير أنه عليك أن تكوني حريصة محتاطة في اختيارك وأن لا تخدعك المظاهر وأن لا تتسرعي، كما عليك أن تُرضي والدتك عن زواجك لا لأن رضاها شرط في صحة عقد الزواج؛ بل ليكون زواجك مباركا إن شاء الله تعالى، فاجتهدي في استمالة والدتك لتقف إلى جانبك وتهتدي إلى الحق بإذنه جل وعلا.
ومن ناحية شرعية فإن عصيانك لإخوتك وعدم رضى والدتك لا يخلّ بحقك في الزواج ممن ترضينه، فإنك وليّة أمرك بعد وفاة والدك.
سهّل الله عليك أمورك ورزقك الجنة بما صبرتِ. والسلام.
ليلة الثاني من ربيع الأول لسنة 1429 من الهجرة النبوية الشريفة.