هل سمى النبي (صلى الله عليه وآله) أبا بكر باسم (عتيق) لأنه عتيق من النار؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد الأطيبين الأطهرين
و اللعنة الدآئمة الوبيلة على أعدآئهم و ظالميهم أجمعين

سلام عليكم و رحمة الله و بركاته

سؤالي هو عن منشآء إسم عتيق لأبي بكر عليه لعنات الله تترى , فإن المخالفون يقولون إن منشأ الإسم كان بتسمية من النبي صلى الله عليه و آله الأطهار , و زعموا أن النبي الأعظم صلى الله عليه و آله قال فيه أنه عتيق من النار فلذا سُمي بالعتيق , وأنا أعلم بأنه أي أبابكر كان عبدا حبشيا , و لكن لا أعرف مصادرهذه المعلومة لأنها معلومة قديمة عندي و لم أعد أتذكر التفصيلات , حبذا لو تساعدونني في هذا الجانب ايضا , و تاريخ أبابكر و عمر و عثمان و معاوية لعنة الله عليهم أجمعين في الجاهلية , غامضة لنا لحد الآن , رجائي منكم أن تبينوا لنا بعض خفايا و تواريخ هؤلاء الأنجاس لعنهم الله تعالى في فترة الجاهلية , فمثلا بالنسبة إلى أبي بكر و هم يزعمون بأنه كان تاجرا متمكنا و أنه من أعتق بلالا الحبشي , , ثم أود أن أسئل سؤالا أريد له جوابا مفصلا على حده , و إن شاء الله لا تخيبوني في ذلك كما عهدتكم بحق الزهرآء البتول سلام الله عليها , أناأعتقد و إعتقادي هذا جازم لما أراه و يتبين لي من أحاديث أئمتي لطيبون المعصومون المطهرون من آل محمد صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين , أن لا أبابكر و لا عمر و لا عثمان و لا بني أمية , لهم صلة و نسب صحيح إلى قبائل القريشية , و إنما قد ألحقوا بالتبني أو بطريق غير شرعي إلى قبائل قريش , و أتمنى منكو رجائي هذا بحق فاطمة الزهرآء أن تبحثوا فيهذا الجانب فإني أحب أن أقف على أدلة من كتب القوم تدعيما لمعتقدي و حجتي و أرجوا أن يكون بحثكم الكريم هذا مدعوما بالبحث الرجالي و السندي , فأنتم تعلمون أن هؤلاء القوم عباد السند و الرجال , و أنا أعلم إني قد أثقلت و أتعبتكم بطلبي هذا و رجائي هو أن يكون تعبكم هذا فرحة لكم في يوم لا ينفع مال و لا بنون و أن يرزقكم الله شفاعة الزهرآء سلام الله عليها في الدنيا و الآخرة .

يازهرآآآآآء
أبد والله يا زهرآء لن ننسى حسينا

نسألكم خالص الدعآء بحق فاطمة الزهرآء سلام الله عليها . يا علي


باسمه تقدست أسماؤه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

إن دعوى المخالفين أن أبا بكر سُمِّيَ عتيقا لقول النبي (صلى الله عليه وآله) له: ”أنت عتيق الله من النار“ هي دعوى سخيفة سمجة تستند إلى حديث موضوع أصلا.

أما أولا فلأن هذا الحديث مروي عن عائشة ولم يُروَ عن غيرها ممن يعوَّل على أمانته وحياديّته، نعم رُوي في صحيح ابن حبّان عن عبد الله بن الزبير، إلا أنه لا يخفى أنه نقله عن خالته عائشة وإنْ لم يسمّها، إذ هي مصدر الحديث، وقد كان في حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) صغير السن لم يتجاوز عمره عند استشهاده تسع سنين. فالقول بأنه سمع الحديث مباشرة من رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع ملاحظة أن كل طرق الحديث تنتهي إلى عائشة ما عدا هذا الحديث اليتيم؛ هو قول تافه لا يُلتفت إليه.

وشهادة عائشة مجروحة إذ إن أبا بكر هو أبوها، ولو أن هذا الحديث قد صدر فعلا عن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) لاشتهر بين أصحابه ولتناقله المحدّثون عن طريق غير عائشة، أما أن نزعم أن هذا الحديث لم يسمعه أحد سوى عائشة في بيتها ومع ذلك سمّى الناس أبا بكر بعتيق بسببه ففي ذلك استغباء للعقول! فمن أين علم الناس بالحديث حتى يغيّروا اسم أبي بكر من عبد الله إلى عتيق في زمن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وما تلاه؟! إلا أن نقول أن أبا بكر نفسه أو عائشة نفسها قد أشاعا هذا الحديث بين الناس، وعندئذ يثبت المطلوب لأن إشاعتهما لهذا الحديث علامة أنه مختَلَق إذ لا يُقدِم المؤمن على مثل هذا مما يصبّ في خانة الغرور وحبّ الشهرة.

وأما ثانيا؛ فإن عائشة قد ناقضت نفسها بنفسها، وما أكثر تناقضاتها! والتناقض آية الكذب والاختلاق! ففي حديث آخر اعترفت بأن أباها إنما سُمِّي عتيقا لأن أباه سمّاه بذلك، هو وأخواه الآخران! فقد روى الزمخشري عن عائشة قالت: ”كان لأبي قحافة ثلاثة من الوُلْدِ؛ فسمّاهم عَتيقا ومُعتَقا ومُعيْتقا». (الفايق للزمخشري ج2 ص330). كما كما روى الطبراني عن القاسم بن محمد: ”سألت عائشة عن اسم أبي بكر فقالت: عبد الله! فقلت: إنهم يقولون: عتيق! فقالت: إن أبا قحافة كان له ثلاثة فسمّى واحدا عَتيقا ومُعيتقا ومُعتقا“! (المعجم الكبير للطبراني ج1 ص53).

وأما ثالثا؛ فإنّا وجدنا أن النبي المصطفى (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يغيّر أسماء الناس للأحسن والأخْيَر لا العكس، والفرض أن اسم أبي بكر كان عبد الله وهو خير الأسماء لقوله صلى الله عليه وآله: ”إن خير الأسماء عبد الله“ (المعجم الكبير للطبراني ج7 ص118) وكثيرا ما كان يغيّر النبي أسماء بعض الناس إلى عبد الله، ولم يُعهد أنه غيّر اسم واحدٍ من الناس من عبد الله إلى غيره، فلماذا يغيّر اسم أبي بكر إلى عتيق ما دام اسمه بالأصل هو عبد الله وهو خير الأسماء؟!

إن تسمية أبي بكر بعتيق، وكذا تسمية أخويه باسمين مشتقين من أصل واحد؛ لا تحمل سوى دلالة واحدة وهي أن أبا بكر وأخوته كانوا عبيدا أرقّاء وقد أُعتقوا من العبودية فحملوا هذه الأسماء. قال ابن منظور: ”العِتق خلاف الرِّق، وهو الحرية، وكذلك العَتاق بالفتح والعَتاقة. عَتَق العبدَ يعتق عَتقاً وعِتقاً وعَتاقاً وعِتاقةً فهو عتيق“. (لسان العرب لابن منظور - مادة عتق).

ولا تغفل عن أن قبيلة أبي بكر (تيْم) هي أصلا قبيلة شاع فيها الاستلحاق، أي اتخاذ العبيد الأحباش ثم استلحاقهم واعتبارهم أبناءً، ولذا قال الشاعر:
وإنَّك لوْ رأيتَ عبيدَ تَيْمٍ وتَيْماً قلتَ: أَيُّهُمُ العبيدُ؟! (ديوان جرير التميمي ص160).

وقال شاعر آخر:
أَطَعْنا بني تَيْمِ بنِ مُرَّةَ شَقْوَةً وهلْ تَيْمٌ إِلاّ أَعْبُدٌ وإِماءُ؟! (تاريخ الطبري ج3 ص532، والشعر لعمير بن الأهلب الضبي الذي كان من أنصار عائشة في الجمل ثم ندم على ذلك حين احتضاره).

وهذا يؤكد كون أبي بكر عبدا مستلحَقا، لأنه من تيْم التي شاع فيها ذلك.

وأما عن كون أبي بكر تاجرا ذا مال وثروة فهو أيضا من أكاذيبهم، وقد تعرّضنا له في بعض محاضراتنا ضمن سلسلة كيف زُيِّف الإسلام، فارجع إليها إنْ رغبت.
وأما عن اتصال أبي بكر وعمر وعثمان ومعاوية (لعنهم الله) بنسب صحيح إلى قريش فذلك منفي، إذ هم عبيد مستلحَقون على عادة أهل الجاهلية آنذاك، وقد تناولنا شيئا من هذا في بعض محاضراتنا، ولعلنا نفصّل فيه أكثر مستقبلا إن شاء الله تعالى إنْ وُفِّقنا لذلك في غمرة هذه الانشغالات.

وفقكم الله وإيانا لمراضيه في الدنيا والآخرة. والسلام.

ليلة الثاني عشر من ربيع الأعياد لسنة 1429 من الهجرة النبوية الشريفة.


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp