هل هذه الرواية عندنا تثبت أن قوم موسى (عليه السلام) رأوا عورته؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

السلام عليكم ورحمة الله
هل رأى قوم موسى عليه السلام عورته بمقتضى هذه الرواية ؟

هذه الرواية في تفسير القمي ،، بعدما كنا نجادل النواصب بما عندهم في أنه لا يعقل أن يكشف الله عورة نبي لقومه ..
جاءونا برواية في ج13 من بحار الأنوار ص8 وهي منقولة من تفسير القمي ....
فقرأت ما بعدها وما قبلها ولكني لم أستوعب أو قصرت في البحث فأنا لم أجد نفي أن قوم موسى رأوا عورة موسى وإليكم الرواية............................

قال علي بن إبراهيم حدثني أبي عن النضر بن سويد عن صفوان عن ابي بصير عن ابي عبدالله (عليه السلام) ان بني إسرائيل كانوا يقولون ليس لموسى ما للرجال وكان موسى إذا أراد الاغتسال يذهب إلى موضع لا يراه فيه أحد من الناس وكان يوما يغتسل على شط نهر وقد وضع ثيابه على صخرة فأمر الله الصخرة فتباعدت عنه حتى نظر بنو إسرائيل اليه فعلموا انه ليس كما قالوا فانزل الله (يا ايها الذين آمنوا لا تكونوا... الخ)

أرجـو إفادتنا فأنتم ملجأنا للرد على النواصب


باسمه تقدست أسماؤه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

هذه الرواية المروية في تفسير القمي (عليه الرحمة) هي رواية يتيمة فريدة ليس لها مؤيد سوى ما رُوي - مُجملا - في أمالي الصدوق (عليه الرحمة) عن الصادق (عليه السلام) في حديثه لعلقمة: ”يا علمقة، إن رضا الناس لا يُملك، وألسنتهم لا تُضبط، فكيف تسلمون مما لم يسلم منه أنبياء الله ورسله وحججه عليهم السلام؟! - إلى أن قال - ألم ينسبوا موسى (عليه السلام) إلى أنه عنين وآذوه حتى برّأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها“؟! (أمالي الصدوق ص164).

والرواية هي في تفسير قوله تعالى: ”يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِندَ اللَّهِ وَجِيهًا“. (الأحزاب: 70).
وهي معارضة برواية أخرى عن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) قال فيها: ”إن موسى وهارون صعدا الجبل، فمات هارون، فقالت بنو إسرائيل: أنت قتلته! فأمر الله الملائكة فحملته حتى مرّوا به على بني إسرائيل، وتكلمت الملائكة بموته حتى عرفوا أنه قد مات، وبرّأه الله من ذلك“. (مجمع البيان للطبرسي ج8 ص184).

ونحن في مثل هذا التعارض نُعمل القواعد الدرائية، فنأخذ بالرواية الأخيرة دون الأولى ومؤيّدتها، وذلك لأن الأولى تستلزم نسبة القبيح إلى الله تعالى إذ أطلع بني إسرائيل على عورة نبيّه، وصدور القبيح منه تعالى منفي عندنا أصلا.
كما أننا نردّ الرواية الأولى ومؤيّدتها لأنهما توافقان ما رواه أهل الخلاف وما يميلون إليه، فإن الأصل أنه لو رُويت روايتان متعارضتان فإننا نأخذ بالتي تخالف ما يرويه العامة، فإن كانتا جميعا تُرويان من قبلهم تركنا التي هم إليها أميَل، وذلك لما جاء في محاورة الصادق (عليه السلام) لعمر بن حنظلة، حيث سأله الأخير: ”جُعلت فداك، وجدنا أحد الخبريْن موافقا للعامة الآخر مخالفا لها؛ فبأيّ الخبريْن يُؤخذ؟ قال عليه السلام: بما يخالف العامة، فإن فيه الرشاد. قلتُ: جُعلت فداك، فإن وافقهما الخبران جميعا؟ قال عليه السلام: يُنظر إلى ما هم إليه أَمْيَل - حُكّامهم وقضاتهم - فيُترك ويؤخذ بالآخر“. (من لا يحضره الفقيه للصدوق ج3 ص11).

وفي مقامنا هذا؛ فإن الخبرين وإن كانا يُرويان أيضا من العامة إلا أنهم للخبر الأوّل أميَل إذ يحكمون بصحته ويروونه في صحاحهم، أما الآخر - أعني الذي عن علي عليه السلام - فليس هو بذلك الاعتبار عندهم. لذا يكون هذا الخبر هو المقدَّم سيّما وأنه يوافق الأصول الاعتقادية من نفي صدور القبيح من الله تعالى، وإكرام أنبيائه (عليهم السلام) وحفظ ذواتهم الشريفة من الهتك.

ثم إنه لا يبعد أن يكون هذا الخبر الذي يصرّح بانكشاف عورة موسى (عليه السلام) أمام قومه من مدسوسات المخالفين في كتبنا، أو مما تسرَّب إلى رواتنا منهم، فإن ذلك كثيرا ما وقع حتى اختلط كثير من الأحاديث، فنُسبت إلى الأئمة الأطهار (عليهم السلام) على نحو الاشتباه في حين أنها بالأصل من روايات المخالفين. ولذا فإننا نجد أن محمد بن أبي عمير (عليه الرحمة) - وهو من كبار وأجلاء الرواة وأصحاب الأئمة عليهم السلام - كان قد منع نفسه عن الرواية عن العامة لأنه وجد بعض أقرانه قد اشتبهوا وخلطوا حين رووا عنهم. فقد روى الكشي عن أبي محمد الفضل بن شاذان قال: ”سأل أبي رضي الله عنه محمد بن أبي عمير، فقال له: إنك قد لقيت مشائخ العامة فكيف لم تسمع منهم؟ فقال: قد سمعت منهم، غير أني رأيت كثيرا من أصحابنا قد سمعوا علم العامة وعلم الخاصة، فاختلط عليهم حتى كانوا يروون حديث العامة عن الخاصة، وحديث الخاصة عن العامة، فكرهت أن يختلط عليَّ، فتركت ذلك وأقبلت على هذا“. (رجال الكشي ج2 ص855).

ومهما يكن؛ فإن وجه الإشكال على المخالفين أن خبر موسى والحجر يحكمون بصحته واعتباره، بينما نحكم نحن على نظيره عندنا بعدم الصحة وعدم الاعتبار، ونأخذ بمعارضه، وهذا هو الفرق، فلا يتوجّه إلينا إشكال، في حين أنه ثابت عليهم.

وفقكم الله وإيانا لنصرة دينه. والسلام.

ليلة السابع والعشرين من ربيع الأول لسنة 1429 من الهجرة النبوية الشريفة.


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp