السلم عليكم ورحمة الله
شيخنا العزيز (ما قصرت )
لقد أكدت لنا يقينا بالأدلة إستحباب التطبير ورددت على كل الجهلة واوفيت،،،
وحين سألنا عن وضع الطين على الرأس ، أيضا أتيتنا بالجواب الكافي والمقنع ، لذا فقد تبقي أن نوجه لكم أخيرا هذا السؤال ونكون لكم من الشاكرين ونسال الله أن يرزقكم شفاعة الحسين وكل الأئمة الطاهرين،،،،،،،
سؤالي: ما هي الأدلة أو الردود التي نحتاجها لإثبات إستحباب شعيرة المشي على الجمر؟
الدرازي
باسمه جل ثناؤه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
إن كل عمل تُستذكر به آلام فاجعة الطف، ويُواسى به سيد الشهداء وأهل بيته وأنصاره عليهم السلام؛ هو عمل راجح مستحبّ، إذ إن ”المواساة أفضل الأعمال“ كما ورد عن مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه. (مستدرك الوسائل ج7 ص210 عن غرر الحكم للآمدي).
وإن تعريض البدن إلى النار أو المشي عليه هو مصداق من مصاديق الجزع والمواساة، واستشعار لآلام أهل بيت النبوة (صلوات الله عليهم) في كربلاء، فإن أعداء الله حين هجموا على الخيم وأشعلوا فيها النيران؛ علقت هذه النيران بثياب النساء والأطفال فأحرقت أبدانهم! وبعضهم هرعوا إلى خارج الخيم حفاةً فأحرقت الرمضاء الحارقة أقدامهم!
وقبل ذلك بزمن تعرّضت الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء (صلوات الله وسلامه عليها) لذلك الاعتداء الوحشي، الذي كان من فصوله الدامية أن النار سعرت وجهها المقدّس وبدنها الشريف!
وبعد ذلك بزمن تعرّض الإمام الصادق (عليه السلام) ونساؤه وعياله إلى حملة إجرامية من جلاوزة المنصور الدوانيقي (لعنه الله) فأضرموا في داره النار، فلمّا أخذت النار ما في الدهليز تصايحت العلويات وضج العيال بالبكاء! فأخذ الإمام بإخماد النار، وفي اليوم التالي جاءه بعض شيعته فوجدوه حزينا باكيا، فسألوه: ”يابن رسول الله؛ لمَ هذا التأثر والبكاء؟! أَ مِن جرأة القوم عليكم أهل البيت وليس منهم بأول مرة“؟! فأجابهم عليه السلام: ”لا؛ ولكن لما أخذت النار ما في الدهليز نظرت إلى نسائي وبناتي يتراكضن في صحن الدار من حجرة إلى حجرة ومن مكان إلى هذا وأنا معهن في الدار، فتذكرت روعة عيال جدي الحسين عليه السلام يوم عاشوراء لما هجم القوم عليهن ومناديهم ينادي: أحرقوا بيوت الظالمين“!
واستذكارا لهذه المآسي واستشعاراً لهذه الآلام؛ يقوم شيعة أهل البيت (عليهم السلام) بالمشي على الجمار الملتهبة ليلة الحادي عشر من محرم وهم ينادون: ”يا حسين.. يا حسين“ فتكون النار بكرامة من الله تعالى عليهم بردا وسلاما!
وليس بخافٍ ما لهذه الشعيرة المباركة من تأثير قوي في إحياء الدين وإبراز مظلومية سيد الشهداء (أرواحنا فداه) فإن ما يجري كل عام هو أمر خارق للعادة إذ لا تحترق أقدام المعزّين وتبرأ من ساعتها لشمولهم بلطف وعناية مولاهم سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وقد كان لهذه الشعيرة بالذات دورٌ في هداية الناس إلى الإسلام والولاية بعد الذي رأوه.
فبملاحظة هذه الجهات تكون هذه الشعيرة المباركة من أعظم المستحبات، ونحمد الله أن رزقنا المشاركة فيها شخصيا كل عام في هذه السنين الأخيرة.
وفقنا الله وإياكم لإحياء شعائر دينه. والسلام.
الخامس عشر من ربيع الآخر لسنة 1429 من الهجرة النبوية الشريفة.