السلام عليكم فضيلة الشيخ ياسر
كيف حالك ؟
معك محمد (....) - اسكن في البحرين
شاهدت موقعك هذا وقرأت كل المواضيع واستمعت لمحاضراتك ورأيتها لا تخلو من ذم الصحابة وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ولكن عندما عرفت أن الصحابة لا يمكن أن يكونو كلهم عدول .. آمنت بما آمنتم به في جانب العدالة
وقرأت بنفسي عن السيدة عائشة تقول إن فاطمة لا تكذب !!
و العجب بكل صراحة مذاهبنا تحاول تبرأة سيدنا أبي بكر وسيدنا عمر رغم غضب سيدتنا فاطمة منهما رضي الله عنها ورأيت من بعض الدعاة من لا يبالي ولاكن لا يجرؤ على الاعتراف والمجاهرة بأنهم يكذبونها ويتهمونها بطلب ما ليس لها كالإرث وفدك !!
رأيت الكره لفاطمة خلف تلك الابتسامات المصطنعة وبعضهم لا يستطيع ان يبتسم عند اي حديث يخصها وابيها صلى الله عليه وسلم
قرأت الكثير من الأدلة عندكم ولكني ساسالك شيخ ياسر عن سبب قساوتكم في المواضيع (كالاصرار على السب - غير اللعن- )وبالمقابل قساوة السلف الصالح تجاهكم في التشنيع وعرض كل صغيرة وكبيرة - صدقا او افتراءا -- ضدكم / انا وزملائي طلبو منا أن نجعل منكم موضع الشبهة وقالوا الكذب عليكم جائز لرد اشكالاتكم !! إلا أنني اجتهدت في مناظراتكم بالحق والبينة
عرفت أن معظم ما تكتبون لا يخلو من الحقيقة الحقة التي يتجاهلها بعض الدعاة غفر الله لهم
مع أن ما اوردتموه لا يعني كله الحقيقة ولكن اتعجب كيف تأتون بمصادر صحيحة ومغيرة في الطبعات الحديثة !! - فهذا ما جعل مني أرجع لأسألكم لأنني طردت من درس العقائد
كنت أشارك بعدة نشاطات كهذه ونشاطات أخرى سياسية لا لهدف سوى العيش في بلد معزز مكرم !!
فإنا في البحرين نتوظف في الجيش الوطني والشرطة ومكافحة الشغب والمخابرات وإمامة المساجد ليس إلا للوقوع بالنشطاء السياسيون الشيعة في هذا البلد واستهدافهم بالمسرحيات وتشويه السمعة .. وكبارنا يشعلون الفتن بين احزابهم ... (وذا سر بيني وبينكم)
شيخ ياسر اعدوني انكم لا تشهدوا اي خبر عني وبإذنه جل وعلا سوف اتوب لله
ما أردت معرفته هو هل :
بقائي في البحرين من دون حاجة لأن بيتي في الشام اكبر وخيامنا اوسع -- هل به ذنب او اثم ؟!
وهل الرجوع لدعاتنا كالشيخ الفوزان وابن الجبرين والشيخ العريفي وعدنان عرعور والشيخ الكعبي والبشيشي والشيخ السعيدي عندكم من مضلات اهل السنة ؟ ام هدف البحث العادل مثلما نبحث عندكم نبحث ايضا عند دعاتنا للإنصاف !
وشكرا
باسمه تقدست أسماؤه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
إنّا نحمد فيك - أيها الأخ الكريم - غيرتك على بنت نبيّنا (صلى الله عليه وآله) وبضعته الطاهرة فاطمة الزهراء (صلوات الله وسلامه عليها) التي تعرّضت لأبشع الجرائم الوحشية حتى قُتلت شهيدة بأبي هي وأمي.
وإن غيرتك هذه تكشف عن معدنك الأصيل، فأنت ابن قبيلة (...) التي طالما وجدنا فيها رجالاً أوفياء لأهل بيت نبيّهم (صلى الله عليه وآله وسلم) وعندما علموا بما تعرّضت له الزهراء (صلوات الله عليها) أبوا أن يرضوا عمّن كانت هي ساخطة غاضبة عليهم.
ولنعمَ ما قال الشاعر:
أتموتُ البتول غضبى ونرضى؟! ما كذا يصـنعُ البنـون الكِـرامُ
(شرح النهج لابن أبي الحديد ج6 ص50)
وإنّا نتوسّم فيك الخير والصلاح، ونرجو أن يهديك الله تعالى إلى ولاية آل محمد (صلوات الله عليهم) وأن يخلّصك - كما خلّص أجدادنا - من ولاية الظالمين المنافقين كأبي بكر وعمر وعثمان وعائشة عليهم لعائن الله، الذين حرّفوا دين الإسلام العظيم وأدخلوا فيه المعتقدات والأساطير اليهودية والنصرانية والمجوسية.
وندعو لك بأن تموت كما نموت على السنة والجماعة حتى يرزقنا الله جميعا الجنة، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال على ما يرويه المخالفون: ”ألا ومن مات على حب آل محمد مات على السنة والجماعة“. (تفسير الكشاف للزمخشري ج3 ص82 والحوادث الجامعة لابن الفوطي ص153 وفرائد السبطين للحموي الشافعي ص49 وينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص27).
أما قساوتنا على أمثال أبي بكر وعمر؛ فإنك لو تعرّضت والدتك إلى اعتداء بسيط من رجل غريب - كأن يلطمها على خدّها - لما هدأت نفسك إلا حين تقتله وتقطّعه إرباً إرباً، فكيف تريد منّا أن نهدأ ولا ننتقم ممن لطم سيدة نساء العالمين (صلوات الله عليها) ورفسها وضربها بالسوط ووجأها بنعل السيف وكسر ضلعها وأنبت المسمار في صدرها وأسقط جنينها وأحرق بدنها وأمرضها إلى أن ماتت شهيدة مقتولة؟!
والله ثم والله؛ لو أنك شعرت بما نشعر به - ونظنك في المستقبل القريب ستشعر - لما طابت نفسك أبداً إلا أن تقوم بما نقوم به ولربما أكثر، فإن الزهراء (أرواحنا فداها) أغلى عندنا وعند كل مسلم مؤمن من الآباء والأمهات.
ثم إن جرائم أبي بكر وعمر لا تنحصران في ظلمهما للزهراء (عليها السلام) فإنك خبير بما فعلاه في حق رسول الله (صلى الله عليه وآله) وفي حق أهل بيته (عليهم السلام) وفي أحق أصحابه المخلصين (عليهم رضوان الله) وفي حق هذه الأمة أجمع، بل في حق الله جلّ وعلا إذ حلّلا حرامه وحرّما حلاله وقلبا دينه.
وهاهنا يكون من الواجب الشرعي على كل مسلم ومسلمة أن يُعلن البراءة منهما وينهى الناس عن ولايتهما التزاما بالنهي عن المنكر. وله في هذا السبيل أن يتحامل عليها ويقسو بل له أن يجهر بسوء القول ضدهما لأن ذلك يكون ردّا لباطلهما ومقابلةً لقسوتهما بالمثل وصداً لظُلمهما، فقد قال الله تعالى: ”لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلا مَنْ ظُلِمَ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا“. (النساء: 149).
ثم إنك لو تدّبرت في قصة نبي الله إبراهيم (عليه السلام) التي حكاها الله تعالى في كتابه لعلمتَ بأن ما نقوم به ضدّهما ليس سوى التزام شرعي صِرف، فإن إبراهيم الخليل (عليه السلام) حينما انطلق في دعوته عمد إلى أكثر الأساليب قسوة! عندما قام بتكسير أصنامهم التي هي عندهم أقدس مقدساتهم إذ هي آلهتهم التي يعبدونها! وأنت عالم بردة فعلهم العنيفة على هذا العمل. فهل أن إبراهيم (صلوات الله عليه) كانت تنقصه الخبرة بالأساليب الدعوية الكثيرة الأخرى أو أنه كان يجــهلها - والعياذ بالله - حتى عمد إلى هذا الأسلوب القاسي الاستفزازي؟! قطعا لا؛ وإنما كان في لجوؤه لهذا الأسلوب حكيما، ففي أحيان لا يمكن إيقاظ المجتمع من وهم المقدسات الزائفة والخرافات والأباطيل إلا بكسرها وسحقها وتدميرها بشكل مباشر على نحو يصعق المجتمع ويجعله يصحو من غيبوبته! تماما كالمغشي عليه الذي نضطر أحيانا إلى أن نصفعه صفعة قوية على وجهه حتى يفيق!
لقد حاول معهم إبراهيم (عليه السلام) أولا بأسلوب التمثيل التدريجي، عندما أشار إلى الكوكب والقمر والشمس قائلا لكلٍّ منها: ”هذا ربي“! عسى أن ينبّه أذهان الناس إلى أنه ما من إله إلا الله وحده، وفي ختام هذا المشهد أعلنها بعد ذلك: ”قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ * إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ“.(الأنعام: 79 - 80)
ثم استخدم معهم إبراهيم (عليه السلام) أسلوب الحوار، فجادلهم مرارا على أمل أن يهتدوا، إلا أن كل هذه المحاولات لم تنفع ولم تحقق النتيجة المرجوّة، فكان لا بد حينها من ”صعقة الإنقاذ“ وإن كانت قاسية أو استفزازية أو مؤلمة.
أراد خليل الله (صلوات الله عليه) أن يُشهدهم واقعيا كيف أن الآلهة التي يعكفون على عبادتها لم تستطع حتى حماية نفسها من الكسر! فكيف تكون آلهة تُعبد؟!
لهذا خَطى إبراهيم (عليه السلام) هذه الخطوة الصعبة وتحمّل نتائجها الخطيرة التي هانت في سبيل هدف تكوين النواة الإيمانية في ذلك المجتمع الوثني الكافر، فبعد هذه الخطوة الشجاعة راجع بعض القوم أنفسهم وأدركوا ما هم عليه من ضلال فآمنوا بدعوة إبراهيم عليه السلام، وقد أمرنا الله تعالى بأن نقتدي بهؤلاء ونجعلهم أسوة حسنة لنا في أسلوب تعاملهم مع قومهم، فبأي أسلوب تعاملوا؟
إنه أسلوب يحمل كثيرا من القسوة والتحدي والجرأة والإصرار على نسف الرموز المقدسة للآخرين وإعلان البراءة منهم والتعبير بصراحة عن عداوتهم وبغضهم لهم إلى الأبد ما داموا لا يتخلَّوْن عن عقيدتهم الفاسدة! وذلك هو ما حكاه الله تعالى لنا إذ يقول عزّ من قائل: ”قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَءَاؤاْ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ“.(الممتحنة: 5)
لقد اتخذوا أشد المواقف واستخدموا أقسى العبارات، فقد قالوا لقومهم: ”إِنَّا بُرَءَاؤاْ مِنكُمْ“! ولم يكتفوا بذلك بل أردفوه بما هو أشد حين قالوا: ”كَفَرْنَا بِكُمْ“! ولم يكتفوا بذلك أيضا فزادوا قائلين: ”وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاء أَبَدًا“! ومع هذا فالله تعالى يأمرنا بالاقتداء بهم في صنيعهم هذا إذ يقول: ”قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ“!
هذا وقد بيّنا للناس سبب ما قد يعتبرونه قسوة منا على رموزهم المقدّسة الزائفة، وذلك في مقالٍ لنا بعنوان: ”لأننا نحبّكم.. نؤلمكم“! (*) فارجع إليه إن أحببت لتعرف أننا لا نتعمّد ذلك بقصد الإساءة إلى المشاعر وإنما دافعنا هو إنقاذ الناس من النار وإرشادهم إلى طريق الجنة.
أما بقاؤك في البحرين فالذي نراه لك هو أن تبقى، وأن تتحاشى في عملك ظُلم المؤمنين أو تعريضهم للخطر، وأن تسعى لرفع الظُّلم عنهم والدفع عنهم، وذلك يكون بتواصلك معهم وأن تعمل كعينٍ لهم في تلك الأجهزة القمعية، وأجرك عظيم عند الله تعالى إنْ قصدتَ ذلك.
أما رجوعك إلى مشايخكم فلا نرى فيه بأساً، فلعلّ الله يجعلكم سبباً لهداية بعضهم، وحتى إنْ لم يهتدوا فإن رجوعك لهم واكتشافك لجهلهم وعنادهم سيرسّخ في نفسك بُطلان عقيدتهم ويؤكّد لك أحقية الشيعة الموالين لمحمد وآله الأطهار عليهم أفضل الصلاة وأزكى السلام.
وإنّا لطالما دفعنا أبناءنا وإخواننا إلى هؤلاء ليناظروهم ويجادلوهم، فنحن الشيعة نوجب وجوباً شرعياً على كل مكلَّف بالغ أن يبحث في العقائد والملل والنحل، حتى يعرف أن التشيّع هو الحقّ، ولا نجيز أن يكون المرء شيعيا تقليدا لآبائه وأجداده، فإنه لا تقليد في أصول الدين، وهذه مسألة فتوائية تجدها في أوّل كل رسالة عملية من رسائل المراجع العظام.
ونحن لا ندفع أبناءنا إلى ذلك إلا لعلمنا بأن مباحثاتهم مع الغير ستُرجعهم إلى التشيّع من جديد ولكن باعتقاد أرسخ وأقوى، فنحن على يقين من ديننا، أما الآخرون فلا، لذا تجدهم يحرّمون على أبنائهم ملاقاة مشايخ الشيعة وعلمائهم أو قراءة كتبهم! فيما نحن لا تكاد تجد مكتبة شيعية واحدة تخلو من مصادر أهل العامة المخالفين وكتبهم كصحيحي البخاري ومسلم بل وحتى كتب ابن تيمية الناصبي عليه لعائن الله!
نسأل الله تعالى لنا ولكم الهداية والتوفيق إلى صراطه المستقيم. والسلام.
الرابع عشر من ربيع الآخر لسنة 1429 من الهجرة النبوية الشريفة.