تقرير الدرس التاسع (في استعمالهم عليهم السلام لـ (لا، ليس) النافيتين للجنس ج4)

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp
تقرير الدرس التاسع (في استعمالهم عليهم السلام لـ (لا، ليس) النافيتين للجنس ج4)

26 جمادى الآخرة 1441

بسم الله الرحمن الرحيم

- استعمالهم (لا، ليس) النافيتين للجنس:

● رد الشيخ الحبيب على رد المحقق الخوئي:

وفيه:

أولا: أنه إما أن يريد أنهما روايتان بموضوعين مختلفين ويلزم منه البناء على دقة المنقول بلفظه ليتحقق هذا التفريق والحال أنَّا نعلم أن غالب ما بيدنا من المنقولات إنما كان بالمعنى لا باللفظ، ويشهد لهذا كمٌ وافرٌ من الأخبار.

1- محمد بن مسلم قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام أسمع الحديث منك فأزيد وأنقص، قال عليه السلام: إن كنت تريد معانيه فلا بأس.

2- ابن المختار أو غيره رفعه قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: أسمع الحديث منك فلعلي لا أرويه كما سمعته قال: إذا أصبتَ الصلب منه فلا بأس، إنما هو بمنزلة تعال وهلمَّ واقعد واجلس.

3- داود بن فرقد قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إني أسمع الكلام منك فأريد أن أرويه كما سمعته منك فلا يجيء، ففال: فتعمَّد ذلك؟ قلت: لا، قال عليه السلام: تريد المعاني؟ قلت: نعم، قال: لا بأس.

4- خبر الحسين بن عثمان عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا أصبتَ الحديثَ فأعرب عنه بما شئت.

والمرجع الخوئي لا يدفع شيوع النقل بالمعنى في رواياتنا كما هو واضح لمن سبر مصنفاته فإنه مثلا وجد ثلاثة ألفاظ لرواية محمد بن مسلم في حكم المبطون وهي:

أولا: عن محمد بن مسلم قلت سألت أبا جعفر عن المبطون فقال: يبني على صلاته.

ثانيا: عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: صاحب البطن الغالب يتوضأ ويبني على صلاته.

ثالثا: عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: صاحب البطن الغالب يتوضأ ثم يرجع في صلاته فيتم ما بقي.

فالمظنون بل المطمئن به أنها بأجمعها أو ببعضها منقولة المعنى، إما محمد بن مسلم أو من غيره وحيث إنَّا لا ندري أن الألفاظ الصادرة عنه عليه السلام أية لفظة فلا محالة نتوقف عن الاعتماد عليها فلا يمكن الحكم بوجوب الوضوء على المبطون في اثناء صلاته. انتهى.

- الشيخ الحبيب: إذا كان الاختلاف في كلماتٍ وعباراتٍ إلى حد السقوط والزيادة موجبًا لرفع اليد عن الاعتماد عن حرفية الروايات المزيدة لفظًا فإن الاختلاف في حروفٍ يسرةٍ مثل: (بلغ، وبلغت) أدعى لرفع اليد!

ثانيا: وإما إن يريد -المرجع الخوئي- أنهما روايتان بموضوعٍ واحدٍ ومدلولٍ واحدٍ وإن الأولى راجعةٌ إلى الثانية في المعنى، كما هو صريح قوله أن الثانية قرينةٌ على المراد من الأولى، ويلزم منه اعتبار الثانية أدق وأضبط ولا دليل على ذلك، فهما سواء من هذه الجهة، وحينئذ يُسئل عن الوجه في إرجاع الأولى إلى الثانية، وأنه لما لا ترجع الثانية إلى الأولى؟ فإن هذا ترجيح بلا مرجِّح.

ثالثا: فإن القرينة في الرواية الثانية على خلاف ما ذهب إليه أدل، فمضافًا إلى بعد معنى (توقفت) عن معنى (بلغت) فإن الإمام عليه السلام إنما هو في وارد الإنكار على العمل بالتقية المغلوطة المفضية إلى جريان الدم استسلاما، وإن قوامها (عدم الفعل) لا (الفعل)، إذ يقول عليه السلام: “لقلتم لا نفعل إنما نتقي” في سياق تمثيله بما سيكون من منافقي الشيعة حال الظهور استصحابًا لعادتهم المنكرة هذه. فلاحظ جيدا الخبر (رواية أبي حمزة الثمالي التي تقدمت في الدروس السابقة)

وعلى هذا فصرف المعنى إلى الفعل حتى يقال بأنهم عملوا بتقية مغلوطة يقتلون بها الغير بعيدٌ عن السياق وقرائنه، والقريب صرفه إلى عدم الفعل -أي الاستسلام والخذلان- بداعي التقية مع العلم بإفضاء ذلك إلى جريان الدم، فحينئذ لا موضوع للتقية إذا القتل جارٍ والدماء جاريةٌ في الحالتين.

هذا علاوةً على معلومية أن نسخ الأحاديث فيها ما ليس بعزيز من هذا الاختلاف في الألفاظ وخاصة في الضمائر ونحوها، ونفس حديث محمد بن مسلم الذي بأيدينا قد راجعنا بعض نسخه فوجدنا أن فيه حرف (به) بدلًا من (بها) في قوله (إنما جعلت التقية ليحقن بها الدم) فالتمسك بدقية هذه الألفاظ وترتيب الاستنباط والأثر الفقهي عليها لا يخفى ضعفه.

فالمتحصل مما تقدم؛ أن الخبرين في موضوعٍ واحدٍ ومدلولٍ واحدٍ أعمُ مما ذهب إليه المشهور والإيرواني، وهو أن كل عملٍ يُعمل بداعي التقية يفضي إلى عكس الغرض من تشريعها وهو حقن الدم يكون حرامًا.

* الآراء والنتائج التي يُنتهى إليها في هذا الدرس هي في مقام البحث العلمي فقط ولا يجوز العمل بها إن لم تطابق فتوى المرجع.

لمشاهدة الدرس كاملًا:

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp