تقرير محاضرة: وقد خاب من افترى على رسول الله صلى الله عليه وآله  

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp
تقرير محاضرة: وقد خاب من افترى على رسول الله صلى الله عليه وآله  

2012 / 01 / 18


أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
القول مني في جميع الأشياء قول آل محمد (عليهم السلام) في ما أسرّوا وما أعلنوا وفيما بلغني عنهم وما لم يبلغني. الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأزكى السلام على المبعوث رحمة للخلائق أجمعين، سيّدنا المصطفى أبي القاسم محمد وعلى أهل بيته الطيبين الطاهرين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، ثم اللعن الدائم على أعدائهم ومخالفيهم ومنكري فضائلهم ومناقبهم أجمعين من الآن إلى قيام يوم الدين، آمين.

إنهما منهجان؛ المنهج الأول منهج الرفق والرحمة والرأفة، والمنهج الثاني هو منهج الإجرام والإرهاب والعنف والشدّة، أما المنهج الأول فكما تبين لكم في المحاضرة السابقة -في الأسبوع الماضي- هو منهج رسول الله الأعظم (صلى الله عليه وآله) ومنهج وصيّه الأكرم أمير المؤمنين ومولى الموحدين (صلوات الله وسلامه عليه) ومنهج أئمة أهل البيت النبوي (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين) الذين تخاطبهم هذه الأمة، بل تخاطبهم الخلائق أجمع بهذا الخطاب: ”السلام عليكم يا أهل بيت الرحمة -رحمة الله المهداة إلى البشر أجمعين-“. أما المنهج الآخر، منهج الإجرام والظلم والجور، فهو منهج أولئك الذين عادوا أهل بيت النبوة، منهج أولئك الذين انقلبوا على أهل بيت النبوة كخلفاء السقيفة وحكّام بني أمية وحكّام بني العباس ومن تلاهم من حكام وطواغيت إلى يومنا هذا، ما من رجل مسلم اليوم على هذه الأرض إلّا ويشكو حكّامه، في أي بلدٍ من البلاد، ما من بلد مسلم من البلاد الإسلامية إلا وعلى ذلك البلد المسلم طاغوت لكنهم يتفاوتون في نسبة إجرامهم وطغيانهم، ليس إلّا، وإلا كلهم طواغيت، كلهم مجرمون، هؤلاء ورثة أولئك، ورثة بني أمية. أما نحن أتباع أهل البيت (صلوات الله عليهم) فنحن ورثتهم في الرحمة، في الشفقة، في الرأفة على الناس، وهذا هو الفرق الفارق بين أئمة أهل البيت ومنهجم وبين منهج أعدائهم وورثة أعدائهم من حكّام العرب، من طغاة العرب والعجم الذين يحكمون بإسم الإسلام لكنهم أبعد ما يكونون عن منهج نبي الإسلام.
إمامنا الصادق (صلوات الله وسلامه عليه) يقول -كما في كتاب الوسائل لشيخنا الحر العاملي (رضوان الله تعالى عليه)- يقول: ”إن إمارة بني أمية كانت بالسيف والعنف والجور، وإن إمامتنا بالرفق والتألّف والوقار“. هذا هو الفرق، بنو أمية بسطوا سلطانهم على الأرض بالسيف، بالعنف، بالجور، بالظلم، بإضطهاد البشر. أمّا أئمة أهل البيت (صلوات الله عليهم) فأنتَ انظر إلى دولهم، دولة رسول الله، دولة أمير المؤمنين، دولة الإمام السبط الأكبر الحسن المجتبى (صلوات الله عليهم أجمعين)، ومن ثم دولة إمامنا المهدي الموعود (عجّل الله تعالى فرجه الشريف ونحن معه) تجد أنّهم لا يفرضون أنفسهم على الناس بالسيف، رسول الله ما فرض حكومته على الناس بالسيف خلافاً لما يتوهمّه المتوهمّون، شرحنا في محاضرات سابقة أن السيف استعمله رسول الله (صلى الله عليه وآله) في كل حروبه على نحو صدّ الإعتداء أو استباق الإعتداء بما يدفعه، أي ما يسمّى اليوم حرباً استباقية، يعني جماعة كانوا يتآمرون ضد النبي (صلى الله عليه وآله) قبل أن يهجموا كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) استباقاً حتى لا يكسروا الإسلام، كل حروب رسول الله (صلى الله عليه وآله) كانت دفاعية، لم يفرض نفسه بالسيف. أمير المؤمنين هكذا، لم يأتِ للناس بالسيف وفرض نفسه خليفةً وحاكما مع أنه إمام معصوم وخليفة رسول الله حقاً -الخليفة الشرعي- لكنّه انتظر أن تبايعه الأمّة، أن الأمة تهرع إليه، لا العكس. إمامنا الحسن المجتبى (صلوات الله عليه) نفس الشيء، وكذا سيكون حال إمامنا المهدي (عليه الصلاة والسلام)، لا تشتبهوا أيها الأخوة، لا تظنّوا أنه حينما تقرؤون الروايات وتتحدث هذه الروايات، تطالعون هذه الروايات فتجدون فيها إشارة إلى حروب متعددة للمولى صاحب العصر (عليه الصلاة والسلام)، لا تظنّوا أن هذه الحروب يكون البادئ بها إمامنا صاحب الأمر (صلوات الله عليه)، كلا وحاشا، إنمّا الإمام يظهر في مكة بين الركن والمقام وينادي في الناس بأن يبايعوه، فيبايعه جمع من الناس، الحكومات الظالمة تشن الحرب على هذه الجماعة، على الإمام وعلى أتباعه، فيضطرّ الإمام لكي يصدّ اعتدائهم، الإمام لا يبدأ بحرب، إن إمامتنا -يقول الصادق- بالرفق، بالتألّف، بالوقار، وإن إمامة بني أميّة بالسيف والعنف والجور. واليوم نعيش -مع الأسف- تحت ظلّ حكومات تحكم بالسيف والعنف والجور. من الذي اختطّ هذا المنهج؟ من الذي شرعن ظلم الناس بإسم الدين؟
حتى تقفوا على أول من شرعن هذا المنهج الذي فيه ظلم البشر، اضطهاد البشر، نعرض ها هنا نموذجاً. التفتوا أيها الأخوة، بعد استشهاد النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، تعلمون بأنه وقع انقلاب سياسي عسكري جرى بموجبه إزاحة الخليفة الشرعي الإمام أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) عن منصبه في الخلافة وتنصيب آخرين مكانه من المنافقين، أبو بكر بن أبي قحافة، تلاه عمر بن الخطاب، ثم عثمان بن عفان، ثم بعد ذلك آلت النوبة إلى بني أمية، ومن ثم بني العباس، حينما وصلت هذه الطغمة الحاكمة إلى الحكم عبر هذا الانقلاب الدموي التي كانت إحدى ضحاياه بضعة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، هذه واحدة من ضحاياه، بدأ هؤلاء بعدما وصلوا إلى الحكم بتوظيف جماعةٍ من مناصريهم لكي يضعوا الأحاديث على رسول الله، ينسجون أحاديث ما قالها نبي الله (صلى الله عليه وآله)، يختلقون هذه الأحاديث وفيها أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان -والعياذ بالله- مجرماً متوحشاً يعذب الناس ويستلذ بالعذاب -بتعذيب الناس-. واحد من هؤلاء الظلمة الكفرة المنافقين الكذّابين الذين كذبوا على رسول الله وشوهوا سمعته الطاهرة النقية هو أنس بن مالك (لعنة الله عليه). حقيقة هذا الوغد قام بحملةٍ قذرةٍ لتشويه السيرة النبوية العطرة واستغلّ كونه في فترةٍ من الفترات صبياً غلاماً خادماً عند النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، استغل هذا الأمر لكي يقنع الناس بصدق ما يقول، يقول أنا كنت ملازماً للنبي، أنا كنت خادمه، فأنا أعرف سيرته جيداً. إمامنا الصادق (صلوات الله عليه) -كما في رواية شيخنا الصدوق (رضوان الله تعالى عليه) في الخصال- يذكر ثلاثةً من أكذب الناس على رسول الله، يقول هؤلاء كانوا أكثر من يكذب على النبي (صلى الله عليه وآله). من هم؟ قال الصادق (عليه السلام): ”ثلاثة كانوا يكذبون على رسول الله (صلى الله عليه وآله)؛ أبو هريرة، وأنس بن مالك، وعائشة“. هؤلاء الثلاثة حقيقةً قاموا بدور قذر في تشويه السمعة النبوية، فصوروا رسول الله بصورة الإنسان الجائر -والعياذ بالله-، صوروه بصورة الإنسان الجاهل، صوروه بصورة الإنسان الشهواني -همّه في النساء-، صوروه بصورة الإنسان الذي يقوم بحركاتٍ اعتباطية كما يزعمون، اقرأ في صحيح البخاري أن النبي (صلى الله عليه وآله) ثلاث مرات أراد أن ينتحر، صعد فوق الجبل حتى يرمي نفسه من شاهق الجبل، صورّوه بصورة الإنسان عديم الأخلاق الذي يقف على سباطة قوم -أي على مزبلة قوم أجلّكم الله- ويبول واقفاً أمام مرأى الناس، هكذا صورّوه، هذا كله تجده في البخاري، في مسلم، في مسند أحمد، في سنن الترمذي، في سنن ابن ماجه، هذه الصحاح والكتاب التي عليها مدار فرقة المخالفين، المخالفون -مع الأسف الشديد- ضالعون في أكبر جريمة تأريخية في حق رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهي جريمة تشويه سمعته، فتحوا الباب أمام الكفار والملحدين وأعداء هذا الدين لكي يطعنوا في النبي الخاتم (صلى الله عليه وآله) من خلال هذه المرويات، يقولون من فمكم ندينكم، أنتم تروون عن نبيكم هذا، هذه أحاديثكم أيها المسلمون، هذا نبيكم هكذا كانت سيرته.

أنس بن مالك، واحد من هذا الثالوث المشؤوم، ثالوث الكذب والاختلاق والوضع على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فوضع هذا اللعين أحاديث على النبي مفادها أنه كان يعذب الناس، ويعذبهم بتعذيب وحشي. إمامنا أبو جعفر الباقر (صلوات الله وسلامه عليه) -كما في رواية شيخنا الصدوق (رضوان الله تعالى عليه) في العلل، في علل الشرايع- يقول الإمام (عليه السلام): ”إن أول ما استحلّ الأمراء العذاب لكذبة كذبها أنس بن مالك على رسول الله (صلى الله عليه وآله)“. أمراء، حكّام، رؤساء، زعماء، أبو بكر، عمر، عثمان، معاوية، يزيد، مروان بن الحكم، عبد الملك بن مروان، حكّام بني أمية، حكّام بني العباس، هؤلاء من أين جاؤوا بالعذاب؟ تعذيب الناس هذا من أين جاؤوا به؟ أحد من أعطاهم المبرر لذلك أنس بن مالك بنص الإمام الباقر (صلوات الله عليه) يقول: "أول ما استحل الأمراء العذاب"، أول ما بدأوا يعذبون الناس بسبب ماذا؟ "لكذبة كذبها أنس بن مالك على رسول الله (صلى الله عليه وآله)"، ما هي هذه الكذبة؟ يقول الإمام الباقر: ”أنه سمر يد رجلٍ إلى الحائط“ يعني أن النبي (صلى الله عليه وآله) حسب فرية أنس بن مالك سمر رجل، ضرب مسمار في بدن إنسان وسمَّره في الحائط هكذا، ثبته على الحائط، ما الذي يصير به؟ تخيّل وضعه ملصوق هذا بالحائط إلى أن يموت صبرا، هكذا يصير وضعه، ينزف ويستمر لا يتمكّن أن يتحرك لأنه مسمَّر في كل أنحاء بدنه بالحائط إلى أن يموت هذا الإنسان صبرا، يعني يعاني العذاب إلى أن يموت، هذا الوضع، تعذيب وحشي، ”أنه سمر يد رجلٍ إلى الحائط، ومن ثم استحلّ الأمراء العذاب“، من ثم الإمام الباقر يبيّن هؤلاء الأمراء الظلمة استحلوا العذاب لماذا؟ لأنهم كانوا يقولون إذا كان نبينا يصنع ذلك، فلماذا لا نصنعه نحن؟ إذا كان هو النبي -والعياذ بالله- مجرم يعذب الناس هكذا، يسمرّهم بالحائط، فنحن لماذا لا مثله؟ نحن أيضاً نعذّب الناس. أنس بن مالك وضع هذا الحديث لكي يرضي هؤلاء الأمراء والحكام الطواغيت لكي ينال من دنياهم، باع آخرته من أجل الدنيا، هذه رواية إمامنا الباقر (عليه الصلاة والسلام)، قد المخالف يقول لا يمكنكم أن تحتجوا بهذه الرواية علينا. الحقيقة بحثت على شاهدٍ يثبت صدق هذه الرواية عن إمامنا المعصوم (صلوات الله عليه) في كتب المخالفين، وسبق أن نبهت على هذا الأمر كراراً في أكثر من محاضرة وهو -خذوها هذه قاعدة- أنه ما من حديثٍ مرويٍ من طرقنا عن أئمتنا (عليهم الصلاة والسلام) في إثبات باطل فرقة المخالفين أو في ثلب أعدائهم أو الاحتجاج عليهم، إلّا وتجد له نظيراً وشاهداً أو على أقلِّ تقدير قرينةً معضدةً مؤيدةً في كتب أهل الخلاف ومصادرهم، بس يحتاج الأمر إلى شيءٍ من البحث. بحثت في كتب المخالفين فوقع نظري على هذه الرواية العجيبة التي يرويها المخالفون في أصحّ كتبهم على الإطلاق وهو كتاب البخاري، وهذه الرواية تؤيد هذه الرواية عن إمامنا الباقر (صلوات الله عليه). لاحظوا هذه الرواية التي يرويها البخاري في صحيحه في الجزء السابع الصفحة الثالثة عشرة يقول: ”حدثنا سلّام بن مسكين حدثنا ثابت عن أنس [من هو أنس؟ هو هذا الكذاب اللعين، أنس بن مالك] أن ناساً [مجموعة من الناس] كان بهم سقم [كان بهم مرض] قالوا: يا رسول الله آونا وأطعمنا، فلمّا صحّوا، قالوا: إن المدينة وخمة [يعني هواؤها لا يوافقهم، جماعة من الناس إلى المدينة المنورة، وكانوا معتلّين، كان فيهم سقم، قالوا يا رسول الله آونا وأطعمنا، رسول الله أيضاً قبل ذلك فآواهم وأطعمهم فلمّا صحّوا، رجعت إليهم عافيتهم، قالوا إن المدينة وخمة يعني هوائها لا يوافق أبدانهم]، فأنزلهم الحَرّة [أنزلهم بلدة الحرّة على أطراف المدينة المنورة] في ذودٍ له [يعني في حظيرة إبل للنبي (صلى الله عليه وآله) يملكها النبي، أو تملكها الدولة الإسلامية]. فقال [النبي يقول لهم]: اشربوا ألبانها [يعني تتمكنون أن تتغذون على ألبان تلك الإبل]، فلمّا صحّوا [أيضاً عافيتهم رجعت إليهم أكثر فأكثر] قتلوا راعي النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) واستاقوا ذوده [إبله، يعني أخذوها، استلبوها]، فبعث في آثارهم [بعث النبي (صلى الله عليه وآله) في آثارهم حتى يُلقى القبض عليهم لأنهم فعلوا أو ارتكبوا هذه الجريمة..هنا دقق هنا الشاهد...شاهد الكلام ها هنا]، فقطع أيديهم وأرجلهم [هذا واحد]، وسمَّر أعينهم [أتعلم ما معنى سمَّر أعينهم؟! يعني وضع مسامير محماة على أعينهم حتى فُقأت، يعني يأخذون المسمار ويشعلون النار ويحمون هذا المسمار إلى أن يصبح ملتهباً وثم يضعونه على عين الإنسان وتعلمون هذه العين، أرقّ جزء من بدن الإنسان هو العين، معروف هذا طبياً وعلمياً، والعين أكثر أجزاء بدن الإنسان حساسيةً، يعني الألم يصيب العين بسبب كثرة الأعراق فيها، العروق العصبية فيها فالإنسان الألم الذي يصيب العين لا يُطاق يمكن أن يتحمل ألماً بالنسبة إلى يده، إلى رجله، إلى رأسه ولكن الألم في العين صعب التحمّل جداً فكيف إذا كان هذا الألم عبارةً عن غرز مسمار في عين الإنسان وهذا المسمار حار ملتهب إلى أن هذه العين تُفقأ؟! بالله عليكم هذا صنيع نبي؟! هذا نبي الرحمة؟ هكذا يصورون النبي (صلى الله عليه وآله) في صحاحهم، في كتبهم، قطع أيديهم وأرجلهم وسمَّر أعينهم فرأيت الرجل منهم -هذا أنس يزعم طبعاً "أنا رأيت الرجل" ]من هؤلاء الذين صنع رسول الله (صلى الله عليه وآله) طبعاً كذباً، حاشاه هذا الصنيع وهذا العذاب الشديد[: ”رأيت الرجل منهم يكدم الأرض بلسانه حتى يموت“ [يكدم الأرض بلسانه يعني من شدة الألم، من شدة العذاب، هؤلاء كانوا يتقلبون على الأرض ويعضّون الأرض ويضعون لسانهم على الأرض من شدة الألم إلى أن ماتوا]. نفس الرواية في صحيح مسلم، لكن هذه الزيادة: ”ثم نبذوا في الشمس حتى ماتوا“ [يعني رسول الله بعدما قطع أيديهم وأرجلهم وعذبّهم بهذا العذاب الشديد وهو فقع أعينهم أو ثمل أعينهم وجعل الواحد منهم يكدم الأرض بلسانه حتى يموت، تركهم هكذا تحت الشمس إلى أن ماتوا، ينزفون إلى الموت]. كيف يمكن أن يقبل مسلم يؤمن بكتاب الله الذي يقول الله عزّ وجل فيه: ”وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ“. كيف يمكن أن يقبل بهكذا رواية؟ الله ما قال ”وما أرسلناك إلا عذاباً للعالمين“. قال: ”وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ“.
كيف يمكن أن يتصوّر الإنسان أنه هذا صنيع نبي؟ اللطيف أين؟ في نفس الرواية التي يرويها البخاري، نفس الرواية فيها تعليق من الرواي الذي هو سلّام بن مسكين، نفس هذا الراوي يقول: ”قال سلّام: فبلغني [هنا الشاهد] أن الحجّاج [الحجاج بن يوسف الثقفي (لعنة الله عليه) الطاغية المجرم المعروف] قال لأنسٍ [الحجاج قال لأنس بن مالك الذي روى هذا الحديث] حدثني بأشدّ عقوبة عاقبه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) [الحجاج سأل أنس]، فحدثه بهذا“. إذن تعرف من ها هنا أنه الأصل في اختلاق أنس لهذا الحديث إنما كان استجابةً للحجاج، الحجاج يريد أن يبطش بالناس، يريد أن يظلم الناس، يريد أن يعذّب الناس، فجاء إلى أنس، قال له حدثني بأشد عقوبة قام بها النبي، فأنس أعطاه ما يعجبه، اختلق له ما يعجبه، كذب على رسول الله، فحدثه بهذا الحديث فصار هذا الحديث مبرراً للحجاج لأن ماذا؟ لأن يفقأ أعين الناس، لأن يثمل أعين الناس، لأن يقطع أيدي الناس وأرجلهم، لأن يعذّب الناس بألوان العذاب، فإذاً كان يكذب على رسول الله (صلى الله عليه وآله)، واللطيف أيضاً في نفس الرواية يقول فبلغ الحسن، يعني بلغ هذا الأمر الحسن البصري الذي هو من تابعيهم، عندهم من التابعين الأجلاّء، فقال: ”وددت أنه لم يحدثه بهذا“، يا ريت أنه أنس بن مالك حدث الحجاج بهذا الحديث لأن الحجاج بسبب هذا الحديث أوقع علينا من صنوف العذاب ما لم يُرى في التاريخ. هذه الرواية تقوي تلك الرواية عن إمامنا الباقر (صلوات الله عليه). الإمام الباقر بيّن أن أنس بن مالك كذب على رسول الله في أنه كان يعذب الناس بهذا العذاب الوحشي.

هذه أيضاً رواية في مصادر المخالفين تثبت هذا الأمر، هكذا صورّوا نبينا (صلى الله عليه وآله)، هكذا لوثوا سمعته الطاهرة النقية. رسول الله هذا الذي لم ترى البشرية له نظيراً في رحمته، في عدله، في رأفته بالناس، هكذا صورّوه، هكذا جعلوا شخصيته، أما نحن فتعال وانظر إلى ما نرويه عن أئمتنا (عليهم الصلاة والسلام) في سيرة نبيهم وجدهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وأكثر من مرّة دعونا المحققين والباحثين حتى من أبناء العامة أن تعالوا وانظروا في روايات أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام)، انظروا وطالعوا هذه الروايات ولاحظوها حتى تميزوا بين السيرة الحقيقية للنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) وبين السيرة المكذوبة، السيرة المزيفة، السيرة المحرّفة، أهل البيت أدرى بما فيه، أهل البيت -أبناء رسول الله- أعلم بسيرة أبيهم وجدهم رسول الله ممن هم سواهم. لماذا تطلبون السيرة النبوية من أمثال أبي هريرة وأنس بن مالك وعائشة وعبيد الله بن عمر - أو عبد الله بن عمر - عبد الله بن عمرو بن العاص. لماذا لا تطلبون هذه السيرة من أبناء رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟ هم أعرف بسيرة جدهم، بدلاً من أن تذهب وتطالع السيرة النبوية من كتاب ابن هشام أو من كتاب البخاري أو من كتاب مسلم أو كتاب أحمد بن حنبل ومن أشبه، تعال وانظر في كتب أهل البيت (عليهم الصلاة والسلام)، تعال انظر وانظر الباقر ماذا قال في سيرة النبي، انظر الصادق ماذا قال، انظر الكاظم ماذا قال، انظر الرضا ماذا قال. حتى تعرفوا أن أهل البيت كانوا يتجرّعون الغصص لأنهم يرَون أمام أعينهم من يكذب على جدهم رسول الله (صلى الله عليه وآله). حملة تسقيطية كانت لرسول الله (ًصلى الله عليه وآله)، تشويهية لسمعة رسول الله عبر الزمان، ألف وأربعمائة سنة إلى اليوم يكذبون على رسول الله (صلى الله عليه وآله). أليست هذه الأمّة في حاجة إلى أن تميّز الحق من الباطل في هذه المسألة؟ أليست هذه الأمة مطالبة بأن تحفظ نبيها؟ "النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم" إذاً واحد كان يحجي ]يتكلّم[ على والدك ما تقبل، كيف تقبل البخاري يتكلّم على النبي؟ كيف تقبل أنس بن مالك يكذب على النبي؟ كيف تقبل عائشة تكذب على النبي -تطلعه رقاص- ؟!! هذا موجود في البخاري: "النبي كان يقيم حفلات الطرب في بيته"!! الله أكبر، هذا بيت الوحي أم مرقص؟! هذا موجود في البخاري: "جاريتان تغنيان بغناء بُعاث" [يعني غناء الناس في يوم بُعاث، يوم مشهور كان من أيام الجاهلية] في بيت رسول الله [عائشة تقول] ودخل أبو بكر وقال: مزمارة الشيطان عند رسول الله؟ [يعني أبو بكر حسب رواية عائشة الكذابة، أبو بكر كان عنده تقوى أكثر من رسول الله! الذي ما تحمّل أنه كيف يضربون بمزامير الشيطان عند رسول الله؟! ] وإذا برسول الله يرد عليه [كما في رواية عائشة، في البخاري اقرأ]: دعهما يا أبا بكر فإن اليوم العيد [خلي شوي نتونس مو مشكلة، هذا يوم عيد هذا]". الآن هَم كل المغنيين والمطربين والمطربات حسب هذه الرواية التي في البخاري، رواية عائشة الملعونة، كلهم يسيرون على سيرة النبي هؤلاء، كلهم ماشين على سيرة النبي، طرب ورقص وغناء، هل هذه سيرة النبي؟!- والعياذ بالله -. يا أيهّا المخالفون أليس لكم عقل؟! أهكذا استرخصتم رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟! أهذه سيرة رسول الله عندكم؟! لا إله إلا الله. قامت القيامة في هذه الأمة لأنّه رجل ملحد دنماركي كافر ما يعتقد بالنبي (صلى الله عليه وآله) رسم رسماً مشيناً للنبي (صلى الله عليه وآله)، وهذا هَم من أسبابكم، بسبب أفعالكم الإرهابية، الآن الغربيين ينظرون إلى الإسلام من زاوية أسامة بن لادن، من زاوية أيمن الظواهري، من زاوية تنظيم القاعدة، فيتصورّون أن هؤلاء سائرون على منهاج نبيهم، هذا هو قتل ودمار وتفجير وإرهاب، قامت قيامتكم على هذا الرجل؛ لِمَ لا تقوم قيامتكم على البخاري؟ على أنس بن مالك؟ على أبي هريرة؟ على عائشة؟ على هذا الثالوث الذي قام بأكبر حملة تسقيطية ضد النبي (صلى الله عليه وآله)؟ لماذا؟ إن كانت لكم غيرة على النبي (صلى الله عليه وآله) حقاً، يجب عليكم أن تتبرّأوا من هؤلاء الكذابين الذين فضحهم أئمة أهل البيت وقالوا هؤلاء يكذبون على جدنا، قال الصادق: ”ثلاثة كانوا يكذبون على رسول الله (صلى الله عليه وآله)؛ أنس بن مالك، أبو هريرة، وعائشة“ احفظوا هذا الحديث وأبلغوه للمخالفين، عسى الله تبارك وتعالى يرفع هذه الغشاوة عن أعينهم ويبصرهم بالحق. المخالفون -مع الأسف الشديد- مخدوعون، لا يعلمون ما الذي يوجد في كتبهم، في مصادرهم، ما يعرفون، وفي المقابل تُصوّر لهم صور كاذبة ملؤها الرحمة والشفقة والحنان عن بعض أئمتهم وخلفائهم ورموزهم المقدسة. مثلاً أبو بكر وخالد بن الوليد، المخالفون يظنّون أن هذان رجلان صالحان مؤمنان تقيّان ورعان كان في قلبيهما الرحمة والرأفة بالناس، ولا يعلم هؤلاء المخالفون المخدوعون بأن أبا بكر وخالد ارتكبا مجازر في حقّ الإنسانية، وابتدعا المقابر الجماعية في تاريخ الإسلام، ليس صدام أول من ابتكر المقابر الجماعية، أبو بكر ابتكر ذلك. نقلنا لكم في محاضرات سابقة أنه بعد زمان النبي (صلى الله عليه وآله) سكّان الجزيرة العربية انقسموا قسمين؛ قسم ظلّ وفياً للنبي (صلى الله عليه وآله)، بقى على إسلامه ولم يقبل بحكومة أبي بكر ولا اعترف بشرعية حكومته. قال هذا خليفة غير شرعي، نحن بايعنا علي بن أبي طالب (عليهما السلام) في غدير خم، وبيعتنا لهذا الرجل، هذا قسم، القسم الثاني كفر ولكنه انقسم إلى قسمين؛ القسم الأول من هذا القسم الثاني كفر نهائياً، يعني خرج عن الإسلام، ارتد، اتبع مسيلمة الكذاب، اتبع سجاح المتنبية، اتبع طليحة، اتبع الأسود العبسي ومن أشبه. هؤلاء الذين ادّعوا النبوة، اتبعوهم، قسم آخر كفر لكنه في ظاهره بقى على الإسلام، هؤلاء الذين اتبعوا أبا بكر وعمر، يعني نزلوا على حكومة أبي بكر وعمر، قبلوا بهذه الحكومة، أبو بكر بسط سلطانه في النتيجة بالقوة، بالعنف، ليس بالشورى كما يزعم المخالفون، اقرؤوا في التاريخ؛ جاء عمر واستقدم مجموعةً من الطلقاء من قبيلة أسلم وكان هؤلاء يخبطون الناس خبطاً، يجرّونهم إلى البيعة قهراً، هذا موجود في التواريخ، اقرؤوا، أين الشورى؟ أين حرية الاختيار؟ ما اختار الناس بحريتهم أبا بكر أبداً، إجبار صار. نتيجةً، أبو بكر أراد أن يبسط سلطانه على سائر أنحاء الجزيرة العربية. المرتدّون حاربهم وانتصر عليهم، بعدما انتصر على المرتدين، طالب أولئك المسلمين الذين رفضوا النزول على حكمه ومبايعته، طالبهم بأن ينزلوا على حكمه وبيعته وأن يقدموا له الزكاة، يسلمونه الزكاة، أموال الزكاة، أموال الصدقة، هؤلاء رفضوا، فأعلن أبو بكر الحرب على هؤلاء مع أنهم مسلمون يشهدون الشهادتين ويصلون ويصومون ويزكّون لكن قال قائلهم وهذا موجود في التأريخ ونقلناه بمصادره في محاضرات سابقة -من شاء فليراجع- قال قائلهم: "إنا لا نعرف أبا بكر هذا ابن أبي قحافة، لو قام بالأمر أحدٌ من أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) لسلمناه زكوات أموالنا، لكن ما قام أحد من أهل البيت، والنبي أمرنا بالكتاب والعترة وأهل البيت نحن ما لنا علاقة بابن أبي قحافة"، ابن أبي قحافة من هو؟! ما يصير في [...]، نحن علينا بكتاب الله وعترة رسول الله، أهل بيت رسول الله، هؤلاء نتبعهم، فليكون في مقام الحكم واحد من أهل بيت الرسول ندفع له أموالنا، أما نعطيها إلى خليفة غير شرعي ما عندنا استعداد، على ماذا نعطيه أموالنا؟ من هنا ما أعلنت ما يسمى اليوم عند المخالفين بحروب مانعي الزكاة، أعلن الحرب أبو بكر على هؤلاء إمّا بالقوة تعطوني الزكاة وإما أقتلكم، واحدة من هذه القبائل التي رفضت ذلك وكذب عليها المخالفون بزعمهم أنها ارتدت، هي ما ارتدت، هي كانت مسلمة لكن رفضت دفع الزكاة لأبي بكر، هي قبيلة بني سُليم، ما الذي جرى لهذه القبيلة المسكينة؟! ندع الأمر للتاريخ، روى ابن سعد في الطبقات الجزء السابع الصفحة 369 والمحب الطبري في الرياض النضرة في مناقب العشرة الجزء الأول الصفحة 100، طبعاً هذا أمر مضحك أن المحب الطبري مؤلف كتاب اسمه الرياض النضرة في مناقب العشرة يعني العشرة المبشرة فيجيء على أول واحد أبو بكر واحدة من مناقبه التي يرويها شنو؟! هو هذا الذي أنقله إليكم، شوفوا هذا بالله عليكم هذه منقبة أم فضيحة؟ تثبت جريمة وحشية، مجزرة، إبادة جماعية، وتسميها منقبة، الله أكبر "إلا الحماقة أعيت من يداويها" وأيضاً يروي هذا الخبر ابن شيبة وابن عساكر، كل هؤلاء. الخبر مستفيض عند المخالفين: ”عن هشام ابن عروة، عن أبيه [يعني عن عروة. عروة من هو؟ عروة بن الزبير] قال: كانت في بني سُليمٍ ردة [كذب. ليست ردة. رفضوا حكومة أبي بكر. لكن يسمّون مانعي الزكاة لغاصبي الخلافة مرتدين] فبعث أبو بكر خالد بن الوليد [دقق هنا] فجمع رجالاً في حظائر ثم أحرقهم بالنار“. هذا تاريخ أبي بكر، هذا تاريخ خالد بن الوليد <سيف الله المسلول> أم سيف الشيطان؟! سيف الإجرام. جماعة من الرجال يجمعهم في حظائر، يحفر لهم، يطمّهم في هذه الحظائر ثم يحرقهم جميعاً بالنار، إبادة جماعية، خلاص، مقابر جماعية، أبو بكر كان طاغيةً، وخالد كان سيفاً لهذا الطاغية. هَب أن بني سُليمٍ ارتدوا بالفعل، لنفرض ذلك -حسب ما هم يزعمون-؛ هل يجوز في شرع الإسلام هذا العقاب الذي نالهم؟ ألم يروي المخالفون كما في التاريخ الكبير للبخاري في الجزء الأول الصفحة 59 ومسند أحمد بن حنبل في الجزء الثالث الصفحة 494: ”عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: لا يعذب بالنار إلا ربّ النار“؟! إحراق؟! حرق الإنسان وهو حي؟ تعلمون أي عذاب هذا؟ طبعاً البعض يحاول أن يكذب حتى على سيرة أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) بأنه عذب بمثل هذا العذاب بالنسبة لمن ادّعوا إلوهيته، نحن نشكل على ذلك طبعاً ولدينا تحقيق في الأمر، ولا نقرّ بصحة هذا المنقول على أنه ذاته يختلف في حيثياته عن هذا، المنقول في رواية أمير المؤمنين (عليه السلام) أنه جمعهم وأدخن عليهم، يعني ما حرّقهم وإنما جعل الدخان يأتيهم حتى يتعذبوا، لا أنّه أحرقهم. على أية حال، نحن إنمّا نلزم المخالفين على طبق رواياتهم ومبانيهم، نقول ثبت عندكم أن النبي (صلى الله عليه وآله) منع من هذه العقوبة، لا يعذب بالنار إلا ربّ النار، يعني لا يحق لك أن تحرق إنساناً وإن كان مرتداً -فرضاً أنّه كان مرتداً-، فكيف أبو بكر خالف هذا الأمر؟ إذاً كان عاصياً، كان مجرماً، على أنّه كما بيّنا بنو سُليمٍ ما كانوا قد ارتدوا، هذه هي مشكلتهم، هذا نموذج.

نموذج آخر، هو نموذج عمر بن عبد العزيز، هذا الذي يسمَّى عند المخالفين بالخليفة الخامس أو الخليفة الراشد الخامس، خامس الخلفاء الراشدين على أساس ماذا؟! أنّه كان رجلاً عادلاً صالحاً من بني أمية، ومع الأسف الشيديد حتى بعض خطباء الشيعة يمتدحونه على المنابر بدعوى أنه رفع السب عن أمير المؤمنين (صلوات الله عليه)، نعم هذا حقيقي، رفع السب لكن ليس لله، للدنيا، رفع السب لغاية سياسية كان يجد أن هذا الأمر يسبب نقمة المسلمين أكثر فأكثر في زمان عمر بن عبد العزيز، الحركات الشيعية تكاثرت فصار هنالك حالة وعي عند الأمة، فعلِمت حق عليٍ وقدر عليٍ (صلوات الله عليه) فلذلك كانت تنكر هذه السنة الأموية اللعينة الناصبية وهو سب أمير المؤمنين (عليه السلام) على المنابر، فخشي عمر بن عبد العزيز من أن يكون بقاء هذا الأمر موجباً لتمرّد الأمة عليه فرفع السب، الأمر لم يكن لله، إظهاره للعدل - أيضاً - كان لغاية سياسية وإلا إذا دققّت وفحصت في تأريخه تعلم بأنه كان طاغيةً أيضاً. الإمام الباقر (صلوات الله عليه) - كما في رواية الخرائج-: ”رأى عمر بن عبد العزيز وهو غلام صغير، فقال: ليليَنّ هذا الغلام [سيصبح والياً، حاكماً] فيُظهر العدل ويعيش أربع سنين ثم يموت، فيبكي عليه أهل الأرض، ويلعنه أهل السماء“. دقق في رواية الإمام الباقر، يعني ماذا؟! يعني هذا الرجل أظهر العدل لغاية، لمأرب خاص، والناس تنخدع عليه فلمّا يموت أهل الأرض يبكون عليه، لكن أهل السماء يلعنوه. لماذا؟ ”فقيل له: يا ابن رسول الله أليس ذكرت عدله وإنصافه؟ قال: نعم، يجلس في مجلسنا، ولا حقّ له فيه“. يظهر العدل والإنصاف لكن أي جريمة أعظم من أن يجلس هذا الرجل في مجلس أهل البيت؟! الخلافة حقٌّ لأئمة أهل البيت (عليهم السلام) فالذي يجلس في هذا المجلس يكون مغتصباً، يكون ظالماً، يكون مجرماً، فيكون ملعوناً. دع عنك هذه الرواية أيها المخالف، خطابي مع المخالفين .... خطابي مع المخالفين، الحمد لله أنتم من شيعة أهل البيت والله عزّ وجل بصرّكم بالحق في هذه الأمور، خطابي مع المخالف، تقول هذه رواية عن إمامكم الباقر نحن ما نلتزم بها، أقول خذ هذه الرواية وتدبّر فيها، أتعلم بأن عمر بن عبد العزيز هذا العادل الذي تفتخر به أكمل جريمة عمر بن الخطاب (لعنه الله) في تدمير دار الزهراء (صلوات الله عليها)؟! عمر بن الخطاب أحرق الدار صحيح؟ من الذي هدمها وأزالها؟! هذا حفيده وسميّه عمر بن عبد العزيز. تعلمون هذا الشيء أم لا؟! هذا الرجل هو الذي هدم دار الزهراء (صلوات الله عليها) لمّا كان والياً على المدينة. روى اليعقوبي: ”أن الوليد بن عبد الملك [خليفة بني أمية في الشام] كتب إلى عمر بن عبد العزيز واليه على المدينة أن يهدم المسجد والحجرات [يعني حجرات النبي (صلى الله عليه وآله) بما فيها حجرة علي وفاطمة (صلوات الله عليهما)] ويدخلها فيه [يعني يضمها بالمسجد] فلمّا فعل [قام عمر بن عبد العزيز وجاء بالمعاول مع جماعة من عمّاله وبدأوا يهدمون هذه الدور] قام خبُيب بن عبد الله بن الزبير [خُبيب بن عبد الله بن الزبير قام] معترضاً فقال: نشدتك الله يا عمر أن تذهب بآية من كتاب الله، إنّ الله يقول "إنّ الذين ينادونك من وراء الحجرات" [يجب أن تبقى هذه الآثار، هذه حجرات رسول الله (صلى الله عليه وآله)، لماذا تهدمها؟ لماذا تذهب بهذه الآية من كتاب الله تبارك وتعالى؟ لا تبقي انطباقاً على أرض الواقع؟! لماذا الآثار النبوية تُهدم؟! و السائر عليه إلى اليوم الوهابية وآل سعود (لعنهم الله)، نتيجةً هذا قام واعترض وقال لو نشدتك الله، انظر بالأدب، باحترام، فانظر المجرم المتوحش ماذا فعل به؟] فأمر به، فضُرب به مئة سوط ونُضح بالماء البارد، وكان يوماً بارداً، فمات“. موّته، قتله، بهذا التعذيب، ما جريمته خُبيب بن عبد الله بن الزبير؟ مجرد اعترض عليه قال لو نشدتك الله حجرات رسول الله ودار عليٍ وفاطمة لا تذهب بها، لا تذهب بها. هذا بالله عليكم يكون عادل؟ يضرب مائة سوط لمجرد أنه اعترض هذا الاعتراض وبهذا الشكل المؤدّب وينضحه بالماء البارد في يومٍ شديد البرودة حتى يموت، هذا الرجل دمُّه في رقبة عمر بن عبد العزيز الخليفة العادل، هذه هي المشكلة أيها الأخوة نحن الآن لا ننخدع بهؤلاء الحكّام والطواغيت أمّا المخالفون فإلى اليوم مخدوعون بهؤلاء، ويعظمُّون هؤلاء، وهذا الذي جرّ عليهم الويلات حيث يعظمّون إلى اليوم حكامهم وطغاتهم. طاغية يكون باقي على قيد الحياة فيسبونّه، مجرد أن يموت يبكون عليه، كان رجلاً عظيماً، كان عادلاً، كان رؤوفاً، هذا ما لا ينبغي للمؤمن أن يكون عليه، لا ينبغي أن تنطلي على المؤمن هذه الأكاذيب، وإنما يوالي فقط أهل الحق والعدل وهم أهل بيت محمد (صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين).

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp