تقرير لمحاضرة تحرير الإنسان الشيعي - الحلقة التاسعة (9) 

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp
تقرير لمحاضرة تحرير الإنسان الشيعي - الحلقة التاسعة (9) 

اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم

القول مني في جميع الاشياء قول آل محمد عليهم السلام فيما اسروا وما أعلنوا وفيما بلغني ومالم يبلغني، الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأزكى السلام على المبعوث رحمة للخلائق أجمعين سيدنا محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين ولعنة الله على قتلتهم وأعدائهم أجمعين الى قيام يوم الدين .. آمين  

في الحلقة السابقة:
اوضحنا في المحاضره السابقه أنّ نشر ديننا يقتضي القيام بعملية هدم فكري ومنطقي للأديان الأخرى بحيث يضهر باطل هذه الأديان فتنهدم وينهدم هذا الباطل الذي تمثله ويتأسس عليه الحق الذي هو الاسلام. وبهذا يدخل الناس في دين الله أفواجا لأنه بغير هذا لايدخلون، أي لا يمكن أن نتوقع من الذي لم ينهدم مايحمله من عقائد وأفكار باطله لا يمكن لنا أن نتوقع منه أن يتخلى عما يحمله ويدخل في الاسلام.

الطريق الصحيح هو طريق هدم عقائد الآخرين وإن صعب علينا...
من الطبيعي أنّا حين نسير في طريق الهدم فإنا سنصطدم بحواجز صعبه هذه الحواجز، هي حواجز الرموز المقدسه لدى الملل والطوائف الاخرى، هنا لاسبيل لنا لإكمال عمليّة الهدم هذه إلا دك هذه الرموز المقدسه وإزاحتها عن الطريق، لماذا ؟ الجواب أنه حتى يتأتّى لنا بلوغ هدفنا لتبصير الناس للحق لابد من ازالة هذه العوائق عن الطريق. لابد من دكّ هذه الرموز المقدسه واسقاطها. هذا الدك له وسائل منها توهين الرمز المقدس الزائف، توهينه بما ينزع عنه القداسه ويُخرج صطوته من حيّز المحرمات في الذهن، فيتحرر الذهن وينطلق في نقد ومناقشة فيما وراء هذا الرمز أو ماكان يختزله هذا الرمز. عندئذٍ فقط يكتشف الذهن الحقائق حين ينفضّ الغبارالمتراكم على هذه الحقائق، هذا الغار الذي هو من آثار بقاء ذلك الرمز المقدّس الزائف.
في واقع الأمر، أنك كحامل لرسالة الاسلام، مبلّغ لدين الله (سبحانه و تعالى) تضطر لأن تصطدم مع هذه المقدسات الزائفه لأنها تشكّل أعظم حاجز يقف أمام اعتناق الناس للإسلام والتشيّع. تريد أن تصدم هذه المقدسات الزائفه وتزيحها عن الطريق حتى يصل النور الى الناس، فتأخذ فأسك كما فعل ابراهيم الخليل (على نبينا و آله و عليه الصلاة و السلام) قاصد كسر هذه المقدسات الزائفه. تحمل فأسك وتقصد كسر هذه المقدسات الزائفة فإذا بك تجد جماعة من هنا وجماعتا من هناك ينقضون عليك ويقبضون على يديك ويقيدونك ويحرمونك مما أنت بصدده، بدعوى أنه لابد من حفظ رموز الآخرين لتحترم رموزنا لكي لا يقع شرخ في المجتمع يهدد السلام الأهلي. ماذا تفعل حين اذٍ؟ إما أن تنطلي عليك هذه الدعوى فتصدقها متوهما أنها حق، وإما أن تتعلم أكثر وتتعمق أكثر فيما جائنا عن أنبيائنا وأئمتنا (عليهم افضل الصلاة و السلام) وترجع لحكم العقل فتكتشف أنّ هذه الدعوه على اطلاقها ليست إلا هراءاً. لامحل لها في العقل والشرع. حين إذ تزداد اصرار من الفكاك من هؤلاء الذين قيّدوك فتحمل فأسك بكل قوه وثقه وتكسر تلك الرموز المقدسة الزائفه وتنسفها نسفا. فإذا هذان خياران إما أن تستجيب لمن يقيدك بتوهّم أن دعواهم حق، وإما أن تزداد علما ووعيا فتعرض عن هذه الدعوى وتنطلق في مهمتك العظيمه نحن قد اخترنا هذا الخيار الثاني.

لماذا اخترنا طريق هدم الرموز المقدسة للطوائف المنحرفة ؟
لأنا وجدناه سيرة الأنبياء والأوصياء (صلوات الله و سلامه عليهم) في هدم الباطل ورموزه، ولأنّا وجدناه هو مايحكم به العقل وما توجبه الحكمة أيضا على التوصيف والتبيان الذي تقدّم، ولأنّا وجدناه هذا الخيار الثاني وجدناه لايوقع شرخا اجتماعيا ولايهدد السلام الأهلي، إذا ما استمر على منواله لأن هذا الاستمرار هو مايطوّع ابناء الطوائف الاخرى على تقبّله، فتزول الحساسية ويكون هذا النقد أو النقاش الديني في معزل تماما عن اثارة اي اضطراب اجتماعي.
لقد ذكرنا في المحاضرة السابقة ثلاثة نماذج أو أمثلة من سيرة الانبياء والاوصياء (عليهم افضل الصلاة و السلام) في تقصّد اهانة الرموز المقدّسه للطوائف الاخرى. فذكرنا على سبيل المثال لا الحصر كيف أهان رسول الله (صلى الله عليه و آله) آلهة قريش وكيف أهان الامام الباقر (صلوات الله و سلامه عليه) الرموز المجوسيه المقدّسه وكيف يهين الامام المهدي (صلوات  الله و سلامه عليه) وهو الرمز المقدّس للنصرانيه . كانت هذه أمثلة لإهانة ما يترمّز به الباطل الآن نعرض أمثلة لإهانة من يتشخّص به الباطل.  أعني تلك الشخصيات القيادية في الطوائف الاخرى التي ينظر ابنائها اليها بعين الاحترام والتقديس، والحال أنّا من جانبنا نراها رؤوس للكفر والزيغ والفساد والانحراف فنتقصّد اثر ذلك نتقصّد اصقاط احترامها بشتى الوسائل. ومن تلك الوسائل ثلب تلك الشيخصيات وتوهينها لأنه لا يمكن اسقاط الباطل الذي تمثله تلك الشخصيات إلا بإسقاطها.

امثلة لإهانة من يتشخّص بالباطل والإنحراف...
قبل أن نضرب هذه الامثله لكم يجدر ان نلفت الأنضار إلى مسأله وهي: أنّ اهانة وتحقير وحتّى سبّ من يتشخّص به الباطل فردا كان أو جماعتاً، هذا الامر هو بكل وضوع أدب قرآني، مراجعت سريعه لكتاب الله (تبارك و تعالى) كفيله بترسيخ هذه الحقيقه في الذهن. نحن نقرء مثلا في كتاب الله (سبحانه و تعالى) وصف أحبار اليهود الذين كانوا معاصرين لرسول الله (صلى الله عليه و آله) ورفعوا لواء الباطل ضد رسول الله (صلى الله عليه و آله) نقرء في كتاب الله (عز وجل) وصفهم أنهم كالحمير. يقول عزّ من قائل {مثل الذين حمّلوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارا}.
هذا مثال.

مثال آخر نجد أنّ الله (تبارك و تعالى) وصف الضالين من اليهود والنصارى والمخالفين بأنهم أضلّ من البهائم والانعام.
وذلك قوله (سبحانه و تعالى): {إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا}.
وللعلم فقد روى شيخنا الكليني (رضوان الله (تعالى) عليه) في الكافي الشريف أنّ مولانا أبا عبد الله الحسين (صلوات الله و سلامه عليه) في رواية اشار بيده الى جماعة الناس هكذا تقول الرواية :"اشار بيده الى جماعة الناس أي المخالفين ]هذه جماعة الناس المراد منها المخالفون الرواية لاتقول أنه أشار الى جماعة من الناس وإنما الى جماعة الناس أي المخالفين أشار بيده اليهم[ ثم قال :إن هم إلا كالأنعام بل أضل سبيلا".
نقرأ كذلك في كتاب الله (سبحانه و تعالى) أنه سبحانه وصف الذين أعرضوا عن ولاية آل محمد (صلوات الله و سلامه عليهم) أنهم كالحمير، ذلك في قوله عز من قائل : {فما لهم عن التذكرة معرضين} التذكرة أي الولاية، اي مالهم عن الولاية معرضين {كأنهم حمر مستنفره} الحمر جمع الحمار. {كأنهم حمر مستنفره فرّت من قسوره} يعني فرّت من أسد. هذا المراد مأخوذ من رواية لشيخنا الكليني في الكافي الشريف في تلك نجد تفسيرا من قبل مولانا أبي الحسن الكاظم (صلوات الله و سلامه عليه) بأنّ المراد بهذه الآية هم أهل الخلاف إلى جانب اليهود والنصارى. أي الذين اعرضوا عن دين الله (تبارك و تعالى) ومن أُسُسِه ولاية أهل البيت (صلوات الله و سلامه عليهم) هؤلاء  كأنهم حمر مستنفره فرّت من قسوره هكذا يقول الامام الكاظم (صلوات الله و سلامه عليه) في رواية الكليني فارجعوا اليها.
هذا مثال ..

مثالا آخر أنّا نقرأ أيضا في كتاب الله (سبحانه و تعالى) أنه سبحانه وصف بلعم ابن باعوراء الذي حاز الاسم الأعظم ثم مال إلى فرعون ورفع لواء الحرب على موسى (على نبينا و آله و عليه الصلاة و السلام)، نقرأ أنّ الله (سبحانه و تعالى) شبّهه بالكلب في قوله عز من قائل{فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث}. ونقرأ ايضا في كتاب الله (سبحانه و تعالى) أنه سبحانه وصف عمر ابن الخطاب(لعنة الله عليه) بأنه عتل أي فض غليض وأنّه زنيم أي دعي ابن زنا، ذلك نجده في قوله (تبارك و تعالى) {ولاتطع كلّ حلاف مهين همّاز مشّاء بنميم منّاع للخير معتد اثيم عتل بعد ذلك زنيم} {من كان ذا مال وبنين إذا تتلى عليه آياتنا قل أساطير الاولين} الى آخر الآيه ...
هذه آيات نزلت في عمر(لعنة الله عليه) وكون الموصوف بهذه الآيات عمر(لعنة الله عليه) منقول عن أئمتنا (صلوات الله و سلامه عليهم)، أنا لا أنقل شيء من عندي راجعوا في ذلك كتاب تأويل الآيات الضاهره للفقيه والمفسّر الكبير السيد شرف الدين الحسيني الاسترابادي، الذي كان من أعلام القرن العاشر وكثير مانقل العلامه المجلسي (رضوان الله (تعالى) عليه) من هذا الكتاب الجليل.  في ذلك الكتاب تجد أنه يروي عن الأئمة الاطهار (صلوات الله و سلامه عليهم) أنّ الموصوف بهذه الآيات هو عمر ابن الخطاب(لعنة الله عليه)، وقبله نقل شيخ الاقدمين الثقة الجليل علي ابن ابراهيم القمي (رضوان الله (تعالى) عليه) في تفسيره المعتبر المعروف بتفسير القمي ذكر بأن هذه الآيات نزلت في عمر ابن الخطاب (لعنة الله عليه).

اهانة الشخصيات التي يتمثّل بها الباطل هو أدب قرآني و نبوي شريف ...
إذاً هذه أمثله متعدده توضّح أن اهانة الشخصيات التي يتمثّل بها الباطل هي أدب قرآني ولا ننسى بأن الله (سبحانه و تعالى) أنزل سورة كاملة في ذم وتحقير رمز من رموز بني قريش وبني هاشم الذي تشخّص به الباطل، ذلك هو ابولهب (لعنه الله) وإمرأته حمالة الحطب (لعنها الله)، تجد أنّ الله (سبحانه و تعالى) انزل فيهما: {تبت يد أبي لهب وتب ما أغنى عنه ماله وما كسب سيصلى ناراً ذات لهب وامرأته حمالة الحطب في جيدها حبل من مسد}. إذاً إنّ اهانة وتحقير من يتشخّص به الباطل هو أدب قرآني، ولكي يتحقق هذا التحقير استعمل الله (سبحانه و تعالى) الفاظاً من قبيل الكلب والحمير والحمر والعتل والزنيم والانعام وأضل من الانعام إلى غيرها من الفاظ تحقيرية وردة في كتاب الله (سبحانه و تعالى) وكما أنّ اهانت رمز الباطل وتحقيره والانتقاص منه هو أدب قرآني كذلك فإنه أدب نبوي أيضا، بدأ به رسول الله (صلى الله عليه و آله) منذ اوائل ايام بعثته واستمر عليه إلى اواخر ايام حياته الشريفه. كلنا يعلم مثلا أنّ النبي (صلى اللله عليه و آله) هو الذي كنّى عمر ابن هشام بكنية تحقيريه ماهي ؟ هي كنية ابوجهل ماذا كانت كنية عمر ابن هشام سابقا ؟ كانت كنيته ابو الحكم، لكن النبي (صلى الله عليه و آله) كنّاه بأبي جهل حتى يصمه بوصمة الاهانه التي لزمته الى يومنا هذا...

الجميع يقولون عمر ابن هشام ابوجهل مع أن عمر ابن هشام كان من رموز قريش ومن رموز بني مخزون وكان له عظيم الشأن عندهم، لكن النبي (صلى الله عليه و آله) تعمّد أن يهينه ويحقره ويصمه بهذه الوصمه. كلنا يعلم أن النبي (صلى الله عليه و آله) كان يأمر حسان ابن ثابت وغيره من المسلمين بأن يهجوا قريش ورموزها ويعيّرونهم بالآباء والامهات ويفروهم بألسنتهم، يفروهم بألسنتهم روي عنه (صلى الله عليه و آله) بألفاظ متنوعه اهجوا قريشا فإنه أشد عليها من رشق النبل، وكان حسان ابن ثابت يجيبه بقوله والذي بعثه بالحق لأفرينّهم بلساني فري الأديم أي لأمزقهم كما يمزّق الجلد. ماهو الهجاء الذي امر به رسول الله (صلى الله عليه و آله ؟ ماتعريف الهجاء ؟ معلوم أنّ الهجاء هو الذم والتحقير والسباب شعرا ..ومع ذلك كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) يأمر به ويحث على ذلك. ولئن سألت عن السبب الذي دعا النبي (صلى الله عليه و آله) يأمر بذلك فإنك تجد الاجابه منه شخصيا في حديث شريف يرويه شيخنا الكليني في الكافي الشريف تجد الاجابه.

الحكمة من النيل من الشيخصيات التي تمثّل الباطل والإنحراف ..
هذا الحديث الشريف المعتبر هو الذي يوضّح الحكمه من وراء حث المؤمنين على ذم وتحقير وسب وفضح رموز الباطل والانحراف والبدعه والضلال. يقول النبي الاعظم (صلى الله عليه و آله) كما في رواية الكليني : {إذا رأيتم أهل الريب والبدع من بعدي فأظهروا البراءة منهم وأكثروا من سبهم والقول فيهم والوقيعة، وباهتوهم كي لا يطمعوا في الفساد في الاسلام ويحذرهم الناس ولا يتعلمون من بدعهم، يكتب الله لكم بذلك الحسنات ويرفع لكم به الدرجات في الآخرة}، لايقول اكتموا البرائه منهم بل يقول اظهروا اعلان اذعان ..

السب والشتم ليس دائما محرّم ...
انتبهوا هنا انتبهوا الى أن النبي الأعظم (صلى الله عليه و آله و سلم) لم يجز سب أهل الريب والبدع فقط، وإنما حث على الاكثار من سبهم بقوله وأكثروا من سبهم لماذا ؟ هو بنفسه يجيب، يقول: {كي لا يطمعوا في الفساد في الاسلام ويحذرهم الناس ولا يتعلمون من بدعهم}، إذاً هذه هي الحكمه من وراء حث الشارع المقدس من النيل من رموز الباطل حتى لو كان هذا النيل بالسباب فإنه جائز بل مستحب بل لعلّه يكون واجبا في بعض الاحيان، كما لم يكن بالإمكان اماتت باطل هؤلاء إلا بسبهم والوقيعة فيهم حين ذاك لاشك ولاريب قطعا حسب الموازين الفقهيه سبهم يكون واجب لأنه فيه فضحهم وتعريتهم وابعاد الناس عن الاغترار بهم.
السب لاشك أنه قبيح ومذموم ومحرّم، لكنه إذا كان موجه إلى الضالمين والطغات ورموز الباطل وأهل الريب والبدع فإن هذا السب يكون حسنا وممدوحا. السب لاشك أنه من السوء من القول لكن الله (سحبانه و تعالى) على سبيل المثال أجازه إذا كان من مظلوم يعني صادر من مظلوم تجاه الظالم يقول (جل و علا) :{لايحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم وكان الله سميعا عليما}. الله (سبحانه و تعالى) في هذه الآيه الكريمه لم يبح السوء من القول فقط، وإنما اعرب عن حبّه لمن يجهر بالسوء من القول إذا كان مظلوما أداة استثناء هنا إلا من ظلم. لماذا الله (سبحانه و تعالى) يُشرّع ذلك ؟
لأن كف الظالم عن ظلمه لا يتأتّى إلا بمثل هذا الجهر بالسوء من القول في وجهه، فينكشف حال هذا الظالم ويظهر ظلمه ويتباعد عنه أو يردع .. هكذا إذا عرفنا أنّ النيل ولو بمثل السباب وسوء القول، أنّ الذم والتحقير والإهانه لهذه الرموز المنحرفه هو أدب قرآني ونبوي ورائه حكمة شرعية عظيمة ومهمة لصالح البشريه. هذه الحكمه تتمثل بإسقاط رمز الظلم والفساد والباطل اسقاطا اجتماعيا يقي المجتمع من التعاطي مع هذا الرمز فيسلم الدين وتسلم الدنيا. الآن حان الوقت أن نعرض الأمثله التي وعدنا أن نذكرها من واقع سيرة المعصومين (صلوات الله و سلامه عليهم) أجمعين والتي تؤكد لنا التزامهم بهذا الأدب القرأني والنبوي وأنهم ماكانوا يتحاشون النيل من الرموز المقدسة الزائفه أو الشخصيات التي لديها حظ من الاحترام والتبجيل من هذه الطوائف.

أمثلة من سيرة المعصومين صلوات الله و سلامه عليهم في النيل من الشخصيات التي تمثّل الضلال و الإنحراف..
كانوا (عليهم افضل الصلاة و السلام) يرشقون هؤلاء بأشد الألفاظ ويهينونهم ويحقرونهم وينكرون عليهم بأقسى العبائر، وفي كثير من الأحيان كان كل ذلك يقع أمام مرأى ومسمع الذين خدعوا بهذه الرموز وهذه الشخصيات فحسبوها اعلاما للدين والتقى والصلاح، نبدأ بالمثال الأول :

المثال الأول رواه ابن العرندس في كشف اللئالئ ونقله عنه صاحب مستدرك نهج البلاغه، ورواه ايضا الكمال الاستربادي ونقله عنه صاحب نوائب الدهور وغيره من هؤلاء الاعلام. حاصله أن مولانا امير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) ألقى خطبه في المسجد النبوي الشريف خاطب بها ابابكر وعمر وابا عبيدة ابن الجراح وعثمان ابن عفان ومن اليهم من المنافقين(لعنهم الله جميعا) بعد وقوع جرائمهم على بيت النبوه(صلوات الله و سلامه عليهم) خاطبهم وألقى خطبة فكان مما قاله (عليه افضل الصلاة و السلام) لهم: {ايتها الغدرة الفجره والنطفة القذرت المذره والبهمت الساعده نهضتم على أقدامكم وشمّرت للضلال عن ساعدكم تبغون بذلك النفاق وتحبون مراقبت الجهل والشقاق ألا ساء ماقدمتم لأنفسكم أيتها البوقه المتشتته بعد اجتماعها والملحده بعد انتقاعها} الى آخر كلامه الشريف ..
سلام الله عليك يا أمير المؤمنين لاحظوا أيها الأخوه ماخاطب به أمير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) ابابكر وعمر وكبار قادة السقيفه (لعنة الله عليهم) لقد نال منهم في وجوههم بأحد لسان، وأبلغ لسان لم يكتفي بوصفه اياهم بالغدرة الفجره بل زاد على ذلك قوله لهم والنطفة القذرة المذره. شبّههم في القذاره بالنطفه القذرة المذره أي أنّ اصلهم نجس ابناء الزنا نطفتهم قذرة مذرة مذرة اي ذات رائحه كريهم. يقال مثلا بيضة مذره حينما تفسد البيضه فتخرج منها رائح كريهه لاتطاق يقال هذه بيضة مذره هكذا يشببهم أمير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) في قذارتهم ونجاستهم وفسادهم. ثم انه (عليه افضل الصلاة و السلام) يشبّههم في ضلالهم بالبهيمه السائمه، أي البهيمه الضاله التي لاتهتدي الى طريق. وأشد من هذا وذاك قوله (صلوات الله و سلامه عليه) :{ألا ساء ماقدمتم لأنفسكم أيتها الأوقت المتشتته بعد اجتماعها والملحدة بعد انتقاعها}، اتعلمون أيها الاخوه ماهي الأوقه؟

حينما يقول لهم : أيتها البوقه المتشتته بعد اجتماعها والملحده بعد انتقاعها. البوقه هي البالوعه يقول امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) لهؤلاء الغدره الفجره المنافقين انتم بالوعه من النجاسات والقذارات، وقد تشتت بعد اجتماعها بعدما اجتمعت هذه البالوعه في مكان واحد تشتت بعد ذلك، حاملة معها الإلحاد بعد انتقاعها اجتمعت انتقعت في الفساد والكفر، ثم تشتت حاملتا معها الإلحاد. ما أعظمه من تشبيه، كأن هؤلاء القوم اجتمعوا بنجاستهم ونجاستهم فزاد بعضهم الى بعض نجاسة حتى انتقعت هذه الأوقه الركيّه فعادت ملحدت عن الدين أكثر فأكثر، ومن ثم تشتّتت حاملة معها هذا الالحاد وهذا النفاق وهذا البغي حتى لو وفت الآخرين.
هذا مثال أوّل ..

المثال الثاني ونيل امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه من ابوبكر وعمر عليهم لعائن الله تعالى ...
هنا مثال ثاني، المثال الثاني مارواه شيخ الاقدمين الثقة الجليل والمحدث النبيل الأقدم الشيخ محمد ابن الحسن الصفار في كتابه الشريف بصائر الدرجات وهو من أكثر كتبنا اعتبارا، نقرأ فيه: "أنّ رجلا جاء الى امير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) وقال له ابسط يدك لابايعك، قال (عليه افضل الصلاة و السلام) على ماذا ؟ قال على ماعمل ابوبكر وعمر فمدّ (عليه افضل الصلاة و السلام) يده وقال له اصفق ]صفقت البيعه[ لعنه الله الاثنين والله لكأني بك قد قتلت على ضلال ". هنا نلاحظ أنّ امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) صدم هذا المخدوع بأبي بكر وعمر(لعنهما الله (تعالى))، فنال منهما بلعنه اياهما {لعن الله الاثنين} من أن هذا الرجل قد جاء الى الامير (صلوات الله و سلامه عليه) مبايعا له، ولكن مبايعته له كانت على سنّة ابي بكر وعمر(لعنة الله عليهما) لا على سنّة رسول الله (صلى الله عليه و آله) وهذا ضلال. معناه أنّ الرجل يطلب الحق بالباطل فماكان للأمير (صلوات الله و سلامه عليه) إلا أن جبهه قائلا :{اصفق لعن الله الاثنين والله لكأني بك قد قتلت على ضلال}، وبالفعل ذكروا أنّ الرجل قتل مع الخوارج فمات على ضلال. المهم هنا أن امير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) قد نال من شخصيتين تعتبران من أعظم الشخصيات المقدسه لدى اهل الخلاف. نال منهما امام رجل يقدّسهما أعظم التقديس يحترمهما أعظم الاحترام، الى درجت أنّ هذا الرجل جاء ليبايع أمير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) على أن يعمل بسيرتهما، وهذا كاشف عن أنّ الرجل ينظر اليهما بعين الاجلال والاكبار والتقديس والاحترام مع ذلك صدمه امير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) بنيله منهما بكل صراحه.

المثال الثالث: وهو مارواه المحدّث العلم الشيخ محمد ابن جرير الطبري الامامي في كتابه الشهير دلائل الامامه، وحاصل هذه الرواية أنّ قوما من المخالفين من أهل البصره جاؤوا الى الامام الصادق (صلوات الله و سلامه عليه) فقالوا له وعائشه(لعنهم الله جميعا) ؟ مارأيك في هذه الحرب حرب الجمل؟ قال ماتريدون بذلك ؟ قالوا نريد أن نعلم ذلك قال إذاً تكفرون ياأهل البصره ,الى أن يقول الامام (عليه افضل الصلاة و السلام) لهؤلاء المخالفين لاهالي البصير بكل صراحه: {عائشه كبير جرمها عظيم اثمها مااهرقت محجمت من دم إلى واثم ذلك في عنقها وعنق صاحبيها}. لاحظوا هنا أنّ الامام (عليه افضل الصلاة و السلام) ينال من شخصية تعتبر عند المخالفين من أعظم الشخصيات وأكثرها قداسه إنها عائشه بنت ابي بكر(لعنة الله عليها) التي افتتن المخالفون بها حبا كما افتتن بنو اسرائيل حبا بالعجل. بنو اسرائيل اشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم وهؤلاء ايضا اشربوا في قلوبهم عائشه(لعنة الله عليها) بكفرهم. إنّ الصادق (صلوات الله و سلامه عليه) مع علمه بأن هؤلاء المخالفين لن يحتملوا كلامه، وسيكفرون بسببه بل وسيزدادو كفرا الى كفرهم اي ابتعادا عن الحق وبقاءا على الخلاف، مع علمه (عليه افضل الصلاة و السلام) بذلك إلا أنه صرح لهم بأن عائشه(لعنها الله (تعالى)) كبير جرمها عظيم اثمها مااهرقت محجمت من دم إلا واثم ذلك في عنقها وعنق صاحبيها.  لم يحتمل القوم هذا الكلام من الصادق (عليه افضل الصلاة و السلام) حينما صرّح لهم بما صرّح لم يحتملوا كلامه فماقالوا له كمانجده بالروايه قالوا له:
"إنك جئتنا بأمر عظيم لانحتمله ]هكذا تنال من أمنا المأبونه عائشه!!! فبماذا رد عليهم الصادق (صلوات الله و سلامه عليه) [ قال :وما طويت عنكم أكثر ]هذا الذي بيّنته لكم من جرم عائشه (لعنة الله عليها)لاشيء[ أما إنكم سترجعون إلى أصحابكم وتخبرونهم بما أخبرتكم فتكفرون أعظم من كفرهم". إذاً مع علم الصادق (صلوات الله و سلامه عليه) بأن هؤلاء المخالفين لن يحتملون كلامه وسيكفروا بسبب كلامه، بل سيزدادوا كفرا ببقائهم على الخلاف وبقائهم على احترام عائشه (لعنة الله عليها) إلا أنه صرّح لهم بما صرّح، أي أنه (عليه افضل الصلاة و السلام) يقول له بكل صراحه إنّ عائشه (لعنة الله عليها) رأس الاجرام والإثم حتى أنّ جميع الدماء التي سفكت إنما هي في عنقها وعنق صاحبيها (عليهم جميعا لعائن الله).

لماذا صرّح الامام الصادق صلوات الله وسلامه عليه بالبراءة من عائشه لعنها الله مع علمه بأن المتلقّين سيزدادو كفراً الى كفرهم ..؟
هنا قد تتسائل أنه مادام الامام (عليه افضل الصلاة و السلام) يعلم أنّ هؤلاء لن يتقبّلو كلامه، بل سيزداد كفرهم بسببه. فمالحكمه بأن يجبههم بمثل هذا الكلام ويستفز مشاعرهم بمثل هذا الكلام حتى قالوا له بكل صراحة إنك جئتنا بأمر عظيم لا انحتمله، ماالحكمه من ذلك ؟ الجواب أنه في أحيان كثيره لابد من إقامت الحجه مهما يكن من أمر، إقامت الحجه هي بذاتها مطلوبه سواءاً كان المخاطب قابلاً للهدايه أم لا، حتى إن لم يكن قابلا للهدايه فإنّ إإقامت الحجه عليه تكون معذّرا شرعيا للمقيم -اي لك أنت المقيم للحجه-، كما قال (سبحانه و تعالى) :{وإذ قالت امتا منهم لم تنذرون الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرتا الى ربكم ولعلّهم يتّقون}. إذاً انت تكليفك الذي يعذرك امام الله (سبحانه و تعالى) هو أن تقيم الحجه على الخصم سوائا كنت تحتمل فيه الهدايه أم لم تحتمل. أنت بذلك حين تقيم الحجه عليه تنقل مسؤليتك اليه، اي أنّ الله(سبحانه و تعالى) سيسائله هو فقط عن سبب بقائه على الجحود والإنكار، لن يسائلك انت بمعنى انه لن يعاقبك لأنك قمت بما عليك وغضته وأنذرته وأقمت الحجة عليه. أمّا إذا لم تعضه ولم تنذره ولم تقم الحجه عليه فإن المسؤليه تكون قائمه عليك (لماذا لم تعظه لماذا لم تنذره لماذا لم تقم عليه الحجه ؟) فتحاسب انت وتعاقب أنت كما يحاسبون. هذا من جهه من جهه اخرى إن الامام الصادق (عليه افضل الصلاة و السلام) حين أقام الحجه على هؤلاء المخالفين من اهل البصره كان هنالك طرف ثالث يرى ويسمع من هو هذا الطرف الثالث ؟
انما هم اصحاب الامام (عليه افضل الصلاة و السلام) ورواته، هؤلاء الذين كانوا جالسين في ذلك المجلس وهم الذين نقلوا لنا هذا الحديث الشريف فوصل هذا الحديث الشريف الى الملايين، حتى وصل لي ولك هذا الامر فعرفنا إذاً قول الصادق (عليه افضل الصلاة و السلام) في هذه المسأله المهمه والمسأله الحرجه، وبالتالي كل من يتبع الصادق(عليه افضل الصلاة و السلام) سيزداد تمسكا بموقفه الرافض لعائشه (لعنة الله عليها) حين يبلغ هذا القول من امامه (عليه افضل الصلاة و السلام). لأن الشيعي يحاول دائما أن يكون موقفه هو موقف أئمته (صلوات الله و سلامه عليهم)، لهذا نطق الامام (عليه افضل الصلاة والسلام) لأنه يعلم أنّ كلامه سيصل الى الملايين بل والمليارات من البشر. وأن هذا الموقف سيُروى ويحدّث به ويسجّل في الكتب فيكون هذا الموقف وهذا الحديث الشريف دليلا على الحق، ولو أن الامام (عليه افضل الصلاة و السلام) سكت في ذلك الموقف لحُرمنا وحُرم البشريه من هذا الدليل، بل لأمكن لبعض مرضى القلوب والمنحرفين والبتريين أن يفسروا سكوته مثلا على أنه لايرتضي الاسائه لمقام السيدة ام المؤمنين هههه، كما تسمعون اليوم ويزعم بعض العاقّين للتشيع في زماننا ويتحدثون بمثل هذا المنطق المخالف للقرآن والسنه، الشاهد أنك ترى أن الامام الصادق (صلوات الله و سلامه عليه) استعمل اسلوبا صادما لهؤلاء المخالفين في التصريح بحقيقه امهم عائشه(لعنة الله عليها) هذا الاسلوب مطلوب ايضا في مثل هذه الموارد.

اسلوب الصدمة ..
وقد استعمل هذا الاسلوب الانبياء والأوصياء (عليهم افضل الصلاة و السلام) غير مرّه اسلوب الصدمه، من تلك الموارد ماقام به أمير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) حين صدم عمّه العباس الذي زعم أنه صاحب سقاية الحجيج، فهو أفضل من علي (صلوات الله و سلامه عليه) هكذا كان زعمه، فذكّره امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) أنه ضرب خرطومه بالسيف حتى آمن وكانت تلك صدمه للعباس أن يخاطبه ابن أخيه بمثل هذه اللغه فشكى العباس ذلك للنبي الاعظم (صلى الله عليه و آله) فقال النبي (صلى الله عليه و آله) لعلي (صلوات الله و سلامه عليه) :{ماحملك على مااستقبلت به عمّك ؟} فقال (عليه افضل الصلاة و السلام) :{صدمته بالحق فمن شاء فاليغضب ومن شاء فاليرضى}. تقول الروايه فنزل قوله تعالى مصدقا لكلام أمير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) ومصححا موقفه :{اجعلته سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لايستوون عند الله والله لايهدي القوم الضالمين}.
إذاً اسلوب الصدمه ضروري في بعض الاحيان كما قال امير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) {صدمته بالحق وفمن شاء فاليغضب ومن شاء فاليرضى}. بهذا الاسلوب يمكن الرد وزجر المتعدّي، كما يمكن ايضا بهذا الاسلوب ارشاد الجاهل وتنبيه الغافل أيضا، ولكن لايقتصر اسلوب الدعوة على هذا الاسلوب هذا اسلوب من الاساليب نحن انما نعرض امثله تدلل على شرعية هذا الاسلوب وصوابيّته في موارده، لذا قيّدنا وقلنا في التعامل من المعتدين مع أهل الريب والبدع والضلاله، مع الظالمين، مع الرموز التي تشخّص بها الباطل فصارت حاملة لهذا الباطل ولايسقط الباطل إلا بسقوطها. هذه الرموز من الطبيعي أن تجد بعضا من الطوائف المنحرفه تقدسها وتحترمها وتضيف عليها هاله من القداسه الدينيه، هنا لاسبيل لك ولا مناص من أن تهتك هذه الرموز وتسقطها بالبرهان بالمنطق وبشتى وسائل النيل ومن بينها السباب والتحقير والاهانه والامثله على ذلك من سيرة المعصومين (صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين) كثيره، ولذا لهذا الكلام في عرض هذه الامثله تتمه نرجئها ان شاء الله (تعالى) الى المحاضره المقبله وصلى الله على سيدنا محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين ولعنة الله على قتلتهم واعدائهم ومنكري فضائلهم ومناقبهم اجمعين الى قيام يوم الدين .. آمين

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp