تقرير لمحاضرة تحرير الإنسان الشيعي - الحلقة الحادية عشر (11) 

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp
تقرير لمحاضرة تحرير الإنسان الشيعي - الحلقة الحادية عشر (11) 

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمان الرحيم

القول مني في جميع الأشياء قول آل محمد عليهم السلام فيما أسروا وما أعلنوا وفيما بلغني عنهم وما لم يبلغني، الحمد لله رب العالمين وأفضل الصلاة وأزكى السلام على المبعوث رحمة للخلائق أجمعين سيدنا محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين ولعنة الله على قتلتهم وأعدائهم أجمعين إلى يوم الدين ..آمين

كنّا قد عرضنا في الحلقتين السابقتين من هذا المبحث، ثمانية أمثلة من واقع سيرة المعصومين (صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين) تؤكد أنهم ما كانوا يمتنعون عن النيل من الشخصيات أو الرموز المقدسة لدى بعض الطوائف كأبي بكر وعمر وعثمان (لعنهم الله جميعا). وكان هذا النيل من المعصومين (صلوات الله و سلامه عليهم) يصدر منهم على مرأى ومسمع من الناس، أي أنه لم يكن في خلواتهم أو بين خاصتهم من أصحابهم فقط، ونحن إنما نعرض هذه الأمثلة والشواهد من واقع السيرة والتاريخ بغرض ابطال ما يتوهمه بعض الجاهلين والقاصرين من حرمة هتك رموز الآخرين في نفسه، في نفس الهتك، ونقصد كذلك من هذا المبحث ومن عرض هذه الأمثلة والشواهد إبطال ما يزعمه بعض المنافقين من أنّ أئمتنا (عليهم افضل الصلاة و السلام) أوصونا بحفظ واحترام رموز الآخرين مطلقاً، كلا إن الأمر ليس على هذا الإطلاق كما سنبينه إن شاء الله (تعالى) حين ننتهي من عرض هذه الأمثلة، ونخلص إلى النتيجة من وراء هذا المبحث، إذ سناقش بعونه تعالى الأدلة ونقابل بعضها ببعض ونؤلف فيما بينها على النحو الذي ترتضيه قواعد العلم والفهم السليم.

المثال التاسع من سيرة المعصومين صلوات الله وسلامه عليهم في طعن الرموز المقدسة للطوائف المنحرفة والضالة ..
المثال التاسع : وهو ما رواه سُليم ابن قيس الهلالي (عليه السلام) عليه في كتابه كتاب سُليم، من أنّ أمير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) كان جالساً وسط جمع من الناس كان فيهم بعض المخالفين بل بعض الخوارج أيضاً كاللعين الأشعث ابن قيس الكندي )لعنة الله عليه(، ومعلوم أيها الأخوة أن~ الخوارج كانوا وما زالوا يعظّمون أبا بكر وعمر (لعنة الله عليهما) إلى أقصى حد، فعقيدتهم قائمة على تولي الشيخين والبراءة من الصهرين، كما يقولون عقيدتهم قائمة على تولّي الشيخين والبراءة من الصهرين. حسب ما في الرواية أنّ أمير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) كان جالساً مع أصحابه وجمع من المخالفين وفيهم هذا اللعين وبدأ أمير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) يتظلّم ممن سبقه، فما كان من الأشعث إلا أن غضب من قوله كما تقول الرواية، تقول:

" أن الأشعث لما سمع أمير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) يتظلّم ممن سبقه غضب من قوله، ثم قال لأمير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) : فما يمنعك يا ابن أبي طالب حين بويع أخو تيم ابن مرة ]أي أبو بكر (لعنة الله عليه) لأنه من قبيلة تيم ابن مرة وأخو بني عدي ابن كعب أي عمر (لعنة الله عليه) وأخو بني أمية بعدهما أي عثمان (لعنة الله عليه)[ فما يمنعك يا ابن أبي طالب حين بويع أخو تيم ابن مرة وأخو بني عدي ابن كعب وأخو بني أمية بعدهما أن تقاتل وتضرب بسيفك وأنت لم تخطبنا خطبة منذ كنت قدمت العراق إلا وقد قلت فيها قبل أن تنزل عن منبرك إني لأولى الناس بالناس ومازلت مظلوماً منذ قبض الله محمداً (صلى الله عليه و آله) فما يمنعك أن تضرب بسيفك دون مظلمتك؟  فقال له علي (صلوات الله و سلامه عليه) يا ابن قيس لم يمنعني من ذلك الجبن ولا كراهية للقاء ربي وألا أكون أعرف ]أو شي من هالقبيل لأنه هنا عندي سقط في الظاهر في العبارة وألا أكون أعرف[ أن ما عند الله خير لي من الدنيا والبقاء فيها ولكن منعني من ذلك من أن لا أقاتل أخا تيم ابن مرة وأخا كعب ابن عدي وأخا بني أمية ولكن منعني من ذالك أمر رسول الله )صلى الله عليه و آله( وعهده إليّ أخبرني رسول الله (صلى الله عليه و آله) بما الأمة صانعة بي بعده فلم أك بما صنعوا حين عاينته بأعلم مني ولا أشد يقيناً به قبل ذلك بل أنا بقول رسول الله (صلى الله عليه و آله) أشد يقيناً بما عاينت وشهدت، فقلت يا رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) فما تعهد إلي إذا كان ذلك ؟ قال إن وجدت أعواناً فانبذ إليهم وجاهدهم، وإن لم تجد أعواناً فأكفف يدك واحقن دمك حتى تجد على إقامة الدين وكتاب الله وسنتي أعواناً وأخبرني (صلى الله عليه و آله) أنّ الأمة ستخذلني وتبايع غيري وتتبع غيري ]ثم استمر أمير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) ببيان عدم شرعية خلافة أبي بكر وعمر وعثمان (لعنهم الله جميعا) وأنهم قد أكرهوه وقهروه وكادوا أن يقتلوه، وبيّن أيضاً أنهم وأتباعهم هالكون في النار[
حينئذ قال الأشعث لأمير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه): والله لأن كان الأمر كما تقول لقد هلكت أمة محمد (صلى الله عليه و آله و سلم)، غيرك وغير شيعتك ]إذا كان الأمر على ما تقول إذن هلكت كل هذه الأمة أمة محمد )صلى الله عليه و آله( وهو الحق يقول رسول الله )صلى الله عليه و آله و سلم) كلها في النار هذه الثلاثة والسبعين فرقة إلا واحدة إذاً لابد أن تكون فرقة واحد وما هذه الفرقة شيعة أهل البيت النبوي (صلوات الله و سلامه عليه)، الشاهد هو أنه كان من جملة ما قاله أمير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) في ذلك المجلس الذي كان على رؤوس الأشهاد قوله (عليه افضل الصلاة و السلام) : ويلك يا ابن قيس كيف رئيتني صنعت حين قتل عثمان إذ وجدت أعواناً هل رئيت مني فشلاً أو تأخراً أو جبناً أوتقصيراً في وقعتي يوم البصرة ]أي في وقعة الجمل[ وهو حول جملهم ]هنا دقق[ وهم حول جملهم الملعون من معه الملعون من قتل حوله الملعون من ركبه الملعون من بقي بعده لاتائب ولا مستغفرا ]أمير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) هنا لايكتفي بلعن أشياع عائشة (لعنهم الله جميعا) الذين أحدقوا بجملها وإنما يلعن عائشة (لعنها الله) شخصياً إذ يقول الملعون من ركبه ومن ركب الجمل غير عائشة (لعنها الله)، عائشة (لعنها الله) التي هي رمز الرموز المقدسة عند العامة، عائشة (لعنها الله) التي لا تنازعها امرأة أخرى في المكانة عند هؤلاء، عائشة (لعنها الله) هذه يصرح أمير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) بلعنها لايلعنها بين أصحابه فقط، بل أمام ملأ من الناس فيهم أنصارها ومحبوها وأشياعها، وكان كل هذا منه (عليه افضل الصلاة و السلام) بعدما نال من أبي بكر وعمر وعثمان (لعنهم الله جميعا )أيضاً فماذا نتوقع أن تكون ردة فعل العامة وهم يسمعون هذا النيل من أمهم وأئمتهم ؟[
]الراوي هو سليم ابن قيس(عليه السلام) كان حاضرا في ذالك المجلس ولذا سجّل لنا ردة فعل العامة بدقة بين كيف أنه قد ضاق صدورهم ورؤي الضيق والكراهية في وجوههم كما سجل لنا سليم أيضا ردة فعل الشيعة الحاضرين تهللت وجوههم وفرحوا وقرت أعينهم لماذا ؟ لأن أمير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) في ذالك المجلس العلني كشف الغطاء وترك التقية كما جاء في نص الرواية : كشف الغطاء وترك التقية يقول سليم (عليه السلام) شارحا ما حصل في ذالك المجلس العلني بعدما نطق امير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) بما نطق[ يقول : فلم يبقى يومئذ من شيعة علي (عليه افضل الصلاة و السلام) أحد إلا تهلل وجهه وفرح بما قال إذ شرح أمير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) الأمر وباح به وكشف الغطاء وترك التقية ولم يبق أحد من القراء ]أي أهل القرآن والفقه والعلم[ ولم يبق أحد من القراء ممن كان يشك في الماضيين ]أي أبي بكر وعمر وعثمان (لعنهم الله جميعا) الذين تقدموا على أمير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام)[ ولم يبق أحد من القراء ممن كان يشك في الماضيين ويكف عنهم ويدع البراءة منهم ورعا وتأثما إلا استيقن واستبصر وحسن رأيه وترك الشك يومئذ والوقوف ولم يبق حوله ]أي حول أمير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) [ممن أبى بيعته إلا على وجه ما بويع عليه عثمان والماضون قبله ]أي الذين بايعوا أمير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) على أنه مجرد خليفة للمسلمين قد نصبه في هذا المقام نحن على ما نصبنا ]حسب تصورهم أبابكر وعمر وعثمان (عليهم لعائن الله) لم يبايعوا على ما بايعته عليه الشيعة أنك أنت إمام معصوم منصوب حجة الله على خلقه وصي رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلم) معيّن من السماء لا من الأرض يقول سليم(عليه السلام)[ أن هؤلاء الذي بايعوه على ما بايعوا عليه الماضون قبله لم يبق حوله ممن أبي بيعته إلا على وجه ما بويع عليه عثمان والماضين قبله غلا رؤي ذلك في وجهه وضاق به أمره وكره مقالته
]لماذا ؟ لأنه مخالف هؤلاء مخالفون جعلوا علي الخليفة الرابع بايعوا علي على وجه ما بايعوا عليه عثمان والباقون قبله إذن هؤلاء كانوا مخالون وطبيعي أن يكمون ردة فعلهم هذه غلا رؤي ذلك في وجهه وضاق به صدره وكره مقالته كره هذا الكلام من أمير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) ضد عائشة (لعنها الله) لعنه إياها صراحة الملعون من ركبه وكره كلام أمير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) في التظلم من أبي بكر وعمر وعثمان واثبات ظلمهم وجورهم (لعنات الله عليهم)[
يقول : ولم يبق حوله ممن أبي بيعته إلا على وجه ما بويع عليه عثمان والماضون قبله إلا رؤي ذالك في وجهه وضاق به أمره وكره مقالته ثم إنه استبصر عامة عامتهم أكثرهم وذهب شكهم ]استبصروا تشيعوا[ فما شهدت يوماً ]يقول سليم (صلوات الله و سلامه عليه) الراوي الحاضر [فما شهدت يوما قط على رؤوس العامة علنا كان أقر لأعيننا من ذالك اليوم ]قرت عينا ذالك اليوم لماذا ؟[ لما كشف أمير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) للناس من الغطاء وأظهر فيه من الحق وشرح فيه من الأمر وألقى فيه من التقية ]هذا اليوم الذي ألقى فيه أمير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليها) التقية وتركها و كشف الغطاة الاء وباح بالحق كان يوم قرة العين للشيعة الأبرار يقول[ وكثرت الشيعة بعد ذالك المجلس من ذالك اليوم وتكلموا ]أي صارت عندهم جرأة بأن يتكلمو ويعرضوا مواقفهم الحقيقية من الظالمين ومن المنحرفين وصارت لهم الجرأة والشجاعة بأن يتحدوا بصراحة عن مبادئهم وعقائدهم[
وكثرت الشيعة بعد ذالك المجلس من ذالك اليوم وتكلموا وقد كانوا أقل أهل عسكره كانت الشيعة ]أقليّة آنذالك[ وسائر الناس يقاتلون معه على غير علم بمكانه من الله ورسوله (صلى الله عليه و آله و سلّم) ]كانوا يقاتلون مع علي (صلوات الله و سلامه عليه) دون اعتقاد منهم بأنه حجة الله (عز و جل)، له ذلك المكان من الله ودون اعتقاد منهم أنه وصي رسول الله (صلى الله عليه و آله و سلّم) له ذلك المكان من الرسول (صلى الله عليه و آله و سلّم)[ وصارت الشيعة بعد ذلك المجلس أجل الناس وأعظمهم ]متى حصل ذلك؟ يقول سليم (عليه السلام) وذلك بعد وقعة أهل النهروان وهو يأمر بالتهيئة والمسير إلى معاوية (لعنه الله)[ ثم لم يلبث أن قُتل (صلوات الله و سلامه عليه) قتله ابن ملجم (لعنه الله) غيلة وفتكاً وقد كان سيفه مسموماً قد سمه قبل ذلك وصلى الله على سيدنا أمير المؤمنين وسلم تسليم ختام رواية سليم".

الامام سيّد الموحدين من الاولين و الآخرين صلوات الله و سلامه عليه ترك التقيّة ..
وهي الحديث أظنه الثاني عشر أو الثالث عشر أو الرابع عشر في هذه الحدود في كتابه الشريف كتاب أسرار آل محمد (صلوات الله و سلامه عليهم). إذاً كانت هنالك فئتان في ذالك المجلس فئة قليلة وهم من الشيعة، وفئة كثيرة هم من المخالفين وفيهم أيضا الخوارج والأشعث ابن قيس (لعنه الله). الشيعة فرحوا بمقالة أمير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام)، أما المخالفون فكرهوها وشوهد الغضب والضيق في وجوههم، أما الشيعة فقد فرحوا وتهللت وجوههم لماذا ؟ لأن إمامهم (صلوات الله و سلامه عليه) ترك التقيّة وتعبير سليم(عليه السلام) بأنه (صلوات الله و سلامه عليه) ترك التقية ما معناه ؟ معناه أنه كان هنالك موضوع للتقية أي أنه كان كنالك ما يبيح التقية في ذلك الظرف، إلا أن أمير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) تركها رغم ذلك وأصر على أي ينال من أبي بكر وعمر وعثمان وعائشة (لعنهم الله جميعا)، رغم علمه بأن ذلك سيؤدي إلى مشاعر غاضبة كما ُرؤُيَ في وجوههم، رغم علمه بأن ذالك سيؤدي إلى مثل هذه المشاعر الغاضبة التي ستتطور إلى أن يقتله أعدائه، وهذا ما حصل لأنه قتله ابن ملجم (لعنه الله) بسيف مسموم ولاريب في أن إقدام هذا اللعين على هذه الجريمة لاريب أنه كانت احدى دواعيه ودوافعه هو ما كان يصدر من أمير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) من ذم لأئمة الكفر ورؤوس الضلالة. هذا أمر واضح مع هذا كلّه بأبي وأمي أميرالمؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) اباح بالأمر وكشف الغطاء وترك التقية وتكلم بصراحة ولعن عائشة (لعنها الله) أمام المخالفين، على أية حال هكذا استقبل الشيعة ما نطق به إمامهم (صلوات الله و سلامه عليه) أما المخالفون فقد استقبلوه بالكراهية، إلا أنّ ما صنعه أمير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) أدّى نتيجة إلى أن يستبصر عامتهم ويذهب شكّهم. كما يقول سليم(صلوات الله عليه) يستبصر العامي ويذهب شكّه، إذاً كانت هذه الكلمة الصريحة والشجاعة من أمير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) سبباً لأن يكتشف العامة الحق ولأن يعرفوا أن أبا بكر وعمر وعثمان وعائشة (لعنهم الله جميعا) على باطل "فكثرت الشيعة بعد ذلك المجلس من ذالك اليوم" كثرت الشيعة بعد ذلك المجلس من ذالك اليوم "وتكلموا" أي أنهم تشجعوا لأن يتكلموا ويعبروا عن عقيدتهم ومواقفهم كما فعل أمير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه).

المثال التالي مع سيّد الموحدين عليه وآله افضل الصلاة و السلام وطعن رموز الضلال والإنحراف ..
ننتقل إلى المثال التالي وهو المثال العاشر، خطبة شريفة خطب بها أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) وَسَبَ فيه الخزي والعار علي الطاغيتين أبي بكر وعمر (لعنة الله عليهما) وأكثر من هذا، في هذه الخطبة أمر أمير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) المهاجرين والأنصار وعموم المسلمين بالبراءة من أبي بكر وعمر (لعنهما الله) صراحة، أكثر من هذا أمر المسلمين بأن يلعنوهما صراحة، يروي هذه الخطبة صاحب العدد القوية العالم الكبير المحدث علي ابن يوسف الحلي (رضوان الله (تعالى) عليه) يرويها عن كتاب الإرشاد للمحدث الثقة الجليل محمد ابن الحسن الصفار (رضوان الله (تعالى) عليه)، هذا كان من المحدّثين القدماء صاحب بصائر الدرجات معروف، أول الخطبة الشريفة قوله (عليه افضل الصلاة والسلام) : {ما لنا ولقريش وما تنكر قريش منّا غير أنا أهل بيت شيد الله فوق بنيانهم بنياننا، وأعلى فوق رؤوسهم رؤوسنا، واختارنا الله عليهم فنقموا على الله أن اختارنا عليهم وسخطوا ما رضي الله وأحبوا ما كره الله} ثم واصل أمير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) شكايته من قريش إلى أن قام أبو حازم الأنصاري في وسط الخطبة

امير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه يصرّح بالبرائه من النغلين ابوبكر وعمر ولعنهما ونحن نجبن عن ذلك ؟!!
فقال له : "يا أمير المؤمنين] هنا دققوا[ قال له : يا أمير المؤمنين أبو بكر وعمر ظلماك ؟ أحقك أخذا وعلى الباطل مضيا فإن المهاجرين والأنصار يظنون أنهما كانا على حق وعلى الحجة الواضحة مضيا ]لاشك أنّ هذا السؤال كان سؤالاً محرجاً آنذاك وكان سؤالاً خطيراً أيضاً لأن أمير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) محاط وهو في خطبيه بالمهاجرين والأنصار الذين كان كثير منهم بل أكثرهم يقدسون أبا بكر وعمر (لعنهم الله) ويظنون أنهما كانا على الحق وعلى الحجة الواضحة مضيا كما يصف حالهم أبو حازم الأنصاري مع هذا، مع أنّ الوضع كان على هذه الحال كوضعنا. الآن أكثر المسلمين مع الأسف يعتقدون أنّ أبا بكر وعمر (لعنهما الله) كانا مع الحق وعلى الحجة الواضحة مضياً، أمير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) كان محاطاً بهذه الأكثرية التي تعتقد هذا الاعتقاد الفاسد كما أننا نحن اليوم محاطون بالأكثرية التي تعتقد الاعتقاد الفاسد، ولكن الفرق أن أمير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) في ذلك الآن نطق بالحق ونال من الرجلين بكل صراحة بل وأمر المسلمين بأن يبرؤوا منهما ويلعنوهما، أما نحن فتخلينا عن هذه الرؤية وجبنا، لا نحمل عزم علي (صلوات الله و سلامه عليه) لانحمل شجاعة علي (صلوات الله و سلامه عليه)، ومن يتشجع منّا قليلاً نحن نستأسد عليه ونحاربه فواأسفاه.
انظروا ماذا قال أمير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) وكيف أجاب أبا حازم الأنصاري بماذا أجابه لما سأله "يا أمير المؤمنين أبو بكر وعمر ظلماك ؟ أحقك أخذا وعلى الباطل مضيا فإن المهاجرين والأنصار يظنون أنهما كانا على حق وعلى الحجة الواضحة مضيا ]بماذا أجابه أمير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) مع الظرف الذي بيّناه[ قال : {يا أخا اليمن لابحق أخذا ولاعلى اصابة اقاما ولاعلى دين مضيا ولا على فتنة خشيا، يرحمك الله ]زين سويت أنك سألتني[ يرحمك الله اليوم نتواقف على حدود الحق والباطل
]أخطر ما في هذا المقطع من خطبة أمير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) تكفيره لأبي بكر وعمر أين ؟ بقوله {ولا على دين مضيا} لم يكن لهما دين كانا كافرين بالله العظيم، ثم إنّ أمير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) يؤكّد أنه الآن بصدد التصريح بتبيين الحق من الباطل {اليوم نتواقف على حدود الحق والباطل} وهذا أكده أكثر من مرة في خطبته الشريفة هذه وهي خطبة مطولة يقول مثلاً : {اليوم أكشف السريرة عن حقي، وأجلي القذى عن ظلامتي، حتى يظهر لأهل اللب ]لأهل العقل[ لأهل اللب والمعرفة أني مذلل مضطهد مظلوم مغصوب مقهور محقور وأنهم ابتزوا حقي واستأثروا بميراثي} يصرح أمير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) بلوعته بظلامته والخطبة الشريفة مطوّلة، فيها ما فيها من نكيره (عليه وآله افضل الصلاة و السلام) على أبي بكر وعمر(لعنة الله عليهما) وتعييرهما وذمهما وذكر مواقفهما المعادية للإسلام والمؤذية لخاتم الأنبياء النبي الاعظم (عليه وآله افضل الصلاة و السلام)، يذكر أيضاً نكوصهما عن الجهاد ومخازيهما المختلفة، ثم بعد ذلك كله يأمر أمير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) المهاجرين والأنصار بأن يبرؤا منهما ويغضبوا منهما ويلعنوهما[
فيقول (عليه افضل الصلاة و السلام) في خطبته:" {فتبرؤا رحمكم الله ممن نكثوا البيعتين، وغلب الهوى به فضل]لأنه غلب بهم الهوى فضلوا[ وابعدوا رحمكم الله ممن أخفى العذر وطلب الحق من غير أهله فتاه ]تاه في الظلمات[ والعنوا رحمكم الله من انهزم الهزيمتين ]العنوهما[ والعنوا رحمكم الله من انهزم الهزيمتين إذا يقول الله (تبارك و تعالى):{ إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولهم الأدبار ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة  فقد باء بغضب من الله} ]هذه الآية تنطبق على أبي بكر وعمر (لعنهما الله) الذين ولّيا الأدبار في أحد وحنين وغيرهما اقرؤا تاريخهما الأسود والمخازي[ وقال :{ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين} اغضبوا رحمكم الله على من غضب الله عليهم] اغضبوا على أبي بكر وعمر(لعنهما الله) [وتبرؤا رحمكم الله ممن يقول فيه رسول الله (صلى الله عليه و آله):{ ترتفع يوم القيامة ريح سوداء تخطف من دون قوم من أصحابي من عظماء المهاجرين فأقول أصحابي فيقال يا محمد أنك لاتدري ما أحدثوا بعدك}.. إلى آخر الخطبة الشريفة هكذا كان أمير المؤمنين )صلوات الله عليه و سلامه عليه) ينال بأحد لسان من الطاغيتين أبي بكر وعمر (لعنهما الله) رغم جلالتهما في نفوس المهاجرين والأنصار، ينال منهما إلى حد أنه بعدما يكفرهما يأمر هؤلاء بالبراءة منهما واللعنة لهما وهو يخطب على المنبر على رؤوس الأشهاد.

المثال الحادي عشر من سيرة أمير المؤمنين صلوات الله و سلامه عليه ..
إذاً لننتقل إذن إلى المثال الحادي عشر وهو ما رواه الحافظ رجب البرسي : "أن رجلاً سأل أمير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) عن قوله تعالى : {إن أنكر الأصوات لصوت الحمير} ما معنى هذه الحمير ؟ ]بماذا أجابه أمير المؤمنين(صلوات الله و سلامه عليه) ؟[ فقال له (عليه افضل الصلاة و السلام): {الله أكرم من أن يخلق شيئا ثم ينكره إنما هو أبو بكر وعمر في تابوت من نار وفي صورة حمارين إذا شهقا في النار أنزعج أهل النار من شدة صراخهما ولهذا الله عز وجل أنزل {إن أنكر الأصوات لصوت الحمير}}. يعني أبو بكر وعمر (عليهما لعائن الله (تبارك و تعالى) ) صوتهما يكون مُنكراً في جهنم في تابوت النار، هنا ينال الإمام أمير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) من الطاغيتين أبي بكر وعمر (لعنهما الله) بمصارحته ذاك الرجل أنهما في النار وفي صورة حمارين، وطبيعي أنّ بيان مثل هذا الأمر الذي يمس أعظم شخصيتين مقدستين لدى أهل البدعة، لاشك أنه يمثل استفزازاً إلا أنه استفزاز محمود، عاقبته تحرر المخدوع ممن خدع به، أما المعاند فسواء علينا استفززناه أم لم نفعل فلن يتحرك ولن يهتدي.
المثال الثاني عشر و الروايتان اللتان تنسفان كل تصوّر لوجوب احترام شخصيات و الرموز المقدسه لدى الطوائف الضاله و المنحرفه ..
المثال الثاني عشر تأملوا أيها الإخوة في هاتين الروايتين اللتين سأعرضهما لكم إن شاء الله، هاتان الروايتان تنسفان كل تصور لوجوب احترام الشخصيات والرموز المقدسة أمام الذي يعتقد بها، أو أنه ينبغي أن لا نصدم المعتقد بحقيقة، المعتقد بهذه الشخصيات، نصدمه أنّ هذه الشخصيات التي يعتقد بها أنها شخصيات كفر وضلالة، هذا التصور لا يجوز لنا أن نفعل ذلك، لا ينبغي لنا أن نفعل ذلك لا نصدم هذا الرجل الذي يعتقد أنّ هذه الشخصيات مقدسة المبجلة لا نصدمه بها، هاتان الروايتان اللتان أعرضهما تنسفان هذا التصرّف المغلوط في أنظار الناس، الرواية الأولى رواها أبو الصلاح الحلبي والعلامة المجلسي (رضوان الله (تعالى) عليهما) عن عمارة قال : "كنت جالساً عند أمير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) وهو في ميمنة في مسجد الكوفة وعنده الناس] مجلس علني[ إذ أقبل رجل فسلم عليه ثم قال : يا أمير المؤمنين والله إني لأحبك] العجيب أن أمير المؤمنين(صلوات الله و سلامه عليه) يجيبه بقوله[ {لكني والله ما أحبك} ]لماذا ؟ انظر أمير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) كيف يسأله[ قال له : كيف حبك لأبي بكر وعمر ؟ فقال والله إني لأحبهما حباً شديداً قال كيف حبك لعثمان ؟ قال قد رسخ حبه في السويداء من قلبي ]به.. به.. مفتون أنا بعثمان[ قال (عليه افضل الصلاة و السلام) : {أنا أبو الحسن أنا أبو الحسن} ". اجعلوا هذه الرواية في أذهانكم، ننتقل إلى الرواية الثانية وهذه رواها الكراجكي والعلامة المجلسي (رضوان الله (تعالى) عليهما) من أن رجلاً جاء إلى أمير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) وقال له يا أمير المؤمنين إني أحبك وأحب عثمان فقال (عليه افضل الصلاة و السلام){ أمّا الآن فأنت أعور ]نفس مشايخ الفرقة الوهابية[ أما الآن فأنت أعور، فإما أن تعمى وإما أن تبصر}.

نحن قد جمعنا هاتين الروايتين في مثال واحد لأنهما متقاربتان في المضمون، وتوضحان كيفية تعامل أمير المؤمنين )عليه  افضل الصلاة و السلام) مع من أُشرب قلبه حب الطواغيت من أعداءه، الرجل الأول جاء إليه (عليه افضل الصلاة و السلام) معبراً عن حبه له، لكن أمير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) صدمه صدمة قاسية قائلاً له {لكني والله ما أحبك} يتفاجأ الرجل ويتسائل في قرارة نفسه لماذا ؟  فيسأله أمير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) وهو العليم كيف حبك لأبي بكر وعمر وعثمان (لعنهم الله جميعا) فيبين الرجل بأنه يحبهم حباً شديداً حبهم في السويداء من قلبي فيجيبه أبو الحسن أنا أبو الحسن هذه الكلمة تختزل ما يريد قوله أمير المؤمنين وهو أنه يعرف ما في ضمير المرء، وحيث أنّ في ضميره حب أبي بكر وعمر وعثمان (لعنهم الله) فأن أمير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) لا يحبه لأنه ببساطة محب لأعدائه، كيف يتوقع هذا الرجل من أمير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) أن يحبه وهو يحب أعدائه، لا يجتمع حب أهل البيت مع حب أعدائهم أبداً، كما نطقت النصوص الشريفة بذلك. المهم هنا أنّ أمير المؤمنين (صلوات الله و سلامه عليه) قد صدم هذا الرجل هذا الرجل الذي كان يتوقع من أمير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) أنه على وئام ومحبة مع أبي بكر وعمر وعثمان (لعنهم الله جميعا) وأنهم جميعاً خلفاء راشدون مهديون متحابون متوادون كما هذا التصور الخيالي عند أهل الخلاف، الرجل كان أيضا يتصور هذا التصور فإذا به ينصدم بأن علياً (صلوات الله و سلامه عليه)  يكرههم، يكره أبا بكر وعمر وعثمان (لعنهم الله) ويكره حتى الذي يحبهم ما دام يحبهم أيضا،ا قال له لكني والله ما أحبك وكما صدم الأمير (صلوات الله و سلامه عليه) هذا الرجل صدم الآخر أيضاً، الأخر لما جاءه وقال له أني أحبك وأحب عثمان بماذا أجابه؟ {فأما الآن فأنت أعور إما أن تعمى وإما أن تبصر} إما أن تترك حبي وتحتفظ بحب عثمان فتعمى، وإما أن تترك حب عثمان وتحتفظ بحبي فتبصر، أما أن تجمع بينهما حبي وحب عثمان فأنت أعور يقول أمير المؤمنين (عليه افضل الصلاة و السلام) في رواية مشهورة {لا يجتمع حبنا وحب عدونا في جوف إنسان إن الله عز وجل يقول: {ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه} يحب بهذا قوماً ويحب بهذا قوماً آخرين}.

المثال الثالث عشر ونيل الامام الصادق صلوات الله و سلامه عليه من ابي بكر وعمر لعنهما الله ..
لننتقل إلى المثال التالي وهو المثال الثالث عشر، وهو ما رواه شيخنا ابن شهر آشوب:" أنّ مولانا أبا عبد الله الصادق (صلوات الله و سلامه عليه) أنه كان في مجلس مع جماعة من أصحابه وفي هؤلاء كان جالساً رجل خراساني مخالف ]كان جالساً معهم[ فالإمام الصادق (صلوات الله و سلامه عليه) في ذلك المجلس نال من أبي بكر وعمر لعنهما الله ]فماذا قال ؟ مع علمه بحضور ذلك الرجل الخراساني المخالف في المجلس[ قال عن أبي بكر وعمر (لعنهما الله) : {والله أول من ظلمنا حقنا وحملا الناس على رقابنا وجلسا مجلساً نحن أولى به منهما فلاغفر الله لهما ذلك الذنب، كافران ومن يتولهما كافر}
]يكفّر أبابكر وعمر (لعنهما الله) صراحة ومن الطبيعي أن يتأثر ذلك الخراساني ذلك الرجل المخالف الخراساني الذي كان حاضراً في المجلس، من الطبيعي يتأثر حين يقول الإمام الصادق (عليه افضل الصلاة و السلام) هذا القول إنه يسمع ويرى منه  التكفير الصريح لأبي بكر وعمر (لعنهما الله) بل يسمع منه التكفير الصريح لكل من يتولاهما وهو يتولاهما، طبيعي أن يتأثر يقول راوي الخبر[ وكان معنا رجل من أهل خراسان يكنى بأبي عبدالله فتغير لون الخراساني ]لما أن ذكرهما تغير لونه من الغضب ومن الكراهية وهذه علامة التأثر الشديد من هذا الرجل وكيف لا وهو يجلس في مجلس ينال فيه من أعظم شخصيتين مقدستين عنده، والذي ينال منهما هو أحد أعاظم أئمة أهل البيت (صلوات الله و سلامه عليه) الإمام الصادق، حين رأى الإمام الصادق (صلوات الله و سلامه عليه) تغير لون هذا الرجل الخراساني جبهه بكلمه تفضحه، كشف أنه كان قد فجر بجارية لا تحل له، ومن ثم أحرجه الإمام لأنه لماذا لم يتورع عن ذلك بينما يتورع من سماع النيل من أبي بكر وعمر (لعنهما الله) ؟[
تقول الرواية وكان معنا رجل من أهل خراسان يكنى بأبي عبدالله فتغير لون الخراساني لما أن ذكرهما، فقال له الصادق )عليه افضل الصلاة و السلام) لعلك ورعت عن بعض ما قلنا ؟ قال قد كان ذلك يا سيدي، قال فهلا كان هذا الورع ليلة نهر بلخ حين أعطاك فلان ابن فلان جاريته لتبيعها فلما عبرت النهر فجرت بها في أصل شجرة كذا وكذا، فابتعد الرجل قال قد كان ذلك ولقد أتى هذا الحديث أربعون سنة، ولقد تبت إلى الله منه قال عليه السلام يتوب عليك إن شاء الله ". إذا اهتديت يتوب الله (سبحانه و تعالى) هذا نلاحظ أن النيل من شخصيات مقدسة أدى بنحو ما إلى أن يهتدي ذلك الرجل، لأنه وقف على حقيقة أن الإمام (صلوات الله و سلامه عليه) يعلم الخفاء ما جرى قبل أربعين سنة يعلمه فموقفه هو الموقف الصحيح وأبو بكر وعمر (لعنهما الله) هما على باطل، إذا هذا العمل أو هذا النطق من الإمام الصادق (صلوات الله و سلامه عليه) أدى هذا النيل من هذه الشخصيات المقدسة الزائزة قداسة زائفة، هذا النيل أدى بنحو من الأنحاء إلى أن يهتدي ذلك، مع ملاحظة أنه انضم إلى هذا النيل كشف الإمام لذلك الأمر الغائب إلا أن الأمر المهم هاهنا هو  أن هذا النيل كان مقدمة إلى هذا الكشف وكان تالياً مقدمة إلى تحقق هذه الهداية.

نأتي إلى المثال الأخير وهو المثال الرابع عشر، وهو ما رواه العياشي (رضوان الله (تعالى) عليه) في تفسيره عن أبي عبدالله الصادق (صلوات الله و سلامه عليه) يقول: " دخل علي أناس من أهل البصرة فسئلوني عن طلحة والزبير، فقلت لهم كانا إمامين من أئمة الكفر". أهل البصرة كانوا أنذاك كانوا من المخالفين الشرسين، كانوا يحبون طلحة والزبير حباً جماً، وكانوا يتبركون بزيارة قبريهما، وطلحة والزبير إلى اليوم رمزان مقدسان عند أهل الخلاف يعتبرونهما من العشرة المبشرة بالجنة فهم بذلك من خيرة من يسمونهم الصحابة، مع هذا نجد أن إمامنا الصادق (صلوات الله و سلامه عليه) ينال منهما أمام أؤلائك المخالفين الذين جاءوه من البصرة يسألونه عن موقفه من طلحة والزبير (لعنهما الله) فيقول لهما بكل صراحة وجرأة (كانا إمامين من أئمة الكفر) ولكم أن تتخيلوا كيف تكون ردة فعل هؤلاء حين يسمعون هذا الكلام من الإمام الصادق (عليه افضل الصلاة و السلام)، وكيف سيرجعون إلى أقوامهم قائلين إن جعفر ابن محمد (صلوات الله و سلامه عليهما) يطعن في الصحابة، يطعن في العشرة المبشرة.
هذه ايها الإخوة هذه أمثلة أربعة عشر بعدد المعصومين الأربعة عشر (صلوات الله و سلامه عليهم أجمعين) لاتنحصر الأمثلة والشواهد بهذا العدد فهي أكثر من ذلك إنما نتوقف عند هذا الحد خوف الإطالة، وأتينا بهذا العدد تبركاً بعدد المعصومين (صلوات الله و سلامه عليهم) وهذا القدر كافٍ لتوريث الاطئنان في النفس إلى أن منهج المعصومين (صلوات الله و سلامه عليهم)، كان منهج النيل من الرموز والشخصيات المنحرفة وإن كانت هذه الشخصيات مقدسة معظمة لدى بعض الطوائف الأخرى، التفتوا أيها الإخوة التفتوا إلى أننا أوردنا الأمثلة التي فيها المعصومين (صلوات الله و سلامه عليهم) نالوا من تلك الشخصيات أمام العامة، أمام المخالفين، على رؤوس الأشهاد، على الملأ، وفي هذا جواب على من يزعم في أن أهل البيت (صلوات الله و سلامه عليهم) ما كانوا ينالون من أعدائهم، إلا في مجالس خاصة سراً لا جهراً لا يجهرون أمام ذلك أمام أتباع الطائفة الأخرى. كلا ليست هذه هي الحقيقة الحقيقة هي أنهم (عليهم افضل الصلاة و السلام) متى ما كانت تسنح لهم الفرصة فإنهم كانوا ينطقون بالحق أمام الطائفة الأخرى، وإن آذى هذا مشاعرها أو سبب لها امتعاضاَ أو كراهية كما أوضحت الرواية الشريفة التي ذكرناها، ولماذا فعل الأئمة ذلك ؟ لأن الحق أولى أن يراعى من مشاعر بعض الناس، ولابد من احقاق الحق وإبطال الباطل، وإبطال الباطل يقتضي إبطال الشخصيات التي يتشخص بها الباطل وإن عظمت في أعين الغير، هذا وصلى الله على سيدنا محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين ولعنة الله على قتلتهم واعدائهم ومنكري فضائلهم ومناقبهم اجمعين الى قيام يوم الدين .. آمين

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp