البحوث القرآنية (8) 

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp
البحوث القرآنية (8) 

اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الغوي الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم

القول مني في جميع الاشياء قول آل محمد )عليهم السلام( فيما اسروا وفيما اعلنوا وفيما بلغني عنهم ومالم يبلغني الحمد لله رب العالمين وافضل الصلاة وازكى السلام على المبعوث رحمه للخلائق اجمعين سيدنا محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين ولعنة الله على قتلتهم واعدائهم اجمعين الى قيام يوم الدين .. آمين

كان كلامنا في رد من قال بالصرفة في تفسيره لإعجاز القرآن الحكيم ، والصرفة على مافسرنا هو قول القائل أنّ القرآن صحيح أنه كتاب فصيح بليغ الا انه لم يخرج عن نطاق قدرة البشر في فصاحتهم وبلاغتهم على ان يأتو بمثله ، فعدم الاتيان بمثله حتى الآن هو يرجع الى أن الله (تبارك وتعالى) صرف البشر عن الاتيان بمثله .  فكانت قوة خارجيه هي التي تدخلت ومنعت الاتيان بمثل القرآن الحكيم ، لا أنّ القوة في القرآن ذاتيه في الفصاحه والبلاغه والنظم والتركيب بما لم يسع احدا على أن يأتي بمثله في الفصاحه والبلاغه والنظم والتركيب

رددنا على من قال بالصرفه بردود قلنا اولا انه لو كان هذا حقا لؤثر عن العرب عدم اقتدارهم على التعبير منهم على عدم الاقتدار على معارضة القرآن ومقابلته لطارئ طرأ عليهم ، مثلا كي يقولوا فيما بين انفسهم نريد أن نعارض القرآن لكن يبست ايدينا ، انعقدة السنتنا ، صرفنا صارف ما .  لكننا لانجد من العرب وممن حاول معارضة القرآن شيئا من هذا الاعتراف ، انما نجد اعترفا بعجزهم عن الاتيان بمثل القرآن لكونه خارج مقدورهم وانه اعلى من أن تبلغه اذهانهم وقرائحهم.

 قلنا كذلك أنه لو اعتذر المعتذر من القائل بالصرفه أنّ عدم الأثر من عن هؤلاء العرب في هذا الشأن يرجع الى أنه ماشعروا بأنهم مصروفون قلنا لازم ذلك أنهم لا يشعرون ايضا بأن للقرآن مزيه على كلامهم ، فكان ينبغي أن يؤثر عنهم مثلا انهم حين جابههم النبي الاعظم (صل الله عليه وآله وسلم) او تحداهم بالقرآن أن يقولوا أنّ كلامنا وخطبنا واشعارنا لاتقصر عن قرآنك هذا ، لكن شيئا ايضا لم يرد من في هذا الشأن ولذا يبطل القول بالصرفه .

الدليل العمدة في ايضاح بطلان الصرفة ..

وقلنا كذلك لو كانت الصرفه حقا لكان ينبغي أن يؤثر مافي معناها عن  النبي الاعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) والمعصومين الاطهار (صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين) لكنا لانجد شيئا من ذلك . وقلنا ايضا إنّ من اهم مايرد القول بالصرفه هو لعله الدليل العمده ، أنا نجد في الآثار والاخبار انهم قد انجذبوا للقرآن الكريم انجذابا شديدا وأقروا على انفسهم بأن هذا القرآن فوق مستوى البشر وما ذلك الا لأنهم رأوا فيه عذوبة الالفاظ واناقتها وروعة التركيب والاسلوب والنظم وعمق المعاني البليغه .  هذا هو ماجذبهم تلقيئيا للقرآن وجعلهم بمثابة الاسرى له ، أسرهم القرآن فكانوا لايتمكنون أن يبعدوا انفسهم عنه . ولذا قاوموه بالسيف ، رفعوا السيف لمحو هذا القرآن ، رفعوا السيف محاولة منهم لقتل هذا القرآن ووأده ، أو اتبعوا اساليب اخرى كرميه او وصفه السحر ، فلماذا ؟ وصفوه بالسحر لأنهم وجدوا فيه من عمق المعاني وأناقت الالفاظ والعذوبه مالم يجدوا له نظيرا .  وما اقروا به على انفسهم انه فوق مستواهم ، وفوق ما تناله اذهانهم وقرائحهم ، فلا يتمكون أن يأتو بمثله ، هذا اعظم دليل على بطلان القول بالصرفه فضلا عمن تقدم وهنا نأتي بشواهد على هذا الذي نقول .

الشاهد الأول على اعترافهم بعدم القدرة على بلوغ القرآن العظيم ..

نبدأ بشاهد على مدى جاذبة القرآن الحكيم وكيف انه كان يأسرهم بسبب روعة نظمه وتركيبه ، روى ابن اسحاق عن الزهري قال أن اباسفيان ابن حرب وابا جهل ابن هشام والأخنس ابن شريق : " خرجوا ليلة ليستمعوا من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يصلى من الليل في بيته  [ كان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) عادته انه يقيم الليل وكان ذلك حتى في مكه المباركة ] وكان حين يقوم الليل في بيته يتمكن الناس من أن يستمعوا لصوته [ لأن بيوت مكه كانت متلاصقه والصوت فيها يسري ]  يقول فأخذ كل رجل منهم مجلسا يستمع فيه كل واحد من هؤلاء الثلاثه ابوسفيان (لعنه الله) وابوجهل (لعنه الله) والاخنس (لعنه الله) هؤلاء كل واحد ذهب وجلس في زاوية ما في ظلمة الليل قرب منزل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى يستمع ماذا يقول النبي الاعظم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) في صلاته كيف يقوم الليل فأخذ كل رجل منهم مجلسا يستمع فيه ، وكل لايعلم بمكان صاحبه ، كل واحد من هؤلاء لايعلم بمكان الصاحب الآخر فكأنه جاء في زاويه ما أو غطى نفسه ولم تكن اناره في الليالي ، وكان من السهل أن لايكتشف مكان المرء ، فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا . الى أن طلع الفجر طوال الليل ، كانوا يستمعون للقرآن الحكيم الذي يتلوه النبي الاعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) في قيام الليل الى ان طلع الفجر فتفرقوا فجمعهم الطريق ، بعدما طلع الفجر جمعهم الطريق فتلاوموا . كل منهم لام الآخر ، وقال بعضهم لبعض لاتعودوا فلو رآكم بعض سفهائكم لأوقعتم في نفسه شيئا ثم انصرفوا.

 لما التقوا بالطريق قالوا لبعضهم بعضا لاتفعلو لاتكرروا هذه الفعله ثانيه ، لاتسترقوا السمع ولاتجلسو قرب منزل الاعظم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى تستمعوا لقرآنه ، لأنه إذا رآكم بعض سفهائكم يعني عبدكم بعض اتباعكم ليس من اشرافكم ، لأن هؤلاء ابوسفيان وابوجهل والأخنس ابن شريق (لعنهم الله) كانوا يعتبرون انفسهم من علية القوم ، من كبار رموز العرب ، من كبار رموز اهل مكه فإذا رآهم الآخرون هكذا انهم كانوا يجلسون طوال الليل الى الصباح الى ساعة طلوع الفجر حتى يستمعوا من هذا الرجل اعاجيب الكلام لوقع في نفس هذا التابع ، او هذا الاقل شيئ انه هؤلاء اشرافنا وعظمائنا هكذا يأسرهم كلام هذا الرجل فيقع في نفسه شيء فيصدق بنبوة النبي الاعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) فيؤمن بالقرآن وهذا مالا نريد فلذلك تلاوموا وقالوا اياكم أن تكرروا ذلك ]
وقال بعضهم لبعض لاتعودوا فلو رآكم بعض سفهائكم لأوقعتم في نفسه شيئا ثم انصرفواحتى إذا اتت الليله الثانيه عاد كل رجل منهم الى مجلسه فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا [ مع انهم لاموا انفسهم في الليله الماضيه ، إلا انهم ثلاثهم كل رجل منهم عاد الى نفس مجلسه وضل يستمع الى قرآن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الى الفجر ، ماذا ينبؤنا هذا ؟ انهم ما استطاعوا مقاومة القرآن وهذا مانسميه الانجذاب العجيب للقرآن . إنّ القرآن له جاذبيه وهذه الجاذبيه كاشفه عن كونه في القمه ، بل قمة القمه في الفصاحه والبلاغه ، وإلا إذا كان كلاما عاديا او كلاما لايرون فيه مزيه على كلامهم وبمقدورهم أن يأتو بمثله لكنه صرفهم صارف ، لو كان الامر هكذا لما وجدنا منهم مثل هذا الانجذاب العجيب ، كانوا ينجذبون ولايستطيعون أن يقاوموا هذا القرآن مع انهم من الاشراف ، ولايريدون احد أن يراهم حتى يقتنع بنبوة خاتم الانبياء وسيدهم (صلى الله عليه وآله وسلم) ، ويقتنع أنّ هذا القرآن ليس من صنع البشر ، وأنه من الله خالق الاكوان ، فلذلك كانوا يرجعون ثانيه في الليله الثانيه مع انهم تلاوموا بالأمس  ]

حتى إذا اتت الليله الثانيه عاد كل رجل منهم الى مجلسه فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا فجمعهم الطريق فقال بعضهم لبعض ماقالوا اول مره ثم انصرفوا  [مره اخرى تلاوموا وأنه لاتعودوا لمثل هذا وانصرفوا حتى لايغتر سفهائكم]  حتى إذا كانت الليله الثالثه [هذا حتى تتبين لكم قوة القرآن وجاذبيتيه وكيف أنّ اعدائه كانوا نستطيع أن نعبر يعجبون بسماعه فلايستطيعون مقاومته ، ويضلون في الليالي يذهبون الى قرب مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى يستمعوا شيئا من هذا القرآن الحكيم ، كما قالت الجن : { انا سمعنا قرآنا عجبا } ]،اخذ كل رجل منهم مجلسه فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا فجمعهم الطريق فقال بعضهم لبعض لا نبرح حتى نتعاهد ان لانعود [ لابعد الآن صارت فوضى ثلاث مرات نتفق على أن لانعود ونعود ، يأسرنا هذا القرآن ونريد الاستماع اكثر فلذلك علينا أن نجري الآن معاهده نحن الثلاثه ابوسفيان وابوجهل والأخنس ابن شريق (لعنهم الله) ، نتفق على انه لانعود لذلك مره اخرى ونتعاهد على ذلك ]

فتعاهدوا على ذلك ثم تفرقوا فلما اصبح الأخنس ابن شريق –في اليوم الثالث- اخذ عصاه ثم ذهب حتى اتى اباسفيان (لعنه الله) في بيته فقال اخبرني يا ابا حنظله عن رأيك فيما سمعت عن النبي الاعظم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) –ثلاث ليالي يسمعونه- فقال يا ابا ثلعبه والله لقد سمعت اشياء اعرفها وأعرف مايراد بها وسمعت اشياء ما عرفت معناها ولامايراد بها

[ عجيب هذا القرآن سمعت اشياء عرفتها وعرفت مايراد بها ، اشياء اخرى فوق طور عقلي وادراكي لم اعرفها ولم اعرف مايراد بها ]، قال : الاخنس وانا والذي حلفت به كذلك  [ اي انه انا ايضا وقع في نفسي هذا الموقع هزني من الاعماق وتعجبت في الفاظه وفي كلماته ] ، ثم خرج من عنده حتى اتا ابا جهل (لعنة الله عليه) فدخل عليه بيته فقال يا ابا الحكم مارأيك فيما سمعت من النبي الاعظم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) قال ماذا سمعت تنازعنا وبنو عبد مناف الشرف [ نحن وبني عبد مناف تنازعنا الشرف والسياده ورسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من بني عبد مناف] اطعموا فأطعمنا وحملوا فحملنا ،[ اي حملنا  الوفود الحجيج ] واعطوا فأعطينا حتى إذا تجازينا على الراكب صرنا نحن وهم تجازينا على الراكب ،[ صرنا على نفس المستوى بحسب زعمه او حاذينا بعضنا بعضا ] .

وكنا كفرسي رهان ، [فرسان هكذا يتراهن صاحبهما من يسبق الآخر ]قالوا منا نبي يأتيه وحي من السماء  ، [ بنو عبد مناف بعدما كنا نصل الى مستواهم قالوا منا نبي يأتيه وحي من السماء ] ،  فمتى ندرك هذا ؟ والله مانؤمن به ابداولانصدقه فقام عنه الاخنس وتركه " .

هذه الروايه عن ماذا تنبؤنا ؟ تنبؤنا عن جاذبيه عجيبه في القرآن بحيث انه اشراف قريش من الذين كانوا معادين للقرآن ولهذه الرساله مااستطاعوا أن يقاوموه بسبب سحر الفاظه إن جاز التعبير .  فاستأسروا انفسهم له ، اسرهم هذا القرآن بحيث ثلاث ليال يذهبون لكي يستمعو هذا القرآن ويسهرون طوال الليل الى الفجر حتى فقط يقتبسو شيئا من هذا القرآن العجيب ، وهذا كاشف عن أنّ القرآن كما بينا هو معجز من جهة كونه فوق طور البلاغه والفصاحه عند العرب ، خارج عن حدود قدرتهم على أن يأتوا بمثله لأنه فصيح بليغ عجيب التركيب عذب النظم ، لا أنه كان امرا عاديا او أنّ لغته كانت لغه مقدور على مثلها لكنه قد صرفهم صارف لطارء ما طرء عليهم ، لوكان الامر هكذا لما كان ينبغي لهم أن يسهروا ثلاث ليالي طوال من أجل أن يستمعوا لهذا القرآن العجيب ، فإذا في نفس هذا القرآن مزيتا كانوا يلاحظونها فوق كلامهم وهذا يرد القول بالصرفه كما بينا .

شهادة اخرى على بطلان الصرفة ..
نعرض ايضا شهادة يقر بها العدو على نفسه بأن هذا القرآن فوق مستوى كلام البشر واعترافها هذا يرد القول بالصرفه .  لأنه إذا كان الكلام القرآني والخطاب القرآني امرا يرون من انفسهم القدره على أن يأتوا بمثله لكنه قد صرفهم صارف لما كان يبغي منهم أن يعترفوا هذا الاعتراف .  كان ينبغي أن يقولون نعم انه من جملة كلامنا لكننا لانستطيع أن نأتي بمثله ولاندري ما السبب الصرفه تقول هكذا لكن الآثار تقول خلاف ذلك .

لاحظوا هذه الشهاده مثلا التي يشهد بها عدو شرس للإسلام وهو عتبه ابن ربيعه (لعنة الله عليه) والد هند آكلة الأكباد (لعنهم الله جميعا)  روى ابن اسحاق ايضا عن محمد ابن كعب القرضي قال : " حدثت أنّ عتبه ابن ربيعه وكان سيدا [ سيد من سادات قريش ] قال يوما وهو جالس في ناد قريش ورسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم )  جالس في المسجد وحده يامعشر قريش إلا اقوم الى محمد فأكلمه وأعرض عليه امورا لعله يقبل بعضها فنعطيه ايها شاء ويكف عنا [ شنو رأيكم يامعشر قريش اروح للنبي الاعظم محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم) واعرض عليه بعض المزايا ، بعض الاغرائات حتى يكف عنا وعن آلهتنا وتقول الروايه ] وذلك حين اسلم حمزه (صلوات الله وسلامه عليه)[ لأن اعلان اسلامالحمزه والذين بالاصل هو مسلم لكن فقط الاعلان (صلوات الله وسلامه عليه) هد ركن قريش ] وذلك حين اسلم حمزه ورأوا اصحاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) يزيدون ويكثرون فقالوا بلى يا ابا الوليد قم اليه فكلمه [ روح وتفاوض معه قريش قالوا لعتبه ابن ربيعه]

تصرف رسول الله الاعظم مع الرموز المقدّسة الباطلة لدى الضالين ..

فقام اليه عتبه حتى جلس الى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ورسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) جالس في البيت الحرام ، فقال يا ابن اخي انك منا حيث قد علمت من السبطت في العشيره [ السبطة في العشيره اي الشرف في العشيره ، انك شريف درة بني هاشم لؤلؤة عبد مناف انت موقعك في الشرف والمكانه موقع عظيم بيننا ] انك منا حيث قد علمت من السبطة في العشيره والمكان في النسب ــ يعني المكان المرموق في النسب ــ وانك قد اتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم ، [ فكان النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) اول خارق للوحدة الوطنيه المبنيه على باطل لأنه كانت بين اهل مكه وحدة وطنيه ولكن على ماذا ؟ على ذبح الحق واعلاء شأن الباطل ، اعلاء شأن عبادة الاصنام ، مثل هذه الوحده لاتكون محترمه ، وكذلك اليوم الوحده التي تذبح الحق تذبح ولاية اهل البيت ( عليهم افضل الصلاة والسلام ) وتعلَ من باطل اعدائهم وتجعلهم هم سادة الاسلام ، هذه الوحده ايضا مرفوضه من قبلنا . فإذا ماقام قائم وفرق هذه الجماعه وهذه الوحده لاينبغي على احد ان يعترض عليه وإلا فاليعترض على رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) لأنه فرق جماعتهم وسب آلهتهم سفه احلامهم ] وانك قد اتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم  وسفهت به احلامهم وعبت به آلهتهم [ الرموز المقدسه تعاب ، الرموز المقدس الباطله الزائفه تعاب سواء كانت هذه الرموز للمسيحيين لليهود للبكريين المخالفين ايا يكن هذه الرموز لابد أن تعاب هذا من سيرة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ]


وانك قد اتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم  وسفهت به احلامهم وعبت به آلهتهم وكفرت به من مضى من آبائهم فاسمع مني اعرض عليك امورا تنضر فيها لعلك تقبل منها بعضها[ اعرض عليك بعض الامور نتفاوض اغريك ] ، فقال النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم) قل يابن الوليد قال يابن اخي إن كنت انما تريد بما جئت به من هذا الامر مالا جمعنا لك من اموالنا حتى تكون اكثرنا مالا [ إذا كانت الغايه من وراء ادعائك النبوه انك تريد المال الكثير نحن نجمع لك المال ونجعلك اغنانا ] ، وإن كنت تريد به شرفا سودناك علينا حتى لانقطع امرا دونك [ إذا كنت تريد الشرف السياده سودنا جعلناك سيدا علينا حتى مانقطع امرا دونك ما نفعل شيء إلا بعد الرجوع اليك انت السلطان انت الملك ] وإن كنت تريد به ملكا ملكناك علينا [ عيناك بالفعل ملك وجعلنا لك تاجا ]  [ وإن كان هذا الذي يأتيك –وتقول انه جبريل (على نبيا وآله وعليه السلام) وتقول انه وحي ــ رئي تراه لاتستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب وبذلنا فيه اموالنا حتى نبرأك منه [ إن كان هذا الذي يأتيك رئي تراه يعني جنيا تراه جني شيطان يأتيك وانت تراه وهذا يوحي اليك كلاما وأنت تتخيل انه هذا وحي من السماء وانت لاتستطيع دفعه عن نفسك ، إذا كان هكذا الامر اخبرنا نحن نطلب لك افضل الاطباء حتى يعالجون من هذا الجني الذي يأتيك تاجا ] .

وإن كان هذا الذي يأتيك –وتقول انه جبريل (على نبيا وآله وعليه السلام) وتقول انه وحي- رئي تراه لاتستطيع رده عن نفسك طلبنا لك الطب وبذلنا فيه اموالنا حتى نبرأك منه ، فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه او كما قال له [ التابع يعني هذا الجني ربما يغلب عليك ، ربما استحوذ عليك فنحن نطلب لك الاطباء حتى تبرأ من ذلك ] ، حتى إذا فرغ عتبه ــ خلص من كلامه ــ ورسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يستمع منه قال اقد فرغت يا ابن الوليد قال نعم قال فااسمع مني [ الآن انت عرضت مالديك في جولة التفاوض هذه ، الآن اسمع ما اقوله لك ] قال افعل فقال بسم الله الرحمن الرحيم * حم * تنزيل من الرحمن الرحيم * كتاب فصلت آياته قرآن عربيا لقوم يعلمون * بشيرا ونذيرا فأعرض اكثرهم فهم لا يسمعون * وقالوا قلوبنا في أكنه مما تدعونا اليه [ ثم مضى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) يقرأ هذه السورة الشريفه وهي سورة فصلت الى أن تقول الروايه ] فلما سمعها منه عتبه انصت لها والقى يديه خلف ظهره معتمدا عليهما يسمع منه ، [ هذه كانت علامة أنّ الكلام ثقيل عليه يجد له ثقلا بسبب جلالة المعنى ، عظم المعنى فلذلك حس بتعب بإرهاق ولذلك استند على يديه من الخلف الروايه ] فلما سمعها منه عتبه انصت لها والقى يديه خلف ظهره معتمدا عليهما يسمع منه ، ثم انتهى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) الى السجده منها ــ في سورة مفصله ــ ثم قال قد سمعت يا ابا الوليد ماسمعت فأنت وذاك [ هذا الذي عندي من الله (تبارك وتعالى) هذا ردي على عرضك ] .

فقام عتبه الى اصحابه  [ عتبه رجع من المسجد الى اصحابه من طغات قريش ] فقال بعضهم لبعض نحلف بالله لقد جائكم ابو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به  ، [ الوجه اللي راح فيه كان لونه متغير هذا عجيب اكو شيء حصل له اكو كلام هزّ فؤاده هزه من الاعماق ، ماهذه الجاذبيه في القرآن ؟ ماهذه القوة في القرآن ؟ ماهذا السر في القرآن ؟ هذا كله يطرد القول الصرفه إنّ القرآن فيه مزيه ما تجعل هؤلاء يخضعون له ، تتغير الوانهم ، تتغير حالاتهم يخشعون يشعرون بخشوع منه .  حالات تعتري الانسان حينما يستمع القرآن الحكيم وسبحان الله حتى إذا كان لايعرف معناها ، كثير من الناس لايعرف معانيه لكن تجد القرآن يهزّه إذا انصت .  يهزّه هزا معينا كأنّ اوتار قلبه تحرك شيء في النفس ، اصلا اسمعه الى رجل اجنبى لايعرف اللغه العربيه ، وهذا مشاهد مجرب انه حتى هنا في هذه البلاد الغربيه انه بعض الغربيين يستمعون القرآن بنحو ما فيصير عندهم حاله من الانشداد الذهني العجيب ، مع انهم لايعرفون معاني القرآن اصلا لايعرفون ماذا يقال سبحان الله ] .

فقال بعضهم لبعض نحلف بالله لقد جائكم ابو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به ، فلما جلس اليهم قالوا ماورائك يا ابو الوليد ياعتبه ابن ربيعه ؟ قال ورائي اني قد سمعت قولا والله ما سمعت مثله قط  [هنا الشهاده وهنا محل الشاهد ، إنّ العدو كان يعترف أنّ لهذا القرآن مزيه وانه فوق طور البلاغه والفصاحه ، فكيف يُقال بالصرفه ؟ ]  قال ورائي اني سمعت قولا والله ماسمعت مثله قط والله ماهو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانه يامعشر قريش ، [ الكهانه كانت عباره من مجموعه من الكلمات التي فيها من التعقيد والابهام والتنافر والفاظ غير مفهومه ، كانت تلقيها الشيطاين وبعض الجن للكهان للكهنه ، وكانوا يتكلمون فيه هكذا فكانت العرب تعرف هذا النوع من الكلام ، هذا كهانه العرب جدا دقيقين في تصنيف انواع الكلام .  للعلم هذه كهانه هذا مثلا شعر هذا نثر هذه خطابه هذه محاوره وهكذا ]

قال ورائي اني سمعت قولا والله ماسمعت مثله قط والله ماهو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانه يامعشر قريش اطيعوني واجعلوها بي [ يعني خلوها براسي خلوني انا الملام ، يعني اعرفوا هذه الحقيقه هذا الامر سينتصر علينا عاجلا ام آجلا ] وخلو بين هذا الرجل وبين ماهو فيه فاعتزلوه [ خلوه براحته اعطوه حريه لاتصير حروب ، ولو كانوا فعلوا ذلك لحقيقتا ماسفكت الدماء ، لكن المشكله هي هذه كل مجتمع حينما يخرج فيه مصلح ما سواء نبيا او وصيا او عالما صادقا يحمل هم في اصلاح الامه ، اصلاح ذلك المجتمع ، المجتمع يحاربه ويحاول أن يقف ضده ويرفع السيف ويضن بذلك انه ينتصر على دعوته ، ولاينتصر إلا الحق بالنتيجه الحق يفرض نفسه مهما فعلتم لا ينفع أن تحشدوا الحشود وأن تكتبوا الكتائب وأن تقوموا بحروب وتأليبات وحملات ، الحق يفرض نفسه ماكان يضركم أن تتركوا القائل اعطوه الحريه  .  هذا كان اقتراح عتبه ابن ربيعه حقيقه كان اقتراح وجيه لكن قريش لم تأخذ به ] .

وخلو بين هذا الرجل وبين ماهو فيه فاعتزلوه فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت منه –هذا القرآن – نبأ عظيم [ سترون كيف أنّ هذا القول هذا القرآن يهز العالم ، يحرك العالم شرق الارض وغربها .  الآن القرآن هذا يقتحم المجتمعات ، يأسر الأفئده ، يأسر الاذهان . الله اكبر نبأ عظيم ] ، والله ليكونن لقوله الذي سمعت منه نبأ عظيم فإن تصبه العرب [ إذا العرب من باقي القبائل غير قريش غير اهل مكه تصبه يقتلونه ] فقد كفيتموه بغيركم [ ارتحتوا منه بالغير ، مو انتو ما اصبتم منه من دمه من شيء فلاتحدث منازعات بينكم ، لاينشق هذا المجتمع تصير محن وحزازت وثارات بينكم القرشيين لا من غير العرب يقتلونه انتو ترتاحون وتأخذون الديه اصلا منهم  ] ، وإن يظهر على العرب –كما اتنبأ انه سيكون لكلامه نبأ عظيم اي ينتصر عليهم –فملكهم ملككم ]  . 

الفكر الجاهلي هو فكر الملك والسياده وهكذا هذا فكر عتبه ابن ربيعه ، مايفكر انه حق وباطل وانه جنه ونار وأنّ القضيه نبوه لاملك .  هالشكل فكرهم ولذلك حتى لما العباس عم النبي الاعظم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان صديقا ونديما لابي سفيان ( لعنه الله ) قبيل فتح مكه ، راجعوا التواريخ ابو سفيان (لعنة الله عليه) خرج خارج مكه لعله انه يحصل امان من رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، وعلم ابوسفيان ( لعنة الله عليه ) أنّ مكه هذا المعقل سيسقط خلاص في ايدي رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) انتهى الموضوع في مكه سنة 8 من الهجره ، فوقف ابوسفيان ( لعنة الله عليه ) على قارعة الطريق الى مكه ، وفي ضمانة العباس عم النبي الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فشاهد جيش رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعد جيش من كل الجزيره العربيه آمنوا ودخلوا في هذه الدعوه ، وكانوا مدججين بالسلاح لابسين الحديد ، مروا هذه الكتائب على مرأى ابي سفيان ( لعنة الله عليه ) ، فخاطب العباس قائلا والله لقد اصبح ملك ابن اخيك عظيما ، كل هؤلاء يأتمرون بأمر ابن اخيك هذا محمد الذي بيننا وكان مطرودا وملاحقا وكنا نؤذيه ونرمي عليه اجلكم الله القمامه ، وهكذا هكذا يصير ملك الجزيره العربيه يقول (والله لقد اصبح ملك ابن اخيك عظيما فقال له العباس ويحك ليس هو الملك انما هي النبوة ) ، اعقل نبوه ماكو فائده الى آخر يوم ابوسفيان ( لعنة الله عليه ) يعتقد انه ملك ، وأنّ محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) سوى شيء من نفسه ولذلك لما جاء عثمان ( لعنة الله عليه ) وهو من قومه من بني اميه ( لعنهم الله ) جاء الى سدة الحكم ماذا قال ابوسفيان ( لعنة الله عليه ) ؟

قال تلقفوها يا بني اميه تلقف الكره ، فوالذي يحلف به ابي سفيان يعني هبل وغيره مامن جنه ولانار .  كله كذب بنو اميه ( لعنة الله عليهم) مادخل في قلبهم الايمان على اية حال هذا منطق عتبه ابن ربيعه طبيعي ] .

قال وإن يظهر على العرب فملكه ملككم وعزه عزكم  [ إذا هو يظهر على العرب بالفعل ويصير هو السلطان فسلطانه سلطانكم ، هو بالنتيجه من قريش وانتم تستفيدون ، ادخلو معه انتو تتملكون العرب فملكه ملككم وعزه عزكم ] وكنتم اسعد الناس به  [ هذا انا كلامي بعد المفاوضه مع النبي الاعظم( صلى الله عليه وآله وسلم ) ، كل هذا حصل هذا شوفو الانكسار وشعور عتبه ابن ربيعه بأنه لايمكن مقاومة هذا الكلام ، هذا القرآن .  ولذلك عرض على قومه هذا الخيار انه اتركوه خلوه إذا اصابته العرب كفيتموه ، إذا هو انتصر عليهم كنتم اسعد الناس به ، اتركو الموضوع ، اعتزلو هذا الامر .

هذا الانكسار من عتبه ابن ربيعه ماكان ليتحقق لولا انه وجد هذه المزيه والقوه والجاذبيه في القرآن الحكيم ، وانه بالفعل فوق قدرتهم فوق مقدورهم .  لايستطيعون أن يأتوا بمثله ، فإذا يبطل القول بالصرف ]  قالوا لما وجدوا منه ذلك سحرك والله يا ابا الوليد بلسانه [ كانوا يعبرون عن القرآن بلسان سحر ، هذا شنو هالكلام هذا ؟ هذا الذي يسحرنا يهد اركاننا بحيث واحد من عمالقتنا مثل عتبه ابن ربيعه مايستطيع الصمود امام هذا القرآن ؟ ويتنبأ بأنّ لا أحد سيصمد امام هذا القرآن ، والدعوه التي يحملها هذا القرآن هي التي ستفرض نفسها وهذا النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الذي يحمل القرآن هو الذي سيتسيد عاجلا ام آجلا ؟! ] قالوا سحرك والله يا ابا الوليد بلسانه ، قال هذا رأيي فيه فااصنعو ما بدا لكم " .

هذا الشاهد شهاده من عدو للإسلام على أنّ القرآن معجز لنفسه ، لا لصارف يصرفنا عن الاتيان بمثله .  هو نفسه معجز لا نتمكن أن نجاريه لانتمكن من معارضته او الاتيان بحديث من مثله هذه شهاده ، وشهاده اخرى لعلنا لانتمكن بسبب ضيق الوقت من ان نأتي على ذكرها ، وننقل الروايه فيها فنرجأها إن شاء الله تعالى الى الحلقه المقبله وصلى الله على سيدنا محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين ولعنة الله على قتلتهم واعدائهم ومنكري فضائلهم ومناقبهم اجمعين الى قيام يوم الدين .. آمين  

شارك المقال على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp