هل يعارض الشيخ المعصومين عليهم السلام الذين ينهون عن إذاعة أسرارهم؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

بسم الله

كتبت موضوعا سابقا وطلبي من الاخوة ان يعرضوه على الشيخ لاهمية الموضوع وهل الشيخ يجعل لهذه الروايات وزنا بحركته

كيف نقل ائمتنا(ع)

بسم الله الرحمن الرحيم

بدأت الأمة الأسلامية بالأنحراف بعد وفاة النبي (ص) شيئا فشيئا حتى اتسعة الهوة بين الأسلام الحقيقي والاسلام المتداول تحت ظل السلطات وبفترة وجيزة وصل الانحراف الى منعطف خطير بقتل سيد شباب اهل الجنة ابن بنت نبيهم وبتهديم الكعبة قبلتهم وقتل الصحابة وابنائهم في وقعة الحرة , فتربت اجيال على هذا الدين المنحرف وليس من السهل عليهم ان يتقبلوا او يفهموا الدين الأصيل الذي حمله أئمة اهل البيت عليهم عليهم فمن تكلم به بأسلوب غير دقيق تكون النتيجة كارثية على الدين او على نفسه حيث يعرضها للهلاك .

يجب على من يريد ان يتكلم بمنهج اهل البيت ويظهره امام الآخرين بقصد الدعوة او التحدي او اية غاية أخرى يجب عليه ان لا يظهر النتائج الا بعد ان يوضح المقدمات فالكثير من القضايا تحتاج الى مقدمات كثيرة حتى يصل الطرف الآخر الى هذه النتيجة ويقتنع بها او على الاقل يعرف ان لها دليل او يعرف القصد من ذلك والذي ربما يكون مخالف لما يفهمه السامع ..

ولعل بقصة نبي الله موسى (ع) مع الخضر (ع) خير دليل فموسى نبي وعزم على الصبر ويعلم ان الخضر على حق واتبعه لكي يتعلم منه ورغم ذلك حينما رأى النتيجة- خرق السفينة وقتل الغلام وبناء الجدار- ولم يطلع على المقدمات لم يتحمل هذا الامر –ان صح التعبير- وهذه الآية الكريمة تبين لنا اننا امام مشكلة كبيرة في اظهار الحق وكيفية وصوله الى الآخر والطريق الذي يؤدي الى قبوله من الآخرين.

ولذا نرى التركيز من أئمة أهل البيت على هذه الحقيقة وان الذي لم تكن له ضوابط بأظهار مذهب أهل البيت والذي يأخذه الجدال او ان يريد ان يغضب الآخر على حساب الأسائة الى المذهب او بحجة انه حق ولابد ان اتكلم به يكون قاتلا للأئمة قتل عمد لأنهم رمز الدين والقادة فيه ومن يفعل ذلك ينفر الناس من الدين الأصيل ويبعدهم عن الحق ويقتله في نفوسهم وبقتل الدين قتل من نذروا انفسهم لتثبيته وأليكم بعض هذه اللأحاديث عنهم (ع) لعلها تحد من جماح بعض من يتصور انه يحسن صنعى ان كان حقا يتبع تعاليمهم.

الكافي عن أبي عبد الله ( عليه السلام ) قال : ما قتلنا من أذاع حديثنا قتل خطأ ولكن قتلنا قتل عمد|.

الامام الصادق عليه السلام :
(ومن أذاع الصعب من حديثنا ، لم يمت حتى يعضه السلاح أو يموت متحيرا) .

الصادق ((وليس الناصب لنا حربا بأعظم مؤنة علينا من المذيع علينا سرنا ، فمن أذاع سرنا إلى غير أهله ، لم يفارق الدنيا حتى يعضه السلاح أو يموت بخبل \" .

عن أمير المؤمنين عليه السلام ، قال : \" أتحبون أن يكذب الله ورسوله ! ؟ حدثوا الناس بما يعرفون ، وامسكوا عما ينكرون \" .|

عن كميل بن زياد ، عن أمير المؤمنين عليه السلام ، أنه قال في وصيته له : \" يا كميل ، كل مصدور ينفث ، فمن نفث إليك منا بأمر ( فاستره بستر ) ، وإياك ان تبديه ، فليس لك من ابدائه توبة ، فإذا لم تكن توبة فالمصير لظى ، يا كميل ، إذاعة سر آل محمد عليهم السلام ، لا يقبل الله تعالى منها ، ولا يحتمل أحد عليها ، يا كميل وما قالوه لك مطلقا فلا تعلمه الا مؤمنا موفقا ، يا كميل ، لا تعلموا الكافرين من اخبارنا فيزيدوا عليها ، فيبدؤوكم بها يوم يعاقبون عليها \" الخبر|.

بحار الانوار أبو عبد الله عليه السلام : (من أذاع علينا حديثنا هو بمنزلة من جحدنا حقنا)

قال أبو عبد الله ( عليه السلام ) : من أذاع علينا حديثنا سلبه الله الايمان .

الإمام الباقر ( عليه السلام ) : والله إن أحب أصحابي إلي أورعهم وأفقههم وأكتمهم لحديثنا.

عبد الأعلى : سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول : إنه ليس من احتمال أمرنا التصديق له والقبول فقط . من احتمال أمرنا ستره وصيانته من غير أهله . فاقرأهم السلام وقل لهم : رحم الله عبدا اجتر مودة الناس إلى نفسه . حدثوهم بما يعرفون ، واستروا عنهم ما ينكرون .

علي بن الحسين عليه السلام : أحبونا حب الاسلام ، فما زال حبكم لنا حتى صار شينا علينا.

بيان : لعل المراد النهي عن الغلو ، أي أحبونا حبا يكون موافقا لقانون الاسلام ولا يخرجكم عنه ، ولا زال حبكم كان لنا حتى أفرطتم وقلتم فينا ما لا نرضى به ، فصرتم شينا وعيبا علينا ، حيث يعيبوننا الناس بما تنسبون إلينا .(كلام المجلسي)

معد البطاط


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين
ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أجاب الشيخ بالآتي:

أولاً: الاستشهاد المذكور بقصة موسى والخضر (عليهما السلام) ليس في محله، فإن روايات آل محمد (عليهم السلام) نطقت بأن موسى (عليه السلام) كان عالماً بل أعلم من الخضر (عليه السلام) بكل ما يجري، لا أنه لم يتحمّل واقعاً كما قد يتوهّم بعض ضعاف التحقيق والتحصيل. وما جرى بينهما مما حكاه القرآن الحكيم كان على سبيل التمثيل والتصوير لإفهام الغير. قال الصادق عليه السلام: ”كان موسى أعلم من الخضر“. (تفسير العياشي ج2 ص330)

وللناقض أن ينقض إطلاق الفرض بوجوب عرض المقدّمات بسيرة إبراهيم (عليه السلام) الذي كسر أقدس مقدّسات قومه بغتة بلا مقدمات. وقد أمر الله تعالى بالتأسي به في ذلك حين قال: ”قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ! كَفَرْنَا بِكُمْ! وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ“! فتأمل في هذه اللهجة الشديدة.

فالصواب عدم الإطلاق، فللمقدّمات محلها بحسب مقتضيات الحكمة، وكذا للصدمة الإيقاظية محلها بحسب مقتضيات الحكمة. فلا تخلط بدعوى الإطلاق.

ثانيا: الأحاديث الشريفة المنقولة إنما هي مقيّدة بظرف التقية والخوف، وليس لها إطلاق زماني أحوالي، فالذي أتى بها في مقام الاعتراض على الصادعين بالحق أتى بما لم يفهم! ولو أنه راجع قليلاً لوجد هذه الأحاديث في وسائل الشيعة تحت باب عنوانه: ”باب تحريم إذاعة الحق مع الخوف به“. أي أنها مقيّدة بذلك الظرف فقط.

ولو أُخِذَت تلك الأحاديث على إطلاقها وقيل بجريان الأوامر الواردة فيها في زماننا لكان محرّما علينا ذكر أي حديث عن آل محمد عليهم السلام، لأن الإمام الصادق (عليه السلام) يقول: ”من أذاع علينا حديثنا هو بمنزلة من جحدنا حقنا“! (الكافي ج2 ص370) فيكون بذلك جميع علمائنا المحدّثين الذين صنّفوا الكتب والموسوعات ونشروا بها أحاديث آل محمد (عليهم السلام) مرتكبين للحرام جاحدين بل نواصب قتلة!

كمثال: إن شيخنا الكليني (رضوان الله تعالى عليه) صنّف كتاب الكافي وملأه بأحاديث آل محمد (عليهم السلام) بما فيها أحاديثهم في أعدائهم التي توجب حنق المخالفين، وكان ذلك في زمان التقية فيه أشد من زماننا بلا خلاف. أفلا تورّع الكليني وكتم أحاديث آل محمد عليهم السلام؟! ولماذا دوّنها ونشرها؟! ولماذا لم يقم وزناً لأحاديث تحريم الإذاعة؟!

والجواب واضح، فإنه وكذا سائر المحدّثين كالصدوق والطوسي ومن تلاهم من المتقدّمين والمتأخرين عليهم رضوان الله تعالى، علموا بأن تحريم إذاعة ونشر الأحاديث المعصومية مقيّد بظرف التقية والخوف ليس إلا، لا أن له إطلاقاً أحوالياً، ولو أنهم جميعاً كتموا الأحاديث لما وصل إلينا اليوم حديث واحد! ولضاع هذا التراث العظيم ولفقدته الأجيال إلى غير رجعة!

ويدلّك على أن تحريم الإذاعة مؤقت بزمنه، أن الإمام الجواد (صلوات الله عليه) أجاز في زمنه نشر الأحاديث التي كتمها الشيعة للتقية، وما ذلك إلا لارتفاع شيء من التقية في زمنه. فعن محمد بن الحسن بن أبي خالد شينولة قال: ”قلت لأبي جعفر الثاني عليه السلام: جُعلت فداك؛ إن مشايخنا رووا عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام وكانت التقية شديدة، فكتموا كتبهم ولم يرووا عنهم، فلما ماتوا صارت الكتب إلينا. فقال عليه السلام: حدّثوا بها فإنها حق“. (الكافي ج1 ص53).

إن هذا الحديث الشريف يوضّح أن الشيعة التزموا بأوامر الإمامين الباقر والصادق (عليهما السلام) في كتمان أحاديثهم وعدم إذاعتها ونشرها، لأن في تلك الأحاديث ما يستفزّ الأقوام الأخرى، ولذا كتموها تقيّة منهم. ولمّا جاء زمان الإمام الجواد (عليه السلام) أمر بعدم الكتمان وبنشر تلك الأحاديث لأنها حق يجب نشره، وهذا هو الأصل، ولم يسقط إلا لفترة مؤقتة هي فترة التقية والخوف وقد انقضت. فكذلك الحال في زماننا.

وليس من الصواب أن ينصب العامي نفسه في مقام الفقيه فيأخذ بعض الأحاديث - كهذه المنقولة - دون فهم لظروفها الموضوعية ويرتّب عليها الأحكام ويقول للناس: ”توقفوا! لا تذيعوا أحاديث وأسرار آل محمد عليهم السلام وإلا كنتم كمن قتلهم قتل عمد“!

إنه لو فُتح هذا الباب لكل من هبّ ودبّ لصار دين الله ألعوبة بيد الجاهلين! ولحرّم جهلة الناس مجرد ذكر فضائل علي وفاطمة (عليهما السلام) لأن الإمام الصادق (عليه السلام) يقول أيضاً: ”إياكم وذكر علي وفاطمة عليهما السلام فإن الناس ليس شيء أبغض إليهم من ذكر علي وفاطمة عليهما السلام“! (الكافي ج8 ص159) بل لحرّم جهلة الناس التختّم في اليمين الذي هو علامة المؤمن الشيعي ولأوجبوا التختّم في اليسار الذي هو علامة الناصبي! لأن الإمام العسكري (عليه السلام) قال لشيعته في سنة ستين ومئتين: ”أمرناكم بالتختم في اليمين ونحن بين ظهرانيكم، والآن نأمركم بالتختم في الشمال لغيبتنا عنكم، إلى أن يظهر الله أمرنا وأمركم، فإنه من أدلِّ دليل عليكم في ولايتنا أهل البيت. فخلعوا خواتيمهم من أيمانهم بين يديه ولبسوها في شمائلهم! وقال عليه السلام لهم: حدّثوا بهذا شيعتنا“! (بحار الأنوار ج78 ص373 عن تحف العقول).

كلا! إن تشخيص التكليف في مثل هذه الموارد إنما هو بيد أهل الفقه والعلم والتحقيق، ومن صرف عمره في تحصيل العلوم الدينية والتمنهج بمنهاج آل محمد صلوات الله عليهم. فلا تكن إلا مع هؤلاء تربح.

مكتب الشيخ الحبيب في لندن

ليلة 28 ذي القعدة 1430


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp