أشرتم إلى الصلاة في إحدى محاضراتكم فوددت اطلاعكم على مقالٍ لي حولها

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

السلام عليكم شيخنا
قد اشرتم للصلاة بهذه الحلقة فوددنا ان نهديكم هذا المقال المتواضع من كتابتنا حول الصلاة

لماذا لا يشعر اكثر الناس بمتعة الصلاة ومدى قيمتها اهميتها ودورها الإيجابي ويجدونها ثقلا وعبئا

بسم الله الرحمن الرحيم
وصل اللهم على محمد وآله الطيبين الطاهرين
واللعن الدائم الأبدي على أعداء الدين

طبعا هذا التساؤل بعنوان الموضوع كما يقال تساؤل قديم جديد
فاكثر المسلمين حقيقة لنكون صادقين لا يشعرون بلذة تكاد تذكر بالصلاة
ولا يشعرون بجداوها ولما يفعلونها
واتحدث هنا عن الملتزمين بأداء الصلاة وليس مثلا تاركي الصلاة او المتقطعين في اداءاها
فياترى ماسبب ذلك
وهل اصلا مفترض أن للصلاة لذة وشعور بالمنفعة نجده منها
يعني هو ده الاصل هو ده الديفولت مثل مابنقول
ولا هي مجرد واجب له احترامه ولكن لا لذة فيه ولا متعة ولا شعور بالمنفعة

حقيقة وصدقا الصلاة اصلا كما ينبغي كما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وآله
كما كان يؤديها اهل البيت عليهم السلام
فيها شعور ذاتي بالنفع واللذة والمتعة
هذا للحق والصدق فعلا
لكن اكثر المؤدين للصلاة عن ذلك الشعور غافلون
فلماذا اذا لا يشعر الكثرية بها

لنعرف السبب وكمقدمة لفهمه دعونا نمر سريعا على قضية اهل البيت عليهم السلام
فلا شك انهم ثقل القرآن (إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وأهل بيتي)
ومنزلتهم بالاسلام ولدى المسلمين منزلة عظيمة رفيعة
هذا بالاتفاق
ومن هنا يبرز سؤال موازي لسؤالنا حول الصلاة
إذا كان اهل البيت عليهم السلام بتلك المنزلة العظيمة في الامة منزلة عظمة الصلاة من سائر العبادات
فكيف إذا قتلهم بني أمية النواصب وكيف لم يهب اكثر المسلمين لنصرتهم ضد بني امية وعظمتهم ومكانتهم هي ماهي في الامة الإسلامية !!
الإجابة بكل بساطة هي أن صحيح عظمة اهل البيت عليهم السلام لها حقيقة علمية نصية ولها حقيقة مادية ملموسة فطرية لكن الناس هم من فقدوا القدرة على الشعور بها للأسف الشديد
وذلك نتيجة لنقص الايمان نقص الدين نقص نخوة الايمان اخوتي اخواتي
فلم يعودوا يشعروا بتلك العظمة في اهل البيت بل لم يعودوا يكترثون بها ويهونها في انفسهم
فهل علمتم الآن جواب سؤال البكرية صحابة وشهدوا مع رسول الله صلى الله عليه وآله كل تلك المعاجز والكرامات والانوار والعظمات ويرتدون بعد وفاته لا يطيعون لوصيه الشرعي الامام علي عليه السلام
كيف يجدر بنا أن نصدق ذلك
حبيبي اخي البكري تراه المشكل مافي عظمة وكرامات ومعجزات النبي واهل بيته صلوات الله عليهم
تراه المشكل بشعور الناس الذي تبلد فافهم
الا ترون بزماننا هذا اخوة ولا اخوة وابوة ولا ابوة وامومة ولا امومة
ومعلوم أن هكذا مشاعر ابوة امومة اخوة الخ غرائز فطرية في الانسان بل يعتادها الناس على المستوى العام وعلى المستوى الشخصي
فلما نجد اكثر الناس لا يؤدونها حقها بل ويصلون لدرجة الكفر بها
اجبني اخي البكري
الا ترون السماء مبنية والأرض مدحية وصوركم فأحسن صوركم وعجائب الخلق من حولكم تشهد لها بخالق واحد صانع قدير
ورغم ذلك الكثير من الناس وباعلى الدرجات العلمية والمادية ينكرون وجوده تعالى
فهل هنا يقال المشكل بالخالق وبمدى إظهاره معاجزه
حبيبي ترى المشكل بهؤلاء الذين فقدوا الشعور فقدوا الاحساس فقدوا القدرة على تذوق الحب
تبلد بعد عنك
هذه هي المشكل

تجرني تلك الأمثلة لذكر نموذج اعظم كلنا نعرفه
وهو رحمة الله تعالى
هل يوجد اعظم منها واوسع منها واكثر فيضانا عنها
لا بالطبع
فاليسئل السائل فكيف لا تشمل البعض اقلها بالآخرة فيؤبدون في العذاب الاليم إلى ما لانهاية
نقول والجواب من القرآن الكريم
قال تعالى
{بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـئَتُهُ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ }البقرة81
صدق الله العلي العظيم
الآية تقول تمعنوا من كسب سيئة ثم ماذا اولئك أصحاب النار مباشرة
لا
تقول بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون
فالعلة في عدم شموله بالرحمة ليس نقصها عند الله او قلتها او او او كيف ذلك وقد رحم غيره دنيا وآخرة بل ورحمه هو سنين في الدنيا دون كلمة شكر
بل العلة هي في تحول سيئته من كثرة حرصه عليها وعمله بها لحائط لغلاف عازل يحيط به من كل جهة حاجبا عنه رحمة الله التي لا تنقطع كحجب كيس الطعام ماء المطر المنهمر عن الطعام

المهم نعود لمحور الموضوع وهو قضية الصلاة
لما بقى ياسيدي بعد مادوشت دماغنا بكل هذا الكلام وبكل تلك الأمثلة لا يشعر اكثرنا بحلاوة الصلاة ومنفعتها على نفسه مباشرة منفعة يجد اثرها ويحسها ويستشعرها في كل مرة يؤدي فيها الصلاة
السبب هو انتم ياجدعان بكل بساطة
ماتخافوش مش هلوم عليكم بعلل تقليدية
انتم لا تخشعون في الصلاة انتم لا تقرأون القرآن مرتلا ليس صوتكم نديا جميلا انت وانتم وانتم
لا
كل ذلك عناصر وعوامل ثانوية لا تأثير لها اصيل ويبقى ويدوم ابدا الا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وماهو بباله
القضية ياجدعان بكل بساطة
تعرفونها من حديث رسول الله صلى الله عليه وآله لبلال رضي الله عنه
حين كان يطلب منه أن يؤذن بالصلاة
ماذا كان يقول له
يقول صلى الله عليه وآله
(أرحنا بها يابلال)

عجيب غريب والله امر هذا النبي
الصلاة التي بها قيام وقعود وسجود فهي مابين ذلك مرات ومرات وخمس فروض باليوم تصير راحة
كيف بدنا نفهم هذا

الإجابة بكل بساطة
هو أن الراحة لا يمكن أن تأتي إلا بعد التعب
هذا هو مربط الشعور بحلاوة الصلاة ومتعتها ومدى تأثيرها الإيجابي بشكل صريح مباشر فوري لا لبس فيه

فمشكلتنا اخوتي اخواتي مشكلتنا ياجدعان بكل بساطة
إننا مابنتعبشي حتى نرتاح بالصلاة
واقصد بـ مابنتعبشي جانبين
وهو
اولا التعب الجسدي البدني والعقلي في طريق تدبير أمور المعيشة
ايه ده ازاي ده ياعم اتراك مجنون لا ترى
كل الناس حتى المصلين يسعون في تدبير امور المعيشة طلابا كانوا وظيفتهم طلب العلم او عاملين بمهن وحرف عملية او فكرية
فكيف تقول أن هذا هو البند الاول من مفهومك مابنتعبشي
نقول
ذلك بأنكم لا تتعبون في طريق تدبير المعيشة وأنتم تحتسبون ذلك عند الله
لا تفعلون هذا لله تعالى ليس غايتكم هو وجه الله
شنو مش فاهم يعني ايه وجه الله
ماكلنا بنعمل لله
لا والله كذب قليلون هم من يعملون لله
فيقصدون بعملهم هذا تحصيل مايتمكنون من القدرة التي يتمكنون بها من الإصلاح في الأرض
سواء قدرة مادية او فكرية او عضلية الخ
وسواء كان اقصى ماحصلوه من القدرة يمكنهم من الإصلاح على المستوى الفردي الشخصي
او على المستوى الجماعي بفروعه المتنوعة كالاخوة والاسرة والاصدقاء وصولا لأعلى المسئولين بالمجتمع والدولة بأكملها
المهم أنك تكون بتستخدم مايوفره لك ذلك العمل من امكانية مالية مثلا في اصلاح في الارض بشكل ما قل او كثر صغر أو كبر
فهذا هو قصد وجه الله تعالى في العمل بالإضافة طبعا للإلتزام بالمعايير الشرعية في اداء ذلك العمل فلا كسل ولا تزويغ ولا رشى ولا اي نوع من المفاسد كائنة ماكانت وإلا فأقلها لن تشعر اصلا بالتعب بأداءه نتيجة لعدم الاخلاص عموما

فوحده ذلك النوع من التعب في تدبير أمور المعيشة بتلك الكيفية التي ذكرنا
هو الذي ينتج تعبا تستلذ بإزالة صلاتك أياه
وبدون وجوده بنفس المعايرين الذي ذكرنا ستفقد الشعور بلذة الصلاة من هذا الجانب الأول
ويتبقى لك فقط الجانب الثاني

الجانب الثاني من التعب
وهو التعب ليس هذه المرة في تدبير أمور المعيشة
بل التعب الناتج عن نذر شئيا من نفسك بكل امكانياتها من وقت وجهد ومال ومواهب لإجراء كلمة الله في الأرض عموما بالكوكب كله لا اقله من المجتمع كله دون مقابل مادي بلا اي مقابل بل لله تعالى وحسب
ولا يخفى مافي هذا الأمر من تعب ومجهود عظيم يستلزم الكثير من الصبر الطويل الجميل
وكما يقول الشاعر
فلن تبلغ المجد حتى تلعق الصبر
فكلمة الله لن تبلغ المجد لن تحصل علو الغرب من فراغ من نوم بالعسل
بل بالجد والصبر عليه والصمود والمثابرة على مواصلته
فإصلاح الناس من اصعب مايمكن والصبر على أمر الناس بالمعروف ونهيهم عن المنكر وتحمل اذاهم في ذلك وعنادهم من أشد مايمكن
خصوصا عندما يكونون اناس غرباء اي لا صلة قرابة بينكم
وخصوصا كلما على مستواك في طلب إجراء كلمة الله (العدل) وصولا لأعلى الأصعدة ولكافة تلك الاصعدة مهما تفرقت وتبعثرت
فوقتها ايضا تشعر بهذا التعب وهو كما يظهر ويبدو تعب اعلى يد من التعب الاول
فإذا صليت وأنت تحمله هو والتعب الاول فوالله هنئيا لك بصلاتك متعة مابعدها متعة ولطف ورقة ورحمة مابعدها لطافة ورقة ورحمة
صلاة تشعر فيها بمصداق قول رسول الله صلى الله عليه وآله
أرحنا بها يابلال

غير كده بدون ايا من التعبين فلن تشعر بأنك صليت اصلا
بل وستستثقل نفسك في كل مرة تريد أن تؤديها فيه
بل وستسأل لما كتبتها علينا يالله وفرضتها افلا يكفي أن تكون مستحبة من شاء فعلها ومن شاء لم يفعل
فهل علمتم الآن لمحة بسيطة عن لذة أهل البيت والأنبياء واولياء والشهداء العبادة
وكيف يجدون لذة اكثر واكثر في عبادة الله
حتى وهم في قبورهم يصلون أي يدعون
والسلام عليكم

العلوي الفاطمي
مدير منتديات مصر الفاطمية


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

شكرا لكم على هذه الجهود المبذولة المباركة، وزاد الله في بصيرتكم وإيمانكم وقوتكم وطاقتكم لخدمة الدين الحنيف ونصرته.

نشكركم على حسن التواصل.

مكتب الشيخ الحبيب في لندن

ليلة 18 ذو القعدة 1431


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp