ما معنى الناصبي؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

السلام عليكم ,,, لقد قلت في احد محاضراتك الاسلامية المباركة بان الناصبي هو من قدم ابي بكر و عمر لعنة الله عليهما على الامام امير المؤمنين صلوات الله عليه و انا اتفق معك في هذا الراي لانني ارى بان اغتصاب الخلافة هو اكبر نصب لال البيت عليهم السلام ...... و لكن ما راي العلماء الاعلام من الشيعة الامامية في التعريف يعني هل بامكان سماحتكم تزويدنا باقوال العلماء الذي يتفقون معكم في هذا الراي مع الرجاء ذكر المصدر.

بوعبدالله.


باسمه تعالى شأنه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. كان المشهور بين المتقدّمين من علمائنا أن منكر الولاية ناصب كافر تترتّب عليه أحكام الكفر، إلا أنهم استثنوا منه المستضعَف، أي الذي يكون من الجهلة العوام الذين لا تكون لهم قابلية التفقه في العقيدة والدين.

ثم أصبح المشهور بين علمائنا المتأخرين الحكم بإسلام منكر الولاية ولو إسلاما ظاهريا فرتّبوا عليه أحكام الإسلام، وهم قد فرّقوا بينه وبين المؤمن الذي يعتقد بالولاية. وتفرّع عن ذلك قولهم بأن المخالف ليس بناصب كافر، وإنما هو الذي يجاهر بعداوة أهل البيت (عليهم السلام) قولا أو فعلا.

من القائلين بنصب وكفر المخالفين؛ الشيخ الطوسي في التهذيب إذ قال: "المخالف لأهل الحق كافر فيجب أن يكون حكمه حكم الكافر إلا ما خرج بدليل".

وبذلك قال ابن إدريس الحلي صاحب السرائر إذ قال: "والمخالف لأهل الحق كافر بلا خلاف بيننا". وكذا المولى محمد صالح المازندراني في شرح أصول الكافي إذ قال: "ومن انكرها - يعني الولاية - فهو كافر حيث أنكر أعظم ما جاء به الرسول وأصلا من أصوله".

كما يقول بذلك الشهيد نور الله التستري في إحقاق الحق إذ قال: "من المعلوم ان الشهادتين بمجردهما غير كافيتين إلا مع الالتزام بجميع ما جاء به النبي (صلى الله عليه وآله) من أحوال المعاد والامامة كما يدل عليه ما اشتُهر من قوله (صلى الله عليه وآله): من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية. ولا شك أن المنكر لشيء من ذلك ليس بمؤمن ولا مسلم لأن الغلاة والخوارج وإنْ كانوا من فرق المسلمين نظرا إلى الإقرار بالشهادتين إلا أنهما من الكافرين نظرا إلى جحودهما ما علم من الدين وليكن منه بل من أعظم أصوله إمامة أمير المؤمنين عليه السلام".

ومنهم الشيخ أبو الحسن الشريف الفتوني العاملي فقد نقل كفر ونصب المخالف في شرحه للكفاية عن المرتضى علم الهدى إذ قال: "وليت شعري أي فرق بين من كفر بالله تعالى ورسوله ومن كفر بالأئمة (عليهم السلام) مع أن كل ذلك من أصول الدين؟ ولعل الشبهة عندهم زعمهم كون المخالف مسلما حقيقة وهو توهم فاسد مخالف للأخبار المتواترة، والحق ما قاله علم الهدى من كونهم كفارا مخلدين في النار، والأخبار في ذلك أكثر من أن تحصى وليس هنا موضع ذكرها وقد تعدت عن حد التواتر. وعندي أن كفر هؤلاء من أوضح الواضحات في مذهب أهل البيت عليهم السلام".

ومنهم أيضا المحقق البحراني صاحب الحدائق حيث قال: "ودليلنا على ما ذكرنا الأخبار المذكورة الدالة على أن الامر الذي يعرف به النصب ويوجب الحكم به على من اتصف به هو تقديم الجبت والطاغوت أو بغض الشيعة ولا ريب في صدق ذلك على هؤلاء المخالفين". وقال أيضا في فصل الطهارة من الحدائق الناضرة: " وأما ما يدل على نجاسة الناصب الذي قد عرفت أنه عبارة عن المخالف مطلقا إلا المستضعف.." وقال في موضع آخر: " كما بسطنا عليه الكلام في كتاب الشهاب الثاقب في بيان معنى الناصب - بكفر المخالفين ونصبهم وشركهم وأن الكلب واليهودي خير منهم". وقد أفرد المحقق البحراني رسالة مفصلة في هذا المطلب أسماها "الشهاب الثاقب في بيان معنى الناصب وما يترتّب عليه من المطالب" فراجع.

ومنهم أيضا السيد نعمة الله الجزائري في الأنوار النعمانية وقد نقل في مصنفه هذا الرأي عن الشهيد الثاني زين الدين العاملي إذ قال: "الذي ذهب إليه أكثر الأصحاب (رضوان الله عليهم) أن المراد به من نصب العداوة لآل محمد (صلى الله عليه وآله) وتظاهر ببغضهم كما هو الموجود في الخوارج وبعض ما وراء النهر، ورتبوا الاحكام في باب الطهارة والنجاسة والكفر والإيمان وجواز النكاح وعدمه على الناصبي بهذا المعنى، وقد تفطّن شيخنا الشهيد الثاني من الاطلاع على غرائب الأخبار فذهب إلى أن الناصبي هو الذي نصب العداوة لشيعة أهل البيت (عليهم السلام) وتظاهر في القدح فيهم كما هو حال اكثر المخالفين لنا".

وعبارة الشهيد الثاني (رضوان الله عليه) نجدها في روض الجنان في باب نجاسة سؤر الكافر والناصب وهي: "والمراد به من نصب العداوة لأهل البيت (عليهم السلام) أو لأحدهم وأظهر البغضاء لهم صريحا أو لزوما ككراهة ذكرهم ونشر فضائلهم والإعراض عن مناقبهم من حيث أنها مناقبهم والعداوة لمحبيهم بسبب محبتهم. وروى الصدوق ابن بابويه عن عبد الله بن سنان عن الصادق (عليه السلام) قال: "ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت لأنك لا تجد أحدا يقول أنا أبغض محمدا وآل محمد ولكن الناصب من نصب لكم وهو يعلم انكم تتولونا وانكم من شيعتنا". وفي بعض الأخبار: "إن كل من قدم الجبت والطاغوت فهو ناصب" واختاره بعض الأصحاب إذ لا عداوة أعظم من تقديم المنحط عن مراتب الكمال وتفضيل المنخرط في سلك الأغبياء والجهّال على من تسنم أوج الجلال حتى شك في انه الله المتعال".

أما من ذهب إلى الحكم بإسلام المخالفين فالصدوق في باب النكاح مِن مَن لا يحضره الفقيه حيث قال: "إن الجهّال يتوهمون ان كل مخالف ناصب وليس كذلك".

والشيخ الأعظم الأنصاري ردّ في كتاب الطهارة على صاحب الحدائق وانحاز إلى القول بإسلام المخالفين وعدم نصبهم. وكذلك معظم المتأخرين من العلماء إذ يرجعون في الواقع إلى مباني ومسلكية الشيخ الأعظم في الأصول والفقه.

أما أدلة الفريق الأول فمستفاضة في الأخبار والروايات عن أهل بيت العصمة (صلوات الله عليهم)، ومنها ما في الكافي عن أبي جعفر الباقر صلوات الله عليه: "إن الله عز وجل نصب عليا (عليه السلام) علما بينه وبين خلقه فمن عرفه كان مؤمنا ومن أنكره كان كافرا ومن جهله كان ضالا".

ومنها ما في الكافي أيضا عن الصحّاف قال: "سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن قوله تعالى: "فمنكم كافر ومنكم مؤمن" فقال عرف الله تعالى إيمانهم بموالاتنا وكفرهم بها يوم أخذ عليهم الميثاق وهم ذر في صلب آدم".

ومنها ما رواه الصدوق في معاني الأخبار بسند معتبر عن معلى بن خنيس قال: "سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: ليس الناصب من نصب لنا أهل البيت لانك لا تجد أحدا يقول أنا أبغض آل محمد ولكن الناصب من نصب لكم وهو يعلم انكم تتولونا وتتبرأون من اعدائنا".

وربما تكون عمدة الأدلة في اعتبار كل مخالف ناصبا ما سبق أن ذكرناه في محاضراتنا وهي رواية ابن ادريس في مستطرفات السرائر عن محمد بن علي بن عيسى أنه كتب إلى أبي الحسن الهادي (صلوات الله عليه) يسأله عن الناصب هل يحتاج في امتحانه إلى أكثر من تقديمه الجبت والطاغوت واعتقاد إمامتها؟ فرجع الجواب: "من كان على هذا فهو ناصب".

غير أن بعض الفضلاء المعاصرين دفعوا ذلك بتضعيف الرواية من جهة كون محمد بن علي عيسى من المجهولين، وهو تضعيف لا يصمد أمام الانجبار بالقرائن المستفيضة المتواترة. وعلى كل حال فإن إطلاق لفظ الناصب على المخالف مطلقا لا إشكال فيه، وإنما يقع الإشكال في ترتيب أحكام النصب والكفر عليه، وهو ما لا يمكن الميول إليه، لا لورود دليل خاص بالمنع وإنما لعدم ورود دليل خاص بالاجتناب أو الاحتراز عنهم، فإن النواصب – على هذا المعنى – كانوا منتشرين في سائر البلاد ولو كانت أحكام النصب والكفر تترتّب عليهم لكان الأمر من الأئمة المعصومين (صلوات الله عليهم) واضحا جليّا في ضرورة اجتنابهم والاحتراز عن مخالطتهم لنجاستهم مثلا، وما أشبه ذلك من المسائل، غير أن ذلك لم يصلنا، ولا يمكن القول بأنه كان من قبيل التقية لأن ثمة أحكاما خاصة بُيّنت في مجالس خاصة كحكم الناصب المحارب، وإن قيل أنها كانت رخصة فنحن نتمسّك بالدعوى في عصرنا فلا نرتّب أثر النصب والكفر عليهم لاتحاد الموضوع والحكم.

كما أن من عمدة ما يُستدل به في مقام أن كل مخالف ناصب؛ ما رواه الكشي في رجاله بإسناده عن ابن ابي عمير عن من حدثه قال: "سألت محمد بن علي الرضا (عليهما السلام) عن هذه الاية "وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة" قال: وردت في النصاب، والزيدية والواقفية من النصاب". وهنا يحكم الإمام الجواد (عليه السلام) بأن هاتين الفرقتين هم من النواصب، مع أنهما أقرب إلى أهل الحق من غيرهما ظاهرا لإيمانهم ببعض أصولنا وأئمتنا عليهم السلام، فكيف لا يكون المخالف الذي لا يؤمن بتلك الأصول ولا يؤمن بولاية الأئمة كلّهم (عليهم السلام) غير ناصب مع أنه الأبعد؟!

غير أنه ينبغي التنبيه مرة أخرى إلى أن اعتبارهم نواصب ليس يقتضي ترتيب أحكام النصب عليهم كلّهم، وإنما نميل إلى تحقيقات بعض العلماء الأعلام من المتقدّمين والمتأخرين الذين جمعوا بين الروايات فجعلوا المستضعف منهم خارجا عن الأثر الحكمي، وهم غالب من في زماننا. وكان مما أسعف العلماء في هذا ورود أخبار مضمونها أن من تشهّد بالشهادتين فهو مسلم، يحقن دمه ويصان ماله وعرضه وتترتّب عليه أحكام الإسلام. وإن كان بعضهم قد ردّ على هذا الاستنباط بالقول أن من شرط الشهادة بالوحدانية بدوا هو الإيمان بالولاية. لكن هذا الحمل لا يخلو من مزيد تكلّف وتضييق كما لا يخفى.

ولقد كان تعبير الإمام المجدد الشيرازي الراحل (قدس سره) الذي ذكره في (من فقه الزهراء عليها السلام – المجلد الثالث) من أنهم كفّار بالموضوع لا الحكم؛ تعبيرا جديدا جامعا يحل المعضلة فقهيا. وقد حكى لي بعض الفضلاء أن للسيد الخوئي تعبيرا آخر هو أنهم كفّار علميا، مسلمون عمليا. غير أني لم أقف بعد على موضعه، ولعلّه سمعه منه شفاهة في درسه.

والحصيلة التي نراها هي أن من علامات النصب: جحد ولاية الأئمة عليهم السلام، اعتقاد إمامة الجبت والطاغوت أبي بكر وعمر (عليهما اللعنة)، معاداة شيعة أهل البيت (عليهم السلام)، معاداة أهل البيت أنفسهم (عليهم السلام). ومن يكون مصداقا لإحدى هذه العلامات فهو ناصب كافر في واقعه وحقيقته عند الله، ومآله إلى النار، غير أنه لا تترتّب أحكام النصب والكفر عليه بل تترتّب أحكام الإسلام عليه إلا القسم الأخير من الذين ينصبون لأهل البيت أنفسهم العداء، فتترتّب عليهم هذه الأحكام والآثار. أما المستضعَف غير المقصّر فمرجع أمره إلى الله سبحانه يوم القيامة، وفي هذا وردت روايات منها ما رواه الكافي بسنده عن الصادق صلوات الله عليه: "من عرفنا كان مؤمنا ومن انكرنا كان كافرا ومن لم يعرفنا ولم ينكرنا كان ضالا حتى يرجع إلى الهدى الذي افترضه الله عليه من طاعتنا الواجبة فإن مات على ضلالته يفعل الله به ما يشاء".

وعلى إخواننا المؤمنين التنبه إلى أن إطلاق الكفر والنصب عليهم ليس موجبا للحرج، لأنهم يروون كما نروي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: "من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية" والمعنى أن من لم يؤمن بولاية الإمام الحق المنصوب من الله في زمانه فقد مات على عقيدة الكفار من أهل الجاهلية، فعلى ماذا يشنّعون علينا بالقول بكفرهم وهم قد حكموا على أنفسهم بذلك في صحاحهم إلا أن يفصحوا عمّن يكون إمامهم في هذا الزمان فنناقش في هل أنه فعلا إمام حق أم إمام باطل وضلالة؟! وعلى ماذا يشنّعون وفيهم الجلّ الذي يعتقد بكفرنا وضلالنا بل ويرتّب أحكاما على ذلك فيهدر دمائنا كما نراه في العراق العزيز اليوم؟! بل شتّان ما بين الأمرين.

كما أن على غيرنا من أهل الخلاف والعامة أن يفهموا أننا مع اعتقادنا فيهم هذا الاعتقاد إلا أننا نرجو لهم الخير ولا نرجو لهم الشرّ ونسأل الله سبحانه لهم الهداية، ولا نجعل اعتقادنا حاجزا عن التعايش معهم أو موجبا للتنافر، بل نحن ندعو للتعايش والتعاون والألفة مع حفظ حق كل طرف في بيان عقيدته وحفظ حق الآخرين في مناقشته فيها.

سلّمكم الله تعالى ووفقّكم لمراضيه. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

19 من ربيع الآخر 1426 للهجرة الشريفة.


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp