لماذا تزوج النبي (صلى الله عليه وآله) بنات أبي سفيان وأبي بكر وعمر؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم

ما الأسباب التي دفعت رسول الله ص من الزواج من بنت أبي سفيان وأبوبكر وعمر؟ كما في روايات الفريقين؟


باسمه عزّ اسمه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. أسعد الله أيامنا وأيامكم بعيد فرحة الزهراء صلوات الله عليها، جعلنا الله وإياكم من الفائزين بولايتها والبراءة من قتلتها وأعدائها.

كانت غايات النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) من الزواج ببعض النساء تتنوّع ما بين: حفظ الدين، إثراء الحركة التبليغية، شلّ زعماء النفاق، إحراج خصوم الدعوة، استمالة قبائل إلى الإسلام، إنقاذ حالة إنسانية، إبطال أعراف جاهلية، إمتحان الأمة، إثابة شخصية.

ففي حالة السيدة الجليلة خديجة الكبرى (صلوات الله عليها) مثلا كانت الغايات: حفظ الدين لضرورة استيلادها فاطمة الزهراء (صلوات الله عليها) التي ستكون وعاء الإمامة في ما بعد. وإثراء الحركة التبليغية لما كانت تتمتع به من وفرة في المال والإمكانات المادية وُظِّفت في تنشيط عملية التبليغ الإسلامي.

وفي حالة جويرية بنت الحارث مثلا كانت الأهداف: استمالة قبيلتها - بنو المصطلق - إلى الإسلام من خلال المصاهرة بعد الحرب الطاحنة الواقعة بين الطرفين، وإنقاذ حالة إنسانية حيث لم يعد لجويرية أحد يرعاها بعد مقتل زوجها وأبيها، وإحراج خصوم الدعوة بإظهار سماحة الإسلام حيث أعتق المسلمون جميع من استرقّوه من رجال ونساء وأطفال بني المصطلق الذين عادوا إلى الحرية لأن المسلمين لم يتقبّلوا أن يسترقوا أحدا من أصهار الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا الإحراج هو الذي دفع الألوف من اليهود إلى اعتناق الإسلام.

أما في حالة رملة بنت أبي سفيان فكانت الغايات: إنقاذ حالة إنسانية حيث قد مات زوجها عبيد الله بن جحش على النصرانية في الحبشة وظلّت هي بلا مأوى سيما وأن أباها كان حينذاك زعيم جبهة الكفر في قريش وقد توعدها بالقتل لإشهارها الإسلام وهروبها منه إلى الحبشة، ولم يرغب أحد من المسلمين في رملة فما كان من الرسول العطوف (صلى الله عليه وآله) إلا أن يضطر للزواج منها، فانضمّ إلى ذلك الهدف هدف آخر وهو إحراج خصوم الدعوة بإظهار سماحة الإسلام.

وأما في حالة عائشة بنت أبي بكر فكانت الغايات: شلّ حركة زعيم من زعماء النفاق وهو أبوها الذي كان يتربّص بالإسلام الدوائر، فقد علم من أحبار اليهود أن النصر سيكون حليف هذا النبي وأنه سيسود جزيرة العرب عاجلا أم آجلا، فطمع أن يكون له نصيب في هذه الدولة كأن ينصّبه النبي واليا على مكان ما أو أن يستخلفه، فجاراه النبي (صلى الله عليه وآله) بالزواج من ابنته حتى يمنّيه أكثر بأنه سيكون له نصيب، فيحيّده ويشلّ حركته ولو مؤقتا لأنه قد صاهره. هذا هدف، وأما الهدف الآخر فهو امتحان الأمة بأمر الله تعالى، إذ لا بد أن تصبح عائشة زوجة للنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) حتى تُفتتن الأمة بما سيقع منها في حربها للوصي الشرعي الإمام علي بن أبي طالب صلوات الله عليهما، ولولا ذلك لما وقع الاختبار إذ أن عائشة إنما استغلت كونها زوجة رسول الله للتأثير على المسلمين وإغوائهم، وقد عبّر عن حقيقة أنها ”فتنة للناس“ رسول الله (صلى الله عليه وآله) نفسه حين أشار نحو مسكنها - على ما اعترف به المخالفون في صحاحهم - قائلا: ”هاهنا الفتنة، هاهنا الفتنة، هاهنا الفتنة، من حيث يطلع قرن الشيطان“! (صحيح البخاري ج4 ص46).

وأما في حالة حفصة بنت عمر فكانت الغايات: إنقاذ حالة إنسانية إذ أنها فقدت زوجها خنيس بن عبد الله في معركة بدر فغدت أرملة منبوذة ضاق ذرعا بها حتى أبوها! فقد قام عمر بعرضها تارة على أبي بكر وأخرى على عثمان ولكنهما كانا يأبيان الزواج منها لخشونتها وحدة مزاجها كما نقله المؤرخون، فأصرّ عمر على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وألحّ عليه أن يتزوجها فقبل صلى الله عليه وآله، وينضمّ إلى هذا الهدف هدف آخر هو شلّ حركة زعيم من زعماء النفاق وهو عمر، على ما شرحناه في حالة عائشة، كما ينضمّ إليهما أيضا هدف ثالث وهو امتحان الأمة أيضا على ما ذكرناه في شأن عائشة، إذ قد وصف رسول الله (صلى الله عليه وآله) حفصة أيضا بأنها فتنة حين وقف على بابها، وأن قرن الشيطان يطلع من هناك! (صحيح مسلم ج8 ص181) وإن حاول المخالفون صرف قصده إلى جهة المشرق بشكل مثير للسخرية!

وفقكم الله لجوامع الخير في الدنيا والآخرة. والسلام. 12 من شهر ربيع الأول لسنة 1428 من الهجرة النبوية الشريفة.



السؤال :

في بيان موقفكم من عائشة بنت أبي بكر ، ذكرتم (فيما مضمونه): أنه إذا كانت هناك انحرافات جنسية عندها بعد النبي ص فهذا لا يتنافى وأنها زوجة نبي ، لأن النبي ص ليس مسؤولا بعد وفاته عن تصرفاتها.

ولكن هذا الرأي ، ألا يجعل على النبي منقصة ، تُسقط قدره عند من هم خارج دائرة الإسلام كاليهود والنصارى ويعتبرونها إحدى المثالب على هذا النبي، مسألة أن زوجة النبي (فضلا عن موقفها العقدي) عديمة الشرف ، فهذه كارثة ، هل النبي يتزوج من منحرفة في الشرف والعفة ، ماذا عن استقامة ذلك البيت؟

ووفقكم الله لما يرضيه


الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين
ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لا أبداً، لا يكون منقصة للنبي (صلى الله عليه وآله) ما دام الشيخ يقول أن انحرافها الأخلاقي وقع بعده، ومعنى ذلك أنه حين تزوجها كانت مقبولة أخلاقياً. على أنها حتى لو كانت حينذاك ساقطة أخلاقيا فلا يلزم منه الطعن في النبي (صلى الله عليه وآله) إذا عُرف سبب إقدامه على الزواج بها، وأنه من قبيل تقديم الأهم على المهم، أو التضحية من أجل الدين والصالح العام. وإلا لكان يتوجه الطعن إلى نبي الله لوط (عليه السلام) الذي عرض بناته على منحرفين أخلاقياً كانوا يلوطون ببعضهم بعضا! وقد حكى الله تعالى ذلك إذ قال: ”وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ ۚ قَالَ يَا قَوْمِ هَٰؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي ۖ أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ“ (هود: 79)

فهل يزوّج نبي بناته من منحرفين عديمي الشرف والعفة؟! الجواب: نعم، إذا كان ذلك تضحية في سبيل الدين والصالح العام. وهذا أخطر من أن يتزوج النبي منحرفة عديمة الشرف والعفة، فأن تتزوج من عاهرة لعلك تستصلحها ليس مثل أن تعطي بنتك وعِرضك الغالي للوطي. فتدبّر جيداً.

مكتب الشيخ الحبيب في لندن
16 ربيع الآخر 1431


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp