ماذا نعني بخلق القرآن؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله رب العالمين و صلى الله و سلم على سيدنا و نبينا محمد و على آله الطيبين الطاهرين ، و اللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم من الأولين و الآخرين

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

تحية إلى الشيخ ياسر الحبيب وفقه الله ..لي بعض الأسئلة أتمنى من سماحته الإجابة عليها ..كما عودنا سماحته بخدمة المؤمنين و الإجابة على أسئلتهم

ماذا نعني بخلق القرآن ؟ و كيف يكون القرآن الذي هو كلام الله مخلوق ؟ و ما رأي العامة ؟

و جزاكم الله عنا ألف خير و بورك فيكم


‏باسمه تعالى شأنه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

في عالم الوجود ليس هناك إلا خالق أو مخلوق، ولا ثالث في البين وإلا كان شركا. فإذا لم يكن القرآن مخلوقا وجب أن يكون خالقا، وهذا باطل ضرورةً إذ ليس ثمة خالق سوى الله تبارك وتعالى، والقرآن وإن كان كلامه إلا أنه مخلوق لأن ما يصدر عن الذات لا يكون هي، فأنت عندما تُصدر كلاما فإن هذا الكلام المتكوّن في الخارج لا يكون أنت، وكذا ما تؤلِّفه من كتب أو مقالات فإنها لا تكون أنت بل غيرك وإن كانت صادرة منك. وعلى هذا فالقرآن الذي هو كلام الله تعالى المؤلف من الحروف والكلمات إنما هو مخلوق محدَث، لأنه إن كان قديما للزم ذلك تعدد القدماء وهو باطل، كما أن القول بأنه غير مخلوق يعني تكذيب الله تعالى نفسه، لأنه ذكر في كتابه مثلا أنه أرسل الأنبياء (عليهم السلام) حكايةً عن الماضي، والفرض أن القرآن كان سابقا متقدّما على خلقهم وإرسالهم فتكون الحكاية عن ذلك قبل وقوعه كذبا تعالى الله عنه.

والمخالفون بجهلهم وضلالهم يقولون بعدم خلق القرآن وأنه كلام الله النفسي الذاتي وليس حادثا ولا قابلا للزوال، هذا مع أن الله تبارك وتعالى يصرّح في كتابه بأنه محدَث مخلوق كما في قوله عز من قائل: ”مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ إِلا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ“ (الأنبياء: 3) وقوله سبحانه: ”وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ“ (الشعراء: 6).

ومقالة المخالفين هذه تجعلهم مشركين، وهم عليها وعليه إلى اليوم اتباعا لأئمتهم أئمة الضلالة، ولو أنهم اتبعوا أئمة الحق الأطهار (صلوات الله عليهم) لما أوقعوا أنفسهم في هذا الشرك، فقد قال مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه: ”يقول لما أراد كونه (كن فيكون) لا بصوت يُقرع ولا بنداء يُسمع، وإنما كلامه سبحانه فعلٌ منه أنشأه ومثَّله، لم يكن من قبل ذلك كائنا، ولو كان قديما لكان إلها ثانيا“. (نهج البلاغة الخطبة 186). وقال إمامنا الصادق صلوات الله عليه: ”إن الكلام صفة محدَثة ليست بأزلية. كان الله عز وجل ولا متكلم“. (التوحيد ص139).

هذا وتفصيل الكلام تجده في دروسنا في الكلام في مبحث الصفات، فارجع إليها.

رزقكم الله وإيانا حسن العاقبة. والسلام.

27 من جمادى الآخرة لسنة 1428 من الهجرة النبوية الشريفة.


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp