ما هو مصدر هذه الرواية (إنه من أعجاز قريش وأذنابها)؟ ولماذا تتمسكون برواية ضعيفة؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

السلام على من أتبع الهدى
واللعنه على من غوى

ما هو مصدر هذه الرواية :

وقالت فاطمة عليها السلام - في بعض كلماتها -: إنه من أعجاز قريش وأذنابها. عن أبي بكر
بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٣٠ - الصفحة ٥١٩

الذي أعرفه أن المجلسي متأخر ينقل هذه الرواية وقد توفي المجلسي سنة 1111 هـ
أي أكثر من 300 سنة فقط

وبينه وبين فاطمة رضي الله عنها وعليها السلام أمد بعيد
أنا أبحث عن سند هذه الرواية في كتب الشيعة أو كتب السنة وإذا كانت في المصدرين فليت لو تتحفونا بهما

ولماذا يتمسك الشيعة برواية ضعيفة لا أصل لها "ولن تجدوا لها سند أصلا" وليس هذا سوى مكابرة والأجحاف منكم في حق الصديقة الزهراء حين تنسبون لها شيء لا يصح عنها بوجه من الوجوه

وشكراً لكم ...


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

وعلى من اتبع الهدى السلام.

بمراجعة الشيخ،

بل الرواية ليست ذات أصل فحسب؛ بل هي مستفيضة، مسندة عندنا وعند مخالفينا بأسناد متعددة، ولكن قد خفي عليك أن ما جاء في بحار الأنوار ههنا إنما كان منقولا بالفحوى لأنه كان استطرادا في الإشارة إلى رذالة أبي بكر لعنه الله، وذلك في خاتمة عنوانها: «خاتمة في ذكر ولادة أبي بكر ووفاته وبعض أحواله». والنقل بالمعنى واضح ههنا من سياق الكلام وعبارة العلامة المجلسي: «في بعض كلماتها».

والعبارة الأصلية هي قول الزهراء صلوات الله عليها في كلمتها لنساء المهاجرين والأنصار لمّا عُدْنها: «استبدلوا الذُّنابى والله بالقوادم؛ والعَجُزَ بالكاهل». وقد كانت عليها السلام في معرض توصيف ما جرى في السقيفة حيث استبدل القوم الذي هو أدنى بالذي هو خير، فعَدَّتْ أبا بكر من الأذناب والأعجاز كنايةً عن رذالته وحقارته؛ فيما عَدَّتْ أمير المؤمنين عليه السلام من القوادم والكواهل كنايةً عن شرفه وعلو مقامه.

وكل هذا الكلام كان إنكارًا منها عليها السلام لما جرى في السقيفة المشؤومة، ولذا صدَّرتْ كلامها بقولها: «ويحهم! أنّى زحزحوها عن رواسي الرسالة، وقواعد النبوة، ومهبط الوحي الأمين، والطَّبِنَ بأمر الدنيا والدين، ألا ذلك هو الخسران المبين. وما نقموا من أبي الحسن؟! نقموا والله منه نكير سيفه، وشدة وطأته، ونكال وقعته، وتنمُّرَه في ذات الله عز وجل». إلى أن أردفت ذلك بقولها: «فرغمًا لمعاطس قوم يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا. أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَـٰكِن لَّا يَشْعُرُونَ، أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّي إِلَّا أَن يُهْدَىٰ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ»؟!

ولهذه الرواية أكثر من مصدر وسند، فلقد أخرجها الصدوق في معاني الأخبار (ج2 ص337) بهذا السند: «حدثنا أحمد بن الحسن القطان قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد الحسيني قال: حدثنا أبو الطيب محمد بن الحسين بن حميد اللخمي قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن زكريا قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن المهلبي قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن سليمان، عن أبيه، عن عبد الله بن الحسن، عن أمه فاطمة بنت الحسين عليهما السلام قالت: لمّا اشتدت علة فاطمة بنت رسول الله عليها السلام اجتمع عندها نساء والمهاجرين والأنصار فقلن لها: يا بنت رسول الله؛ كيف أصبحت من علتك؟ فقالت: أصبحت والله عائفةً لدنياكم؛ قاليةً لرجالكم.. إلخ».

وأخرجها الطبري الإمامي في دلائل الإمامة (ص152) بهذا السند: «حدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد الهمداني قال: حدثني محمد بن الفضل بن إبراهيم بن الفضل بن قيس الأشعري قال: حدثنا علي بن حسان، عن عمه عبد الرحمن بن كثير، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده علي بن الحسين عليهم السلام قال: لما رجعت فاطمة عليها السلام إلى منزلها فتشكَّتْ وكان وفاتها في هذه المرضة، دخلن عليها النساء المهاجرات والأنصاريات عائدات فقلن لها: كيف أصبحت يا بنت رسول الله ؟ فقالت: أصبحت والله عائفةً لدنياكم؛ قاليةً لرجالكم.. إلخ».

وأخرجها الطبري الإمامي في المصدر نفسه (ص128) بسند آخر هو: «حدثني أبو إسحاق إبراهيم بن مخلد بن جعفر الباقرحي قال: حدثتني أم الفضل خديجة بنت أبي بكر محمد بن أحمد بن أبي الثلج قالت: حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الصفواني قال: حدثنا أبو أحمد عبد العزيز بن يحيى الجلود، قال: حدثني محمد بن زكريا قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمان المهلبي قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن سليمان المدائني قال: حدثني أبي، عن عبد الله بن الحسن بن الحسن، عن أمه فاطمة بنت الحسين قالت: لمّا اشتدت علة فاطمة عليها السلام اجتمع عندها نساء المهاجرين والأنصار، فقلن لها: يا بنت رسول الله؛ كيف أصبحت؟ فقالت: أصبحت عائفةً لدنياكم؛ قاليةً لرجالكم.. إلخ».

وأخرجها شيخ الطائفة الطوسي في الأمالي (ص375) بهذين السنديْن: «أخبرنا الحفار قال: حدثنا الدعبلي قال: حدثنا أحمد بن علي الخزاز ببغداد بالكرخ بدار كعب قال: حدثنا أبو سهل الرفاء قال: حدثنا عبد الرزاق. قال الدعبلي: وحدثنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم الدبري بصنعاء اليمن في سنة ثلاث وثمانين ومئتين قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن ابن عباس قال: دخلتْ نسوة من المهاجرين والأنصار على فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله يعدنها في علتها، فقلن لها: السلام عليك يا بنت رسول الله؛ كيف أصبحت؟ فقالت: أصبحت والله عائفةً لدنياكن؛ قاليةً لرجالكن.. إلخ».

وأخرجها ابن طيفور في بلاغات النساء (ص32) بهذا السند: «حدثني هارون بن مسلم بن سعدان، عن الحسن بن علوان، عن عطية العوفي قال: لمّا مرضت فاطمة عليها السلام المرضة التي توفيِّتْ بها؛ دخل النساء عليها فقلن: كيف أصبحت من علتك يا بنت رسول الله؟ قالت: أصبحت والله عائفةً لدنياكم؛ قاليةً لرجالكم.. إلخ».

وأخرجها أبو بكر الجوهري في السقيفة وفدك (ص117) بهذا السند: حدثنا محمد بن زكريا قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن المهلبي، عن عبد الله بن حماد بن سليمان، عن أبيه، عن عبد الله بن حسن بن حسن، عن أمه فاطمة بنت الحسين قالت: لمّا اشتدت علة فاطمة عليها السلام اجتمعت عندها نساء المهاجرين والأنصار، فقلن لها: يا بنت رسول الله؛ كيف أصبحت عن ليلتك؟ فقالت: أصبحت والله عائفةً دنياكم؛ قاليةً لرجالكم.. إلخ».
ونقلها عنه ابن أبي الحديد في شرح النهج (ج16 ص233).

ورواها الطبرسي في الاحتجاج (ج1 ص148) عن سويد بن غفلة قال: «لمّا مرضت فاطمة عليها السلام المرضة التي توفيت فيها؛ دخلت عليها نساء المهاجرين والأنصار يَعُدْنها، فقلنَ لها: كيف أصبحت من علتك يا بن رسول الله؟ فحمدت الله وصلَّتْ على أبيها ثم قالت: أصبحتُ والله عائفةً لدنياكن؛ قاليةً لرجالكن.. إلخ».
ونقلها أيضا الوزير الآبي في نثر الدر (ج4 ص13)، ويوسف بن حاتم الشامي في الدر النظيم (ص481) والنباطي البياضي في الصراط المستقيم (ج1 ص171).

وكل هؤلاء كما ترى متقدمون على العلامة المجلسي بقرون، منهم من هو منا ومنهم من هو من مخالفينا. والرواية مشهورة مستفيضة متعددة الطرق، منها ما ينتهي إلى أئمتنا ومنها ما ينتهي إلى غيرهم. ورجالها متعددون كذلك، فيهم من هو منا وفيهم من هو من مخالفينا. فلا تتهورنَّ مرة أخرى وتزعم أن الشيعة يتمسكون برواية ضعيفة لا أصل لها ولا سند! إنما هؤلاء هم أهل الخلاف الذين مازالوا يتمسكون برواية خرافية لا أصل لها ولا سند حقا؛ لم تظهر إلا بعد مئات من الأعوام، ومع ذلك لا تكاد تجد خطيبًا من خطبائهم لا يذكرها، ولا مؤلَّفًا من مؤلَّفاتهم يخلو منها؛ إذ كان الكلام عن العدل المزعوم للطاغية عمر بن الخطاب لعنه الله. تلك هي خرافة أن الهرمزان قال له: «عدلتَ فأمنتَ فنمتَ»!
هداك الله وأخرجك من الظلمات إلى النور.

وفقكم الله لمراضيه.

مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى

17 ربيع الآخر 1440 هجرية


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp