ما هي علة الخسوف والكسوف في أحاديث العترة عليهم السلام؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

بغض النظر عن الأسباب العلمية، هل نجد علة الخسوف والكسوف في أحاديث المعصومين عليهم السلام؟ وبالخصوص هل نجد أن علة الخسوف هي أن الأرض تتوسط بين الشمس والقمر، فيظهر ظل الأرض على القمر فيظلم. وأن علة الكسوف هي مرور القمر بين الأرض والشمس فتغطى الشمس، في أحاديث المعصومين عليهم السلام؟ إذ وجدنا روايات أخرى لا تذكر القمر في ظاهرة الكسوف، بل تذكر رواية 'حديث البحر مع الشمس' في روضة الكافي أن الشمس تطمس في بحر السماء فتظلم ولم يذكر القمر.


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بمراجعة الشيخ أفاد أنه ينبغي الانتباه إلى أنه من حيث الإجمال؛ فإن الآيات والأحاديث الشريفة التي تذكر الظواهر الطبيعية إنما تفسرها بالماورائيات من حقائق الغيب، فتذكر مثلا كيف تسجد الشمس وكيف يسجد القمر، وكيف تجري الرياح بالملائكة وكيف تنزل الأمطار من عند العرش.. إلى غير ذلك من ماورائيات، لا أن الأحاديث تفسر هذه الظواهر بعللها الطبيعية الكونية الظاهرية، وذلك لأن اللسان الشرعي ليس متصديا لذلك من حيث الأساس، بل هو متصدٍّ لما من شأنه هداية الناس إلى الإيمان والخضوع لعظمة الله تعالى وطاعته والزجر عن معصيته.

يُضاف إلى هذا أن اللسان الشرعي ملتزم بمخاطبة الناس على قدر عقولهم بما تقتضيه الحكمة، ولذلك يكثر استعماله للكنايات والمجاز ترغيبا وترهيبا. دون أن يغلق الباب على المترقّين في مدارج العلم والكمال لمعرفة المراد بها وإدراك كنهها وحل رموزها.

وفي هذا الإطار جاء حديث طمس الملائكة الشمس والقمر في البحر الذي بين السماء والأرض حين الكسوف والخسوف، فمع وجاهة حمل معنى هذا البحر الكوني على الظلام والظل؛ إلا أن الغرض الأساس من نطق الشارع به هو تخويف العباد وبعثهم إلى صلاة الآيات والتوبة إلى الله جل وعلا، ولذلك يقول عليه السلام: «فإذا كان ذلك فافزعوا إلى الله ثم ارجعوا إليه».

ولو أن الشارع اكتفى بذكر العلة الطبيعية لحدوث الكسوف والخسوف لا العلة الماورائية حيث عمل الملائكة؛ ولو أنه صرَّح ولم يستعمل الكناية والمجاز؛ لما تحقق الغرض بالتخويف والبعث، إذ لن يرى البشر في هذه الظاهرة الكونية سوى أمر طبيعي عادي تفرضه حركة الأفلاك، دونما إدراك لسر قضاء الله هذه الآية منذ الأزل في المواقيت المقدّرة، وهو أنه إنذار منه سبحانه لخلقه وتحذير يستوجب الفزع والتوبة إليه فرارا من غضبه وعقابه، فإن هذه هي الآية التي تستوجب الصلاة.

وأما ما ذكرتموه من أن الحديث لم يذكر القمر فغير صحيح، فإن فيه: «فإذا أراد الله عز وجل أن يعظِّم الآية طُمست الشمس في البحر على ما يحب الله أن يخوِّف خلقه بالآية. قال: وذلك عند انكساف الشمس. قال: وكذلك يفعل بالقمر» (الكافي ج٨ ص٨٣).

وفقكم الله لمراضيه.

مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى

9 جمادى الأولى 1441 هجرية


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp