هل كتاب حديقة الشيعة ثابت للمقدس الأردبيلي؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

بسم الله الرحمن الرحيم،
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،

ذكر الشيخ أحاديث ذم الصوفية والتي قد روي أكثرها في كتاب حديقة الشيعة الذي يشكل عليه البترية والصوفية كونه ليس من تأليف المولى أحمد الأردبيلي ويتشبثون في ذلك بإنكار الشيخ آغا بزرگ الطهراني نسبته إلى الشيخ - أو تلميحه إلى ذلك، فكيف يثبت الشيخ نسبة الكتاب لمؤلفه؟

نرجو أن يعرض هذا السؤال على الشيخ في إحدى حلقات درسه حتى يجيب بإطناب، جزاكم الله.


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

جواب المكتب:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لقد كذب هؤلاء في ادعاء أن الشيخ آغا بزرگ الطهراني أنكر نسبة كتاب (حديقة الشيعة) للمقدس الأردبيلي، فإنه لم ينكر هذه النسبة لا تصريحا ولا تلميحا، بل بالعكس لقد أثبت نسبة الكتاب إلى مؤلفه رضوان الله عليه، فيرجى مراجعة كلامه بالكامل في موسوعة الذريعة (ج٦ ص٣٨٥):

2408: حديقة الشيعة

فارسي في إثبات النبوة الخاصة والإمامة، في مجلدين، قد طبع المجلد الثاني منه في الإمامة في بدو سلطنة ناصر الدين شاه (1265) ومرة ثانية في (1279) فيه إثبات إمامة أمير المؤمنين عليه السلام وفضائله ومناقبه وإثبات إمامة سائر الأئمة الطاهرين عليهم السلام. نسخة منه عند السيد أبي القاسم الأصفهاني في النجف تاريخ كتابتها (1078) صرح الكاتب بأنه من تأليف المولى المقدس الورع الزاهد المولى أحمد بن محمد الأردبيلي المتوفى (993) كما صرح به في أمل الآمل واللؤلؤة والبلغة وغيرها أيضا، وصرح المصنف نفسه باسمه في أواخر ذكره لفرق الصوفية عند مشاهدته زيارة أهل أصفهان لقبر أبي الفتوح العجلي. وقد نقل فيه عن سائر تصانيفه كما عيّن مواضعها شيخنا في خاتمة المستدرك (ص 396) ومع ذلك الوضوح لا وجه لإنكار العارف المعاصر في طرائق الحقائق كونه تأليف المقدس الأردبيلي بادعاء أن المقدس نفسه كان من الصوفية فلا يكتب في ذمهم مثل هذا الكتاب. أوله [زيب وآرايش آغاز وانجام نعوت وصفات انبياى عظام واوصياى كرام‌] بدأ بمقدمة فيها بيان الإمامة معنى وأوصافا، ثم شرع في أحوال كل إمام من‌ أئمة المؤمنين عليهم السلام إلى الحجة، وفي أحوال الإمام الصادق عليه السلام الذي كان مبدأ التصوف الإسلامي في عصره. تعرض لبيان أحوال الصوفية وأقوالهم فرقة فرقة، والرد والتشنيع عليهم مفصلا، وقد استخرج هذا الباب بعض معاصري الأردبيلي في حياته وجعله رسالة مستقلة، ذكر خصوصياتها شيخنا في خاتمة المستدرك (ص 395) وقد لخص حديقة الشيعة السيد جلال الدين، وذكرناه في (ج 4 ص 422) بعنوان التلخيص. - انتهى.

فكيف يدعي هؤلاء الكذابون أن الشيخ الطهراني ينكر نسبة الكتاب للمقدس الأردبيلي أو أنه لمح بذلك وهو في الواقع يرد على المشككين ويقول أن نسبة الكتاب إلى مؤلفه واضحة وأنه لا وجه للإنكار؟!

ولقد أشار الشيخ الطهراني إلى ما ذكره شيخه الميرزا النوري في خاتمة المستدرك حول هذا الأمر، ومن المفيد نقل نص كلامه هناك (ج٢ ص٩١) قال:

ومما يناسب هذا المقام - بل يجب التعرض له - بيان صحة نسبة كتاب حديقة الشيعة إليه - كما هو المشهور - وصرّح به في أمل الآمل، وأكثر النقل عنه في رسالته التي ردّ فيها على الصوفية معبّرا عنه بقوله: أورد مولانا الفاضل الكامل العامل المولى أحمد الأردبيلي في حديقة الشيعة. إلى آخره. والمحدّث البحراني في اللؤلؤة، ونقله أيضا عن شيخنا المحدّث الصالح عبد الله بن صالح، والشيخ العلاّمة الشيخ سليمان بن عبد الله البحراني، وغيرهم، قال: فلا يلتفت إلى إنكار بعض أبناء هذا الوقت أن الكتاب ليس له وأنه مكذوب عليه، ونقل ذلك عن الآخوند المجلسي ولم يثبت، والنقّاد الخبير صاحب رياض العلماء كما يأتي.

وهؤلاء الخمسة من أساتيذ هذا الفن وكفى بهم شاهدا، ويؤيد ما ذكروه ما في الكتاب من الحوالة إلى كتابه زبدة البيان في شرح آيات أحكام القرآن (...) ثم إن من عجيب السرقة التي وقعت لبعض من لم يجد بزعمه وسيلة إلى جلب الحطام إلاّ التدثر بجلباب التأليف، وإن لم يكن له حظ في الكلام، أنّه سافر إلى الهند وسكن بلدة حيدرآباد في عهد السلطان عبد الله قطبشاه الإمامي، وصار من خدمه وأعوانه على ما صرّح به نفسه، ثم عمد إلى كتاب حديقة الشيعة فأسقط الخطبة وثلاثة أسطر تقريبا من بعدها، ثم كتب خطبة وذكر بعدها ما حاصله: إن الإمامة من أهم أمور الدين، فوقع في خاطري أن أكتب رسالة على حدة في إثبات إمامة أمير المؤمنين عليه‌ السلام، ونفي الخلافة عن أعدائه بالفارسية - ثم جعلها هدية إلى السلطان المذكور أداء لبعض حقوقه عليه وعلى ولده ومن يتعلق به - ثم قال: رتبتها على مقدمة وباب وخاتمة. وذكر في المقدمة أصلين، وفي الباب اثني عشر فصلا، وفي الخاتمة نكتا متفرقة، وذكر فهرست ما في الفصول، ثم شرع في السرقة من دون تعب ومشقة في تلخيص أو إيجاز أو تغيير عبارة، إلا في مواضع قليلة أسقط بعض الكلمات أو زاده، وأدرج فيه بعض الأشعار.

نعم أسقط في أحوال الصادق عليه ‌السلام تمام ما يتعلق بأحوال الصوفية وذمّهم لميل السلطان إليهم. ثم إنه لما وصل إلى المواضع التي أشرنا إليها أن المولى الأردبيلي أحال المطلب إلى بعض مؤلفاته، رأى أن في إسقاطه إخلالا بالكلام، وفي إبقائه خوف الافتضاح، فلعل الناظر يسأله عن تلك المؤلفات (...) انتهى ما أردنا نقله من هذا الكتاب المسروق الذي من تأمّله لا يرتاب في كون الحديقة للمولى المذكور (...) فمن الغريب بعد ذلك كله ما في الروضات بعد نقل صحة النسبة عن المشايخ الأربعة المتقدمة: وقد نفاها بعضهم - ونقل ذلك عن سمينا المجلسي ولم يثبت عنه - لفقد الدليل عليها، ولكثرة نقله عن الضعاف التي لا أثر لها من الكتب المعتمدة، أو لوجود مضمون الكتاب بعينه في بعض كتب الشيعة الأعاجم المتقدمين - إلا قليلا من ديباجته كما قيل - أو لبعد التأليف بهذا السوق واللسان من مثله، وفي مثل الغري السري العربي.

قلت: أما النقل عن الضعاف فهو كلام صادر عمن لم ينظر إلى الكتاب، ولا عهد له بمؤلفات الأصحاب في هذا الباب، أو لا معرفة له بالسليم والسقيم، والضعيف والصحيح، فإنهم في مقام الرّد على العامة والطعن على أئمتهم، ينقلون عن كتب المخالفين من صحاحهم وتفاسيرهم، وإن كان جميعها عندنا من أضعف الضعاف، وفي مقام ذكر الفضائل والمعاجز يتساهلون في طرقها، ويتسامحون في النقل والأسانيد، غير أنّهم يلاحظون الكتب المنقولة فلا يخرجونهما إلاّ عن المعتبرة منها بالاعتماد على مؤلفها. ومن تأمّل في الكتاب المذكور لا يرى فرقا بينه وبين ما تقدّمه من مؤلفات العلامة وابن شهرآشوب وغيرهما في هذا الباب. مع أن جل ما ينقل عنه مما نقله عنه بعده الأصحاب كصاحب البحار والوسائل، والباقي أيضا من الكتب المعتبرة وإن لم يصل إليهم كمؤلفات عماد الدين حسن بن علي الطبرسي صاحب كامل البهائي وأسرار الإمامة وغيرها.

وأما وجود مضمونه في كتاب آخر، فقد عرفت حقيقة الحال، والبعد الذي ذكره أشبه بكلام الأطفال. فظهر ممّا ذكرناه من شهادة هؤلاء المشايخ الذين هم المرجع في أمثال هذا المقام خصوصا صاحب الرياض، وكذا شيخنا صاحب الوسائل مع ما عرفت من طريقته من شدة تحرّزه عن النقل عن الكتب التي لم يعرف مؤلفها، وجزمه بالنسبة، ونقله منه، مع قرب عهده بالمولى المذكور. وكذا الشيخ سليمان الذي يعبّر عنه الأستاذ الأكبر في التعليقة بالمحقق البحراني، مضافا إلى بُعد الوضع لعدم الدواعي، بل وعدم إمكان النسبة عادة إلى مثل المولى المزبور الذي هو في عصره من رؤساء المذهب وأساتيذ العلماء، ولم تكن تشتبه مؤلّفاته عليهم خصوصا مثل هذا الكتاب الكبير، وقد كان المعروفون من تلامذته في قرب عصرهم كالعالمين الجليلين النبيلين الأمير فضل الله التفريشي والأمير علام، ولما سئل المولى المقدّس عند وفاته عمّن يستحق أن يرجع إليه بعده؟ قال: أمّا في الشرعيّات فإلى الأمير علام، وأمّا في العقليات فإلى الأمير فضل الله. وغير ذلك من القرائن؛ أنه لا ينبغي التردّد في كونه من مؤلفاته.

وسمعت من بعض المشايخ: أنّ أصل هذه الشبهة من بعض من انتحل التصوّف من ضعفاء الإيمان لما رأوا في الكتاب من ذكر قبائح القوم ومفاسدهم، مع ما عليه مؤلفه من القدس والتقوى والمقبولية عند الكافة، فدعاهم ذلك إلى إنكار كونه منه تشبثاً منهم بما هو أوهن وأوهى من بيت العنكبوت. - انتهى.

ولقد صدق الميرزا النوري بأن لا ينبغي التردد في كون كتاب (حديقة الشيعة) من مؤلفات المقدس الأردبيلي، وأن استبعاد ذلك مجرد (كلام أطفال) وهو أوهى من بيت العنكبوت.

وفقكم الله لمراضيه.

مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى

11 جمادى الأولى 1441 هجرية


ملاحظة: الإجابات صادرة عن المكتب لا عن الشيخ مباشرة إلا أن يتم ذكر ذلك. المكتب يبذل وسعه في تتبع آراء الشيخ ومراجعته قدر الإمكان.
شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp