ما تفسير هذه الرواية عن السيدة الزهراء عليها السلام؟ وما ذنب غير المذنب ليعمه البلاء حال نزوله؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

جاء في الكافي الشريف عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قالا: إن فاطمة عليها السلام - لما أن كان من أمرهم ما كان - أخذت بتلابيب عمر فجذبته إليها ثم قالت:
أما والله يا ابن الخطاب لولا أني أكره أن يصيب البلاء من لا ذنب له لعلمت أني سأقسم على الله ثم أجده سريع الإجابة.

سؤالي هو:
الزهراء -عليها السلام- أكدّت أن في حال دعائها سينزل البلاء و يعمّ الجميع المذنب و الغير مذنب. فما ذنب (الغير مذنب) ليعمه البلاء حال نزوله في تلك اللحظة؟

عظّم الله لكم الأجر بمناسبة ذكرى استشهاد الصديقة الكبرى فاطمة -عليها السلام-


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بمراجعة الشيخ أفاد أن (لولا) حرف امتناع لوجود، ما يعني أنه لوجود من لا ذنب له امتنع الدعاء بنزول العذاب العام لأنه سيعمّه، فلا يقال: كيف يعمّه العذاب وهو لا ذنب له؟ إذ يقال: لا يجوز أن يعمّه ولذلك امتنعت عليها السلام عن الدعاء. وهذا لعصمتها عليها السلام إذ لا تدعو بما لا يجوز مع ضرورة استجابة كل دعاء لها.

على أنه يمكن تصوّر (البراءة من الذنب) في كلام الصديقة الكبرى عليها السلام نسبية لا مطلقة، فهم أبرياء بالنسبة إلى أولئك الذين بدَّلوا وأحدثوا حتى انتهكوا حرمتها عليها السلام، إذ لم يبدلوا كما بدلوا ولا أحدثوا كما أحدثوا ولا انتهكوا الحرمة كما انتهكوا. إلا أنهم من جانب آخر مذنبون بالمداهنة والقعود عن النكير وإبداء الغضب والتغيير. وفي الحديث: «أوحى الله عز وجل الى نبي من أنبيائه عليهم السلام: إني معذب من قومك مئة ألف؛ أربعين ألفا من شرارهم وستين ألفا من خيارهم! فقال: يا رب هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار؟ قال: داهنوا أهل المعاصي ولم يغضبوا لغضبي» (مسند السجاد عليه السلام ج٢ ص٢٥٦).

وعلى هذا فإنه على فرض إمكان وقوع دعائها عليها السلام فإن امتداد عواقب البلاء والعذاب حتى يصيب أولئك؛ يكون جزاء وفاقا، ويكون امتناع السيدة عليها السلام تكرما ولطفا، إذ أعرضت عن اعتبار ذلك الذنب؛ ذنب القعود، ولم تسوِّ بينه وبين ذنب انتهاك الحرمة.

ثم لا يُغفل عن أنه قد تقتضي الحكمة نزول بلاء عام يصيب من لا ذنب له من باب الفتنة والافتتان، فلقد قال سبحانه: «وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّـهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ»، فمن يكون بريئا حقا غير مقصِّر في شيء؛ تكون هذه الفتنة له رفعا لدرجته وتعظيما لأجره، وإن لم يكن من الذين ظلموا خاصة. ولقد جاء في تفسير هذه الآية الكريمة عن الصادق عليه السلام: «أصابت الناس فتنة بعدما قبض الله نبيه صلى الله عليه وآله حتى تركوا عليًّا عليه السلام وبايعوا غيره، وهي الفتنة التي فتنوا بها، وقد أمرهم رسول الله صلى الله عليه وآله باتباع علي عليه السلام والأوصياء من آل محمد صلوات الله عليهم» (تفسير العياشي ج٢ ص٥٣). ونحن نذهب إلى أن (غير الظالمين) في هذه الآية؛ ليست براءتهم من الظلم كلية بل نسبية أيضا، لمداهنتهم وقعودهم عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وأيا كان فإن الإشكال ساقط من رأس لورود (لولا).

وفقكم الله لمراضيه.

مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى

6 رجب الأصب 1442 هجرية


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp