لم أجد في القرآن والحديث ما يدل بصراحة على أن الأرض كروية وتدور فما قولكم؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شيخنا وتقبل الله اعمالكم.

سؤالي حول علم الفلك في القرآن والاحاديث.

ذكرتم في إحدى محاضراتكم حديث الإمام جعفر الصادق عليه السلام وأنه قال ان الأرض تدور (في الحديث الذي دار الرجل فيه قلنسوته ممثلا حركة الارض) . بحثت أكثر في هذا الحديث وما وجدت معنى صريحا يشير الى أن الأرض تدور لا في هذا الحديث ولا في غيره...الإمام فقط أثبت لهذا الشخص أنه لا يعلم علم الفلك كما يزعم. طبعا بغض النظر عن ان علة تلك المجموعة التي لا ترى متحركة ليس لدوران الارض فقط بل لموقع تلك النجوم بالذات.

فبحثت أكثر في الأحاديث حول الفلك حتى أعرف ما معنى الفلك...

أول قول وجدته هو في خطبة أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليهما السلام، الخطبة التطنجية حين قال ولقد رأيت الشمس عند غروبها وهي كالطاير المنصرف إلى وكره، ولولا اصطكاك رأس الفردوس، واختلاط التطنجين، وصرير الفلك، يسمع من في السماوات والأرض رميم حميم دخولها في الماء الأسود، وهي العين الحمئة.
هذا القول يثبت أن الشمس تغرب حقا وتدخل في الماء الأسود وهذا مايوافق القول أن الأرض تدور حول الشمس.

حديث ثاني في الكافي عن علي ابن الحسين عليهما السلام ...بالفلك ملكا ومعه سبعون ألف ملك فهم يديرون الفلك فإذا أداروه دارت الشمس والقمر والنجوم والكواكب معه الحديث طويل ولكن المعنى واضح أن الفلك هو شيء حولنا فيه الشمس والقمر والنجوم وهو يدور.

حديث ثالث أيضا في الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام يقول أن الله عز و جل خلق نجما في الفلك السابع، للحديث تتمة ولكن الشاهد هنا أن في كل سماء فلك وكل فلك يدور.

حديث رابع أيضا في الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام يقول أن الله يأمر صاحب الفلك يبطئ ويسرع في دوران الفلك حسب ذنوب الناس فإذا زادت الذنوب سرع دوران الفلك حتى تسرع الأيام رقم الحديث ١٤٨٤٨

حديث خامس في بحار الأنوار سؤل أمير المؤمنين عليه السلام عن طول الشمس والقمر وعرضهما فقال تسعمائة في تسعمائة فرسخ وسؤل عن الكواكب فقال إثنا عشر فرسخ في إثنا عشر فرسخ. وهذا القول يوافق العلم القديم أن الكواكب مصابيح صغار وبالواقع هن أكبر من الأرض.

لعل أكبر دليل نسمعه يذكر هو في القرآن الحكيم و هو أن الله يكور الليل على النهار ويقولون كلمة تكوير تثبت كروية الأرض ولكن الله لم يقل يكور الليل على الأرض فهذا ليس دليلا صريحا. أصلا لا بد من تاويل ظاهر الاية فالليل لا يغطي النهار ممكن ان يقال النهار يغطي الليل. الليل هو انعدام الضوء ولا يغطي الشمس أو النهار. وثم معنى تكوير لا يكون دائما مشيرا الى الكروية، مثلا الله سبحانه يقول إذا الشمس كورت فهل من المعقول أن نقول الشمس الآن ليست كروية لانها لم تكور بعد وذلك من علامات الساعة؟

وجدت كثيرا من الاحاديث ولكن لا أريد أن أطيل في السؤال. خلاصة الاشكال أن كل حديث وجدته هو علميا لا يصح ولم اجد حديثا صريحا يؤكد أن الأرض تدور ولا في القرآن كذلك. يمكننا أن نقول ان بعض الأحاديث ما نقلت بطريقة صحيحة ولكن كيف لا يوجد قول واحد صحيح على الاقل؟!

وان كانت الاحاديث صحيحة فلماذا حار فيها القدماء ولم يعرفوا معناها مع انهم اعرف بلحنه فاي حظ لنا في استخراج معانيها ان كانت صعبة لهذه الدرجة بحيث لا يعرفها العلماء فصرنا نعرفها الان بعد ان طبقنا العلم الحديث عليها؟ ولماذا كل حديث موجود يوافق العلم القديم؟ ايمكن ان يكون صدفة أن الاحاديث توافق العلم القديم وبنفس الوقت له معنى عميق لا نفهمه؟ أنا بكل صراحة ما وجدت جوابا شافيا لهذا السؤال في الإنترنت ولكن وجدت مع الاسف الكذب بلا دليل لدرجة ان الناس ينسبون كلاما لا يوجد في كتب الحديث للائمة عليهم السلام او الرواة.
اخيرا لم يتطرق احد بعد لرد هذه الشبهة؟

اسال لكم دوام التوفيق وسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بمراجعة الشيخ،

كانت لنا رؤوس أقلام مهمة قبل سنوات حول المباحث الفلكية وما يتصل بها، لكنها فُقدت مع الأسف، لذا فإنه مع كثرة الانشغال وزحام الأعباء لا يسعنا إلا الإيجاز والاختصار، ونترك التفصيل إلى جلسات أو بحوث أطول وأعمق إن شاء الله تعالى.

ههنا نقاط أربع:

الأولى؛ القول بأن حديث القلنسوة غير صريح في المطلوب - وهو دوران الأرض وحركتها - مسلَّم، إلا أنه دالٌ عليه مفهوما، لأن لبّه تخطئة هشام الخفاف في تمثيله للأرض والسماء من حيث الثبات والدوران، فلقد جعل رأسه بمثابة الأرض، وقلنسوته بمثابة السماء بأفلاكها، وحرّك هذه الأخيرة دون تلك، فخطَّأه الإمام عليه السلام بقوله: «إن كان الأمر على ما تقول.. إلخ».
فإن قلت: إنما التخطئة لهيئة التدوير فقط. قلنا: هذا تقييد بلا قيد، إذ لم يكن من الخفاف إلا قوله: «فأخذت قلنسوتي عن رأسي فأدرتها» ولم يقيد التدوير بشيء كقوله: «فأدرتها بنحو كذا». وأما أن عدم تحرك تلك الأفلاك التي ضرب بها الإمام عليه السلام المثل راجع إلى مواقعها القطبية في السماء بالنسبة إلى الأرض؛ فلا يخدش في الدلالة هنا، بل يقويها، ضرورة أن أصاغر الفلكيين بل كل ناظر في السماء آنذاك يعلم أمر ثبات هذه النجوم القطبية التي يُهتدى بها في سمت القبلة، فلا يُتصوَّر من الخفاف - وهو من أبصرهم وأعلمهم بالنجوم في العراق - أن يدير قلنسوته بحركة رحوية مثلا يلزم منها تحريك هذه الأفلاك الثابتة بل وغيرها حركة عرضية، مع محسوسية أن القطبية ثابتة، والمتحركة منها تشرق وتغيب، لأنه إذا كان قد أدار على هذا النحو فلا يمكن إلا أن يكون جاهلا بالفلك، بل أعمى لا يشاهد المحسوس. فلا بد إذن من أن يكون تدويره لقلنسوته بحركة تكويرية مثلا على نحو ما تشاهده العين المجردة، وهو حركة السماء بأفلاكها على الأرض الثابتة في ظنهم. وعليه تكون تخطئة الصادق عليه السلام لما فعل الخفاف ومثَّل بقلنسوته على نحو المثال النقضي لأصل تلك الحركة لا هيئتها.

الثانية؛ بعض الأحاديث التي استشهدتم بها غير معتبرة أو معتد بلفظها أصلا فلا نطيل في التعليق عليها. وبعضٌ آخر هو على قائمة البحث في (لحن الأئمة عليهم السلام) فلا يسع المقام لبيان المراد بها. وبعضٌ ثالث غير مسلَّم الضبط في اللفظ، فإنك كثيرا ما تجد حديثا في الكافي مثلا بلفظ، ثم يأتيك في التهذيب بلفظ آخر، بل أحيانا يكون اللفظان في المصدر نفسه بسندين، بل في أخرى بسند واحد في بابين بلفظين. وما ذاك إلا لبدائية النقل وشفاهته في تلك العصور، مع ما كانت فيه الشيعة من اضطهاد وما طرأ على أصول أحاديثهم من عوامل التصحيف والاندراس. فحتى نطمئن إلى لفظ والمراد به لا بد أولا من دراسة لحن الأئمة عليهم السلام وضم الأحاديث بعضها إلى بعض وعطف بعضها على بعض مع تجريد الدلالة عن عوامل الخطأ البشري في النقل المضموني. وأحاديث الفلك بالذات مما يكثر فيها هذا الالتباس، إذ الإمام عليه السلام تارة يخاطبهم على قدر عقولهم، وهم تارة أخرى يستبيحون النقل المضموني الذي كثيرا ما كان يتأثر بتصوراتهم المحدودة، وفي تارة ثالثة لا يكون المراد بيان الحقائق الطبيعية بل الماورائية أو الميتافيزيقية، كدور الملائكة عليهم السلام في هذا الكون، فيقع الخلط بين هذه وتلك، ويُتصوَّر التضارب ما بين العلم الديني والعلم الطبيعي الحديث. وهكذا.

وحتى تعرف حجم المشكلة؛ فهذا الحديث الذي كنا فيه - أعني حديث القلنسوة - جاء فيه: «كم السكينة من الزهرة جزءا في ضوئها؟.. فكم الزهرة من القمر جزءا في ضوئه؟.. فكم القمر جزءا من الشمس في ضوئها»؟ فيما نجد في حديث آخر: «كم تسقي الشمس القمر من نورها؟.. وكم تسقي الزهرة من نورها؟.. فكم تُسقى الشمس من اللوح المحفوظ من نوره»؟ ولا يخفى هنا التباين في هذه المعاني، فهل الكلام في بيان نسبة ضوء هذه الأجرام بعضها إلى بعض؟ أم الكلام في تأثير بعضها على بعض في الإضاءة والإنارة المعبَّر عنه بالإسقاء والمتوافق مع العلم الحديث؟ ثم هذا الانتقال من الطبيعيات في قوله عليه السلام: «كم تسقي الشمس القمر من نورها؟.. وكم تسقي الزهرة من نورها»؟ إلى الماورئيات: «فكم تُسقى الشمس من اللوح المحفوظ من نوره»؟ ما وجهه؟ وهل يمكن حمل هذا الحديث على ذاك أو العكس؟

إن هذا كله يحتاج إلى مقدمات ومبانٍ وتوجيهات علمية دقيقة، لا تغفل حشد الشواهد والقرائن. وإذا عرفت هذا تدرك لماذا حار المتقدمون والمتأخرون في تفسير كثير مما ورد في هذا الشأن، وكيف لا وهم يتحيرون حتى في الفقهيات وتفسير أدلة الأحكام مع أنها ابتلائية عند الرواة والناقلين وألفاظها في غالبها بسيطة متسقة مع لغتهم وثقافتهم المتجذرة؟

على أن من علمائنا من تفطَّن إلى هذه الحقائق والمعاني في فهمه للروايات ونطق صريحا بكروية الأرض قبل مجيء هذا العلم الحديث، كالعلامة المجلسي رضوان الله عليه، فإنه في البحار بعدما نقل حديثا للصادق عليه السلام في دحو الأرض قال: «بيان: قوله: (ثم دحاها من عرفات إلى منى) أي دحا السطح الظاهر من الأرض من عرفات إلى منتهاها، ثم ردها من تحت الأرض - لحصول الكروية - إلى منى».

وهذا ونظائره يرد القول بأن لا أحد من علمائنا في ما مضى استخرج ما نفهمه اليوم من الآيات والروايات في هذا الشأن، وأنه أي حظ لنا في استخراج هذه المعاني إذا كان العلماء لم يصيبوا في استخراجها؟
وعلى كل حال فإننا نعيش زمان غيبة، ننتظر ظهور إمامنا صلوات الله عليه ليحل لنا هذه المعضلات ويشرح لنا هذه المبهمات. عجل الله فرجه الشريف.

الثالثة؛ من الأخطاء المتكررة في مقام البحث؛ إخضاع النصوص المقدسة إلى لغة ومفاهيم واصطلاحات أحقاب متأخرة عن الحقبة التي نزل فيها النص أو صدر، فلطالما أوقع هذا الباحثين في أخطاء استنتاجية نفيا وإثباتا.

إن القرآن الحكيم لم ينزل بلغة ومفاهيم واصطلاحات الأكاديميات المعاصرة! إنما نزل بلغة العرب؛ بلغة قريش ذلك الزمان. وهو بعد كتاب اعتمد الفصاحة والبلاغة منهاجا، فما تضمنه من ألفاظ وعبارات إنما هو جارٍ على هذا النسق لا غيره. فمن يطلب في القرآن كلمة أو عبارة هي على نسق الأكاديميات المعاصرة أو ما استقرت عليه اللغة المعاصرة والاصطلاحات والتعابير في عصرنا؛ لا ينال مطلوبه.

إذا عرفت هذا؛ تدرك أن من الخطأ القول أنّا لا نجد في القرآن (دليلا صريحا) على كروية الأرض، ما دامت ماهية هذا (الدليل الصريح) المطلوب هي ما يكون على النسق المعاصر من قبيل: «الأرض كروية والنهار فيها يغطي الليل» باعتبار أنه لا يصح تكوّر الليل على النهار إذ الليل في حقيقته هو مجرد انعدام الضوء!
إن الخطأ هنا هو احتساب مفهوم كـ (الليل) بمفهوم (الليل) العلمي الدقي الأكاديمي المعاصر، لا الليل الذي تعرفه العرب ويعرفه كل الناس!
إنّا لو أخذنا بهذا للزمنا تخطئة كل البشر في كل لغاتهم والادعاء بأنه لا بد من مؤنة التأويل لكلامهم حتى يصح، فما زال البشر جميعا يعبّرون بالقول: «طلعت الشمس.. غربت الشمس» مع أن الحقيقة أنها لا تطلع ولا تغرب، إنما هي الأرض التي تدور وتتحرك.

إنّا حين نقول: «طلعت الشمس» فلا تأويل هنا ولا صرف عن الحقيقة إلى المجاز مع انعدام القرينة، إذ يعني ذلك شروقها في الظاهرة الطبيعية المحسوسة بالعين المجردة، مع قطع النظر عما وراء ذلك من علة فلكية لهذه الظاهرة. فالعبارة إذن صحيحة، لا تُحمل إلا على الحقيقة بحسب لفظها. أما إذا أردنا تأويلها وصرفها إلى المجاز مثلا فلا بد أن نجد قرينة صارفة، فيُقال مثلا إن المعنى طلوع العالم علينا، لأنه شمس في إشراقة علمه.

فكذا ما نحن فيه من آيات. إنها جميعا جارية على لغة العرب وبلاغتهم. فيكفينا من قوله تعالى: «يكوِّر الليل على النهار ويكوِّر النهار على الليل» صراحة لفظ التكوير لنقول أنه دالٌ على وجود مكوَّر وإلا لم يصح التكوير، وليس ثمة إلا الأرض. لا يقال: إنه لم يقل: «يكور الليل على الأرض» حتى يكون المكوَّر هو الأرض؛ إذ يقال: هذا من البلاغة إذ يحذف الكل لقيام الجزء مقامه، وهو شائع معروف، كما في قوله تعالى: «فك رقبة»، فإن المراد فكاك الكل وهو نفس الإنسان ذي الرقبة.

وإنك إذا تأملت لعلمتَ أنه لا بد من أن يكون المكوَّر هو الأرض، ضرورة أن الليل والنهار ليس لهما وجود استقلالي منفك عنها، وهما مكوَّران أبدا بعضهما على أثر بعض، فيلزم كون الأرض مكوَّرة كذلك. ولا يمكن أن يقال أن التكوير يقع لأحدهما على الآخر، بداهة أنه ليس كذلك، فليس النهار ماكثا يكوّره الليل أو العكس. إنما المراد ما هو المحسوس من تعاقب بعضهما على بعض وكأن أحدهما يجري على أثر الآخر يطلبه ويلاحقه، المعبّر عنه في آية أخرى بقوله سبحانه: «يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا».

وأما أن التكوير لا يدل دائما على الكروية؛ فخاطئ إلا مع الصرف إلى المجاز، ومعلومٌ أنه لا يصح إلا مع القرينة الصارفة وهي مفقودة في المقام. والاستدلال بقوله تعالى: «إذا الشمس كُوِّرت» لنفي الدلالة خاطئ كذلك، إذ هو ناشئ من الغفلة عن معنى تكوير الشمس يوم تقوم الساعة، إذ تُكوَّر بالظلمة وتنطفئ، كما نطقت به الرواية، ولازمه أن تكون كروية بالأصل. وهذا الذي يقع عليها يومئذ يقع على النجوم ولذا قال سبحانه: «وإذا النجوم انكدرت» فإنها أيضا تصير سوداء مظلمة. وأيًّا كان فآية تكوير الشمس لنا لا علينا، إذ المعايَن المحسوس أنها كرة في السماء، لا يختلف على ذلك اثنان حتى في زمان نزول النص، فلا معنى لتكويرها إلا كتكوير الرأس بالعمامة كما تقوله العرب. وبضم الآيتين بعضهما إلى بعض؛ أعني قوله تعالى: «إذا الشمس كُوِّرت» وقوله تعالى: «يكوِّر الليل على النهار ويكوِّر النهار على الليل» لاشتراكهما في فعل التكوير؛ تكون النتيجة أن الأرض كالشمس؛ كرة!

الرابعة؛ دعوى أنه ما من دليل صريح على كروية الأرض ودورانها؛ لا تعدو أن تكون ناشئة من نقص الاستقراء، فعلى سبيل المثال قد روى صاحب الاحتجاج حديث الصادق عليه السلام الذي قال فيه: «إن الأشياء تدل على حدوثها، من دوران الفلك بما فيه وهي سبعة أفلاك، وتحرك الأرض ومن عليها، وانقلاب الأزمنة، واختلاف الوقت». فهذا لفظ صريح في حركة الأرض، بل إنّا لنراه يزداد صراحة بقرينة سياقه، إذ وُضع بين جملة فيها (دوران الفلك) وأخرى فيها (انقلاب الأزمنة واختلاف الوقت)، وما من أصرح ولا أوضح من هذا السياق في أن حركة الأرض كحركة الأفلاك ودورانها، وأنها المؤثر في انقلاب الأزمنة وتعاقب الليل والنهار واختلاف الوقت.

ومن قبل نجد في نهج البلاغة الشريف قوله عليه السلام في صفة خلقة الأرض: «فسكنت على حركتها»، أي أنها على كونها ذات حركة قد سكنت لتصلح مهادا وسكنا لأهلها، وتلك من عجائب الخلقة، فإنك لتحسبها ساكنة مع أنها تتحرك باستمرار بأسرع ما يكون! وقد أتى صلوات الله عليه على وصف ذلك بأبلغ عبارة. فهذا أيضا لفظ صريح في الحركة.

ومن بعد أخرج الصفار رحمه الله في بصائر الدرجات عن حمزة بن عبد المطلب بن عبد الله الجعفي قال: «دخلتُ على الرضا عليه السلام ومعي صحيفة أو قرطاس فيه عن جعفر عليه السلام أن الدنيا مُثِّلَتْ لصاحب هذا الأمر في مثل فِلقَةِ الجوزة. فقال: يا حمزة؛ ذا والله حق فانقلوه إلى أديم». فكيف ترى الجوزة؟ كروية هي بيضاوية أم ماذا؟! ولو أنك ارتفعت إلى الفضاء ونظرت إلى هذه الأرض لترى شطرها المواجه لك؛ ألا تراها كفلقة الجوزة؟!
ألا طوبى لمن صدّق وآمن!

وفقكم الله لمراضيه.

مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى

11 شوال 1442


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp