ما رأي الشيخ الحبيب في رد المحقق الخوئي لرواية إثبات بنوة الإمام الجواد بالرجوع إلى القافة؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. سؤالي هو حول الرواية الموجودة في الكافي حول أنه كان يوجد بعض الشاكين في نسبة الإمام الجواد لأبيه الرضا سلام الله عليهما. هل الرواية صحيحة على مبانيكم؟ ومارأيكم في تعليق السيد الخوئي رحمه الله حول هذه الرواية في مصباح الفقاهة؟ حيث أنه ردها لا ردًّا سنديًا فقط، بل قال أنها مخالفة لثوابت المذهب. إليكم كلام السيد الخوئي رحمه الله : وقد استشهد المصنف (رحمه الله) على حرمة العمل بقول القافة برواية زكريا ابن يحيى الواردة في قصة أبي الحسن الرضا (عليه السلام) واثبات بنوة ابنه الجواد (عليه السلام) وإمامته بالرجوع إلى القافة، حيث زعموا ما كان فينا إمام قط حائل اللون. ولكن لم نجد في الرواية ما يستشهد به لذلك، بل الظاهر منها أن الشيعة أيضا كانوا يعتقدون بقضاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) بقول القافة، وأن الرضا (عليه السلام) لم ينكر عليهم ذلك. نعم يرد على الرواية وجوه: 1 - أنها ضعيفة السند. 2 - أنها مخالفة لضرورة المذهب، فإنها اشتملت على عرض أخوات الإمام وعماته على القافة وهو حرام لا يصدر من الإمام (عليه السلام)، وتوهم أن ذلك من جهة الاضطرار وهو يبيح المحظورات توهم فاسد، إذ لم تتوقف معرفة بنوة الجواد للرضا (عليهما السلام) على احضار النساء. 3 - أن الجماعة الذين بغوا على الرضا (عليه السلام) لينفوا بنوة الجواد (عليه السلام) عنه لو كانوا معتقدين بإمامة الرضا (عليه السلام) لما احتاجوا إلى القافة بعد اخباره بالبنوة.


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عظم الله أجوركم بذكرى استشهاد الإمام الكاظم عليه السلام، ولعنة الله على قاتليه.

بمراجعة الشيخ،

أما كونها ضعيفة السند فلا يمنع من قبولها، ذلك لأن جهالة زكريا بن يحيى بن النعمان الصيرفي لا تضر مع تعاقب الثقات الفقهاء على رواية هذا الأثر عنه في مقام غير بعيد عن الاحتجاج، وفيهم المفيد عليه الرحمة كما في الإرشاد. على أن الورود في الكافي له شأن، والمناقشة في أسناده حرفة العاجز عند النائيني أستاذ الخوئي.

وأما عرض أخوات الإمام عليه السلام وعماته على القافة؛ فليس في الأثر أنه كان بأمر الإمام عليه السلام أو رضاه، فإنه كان حينها داخل البستان لم يشهدهم، ولذا جاء: «فلمّا رجع أبو الحسن عليه السلام قالوا: هذا أبوه». وهؤلاء إخوته ما كانوا من المتقين. فلا مخالفة لضرورة المذهب على كل حال.

وأما إشكاله الثالث بأن الجماعة الباغين لو كانوا معتقدين بالإمامة بإمامته عليه السلام لما احتاجوا إلى القافة بعد إخباره بالبنوة؛ فهو كما ترى، ليس بإشكال، إذ لا كلام في كونهم فسقة حاسدين قد اعترتهم شيطنة آنذاك.

هذا؛ وثمة أثرا آخر مماثلا لهذا إلا أنه يختلف عنه في الخصوصيات، رواه الطبري قال: «و حدثني أبو المفضل محمد بن عبد الله، قال: حدثني جعفر بن محمد بن مالك الفزاري، قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الحسني، عن أبي محمد الحسن بن علي عليه السلام، قال: كان أبو جعفر عليه السلام شديد الأدمة، و لقد قال فيه الشاكون المرتابون - وسنه خمسة وعشرين شهرا - إنه ليس هو من ولد الرضا عليه السلام، وقالوا لعنهم الله: إنه من شنيف‌ الأسود مولاه، و قالوا: من لؤلؤ، و إنهم أخذوه، و الرضا عند المأمون، فحملوه إلى القافة و هو طفل بمكة في مجمع من الناس بالمسجد الحرام، فعرضوه عليهم، فلما نظروا إليه و زرقوه بأعينهم خروا لوجوههم سجدا، ثم قاموا فقالوا لهم: يا ويحكم! مثل هذا الكوكب الدري والنور المنير، يعرض على أمثالنا، و هذا والله الحسب الزكي، والنسب المهذب الطاهر، والله ما تردد إلا في أصلاب زاكية، وأرحام طاهرة، ووالله ما هو إلا من ذرية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب و رسول الله عليهما السلام، فارجعوا واستقيلوا الله واستغفروه، و لا تشكوا في مثله. و كان في ذلك الوقت سنه خمسة وعشرين شهرا، فنطق بلسان أرهف‌ من السيف، وأفصح من الفصاحة يقول: الحمد لله الذي خلقنا من نوره بيده، واصطفانا من بريته، وجعلنا أمناءه على خلقه ووحيه. معاشر الناس! أنا محمد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق‌ ابن محمد الباقر بن علي سيد العابدين بن الحسين الشهيد بن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، و ابن فاطمة الزهراء، و ابن محمد المصطفى (عليهم السلام)، ففي مثلي يشك! و علي و على‌ أبوي يفترى! و أعرض على القافة! و قال: و الله، إنني لأعلم بأنسابهم من آبائهم، إني و الله لأعلم بواطنهم و ظواهرهم، و إني لأعلم بهم أجمعين، و ما هم إليه صائرون، أقوله حقا، و أظهره صدقا، علما ورثناه الله قبل الخلق أجمعين، و بعد بناء السماوات و الأرضين. وأيم الله، لو لا تظاهر الباطل علينا، و غلبة دولة الكفر، و توثب أهل الشكوك و الشرك و الشقاق علينا، لقلت قولا يتعجب منه الأولون و الآخرون. ثم وضع يده على فيه، ثم قال: يا محمد، اصمت كما صمت آباؤك‌ فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل و لا تستعجل لهم‌ إلى آخر الآية. ثم تولى لرجل‌ إلى جانبه، فقبض على يده و مشى يتخطى رقاب الناس، و الناس يفرجون له. قال: فرأيت مشيخة ينظرون إليه و يقولون: الله أعلم حيث يجعل رسالته‌. فسألت عن المشيخة، قيل: هؤلاء قوم من حي بني هاشم، من أولاد عبد المطلب. قال: و بلغ الخبر الرضا علي بن موسى عليه السلام، و ما صنع بابنه محمد عليه السلام، فقال: الحمد لله. ثم التفت إلى بعض من بحضرته من شيعته فقال: هل علمتم ما قد رميت به مارية القبطية، و ما ادعي عليها في ولادتها إبراهيم بن رسول الله؟ قالوا: لا يا سيدنا، أنت أعلم، فخبرنا لنعلم. قال: إن مارية لما أهديت إلى جدي رسول الله صلى الله عليه و آله أهديت مع جوار قسمهن رسول الله على أصحابه، و ظن بمارية من دونهن، و كان معها خادم يقال له: جريح؛ يؤدبها بآداب الملوك، و أسلمت على يد رسول الله صلى الله عليه و آله، و أسلم جريح معها، و حسن إيمانهما و إسلامهما، فملكت مارية قلب رسول الله صلى الله عليه و آله، فحسدها بعض أزواج رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فأقبلت زوجتان من أزواج رسول الله إلى أبويهما تشكوان‌ رسول الله صلى الله عليه و آله فعله و ميله إلى مارية، و إيثاره إياها عليهما؛ حتى سولت لهما أنفسهما أن يقولا: إن مارية إنما حملت بإبراهيم من جريح، و كانوا لا يظنون جريحا خادما زمنا. فأقبل أبواهما إلى رسول الله صلى الله عليه و آله و هو جالس في مسجده، فجلسا بين يديه، و قالا: يا رسول الله، ما يحل لنا و لا يسعنا أن نكتمك ما ظهرنا عليه من خيانة واقعة بك. قال: و ما ذا تقولان؟! قالا: يا رسول الله، إن جريحا يأتي من مارية الفاحشة العظمى، و إن حملها من جريح، و ليس هو منك يا رسول الله، فاربد وجه رسول الله صلى الله عليه و آله و تلون لعظم ما تلقياه به، ثم قال: و يحكما ما تقولان؟! فقالا: يا رسول الله، إننا خلفنا جريحا و مارية في مشربة، و هو يفاكهها و يلاعبها، و يروم منها ما تروم الرجال من النساء، فابعث إلى جريح فإنك تجده على هذه الحال، فأنفذ فيه حكمك و حكم الله تعالى. فقال النبي صلى الله عليه و آله: يا أبا الحسن؛ خذ معك سيفك ذا الفقار، حتى تمضي إلى مشربة مارية، فإن صادفتها و جريحا كما يصفان فأخمدهما ضربا. فقام علي و اتشح بسيفه‌، و أخذه تحت ثوبه، فلما ولى و مر من بين يدي رسول‌ الله أتى إليه راجعا، فقال له: يا رسول الله، أكون فيما أمرتني كالسكة المحماة في النار، أو الشاهد يرى ما لا يرى الغائب. فقال النبي صلى الله عليه و آله: فديتك يا علي! بل الشاهد يرى ما لا يرى الغائب. قال: فأقبل علي عليه السلام و سيفه في يده حتى تسور من فوق مشربة مارية، و هي جالسة و جريح معها، يؤدبها بآداب الملوك، و يقول لها: أعظمي رسول الله، و كنيه و أكرميه. و نحو من هذا الكلام. حتى نظر جريح إلى أمير المؤمنين و سيفه مشهر بيده، ففزع منه جريح، و أتى إلى نخلة في دار المشربة فصعد إلى رأسها، فنزل أمير المؤمنين إلى المشربة، و كشف الريح عن أثواب جريح، فانكشف ممسوحا. فقال: انزل يا جريح. فقال: يا أمير المؤمنين، آمن على نفسي؟  قال: آمن على نفسك. قال: فنزل جريح، و أخذ بيده أمير المؤمنين، و جاء به إلى رسول الله صلى الله عليه و آله، فأوقفه بين يديه، و قال له: يا رسول الله، إن جريحا خادم ممسوح. فولى النبي بوجهه إلى الجدار، و قال: حل لهما- يا جريح- و اكشف عن نفسك حتى يتبين كذبهما؛ ويحهما ما أجرأهما على الله و على رسوله. فكشف جريح عن أثوابه، فإذا هو خادم ممسوح كما وصف. فسقطا بين يدي رسول الله و قالا: يا رسول الله، التوبة، استغفر لنا فلن نعود. فقال رسول الله (صلى الله عليه و آله): لا تاب الله عليكما، فما ينفعكما استغفاري و معكما هذه الجرأة على الله و على رسوله؟! قالا: يا رسول الله، فإن استغفرت لنا رجونا أن يغفر لنا ربنا، و أنزل الله الآية التي فيها: إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم‌. قال الرضا علي بن موسى عليه السلام: الحمد لله الذي جعل في و في ابني محمد أسوة برسول الله و ابنه إبراهيم. و لما بلغ عمره ست سنين و شهورا قتل المأمون أباه، و بقيت الطائفة في حيرة، و اختلفت الكلمة بين الناس، و استصغر سن أبي جعفر عليه السلام، و تحير الشيعة في سائر الأمصار». (دلائل الإمامة ص٣٨٤).

ولا كلام في أن القافة مرفوضة؛ إلا أن الإمام عليه السلام ألزمهم بما التزموا لتسوء وجوههم فيكفوا ألسنتهم عن ولي الله.

وفقكم الله لمراضيه.

مكتب الشيخ الحبيب في أرض فدك الصغرى

25 رجب الأصب 1445 هجرية


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp