هل يجوز للمسلم الأميركي أن يدافع عن وطنه؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم سماحة الشيخ ياسر الحبيب....

الله يحفظكم شيخنا....

انا من اخواتكم المغتربين في امريكا من اصل لبناني و هاجرنا من زمان و صرنا مواطنين امريكيين....

و زملائي في الجامعه عندنا معهم حوارات و نقاشات عن المسلمين و الشيعه.....

يقولون انتم المسلمين الامريكيين ما عندكم ولاء للوطن لانكم وصلتم هنا و اهم شي عندكم انفسكم و حالكم.....

غير مهم عندكم غيركم من المواطنين الامريكيين فقط مهم انفسكم....

مثلا اذا هجم الاعداء على امريكا هل تدافعوا عن امريكا و الشعب الامريكي ؟؟؟

طبعا لأ لانكم تقولوا امريكا دوله كافره و باقي الامريكيين شعب كافر.....

و ممكن تحاربوا امريكا من الداخل اذا كان الهجوم من مسلمين او دوله اسلاميه فتصيروا معهم ضدنا مع انكم مواطنين امريكيين يجب تدافعوا عن وطنكم امريكا.....

لذالك انتم لا تستحقوا الجنسيه الامريكيه و لا تحترموا القوانين و تقوموا باعمال ارهابيه......

الرجاء من سماحتكم هو كيف نجاوبهم ؟؟؟

رنا سليمان ــ ديترويت

الولايات المتحده الامريكيه


باسمه جل ثناؤه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

أخبريهم بداية أننا نحن المسلمون من حيث الأصل لسنا نعتبر الحصول على الجنسية الأميركية أو غيرها فخرا، فكل هذه الجنسيات – بما فيها جنسيات دولنا التي تعتبر نفسها إسلامية – لا قيمة معنوية لها عندنا، فهي في ديننا الإسلامي غير شرعية، ولا حق لأحد في تمييز البشر بهذه الطريقة، فالجميع عباد الله، وإنما نطلب هذه الجنسية أو تلك اضطرارا ليس إلا، فالجنسية اليوم هي وثيقة قانونية بلاها لا يستطيع الإنسان نيل حقوقه الطبيعية كالحق في العمل والسكن والتعليم والتطبيب وما أشبه، ولو لم تصادر هذه الأنظمة – الشرقية والغربية – هذه الحقوق الإنسانية الطبيعية وأجبرت البشر من أجل نيلها على التجنّس لما كان يخطر في بالنا أن نتجنّس بهذه الجنسية أو تلك، فالخطأ إذن من الحكومات والأنظمة، لا منّا، فلا يظنون أننا نستميت من أجل الحصول على جنسيتهم هذه، أو جنسية غيرهم.

وأما قولهم أننا لا نحترم القوانين فإننا نحترم كل قانون ينسجم مع شرع الله تعالى ومع فطرة الإنسان وحقوقه وحرّياته، ولا نحترم أي قانون يعارض ذلك، ليس فقط لو كان قانونا أميركيا؛ بل حتى لو كان قانونا عراقيا أو كويتيا أو مصريا أو إيرانيا، فما دام هو مخالفا للشرع أو الفطرة أو الحقوق والحرّيات والعدالة الإنسانية، فلا احترام له، وأما إذا كان منسجما ومتوافقا مع هذه المبادئ، فديننا يدعونا لاحترامه، كما نحترم الوقوف بالسيارة عند الإشارة الحمراء مثلا، لأنه قانون ينسجم مع الشرع في قاعدة (لا ضرر ولا ضرار) ويحمي أرواح البشر وحقوقهم.

وأما قولهم أننا نقوم بالأعمال الإرهابية فإلى الله نبرأ ممن قام بها، ليس هو على ملّتنا ولا نعرفه من أمتنا.

وأما قولهم أن من يعيشون منا في بلادهم لن يدافعوا عنها إذا تعرّضت لغزو أو اعتداء؛ فكلام غير دقيق ينمّ عن جهلهم بأحكام ديننا العظيم، فإننا وإن كانت نظرتنا إلى حكومتهم أنها حكومة كافرة، وأنهم كفار أيضا؛ لكن ذلك لا يمنعنا من ردّ الاعتداء وصدّ الأعداء متضامنين معهم، بل إن فقهاءنا أفتوا قبل مئات الأعوام بوجوب ذلك في بعض الموارد حتى لمن يعيش في ديار محاربة المسلمين لا ديار الكفر فقط!

قال المحقق الحلي (رضوان الله عليه) في الشرائع: "وقد تجب المحاربة على وجه الدفع، كأن يكون بين أهل الحرب، ويغشاهم عدو يخشى منه على نفسه، فيساعدهم دفعا عن نفسه". (شرائع الإسلام ج1 ص232).

ومعنى عبارة المحقق (قدس سره) أنه لو كان المسلم في ديار المحاربين للإسلام، ثم هجم عليهم جميعا عدو آخر، فإنه يجب عليه أن يتضامن معهم ضد هذا العدو الآخر رغم أنهم أعداء للمسلمين، وذلك دفعا عن نفسه. وفي بعض كتبنا الفقهية أن من الموارد اعتباره العدو الجديد أشدّ على المسلمين من العدوّ القديم، فحينها يجب عليه أيضا أن يدافع ويحارب. (راجع جواهر الكلام ج21 ص14).

هذا لو كان المسلم في ديار المحاربين للإسلام من الكفار، فكيف إذا كان في ديار غير المحاربين للإسلام من الكفار؟ فإنه حينذاك يكون من الواجب عليه أن يدافع عن تلك الأرض وأولئك الناس حتى ولو لم يكونوا مسلمين، لأن الإسلام مع السلام، ومع حفظ أرواح البشر، وصون أعراضهم، وممتلكاتهم.

فعلى هذا؛ لو فرضنا تعرّض أميركا أو بريطانيا أو غيرهما لاعتداء خارجي خارج عن موازين العدالة، كأن تهاجم الصين مثلا أميركا، وجب على المسلمين القاطنين في أميركا صدّ هذا الاعتداء، والدفاع عن الشعب والناس حتى ولو لم يكونوا مسلمين. والعكس بالعكس، كما لو هاجمت أميركا الصين.

وأما إذا كان المعتدي على أميركا دولة إسلامية – على اعتبارهم – فإن الحكم حينذاك لا يتغيّر على الأظهر، لأن الاعتداء على الآمنين ليس من الإسلام في شيء، والدولة التي تُقدم على ذلك ليست إسلامية، وإنما تتظاهر بالإسلام، كحال جميع الدول القائمة اليوم.

ولينتبهوا إلى أنه في حال قامت أميركا أو غيرها من الدول بمحاربة المسلمين بغير وجه حق، جاز هنا للمسلمين الدفاع بقدر إلحاق الضرر بالجيش المحارب فقط، لا الأمريكيين الآمنين في وطنهم. وكذا لو جارت أميركا على شعبها أيا كان دينه، جاز للحكومة الإسلامية الحقيقية – لا الحكومات القائمة اليوم – التدخل وإسقاط الحكومة الأميركية الظالمة دافعا عن المظلومين والمستضعفين، وهو المبدأ الذي بموجبه تدخّلت أميركا في العراق – حسب ادعائها – فأسقطت النظام القائم دفاعا عن الشعب العراقي المظلوم والمستضعَف.

وبعد هذا؛ ليس وراء اتهاماتهم لكم إلا الجهل بحقيقة الدين الإسلامي العظيم. أبلغيهم أنكم أنتم المسلمون الأميركيون وإن كنتم تأسفون على كونهم كفارا لم يدخل الإيمان في قلوبهم؛ إلا أنكم تحبّون لهم الخير ولا تودّون لهم الشر، وستقفون إلى جانبهم في المعضلات والكوارث والحروب، حسب الموازين الإسلامية. فالإسلام هو دين الإنسانية.

سدّدكم الله لما فيه هداية الضالين إلى دينه. والسلام.

13 من شهر رمضان المبارك لسنة 1426 من الهجرة النبوية الشريفة.


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp