هل أحرق أمير المؤمنين (عليه السلام) الذين ألّهوه فعلا؟

شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد وعلى آله الطاهرين، واللعن الدائم على اعدائهم الى يوم الدين

شيخنا الجليل ياسر الحبيب

السلام علكيم ورحمة الله وبركاته

- يثير النواصب لعنة الله عليهم دائماً هذا الأمر بالقول بعدم عصمة امير المؤمنين علي عليه السلام بالقول بأنه احرق من قال بألوهيته، ويقولون إن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن الإحراق بالنار وقال: لا يحرق بالنار إلا رب النار. كيف نستطيع الرد عليهم؟؟.


باسمه جلّ ثناؤه. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته. إن ما يثيرونه من أن مولانا الأمير (صلوات الله عليه) أحرق القائلين بألوهيته ما هو إلا كذبة من أكاذيب أسلافهم، أرادوا باختلاقها أمريْن: الأول؛ إيهام الأمة بأن التشيّع منشؤه المغالون الذين ألّهوا عليا (عليه السلام) فأحرقهم، ولذا ينبغي اليوم أن يُحرقوا!

الثاني؛ التغطية على الجريمة التي ارتكبها خليفتهم أبو بكر بن أبي قحافة وزبانيته – كخالد بن الوليد - من إحراقهم بعض الناس بالنار وهو ما يشكّل خرقا خطيرا للأحكام الشرعية. فقد رُوي أن أبا بكر أحرق الفجاءة السلمي بعدما قتله بدعوى أنه خدعه في أمر قتال المرتدين وطفق يغير على المسلمين الآمنين، فأمر به فأُلقي بالنار حتى هلك. وقد ندم أبو بكر (لعنه الله) على ذلك وهو على فراش الموت فقال: "وددت أني لم أحرق الفجاءة السلمي وأني كنت قتلته تسريحا أو خليته نجيحا"! (تاريخ الطبري ج4 ص52 ومصادر أخرى عديدة).

كما أن خالد بن الوليد (لعنه الله) أحرق جماعة من بني سليم بدعوى ارتدادهم، ولما اعترض عمر بن الخطاب (لعنه الله) على ذلك – بسبب عداوته الشخصية لخالد لا غيرة منه على دين الله – وطالب أبا بكر بمعاقبة خالد وعزله؛ رفض أبو بكر ووقف إلى جانب خالد قائلا: لا أشيح سيفا سلّه الله على الكفار"! (الرياض النضرة للطبري ج1 ص100 ومصادر أخرى عديدة).

بل بلغ من إجرام ابن الوليد (لعنه الله) أنه بعدما قتل مالك بن نويرة وزنا بامرأته في الليلة نفسها؛ احتزّ رأسه ووضعه أثفية للقدور – أي قواعد للقدور – ليضرم فيه النار ويطبخ عليه الأكل! (راجع تاريخ الطبري ج6 ص241).

هذا مع أنهم يروون عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله: "لا يعذب بالنار إلا ربّها". (كتاب البخاري ج4 ص325).

وبهذا تعرف أنهم أرادوا إلصاق هذه التهمة بمولانا أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) ليرفعوا الحرج عن مولاهم أبي بكر ومولاهم خالد! إذ لا يمكنهم التماس عذر لهما مع وضوح أن الحرق بالنار مخالف للشريعة الإسلامية إلا بالقول أن عليا (عليه الصلاة والسلام) اجتهد في هذه وأخطأ أيضا! حاشاه..

ومما ينبئك عن محاولاتهم القذرة لتشويه صورة أمير المؤمنين (صلوات الله عليه) أنهم نسبوا إليه أمره بإحراق ابن ملجم (لعنه الله) بعدما ضربه! فرووا أنه (عليه السلام) قال: "اقتلوه ثم احرقوه"! (سنن الدارقطني ج1 ص92) وأن الإمام الحسن (عليه الصلاة والسلام) نفّذ ذلك بالفعل!

هذا مع أن جميع المسلمين يعلمون علم اليقين مدى رحمة علي (عليه السلام) ورأفته، تلك الرحمة التي جعلته يوصي بقاتله إذ قال: "أطعموه واسقوه وأحسنوا أساره، فإن أصحُّ فأنا وليّ دمي، إن شئت عفوت، وإن شئت استنفذت، وإن هلكت فاقتلوه. يا بني عبد المطلب! لا ألفينّكم تخوضون دماء المسلمين خوضا! تقولون: قُتل أمير المؤمنين. ألا لا يقتلنَّ بي إلا قاتلي". يقول الراوي: "ثم نهى عن المُثلة" والإحراق من مصاديقها. (مناقب آل أبي طالب عليه السلام لابن شهراشوب ج3 ص95 عن محاسن الجوابات للدينوي).

فهذا حال أبي الحسن (صلوات الله عليه) فأين ما نسبوه إليه من أنه أمر بإحراق قاتله؟!

وينبغي أن تنتبه إلى أن ما ورد في بعض كتبنا من أنه (عليه الصلاة والسلام) أحرق أحدا أو أمر بإحراق أحد؛ إنما هو مردود لم يصح متنه ولا سنده، وهو معارَض بما ثبت وصحّ. وإنما كان علماؤنا المحدّثون (رضوان الله عليهم) يروون ويسجّلون في كتبهم كل ما عثروا عليه في التراث، دون الالتزام بصحّته، بل هم في كثير من الأحيان تراهم يوردون الرواية ويردّون عليها ويسقطونها، وإنما كان الإيراد من باب المعرفة العامة ليس إلا، ولتُتاح الفرصة في ما بعد للمجتهدين والمحقّقين لتمييز الصواب من الخطأ، والغث من السمين، فإنه لولا معرفة الخطأ ما عُرف الصواب، ولولا تبيّن الغثّ ما بان السمين.

وأزيدك؛ إنهم نسبوا زورا إلى نبينا الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه أمر بحرق من كذب عليه! (راجع أضواء على السنة المحمدية لمحمود أبو رية ص65) وليس أدلّ من هذا دليلا على أنهم إنما أرادوا تصويب ما صنعه أبو بكر وخالد وأمثالهما، لأن الأنبياء (عليهم السلام) لا يأمرون بالمثلة أبدا، وليس ذلك من أخلاقهم، وإنما تلك أخلاق أهل الكفر والشرك والجاهلية، كأبي بكر وعمر وأضرابهما.

والحمد لله الذي جعلنا من أتباع أهل بيت الوحي والعصمة والطهارة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين. والسلام. 27 من شهر رمضان المبارك لسنة 1426 من الهجرة النبوية الشريفة.




بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين محمد وعلى آله الطاهرين واللعن الدائم على اعدائهم الى يوم الدين

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شيخنا الجليل ياسر الحبيب

اشكرك جزيل الشكر على الجواب الرائع الذي ارسلتموه لي حول شبهت حرق الإمام امير المؤمنين لمدعي إلوهيته.

شيخنا العزيز

إن جوابك حول هذه المسألة اثار لي تساؤلت وهي:

- إذا لم يحرق الإمام عليه السلام المدعين لإلوهيته، فماذا فعل بهم إذن؟؟؟

وهناك مسألة اخرى، اذا كان الإمام عليه السلام قد ابادهم فلماذا بقيت فرقة مغالية وهي فرقة العلويين حية؟؟


باسمه تعالت قدرته. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

لم يثبت إلى درجة الاطمئنان والوثوق أن الذين ألّهوه (صلوات الله وسلامه عليه) قد ظهروا في زمانه، وحتى لو ظهر منهم واحد أو اثنين أو بضع نفر فإنهم لم يكوّنوا جماعة ذات سواد ولم يشكّلوا ظاهرة.

وفرقة العلويين لا تؤلّهه (عليه الصلاة والسلام) وإنما تغالي فيه فترفعه مثلا فوق مرتبة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم. على أن هذا الغلو هو من بعض جهّالهم، لا من علمائهم ولا يمكن تعميمه عليهم، بل يمكن القول أنهم منّا – نحن شيعة أهل البيت عليهم السلام – إلا أن انقطاعهم لقرون بين الجبال بسبب الملاحقات والاضطهادات أنشأ في أذهان بعض القصّاصين والجهّال منهم بعض الخرافات فتوارثها من أتى بعدهم على أنها من المسلّمات العقيدية.

واليوم ليس على وجه الأرض – في حدود علمنا – أحد يؤلّه مولانا الأمير عليه الصلاة والسلام. وتعالى الله عن خلقه علوا كبيرا.

وفقكم الله لنصرة آل محمد الطيبين الطاهرين المظلومين والأخذ بثأرهم ممن قتلهم وظلمهم. والسلام. الثالث من شوال لسنة 1426 من الهجرة النبوية الشريفة.


شارك الإجابة على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp