2007 / 11 / 23
صدر عن الشيخ ياسر الحبيب البيان التالي:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
إن ما تفوّه به بابا النصارى الكاثوليك في الفاتيكان المدعو بنديكت السادس عشر لا يعدّ زلة يمكن اغتفارها، ولا هو اشتباه في التعبير أسيء فهمه، كما يدّعي وزير خارجية الفاتيكان، توهينا وتخفيفا من شدة الخطب. بل إنه إخراج لمكنونات قلب حاقد على سيد الأنبياء والمرسلين صلى الله عليه وآله، وقد تثبتنا من ذلك بالتدقيق في ما تفوّه به هذا البابا الكاذب، والتحقق من كلامه، بل قل: نباحه!
ولا يسعنا أن نلتمس عذرا لهذا البابا الكاذب، كأن نقول أنه أخطأ في التعبير، إذ الكلام واضح وصريح. أو أن نقول أنه نقل كلام غيره وهو إمبراطور رومي، إذ لماذا ينقله ويستشهد به إن لم يكن موافقا له؟! أو أن نقول أن ما صدر عنه ينمّ عن جهل بحقيقة التاريخ المشرق لنبي الإسلام الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، إذ كيف يكون جاهلا والفرض أنه عالم؟! أو أن نقول أن كلامه جاء كرد فعل لأعمال الجماعات الوهابية الإرهابية الوحشية، إذ مثله يفترض فيه أن لا يؤاخذ جميع المسلمين بجريرة فئة شاذة عنهم حكموا بكفرها ومروقها من الدين، وإلا لجاز لنا أن نؤاخذ جميع النصارى اليوم بجريرة أسلافهم الصليبيين المتوحشين أو أن نؤاخذهم بجريرة حكوماتهم الاستعمارية المجرمة المعاصرة!
ومع ذا نقول: لئن كان هذا البابا الكافر قد اعتمد على تواريخ الطائفة البكرية لتشويه صورة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله فإنه مطالب بأن لا ينظر بعين واحدة بل أن يفتح عينيه الاثنتين جيدا ليرى السيرة النبوية النورانية في تواريخ ومصادر شيعة أهل بيت العترة الطاهرة عليهم السلام، فحينها سيعرف أن المسيح (عليه السلام) الذي يعتقد به، يشرّفه أن يكون عبدا لمحمدا صلى الله عليه وآله! وأن هذا النبي العظيم (صلوات الله عليه وآله) كان أعجوبة الزمان في العدل والمساواة والحرية وحقوق الإنسان ونبذ العنف ورفع الظلم وكف الإجرام والحفاظ على النفوس والأرواح مهما كان انتماؤها العقيدي أو الملّي.
وإن مما يضحك الثكلى أن هذا البابا الذي تقوم عقيدته النصرانية على أساس إهمال العقل وتعطيله يحاضر على الناس اليوم في أهميته ومنزلته! سبحان الله! منذ متى كانت النصرانية التثليثية السخيفة قائمة على أسس العقل؟! وأين العقل بل المنطق في اعتقاد مفاده: أن الثلاثة واحد! وأن الله أرسل ابنه ليكفّر عن ذنبي أنا! وأنا لم أرتكب الذنب بل ارتكبه أبي بل جد جد أجدادي وأنا قد ورثته! فإذا كان الأمر كذلك فلماذا يتحمّل الله نفسه وزر ذنبي حتى يُصلب؟! ما علاقة هذا بذاك بهذا؟!
لو أراد هذا البابا حقا أن يعرف منزلة العقل في الإسلام، فعليه بدراسة علم الكلام الإسلامي، والدخول في حوار مع الحوزة العلمية الشريفة، ربما حينها سيكتشف أن الإسلام هو الدين الوحيد القائم على أسس العقل والمنطق اليوم. وأما الجهاد، فهو حكم من أعظم الأحكام، لا يعني ما حاول هذا البابا تصويره من أنه سلاح لقتل الأبرياء، بل هو سلاح لرفع الظلم عن الأبرياء، ومقارعة الحكام الظالمين والجماعات الدموية ليس إلا. هذا والنصرانية من أكثر الأديان الملطخة بدماء الأبرياء، من مسلمين وغيرهم، بل من النصارى أنفسهم ومن اليهود، ودونه القرون الوسطى وما لاقاه العلماء فيها، ودونه الحروب الصليبية الوحشية الدموية التي يندر أن تجد لها مثيلا في التأريخ إلا عند حكومات السقيفة وبني أمية وبني العباس. فتوظيف الدين ليكون دافعا للقتل وإزهاق الأرواح، لا تجده عند المسلمين، بل عند النصارى واليهود والبكريين وأمثالهم.
وإذا كان هذا البابا مستعدا حقا لحوار الأديان الذي يتغنى به، فليدخل مع الحوزة العلمية الشريفة بحوار يتمحور حول: أي الديانتين أكثر تحريضا على القتل.. الإسلام أم النصرانية؟! ونحن شخصيا مستعدون للنقاش معه.
أما ما نطالبه به اليوم، هو وبقية المهرجين القابعين في مبنى الفاتيكان الأسود، القائم على خداع الناس البسطاء بالنصرانية الباطلة.. هو تقديم اعتذار رسمي صريح وواضح عن كل كلمة قالها وتعدّى بها على مقام خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله وسلم، فإن لم يفعل كان على النصارى عموما والكاثوليك خصوصا التبرؤ منه والمطالبة بإزاحته عن منصبه واستبداله بغيره من المتوازنين، فعلى أقل التقادير عندهم؛ قد أصبح هو اليوم مخالفا لتعاليم المسيح عليه السلام.
ووالله إن المسيح (عليه السلام) لمنكسر القلب هذه الأيام بسبب تعدّي هذا الكاذب المنتحل لاسمه على سيد الأنبياء صلى الله عليه وآله! فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ياســــــر الحبيــــــب
شعبان 1427 - لندن