4 ذو القعدة 1444
من محاسن الاتفاق والتزامن أنه ما إن عُرض فيلم سيدة الجنة عليها السلام بنسخته الفرنسية لأول مرة في باريس حتى خرج وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان بعدها بأيام قلائل ليطلق تصريحا هو الأول من نوعه قال فيه:
«إن الخطر الأول هو الإرهاب الإسلامي السني (...) ما يبدو لنا في أوروبا بمثابة التهديد الأول هو الإرهاب السني».
وإنما نعتبر ذلك من المحاسن لأنها المرة الأولى التي يُتخلى فيها عن النبرة الكريهة التي كان يستعملها الساسة المسؤولون في القوى العظمى، حين ينبزون الإرهاب بــ «الإرهاب الإسلامي» في تعميم سيء طالما استنكرناه وحثثنا على السعي لتصحيح ما ورائه بتكوين وعي عام في الغرب يميز ما بين الإسلاميْن؛ إسلام الغدير وإسلام السقيفة؛ إسلام الشيعة وإسلام غيرهم.
ولهذا أنتجنا هذا الفيلم العالمي ليكون من أقوى وسائل التوعية وأرقاها وأخصر طرقها المتمشية مع الثقافة الغربية، حيث أرجع الفيلم الإرهاب المعاصر الذي يتلبس بديننا زورا إلى إسلام السقيفة ورموزه، وفرزه بوضوح عن إسلام الغدير ورموزه، مبيِّنا أن أول ضحايا الإرهاب في الإسلام إنما كانت بنت نبي الإسلام صلى الله عليه وآله سيدة الجنة فاطمة عليها السلام.
واليوم حين نرى الوزير الفرنسي يطلق هذا التصريح المهم في زيارته للولايات المتحدة مركز صنع القرار الدولي؛ فإن ذلك يعني أن الغرب بدأ يعي الفرق، وأن هوية الإرهاب ليست «إسلامية» على التعميم؛ وإنما هي «سنية» على التخصيص، فمن رحم هذه الطائفة المدعية للتسنن وُلد الإرهاب والإجرام، أما الطائفة الأخرى الشيعية فهي حاملة لواء السلام.
وهذا تقدم في الخطاب السياسي المسؤول في الغرب يبشر بخير، وإن كنا لا نرتضي تسمية هذا الإرهاب بــ «الإرهاب السني» ونؤثر تسميته بالإرهاب البكري ضرورة أن هذه الطائفة ليست من السنة المحمدية على شيء بحسب التحقيق، غير أن إيصال الغرب إلى تقويم لغته إلى حد العدول عن هذا الاصطلاح يحتاج إلى وقت وسعي أكبر ونشاط متوالٍ.
نقول هذا على غير موافقة منا على السياسات التي تتبعها الحكومات الغربية - ولا سيما هذه الفرنسية - تجاه معضلة التهديد الإرهابي البكري، فإنها تارة تتسم بالإفراط حيث يُستعدى المسلمون جميعا بالقوانين والقرارات المجحفة التي تقيد حريتهم الدينية، وأخرى تتسم بالتفريط حيث يجبن الغرب عن تجفيف منابع الإرهاب مؤثرا الانسحاب المخزي كما حدث في أفغانستان.
واللازم للقضاء على الإرهاب حقا هو العمل على الأجندة التي طرحناها، والتي تتمحور حول المواجهة الأيديولوجية المقترنة بالمواجهة الميدانية، على أن يتولى ذلك مسلمون في منتهى الإيمان والحماس الديني، بحيث أنهم يواجهون الإرهاب بدافع عقدي، وهذا ما لا يتوفر إلا في شيعة أهل البيت عليهم السلام الرافضة.