29 ذو الحجة 1445
أقدم وزير داخلية الكويت على إصدار قرارات تضيِّق على مظاهر إحياء ذكرى استشهاد سيد شباب أهل الجنة أبي الأحرار الإمام الحسين (عليه الصلاة والسلام) كرفع الرايات المتعددة وإقامة المواكب الخدمية والمسيرات العزائية. وقد قام عمال مستأجرون بصحبة رجال الأمن بالشروع الفعلي في تنفيذ هذه القرارات حيث تم تخريب وإزالة بعض المواكب بالقوة.
بعد إبلاغ سماحة الشيخ الحبيب كان الموقف هو التالي:
سماحته أبدى شديد غضبه لهذه التصرفات الاستفزازية ذات الطابع الأموي، ويحمِّل وجهاء الشيعة في الكويت مسؤولية ما يقع لعدم استماعهم إلى تحذيراته منذ سنين عديدة من تجاوبهم اللامحدود مع الحكومة في تلك الاجتماعات التنسيقية والسماح لها بالتدخل في الشؤون الحسينية بدعوى التنظيم والمحافظة على الأمن، الأمر الذي أدى إلى أن تطلق الحكومة يدها وتتجاوز البعد الأمني حتى أصبحت تتدخل في رفع الرايات والمسيرات العزائية وساعة فض المجلس الحسيني فضلا عما يُقال وما يجب أن لا يُقال على المنابر!
سماحته يرفض مزاعم وزارة الداخلية أن المواكب الحسينية الخدمية متجاوزة على القانون ولذلك تتم إزالتها، مذكرا بأن هذه المواكب وكذلك المسيرات العزائية فضلا عن كونها من صميم الشعائر الدينية التي يكفلها الدستور والقانون؛ فإنها ضاربة بجذورها في عمق التاريخ الكويتي كتقاليد عريقة حتى قبل نشوء الدولة الحديثة كما تثبته التواريخ، ولقد اعتاد الشعب الكويتي عليها منذ ما يربو على قرن ونصف، ولا شيء في القانون يمنع وجودها، بل إن دور القانون هو التكيف مع التقاليد العريقة وحمايتها من الاندثار. على أن الحسين عليه السلام فوق القانون، لأن فوقيته مكتسبة من الله ورسوله صلى الله عليه وآله، وكل قانون وضعي لا بد أن يحترم هذه الفوقية والأعلائية وإلا يكون غير نافذ، فهكذا شأن أنبياء الله وأوليائه كما قال سبحانه: ﴿إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ألاَّ تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ﴾.
يحث سماحته حكومة الكويت بأن تراجع نفسها قبل فوات الأوان، وأن تتذكر أن الشيعة هم من حفظوا حكم الصباح قديما وحديثا، منذرا أن التضييق على حرياتهم وشعائرهم الدينية قد يؤدي يوما ما إلى مراجعة أساسية لهذه العلاقة بينهم وبين بيت الصباح، خاصة وأن هذه الحكومة الخرقاء تمس الآن بأكثر شعائرهم الدينية حساسية، ألا وهي الشعائر الحسينية، وهي إن واصلت هذه السياسة المتعجرفة فلسوف تفتح على نفسها بابا تلوم نفسها على فتحه، أدنى ما فيه أن يقال أنها حكومة غير شرعية وقراراتها غير نافذة دستوريا، ذلك لأن أمير الكويت عيَّن هذه الحكومة بغير سند من الدستور بعدما تجاوز عليه وعطَّل العمل به، فالنظام برمته الآن في الكويت نظام غير شرعي وغير دستوري، وكل قوانينه وقراراته هي - من الناحية الدستورية - في حكم العدم. «إن الشيعة لم يتجاوزوا على الدستور والقانون، ذاك هو أمير الكويت وحكومته»!
ينصح سماحته شيعة الكويت بتحدي هذه القرارات التعسفية وعدم الرضوخ لها، ورفع الرايات والأعلام الحسينية في كل مكان، وتنظيم المواكب والمسيرات العزائية كما هو المعتاد، وأن يكونوا رجالا في تحمل تبعات ذلك، خاصة وأن التبعات لا تعدو كونها غرامات هينة وبعض الاستدعاءات الأمنية المعتادة، فالحسين عليه السلام يستحق بذل النفس لأجله، وشعائره المقدسة تستحق المواجهة مع أعتى السلطات فكيف بسلطة ناعمة كالسلطة الكويتية. «إنه لا بد من فرض احترام الشعائر الدينية الشيعية بفرض الواقع عمليا في الشارع والميدان. وإذا كنا نتراجع عن رفع راية مخطوط عليها الاسم المقدس للإمام الحسين عليه السلام؛ فلا خير فينا ولا نمنينَّ النفس بشفاعته يوم الحساب! إن أسلافنا قُطعت أيديهم وأرجلهم إحياءً لأمر سيد الشهداء عليه السلام، أفلا نتحمل نحن شيئا يسيرا من أجله؟! إن شيعة علي عليه السلام - كما يقول العسكري عليه السلام - هم الذين لا يخافون؛ أوَقع الموت عليهم أو وقعوا على الموت»!
محمد أبو سلطان
مديـــــر المكتــــب
29 ذو الحجة 1445
6 يوليو تموز 2024
صورة من البيان: