2011 / 04 / 27
على إثر اعتزام عدد من نواب الطائفة البكرية في الكويت تقديم مشروع قانون للبرلمان يفرض عقوبة الإعدام لمن ينال من الخائنة عائشة وبعض الشخصيات المنافقة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله؛ حذّر سماحة الشيخ الحبيب الحكومة الكويتية من التجاوب مع هذا العبث مؤكدا أنه «لعب بالنار، وعلى هؤلاء المعتوهين أن لا يختبروا حِلمنا».
وأوضح سماحته أن هذه العقوبة مرفوضة بحسب الشريعة الإسلامية لأنه لا كرامة للمنافق وإن كان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله، كما لا حصانة للمنافقة وإن كانت زوجة لرسول الله صلى الله عليه وآله. وقد ثبت نفاق أبي بكر وعمر وعثمان وعائشة وحفصة بعشرات الأدلة، وعليه يكون التطاول عليهم مباحاً كالتطاول على المنافق عبد الله بن أبي بن سلول.
وأشار سماحته إلى أن الطائفة البكرية رغم الخلل في نظرتها لهذه الشخصيات إذ ما زالت تعتبرها شخصيات مؤمنة إلا أنه في كل الأحوال لا يسعها معاقبة من يتطاول عليها لأنه قد ثبت عندها أن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يعاقب أحداً ممن تطاول على أبي بكر وعمر وعثمان مثلاً، بل حتى الذين زعمت عائشة أنهم طعنوا في عرضها في حادثة الإفك المكذوبة ثبت عند الطائفة البكرية على الأصح والأثبت أن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يعاقب أو يضرب أحداً منهم ولم يوقع عليهم حد القذف، فقد قال الواقدي: «إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يضربهم، وهو أثبت عندنا». (مغازي الواقدي ج1 ص435) بل قد ذكر ابن القيم الجوزية أن رأس أهل الإفك - بزعم عائشة - لم يوقع النبي (صلى الله عليه وآله) عليه عقوبة قط، قال ابن القيم: «ولم يُحدَّ الخبيث عبد الله بن أُبي مع أنه رأس أهل الإفك». (زاد المعاد لابن القيم ج3 ص236)
وتساءل الشيخ حفظه الله: «إذا كان النبي (صلى الله عليه وآله) لم يعاقب الذين طعنوا في عرض عائشة كما تروون أنتم؛ فعلى أي أساس شرعي تعاقبون الذين يطعنون اليوم وكأنكم ملكيون أكثر من الملك؟! فإن قلتم: إن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يحدهم لأن الحد تطهير ولا يستحق المنافقون تطهيرا؛ قيل لكم: فكذلك اعتبروا الذين يطعنون في عرض عائشة اليوم فادرءوا عنهم الحد! وإن قلتم: إنما رفع النبي (صلى الله عليه وآله) العقاب عنهم لأن المصلحة كانت تقتضي ذلك؛ قيل لكم: فكذلك المصلحة اليوم تقتضي أن لا تقتلوا شركاءكم في الوطن بحجة الدفاع عن عرض عائشة فتوقعوا حرباً أهلية وثارات بينكم».
وأبدى الشيخ تعجّبه من غلو نواب الفرقة البكرية في الكويت، فرغم أن الأخبار الضعيفة التي ذكرت أن النبي (صلى الله عليه وآله) عاقب أهل الإفك - بحسب زعم عائشة - لم يكن فيها إلا معاقبتهم بحد القذف وهو ثمانون جلدة؛ رغم ذلك فإن هؤلاء النواب جاءوا بعقاب القتل والإعدام! مع أن الإجماع أن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يقتل أحداً طعن في عرض عائشة، بل ولم يقتل أحداً طعن في عرضه الشريف حين رُميت مارية (عليها السلام) وشُكِّكَ في نسبة ولده السيد إبراهيم (عليه السلام) إليه. «فمن أين جاء هؤلاء بعقوبة الإعدام لمن يطعن في عرض عائشة مع أن غاية ما في الأخبار - الضعيفة أصلاً - لا يتجاوز الحد ثمانين جلدة»؟!
وأكد سماحته نصره الله أن تغليظ العقوبات على من يريدون التحرّر من الأجواء المريضة التي تقدّس وتبجّل الشخصيات المنافقة التي كانت محيطة بخاتم المرسلين (صلى الله عليه وآله) لن يتوقف مهما حاول المعتوهون في الكويت تغليظ العقوبات، «فقد فعل هؤلاء ذلك من قبل حين تم إيداعنا السجن فزادوا عقوبة التطاول على من يسمونهم (صحابة) إلى السجن عشر سنين بتغيير بعض القوانين، فماذا حصل؟ هل توقف هذا التطاول أم استمر وزاد؟! متى يفهم هؤلاء أنه لا يمكن الانتصار على الفكر والضمير بالسجن أو الإعدام؟! متى يفهمون أنه لا يمكن حبس حرية التعبير بقيود قانون العقوبات»؟!
وأضاف سماحته: «ليعلم هؤلاء أن تغليظ العقوبات والتهديد بالإعدام وسحب الجنسية وإثارة الهلع في الندوات ووسائل الإعلام.. كل ذلك لن يؤدي أبداً إلى إيقاف نقد أبي بكر وعمر وعائشة ومن أشبه، ولا يمكن منع الناس من التعبير عن مشاعرهم الرافضة لهذه الشخصيات الخائنة المنحرفة، فقد بدأت الأمة الإسلامية تتحرّر من هذه الأجواء المريضة التي خلقتها المذاهب الفاسدة من صنيعة الحكومات المتعاقبة، وبدأ شباب الأمة بالعودة إلى الإسلام النقي والصحيح، إسلام محمد وآل محمد عليهم الصلاة والسلام، وهذا الإسلام لا يرى لأمثال أبي بكر وعمر وعائشة احتراماً بعد الذي أجرموه وأحدثوه في الدين، وبعدما نزل من آيات وما جاء من أحاديث في ذمهم وذكر نفاقهم وكشف خيانتهم».
وعلى صعيد متصل جدّد سماحة الشيخ الحبيب إدانته لإقدام جهاز أمن الدولة سيء الصيت في الكويت باعتقال شابين زُعِم أنهما قاما بكتابة شعارات على جدران بعض المساجد والمدارس تعبّر عن الولاء للإمام الحسين (عليه السلام) والبراءة من الطاغية عمر بن الخطاب والحميراء عائشة بنت أبي بكر.
أوضح سماحته أنه على فرض صدق قيام الشابّيْن (فرّج الله عنهما) بهذا الفعل فإنه لا يكون جريمة شرعاً، كما أنه عرفاً أمر مقبول نتيجة إصرار حكومة الكويت على إبقاء أسماء قتلة وأعداء أهل البيت (عليهم السلام) على الشوارع والمباني مما يشكل أعظم استفزاز لشيعتهم، الأمر الذي يضطر بعض شباب الشيعة أو المتشيعين حديثاً إلى التعبير عما يجيش في صدورهم بالكتابة على الجدران كما فعل ويفعل شباب الثورات العربية حين يكتبون «يسقط الطاغية فلان» على جدران المباني، فهؤلاء الشباب الشيعة أو المتشيعين من حقهم التعبير عن رفضهم لهذه الشخصيات المنافقة التي آذت الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) بهذه الطريقة ما دامت الحكومة لا تضع حداً لاستفزاز مشاعرهم برفع أسماء هذه الشخصيات على المباني والشوارع.
وفي هذا الصدد جدّد سماحته حفظه الله الدعوة لشطب هذه الأسماء وإعادة تسمية الشوارع والمباني بأسماء شخصيات غير مختلف عليها، وفي مقدمتهم رسول الله وعترته الطاهرة صلوات الله عليهم أجمعين.
جدير ذكر أن هناك شكوكاً حقيقية في أن الشابين المعتقلين هل قاما بهذا الفعل أم لا؟ حيث يبدو أن الحكومة الكويتية تحاول إرضاء نواب الجماعات السلفية الذين هاجوا أخيرا بعد انتشار العبارات الرافضة لعمر وعائشة على الجدران، فحاولت الحكومة الإسراع بإلقاء القبض على أي أحد وتلبيسه التهمة، فألقت القبض على شاب كان سقط من دراجة نارية بصحبة قائدها حيث قال سلفيون أنهما هما اللذين قاما بهذا الفعل، وأطلقت وزارة الداخلية تصريحات بأن التهمة ثابتة على الشابين لأنه قد وُجدت بحوزتها قنينة الصبغ وأن أوصاف الشهود متطابقة عليهما، لكن تبيّن بعد فترة أن الشعارات تتجدّد في أمكنة أخرى مما جعل السلطات تفرج عن الشابين وتؤكد أنهما بريئان، فهاج نواب الجماعات السلفية مرة أخرى وطالبوا «بمحاسبة من أساء إلى عمر وعائشة بمثل ما حوسب به ياسر الحبيب»! فأرادت السلطات اعتقال أي أحد فوجدت شابين لا يتجاوز عمرهما 16 سنة قيل أنهما «تعرّضا إلى الصحابة في إحدى المدارس قبل سنوات فتم فصلهما حينها» مما اعتبرته الحكومة دليلاً على أنهما قاما بهذا الفعل فألقت القبض عليهما! وهكذا يستمر التخبط الحكومي في هذه القضية.