الشيخ يبيّن الطريقة المثلى لخلاص شعب البحرين من جلاديه

شارك الخبر على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

2012 / 01 / 08

تزامنـًا مع دخول جحافل قوات درع الجزيرة الغاشمة إلى البحرين، و ردًا على سؤال للأخ سيد مهدي الحسيني الزميل في هيئة خدام المهدي عليه السلام، أجاب سماحة الشيخ ياسر الحبيب على طلب السؤال ببيان المسؤولية الشرعية المرماة على عاتق الشيعة المتفرقين في أنحاء العالم وما يتوجب عليهم فعله لنصرة شعب البحرين المظلوم في أزمته الحانقة، بافتتاح سماحته جوابه بالقول: ”أنا لا أريد أن أكرر نافلة القول، ونافلة القول في مثل هذا المقام وفي الجواب على هذا السؤال معروفة إذ الكثيرون ذكروا هذه الأمور: (لابد من مساعدة هذا الشعب المظلوم والمغلوب على أمره بشتى الوسائل، فمن يستطيع إغاثتهم بالمال فليغيثهم بالمال؛ من يستطيع إغاثتهم بإيصال صوتهم إلى الخارج، إلى مراكز صنع القرار، إلى المنظمات الدولية، بإقامة المظاهرات فعليه أن يفعل ذلك؛ وهلّم جرا كالدعاء لهم والصلاة لأجلهم وما أشبه من هذه الأعمال)“.

واستطرد سماحته ذلك ببيان رؤيته وتطلعاته لخلاص شعب البحرين من جلاديه والطغاة الذين يسيطرون عليه، وكذلك خلاص كل الشعوب الشيعية الأخرى، بالتفكير جديًا بالسير بإتجاه ربط قضية الشيعة في أي بلدٍ ما بوضعهم الحقوقي في أي بلدٍ آخر، وبعبارة أخرى توحيد المصير الشيعي على مستوى العالم، فإن لم نتمكن نتوحد على مستوى الإقليم كإقليم الشرق الأوسط مثلاً فنجعل كلمة الشيعة فيه واحدة بعد ربط كل الشعوب والفئات الشيعية واحدةً بالأخرى ثم الانطلاق تحت طلب واحد ودعوى مطلبية واحدة أمام العالم هي توحيد المصير.
وأردف سماحته على سبيل المثال أن الشيعة الآن ثاروا في البحرين ولكن ما زال يقال في الإعلام العالمي "الشيعة في البحرين" وكأن القضية تخص الشيعة فقط في هذا البلد، أما بقية الفئات الشيعية كالشيعة العراقيين والشيعة الخليجيين والشيعة اللبنانيين والشيعة الإيرانيين فكأنهم في معزل عن الموضوع ولا يخصهم مباشرة وإنما غاية الأمر أنهم يتعاطفون فقط مع الشيعة في البحرين من باب الانتماء الديني الواحد، فلا نجد صوتـًا في العراق – الذي يشكّل ثقلاً إقليميًا قويًا– يقول: "يا أيتها السياسة العالمية إن لم تحلّي مشكلة الشيعة في البحرين فنحن أيضًا نخلق لكم المشاكل في العراق، إن لم تعطوا الشيعة في البحرين حقوقهم نحن لن نعطي الأقلية البكرية في العراق حقوقها فلسنا مجبورين أن ندخلهم معنا في الحكم داخل العراق ونحن الأكثرية مثلما لا تجدون ضرورة أن تـُدخِل الأقلية البكرية الحاكمة في البحرين الأكثرية الشيعية معها في الحكم" ، وأكّد سماحته إن هذا الطرح سبق لسماحته طرحه منذ أن تشكل هذا النظام السياسي الجديد في العراق بعد الهيمنة الأمريكية وسقوط النظام، حيث طرحت الولايات المتحدة ضرورة إشراك البكريين والأكراد مع الشيعة في حصة الحكم وطرحنا نحن الاشتراط على الولايات المتحدة الأمريكية – بما أنها مسيطرة على شبه الجزيرة العربية ومهيمنة على سلطة آل سعود مثلاً– أن تضغط على آل سعود لمعاملة الشيعة بالمثل واحدة بواحدة.
وأضاف أن هكذا ربط إقليمي بميزان سياسي موحد بالنسبة للشيعة هو ما ينبغي أن يكون، لا أن يضطر الشيعة في العراق للتضحية مقابل لا شيئ، وهذا الربط من المهم أن يكون بيننا لنكون طائفة ذات مطالب تتعدى مستوى الحدود الجغرافية.
وفيما يخص شيعة الخليج بالذات فنحن نطرح عليهم توسيع دائرة الأزمة في البحرين بطرح أزمة «الشعب الشيعي في الخليج كله» بأن: «الشعب الشيعي في الخليج مضطهد ومظلوم ونحن نطالب بوطنٍ قوميٍ خاصٍ للشيعة في الخليج» ، فهكذا صنع اليهود الذين كانوا مشتتين في بلدان كثيرة لكنهم وحّدوا كلمتهم وطلبوا من الإمبراطورية البريطانية التي كانت مهيمنة آنذاك وطنًا قوميًا لهم يجمع شتاتهم، فلنتعلم من أعدائنا توحيد كلمتنا بأن نطرح على الأمم المتحدة أن تجري استفتاءًا للمنطقة الشرقية للخليج لتقرير حق المصير وتشكيل دولة للشيعة تحت مسمى «البحرين الكبرى» وهو الإقليم التاريخي الذي كان يشمل جزيرة البحرين الحالية مع الساحل الشرقي للخليج كله –من أعالي الكويت إلى أطراف الإمارات– وإذا ما لاحظنا فأن أغلب سكان هذا الإقليم هم من الشيعة، كما أن هذه المنطقة يتركز فيها النفط وهو ثروة تحت أرجل الشيعة الذين يكدحون ليلا ونهارا في شركات الانتاج النفطية لكن كدّهم وتعبهم يذهب إلى جيوب الأقلية بل عوائل الأقلية الحاكمة فقط التي مهما أعطتهم فما تعطيهم إلا الفـُـتات، فحيث أن مهمة الأمم المتحدة لا تقتصر على اجراء استفتاء لشعب جنوب السودان حيث فرز النصارى أنفسهم عن المسلمين على أساس ديني أو استفتاء لشعب كوسوفو المسلم الذي فرز نفسه عن النصارى على أساس ديني أيضا، أو استفتاء لشعب الصحراء الغربية على أساس عرقي أو استفتاء للشعب الكردي في شمال العراق على أساس عرقي أيضا، فإن إجراء مثل هذا الاستفتاء في حكم الممكن إذا طالبنا به.

وبيّن سماحته أنه لا يدعو إلى رفع السلاح، مع أن خصومنا يرفعون علينا سلاحهم ويدكوننا بدباباتهم وقذائفهم، بل يطالب بتوحيد كلمة الشيعة في الخليج على تدخل دولي أممي من قبل الأمم المتحدة، واستبدال شعار ”الشعب يريد إسقاط النظام“ بشعار ”الشيعة يريدون تقرير المصير“ ويُهتف بهذا الشعار في الخليج كله لا في البحرين فقط، مؤكدًا سماحته أن بتوسيع دائرة مطالبنا فحينذاك فلنستبشر في البحرين وغير البحرين بالنصر لأن القضية ستكون قضية دولية أكبر من مطالبة عائلة آل خليفة بإرجاع "دستور 1973" والتزامها بما يسمى "الميثاق" أو مطلب "إصلاح النظام" السخيف الذي كان مرفوعا في بادئ الأمر ثم اضطروا لتغييره بعد أن رؤوا القتل والمجازر إلى مطلب "إسقاط النظام" ولن يسقط النظام بهذا المطلب وهذا التحرك إذا لم يكن سقفنا المطلبي عاليًا، فعلينا أن نرفع رأسنا ونطالب بأقصى ما نتمكن ولو كان ذلك من باب المناورات السياسية، وأرجع سماحته جذور المشكلة إلى الجهل السياسي حيث أنه ليس لدينا ساسة أذكياء حاذقين يفهمون بل محصّل ما لدينا هو جهل في جهل بالإضافة لساسة ذوو روابط عمالة استعمارية أيضا في بعض الأحيان.
وشدّد سماحته أن برفع سقف المطالب وتدويل القضية إقليميًا لتصبح قضية كبرى سيلتفت لنا العالم بشكل أكبر، وكذلك الدول الاستعمارية ومراكز صنع القرار العالمي حيث سوف تتغير حساباتها، مبديًا سماحته أسفه الشديد لعدم وجود هذا الطرح في الأمة البحرانية، وحامدًا الله تعالى لإستيعاب بعض الأخوة المؤمنين الذين أنعم الله عليهم برجاحة العقل في البحرين لهذا الطرح بأنه ممكن التحقيق والقيام به وقطف ثماره عمليًا ولكن بعد جهاد مرير وسنوات من العذاب والتضحيات، فقد تحقق عمليًا عند الكرد في العراق وفي جنوب السودان الذين هم على مشارف تأسيس دولتهم المستقلة.
وأكّد سماحته أنه ينبغي على المؤمنين أن يفهموا من أين تؤكل الكتف وكيفية التعامل مع الدول الكبرى – التي ستكون مستعدة إلى أن تعطي الشيعة في الخليج دولة مستقلة – إذا كان هناك ساسة شيعة أذكياء ممن يعرفون كيف يتعاملون معهم على قاعدة «خذ وأعطي» لمّا يجدونهم أضمن لمصالحهم من غيرهم، وسيضربون بعرض الجدار الثارات القديمة بينهم وبين الشيعة والتشيّع كما ضربوا بعرض الجدار عِدائهم الداخلي النفسي ضد الإسلام في البوسنة والهرسك وفي كوسوفو التي صارت دولة مستقلة بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية رغمًا عن أنف روسيا وصربيا ومعظم الدول الأوروبية التي كانت تعادي نشوء دولة مسلمة أخرى في أوروبا، فالدول الكبرى لا تعرف إلا دين المصلحة.

واستدرك سماحة الشيخ الحبيب أنه بالإضافة إلى النتيجة السلبية لقعود الساسة الشيعة عن تطبيق هذه الفكرة بضياع حقوق الشيعة وبقائهم تحت نير هذه الحكومات الظالمة، فإن لهذه المشكلة جذر إيجابي حميد هو أن النفسية الشيعية يصعب عليها أن تتقبل المستعمِر كما يتقبّله المخالف الذي يتعاطى بسرعة مع المستعمِر، حيث على سبيل المثال تعامل شريف مكة مع المستعمِر فأقام الثورة العربية الكبرى بالتعاون مع بريطانيا لتفكيك السلطنة العثمانية، ما أدى إلى تقسيم هذه الأمة إلى دويلات سايس بيكو، ورسم الحدود الجغرافية، ثم كان للمستعمِر عملاء في كل دويلة من هذه الدويلات يخضعون له، فكان آل سعود عملاء الإنجليز ثم حينما دارت دفة العالم إلى الولايات المتحدة الأمريكية أصبحوا عبيدًا لها، وقد أتى المستعمِر البريطاني بحكام الأردن ومصر بينما أتى المستعمِر الفرنسي بحكام تونس والجزائر والمغرب، وهكذا يدار العالم في الواقع المعاصر فمن يعجبه أن يدخل في اللعبة بهذه الشروط قبلوه ومن لا يقبل فليضرب رأسه بالجدار، وهذه اللعبة خطرة جدًا ولا يجوز الدخول فيها إلا بإذن الحاكم الشرعي الذي هو مرجع التقليد الجامع للشرائط.

واستخسر سماحته نزيف الدماء المسفوكة في ثورة البحرين التي لم يكن لها خارطة طريق منذ البداية وليس لها ساسة يعرفون من أين تؤكل الكتف بل لها ساسة لا يعرفون موازين السياسة العالمية، وكان يمكن توفير كل هذا الأمر بدلاً من الوصول إلى الطريق المسدود الذي لا خلاص له إلا بتدويل شيعة البحرين قضيتهم بربط أنفسهم بباقي الشعوب الشيعية في الخليج حتى يصبحوا شعبـًا شيعيًا واحدًا له كلمة واحدة هي إقامة وطن قومي للشيعة في الخليج تحت مسمى البحرين الكبرى، والدعوة لذلك مشروعة في كافة الأعراف والمواثيق الدولية.
ونوّه سماحته مجددًا أن هذا الأمر ليس خيالاً بل أنه أمر يمكن تحقيقه وإن بدا للوهلة الأولى أنه مستحيلاً، ولكنه ليس مستحيلاً بل صعبًا ويحتاج إلى سنوات من التعب والتضحيات كما أسلفنا، ولكنه يتحقق وإذا لم يتحقق ننال ما هو دون ذلك، فإذا استشعرت الدول الكبرى المهيمنة على العالم أن القضية جدية وأن الشيعة بالفعل بدؤوا بعصيان مدني وأن الوضع في الخليج التهب وأن المصالح الموجودة ومصافي النفط كلها في معرض التهديد بسبب هذا الاضطراب الموجود، فإنها ستضطر إلى أن ترضي الشيعة فإن لم تعطيهم البحرين الكبرى فستعطيهم ما هو أقل، فكما قال أمير المؤمنين «عليه السلام»: من رام شيئا ناله أو بعضه.
وكل هذا بالوسائل السلمية والمفاوضات واستثارة الضمير العام العالمي كما صنع نيلسون مانديلا في جنوب أفريقيا بعد سنوات من الجهاد من أجل إنهاء نظام الفصل العنصري هناك، حيث لم يكن باستطاعته أن يعوّل على الجيش والسلطة الحاكمة بأن ينحازوا إليه لأنهم من البيض الذين يكرهون السود، بل كان تعويله على الضمير العالمي إلى أن نجح في هز الضمير العالمي فعلاً بزخم إعلامي كبير أجبر الدول الكبرى على أن تجبر حكومة جنوب أفريقيا على إنهاء نظام الفصل العنصري وتشكيل دستور جديد ليأتي بعدها نيلسون مانديلا للحكم بعد انتخابات حرة ونزيهة ويصبح رئيسا للبلاد، ولا تختلف قضية البحرين عن قضية جنوب أفريقيا إلا في أن هذا النظام نظام فصل طائفي تحكم فيه الأقلية البكرية وتتجمع عندها كل القوى من القوات المسلحة والثروات الباطنية والمال العام وصنع القرار أما الأغلبية الساحقة فأنها لا تحكم ولا تملك شيئا ولا تعوّل على هذا الجيش أن ينحاز إليها – والذي هو مجموعة مرتزقة من البلوش والباكستانيين ومن أشبه والذين سيبقون إلى آخر لحظة من حياتهم أوفياء لولي نعمتهم من آل خليفة– بل تعوّل على الضمير العالمي الذي لا يمكن تحريكه فجأةً مع مزاحمة القضايا الدولية الأخرى له كقضية ليبيا وقضية اليمن مثلاً واللتان دخلتا على الخط فشتتتا الانتباه عن قضية البحرين، فكان على الإخوة في البحرين أن يتأكدوا من خلو العالم من القضايا المشابهة قبل أن يبدؤوا ثورتهم ومن ثم يبدؤوها بشعار "الشعب يريد إسقاط النظام" أو يوسّعوها إلى "الشعب يريد البحرين الكبرى" بالتنسيق مع إخوتهم في الإحساء والقطيف على أقل التقادير، بحصر «البحرين الكبرى» بهذه البقعة (البحرين – الإحساء – القطيف) فتشتعل المظاهرات والاعتصامات في الوقت ذاته في هذه المناطق الثلاث تحت نداء موحّد هو "الشعب يريد البحرين الكبرى"، وثم الاستمرار على هذا الأمر الذي ربما يطول سنوات أو ربما يطول أيام إذا رأى الله منـّا صدق النية فيعجّل لنا بالنصر كما حصل مع قوم أحد الأنبياء السابقين الذي أوحى الله إليه أن يقول لقومه أن عليهم أن يجاهدوا ذلك الطاغية لعشرين عاما إلى أن يأتيهم النصر ففوّضوا أمرهم إلى الله وما مضت اشهر قليلة إلا وانتصروا فسألوا نبيهم كيف اخبرتنا بأن علينا أن نجاهد ونقاتل عشرون عاما ثم في اشهر قليلة انتصرنا؟ فأوحى الله إليه قل لهم لأنكم فوّضتم أمركم إليّ عجّلت لكم بالنصر، فلو تعاملنا هكذا مع الله تبارك وتعالى لعجّل الله لنا بالنصر، وعلينا أن نلتفت كيلا يستفيد غيرنا من جهودنا بلعبة استعمارية.

وختم سماحته الجواب بأن علينا في كل الأحوال أن ننصر المظلوم ونأخذ التكليف من الحاكم الشرعي، والله إن شاء الله يخلصنا من كل هلاء الطغاة بظهور إمامنا صاحب العصر صلوات الله عليه.

شارك الخبر على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp