الشيخ الحبيب يكشف التاريخ الطائفي لحكومة الكويت

شارك الخبر على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

2012 / 03 / 02

على خلفية تجاسر أحد النواصب المعتوهين تجاسرًا وقحًا جدًا على مقام سيّدنا صاحب الأمر صلوات الله عليه، وجّه سماحة الشيخ ياسر الحبيب حفظه الله – في يوم الإثنين 23 ربيع الأول 1433 هجرية – خطابا للشيعة في الكويت بيّن في مقدمته التمهيدية أسباب الاحتدام الطائفي في الأمّة في الزمن الراهن، مبيّنـًا أن كل هذا الاحتقان يتلخص في سببين، الأول هو تقدم وسائل الإعلام والاتصال والتكنولوجيا الحديثة مما أدى لانكشاف أوراق كافة الطوائف والفئات الاجتماعية، والثاني هو تغيّر بعض القوى والموازين السياسية على خارطة العالم من جهة أخرى.
وفسّر سماحته السخط الشيعي المتنامي بشأن هذه القضية بأنه يأتي نتيجة لتراكمات الهتك المنظـّم والمتواصل لمقام الإمام حجة الله «صلوات الله عليه» في وسائل الإعلام البكرية الناصبية، ونتيجة للتحشيد والتخندق البكري الطائفي المتمثل في التداعي لنصرة هذا المأبون من قبل علية القوم وكأنه قد اصبح بطلاً قوميًا، وهذا كله إلى جانب إنعدام العدالة من الحكومة واتباعها سياسة الكيل بمكيالين؛ داعيًا سماحته الإخوة المؤمنين في الكويت وبالأخص الشباب الصاعد إلى عدم القفز على الواقع والحقائق وذلك بعدم الاستماع لمن يقومون بإضفاء المسحة الملائكية على حكومة آل الصباح، مشددًا في الوقت نفسه على أن الأمم الغربية تطورت بقرائتها التاريخ كما هو، بأن تأتي بما لها وما عليها، كما هو الحال في الأمة البريطانية التي لم تخفي صفحاتها السوداء، بينما سعت الأمة الكويتية للتملّص من تاريخ حكّامها الأسود، فحيث أن الدستور الكويتي يقول أن الحكم محصور في ذرية مبارك الصباح فأن مبارك الصباح نفسه ما استلم الحكم إلا بقتل أخويه "محمد الصباح" الذي كان أميرًا و"جرّاح الصباح" الذي كان وليًا للعهد.

وأكّد سماحته، قبل الشروع باستعراض التاريخ الطائفي لحكومة الكويت، بأن الكويت لم تبلغ ذلك السوء في الحروب الطائفية كالبلدان الأخرى ولكن ذلك لا يعني أنها لم تشهد اضطهادًا وتفرقةً عنصرية اتجاه الشيعة ما زالت مستمرة إلى الآن.
وشرع سماحته في استعراض تلك الدلائل الصارخة التي تبيّن النزعة الطائفية لحكومة الكويت على مدى حقب التاريخ، والتي كانت أولاها حرمان الشيعة من الترشح لانتخابات المجلس التشريعي الأول، في سنة 1938 في عهد الحاكم أحمد الجابر الصباح وولي عهده عبد الله السالم، مما أدى لقيام الشيعة بمظاهرات طافت شوارع الكويت لأول مرة تهتف بسقوط المجلس، وبالتالي تهديد الحكومة لهم بالترحيل من البلاد.
وقد لجأ قاضي الشيعة آنذاك، في عهد الانتداب البريطاني، إلى مراسلة الحكومة البريطانية، بعد إحساسه بالغبن والتهميش الواقع على الطائفة الشيعية، طالبًا منهم حماية الشيعة من تعديات وإهانات القابضين على أزمّة الحكم في الكويت، والذين هددوه بالترحيل لطلبه الجنسية البريطانية، التي طلبها بدوره ليفرض نفسه في الكويت ولا يعامل معاملة المواطن من الدرجة الثانية، وشمل هذا التهديد بالترحيل القسري كافة الطائفة الشيعية بعدما أحست حكومة الكويت بخطر توجّه الشيعة إلى هذا الاتجاه.
ومن هذه الدلائل على التمييز والنعرة المذهبية لدى هذه الحكومة أيضا ما جرى في انتخابات سنة 1981، حينما أقيمت انتخابات فرعية بين الأقلية البكرية في الدائرة الانتخابية الرابعة – الدِعية والشعِب – بدعم ملحوظ من الحكومة، وكل هذا إلى جانب وقوف هذه الحكومة مع نظام صدام في حرب الثمان سنوات بإمداده بالسلاح والأموال، وزج الشيعة في السجون في تلك الحقبة مع التنكيل بهم بشتى أنواع التعذيب، ناهيك عن إخراج السيد محمد باقر الفالي من البلاد واعتقال نشطاء الانترنت المناصرين للثورة البحرانية الأخيرة.

وأرجع سماحة الشيخ مصادر هذه الشواهد التاريخية إلى كتاب (التطور السياسي والاقتصادي للكويت بين الحربين 1914-1939) للدكتورة نجاة عبد القادر الجاسم، ومذكرات خالد سليمان العدساني – سكرتير المجلس التشريعي الأول – ، والأرشيف البريطاني، وكتاب (مدخل للتطور السياسي في الكويت) للدكتور غانم النجار، داعيًا سماحته الشيعة في الكويت إلى عدم الارتماء في أحضان الحكومة وأن يتعاملوا معها معاملة الند للند.

كما دعا سماحته المؤمنين في الكويت للمطالبة بتحديد هوية الدولة، وذلك بإعادة تأسيسها لتكون دولة مدنية لها دستور جديد وقوانين جديدة تنظـّم طبيعة العلاقة بين الحاكم والمحكوم وبين الطوائف الاجتماعية في البلد كيلا تنجر الكويت نحو الانفلات السياسي والحرب الأهلية – لا سمح الله – نظرًا لاتساع فجوة التناقضات في المجتمع.
وأضاف سماحته، مخاطبًا النشطاء سياسيًا باسم الشيعة في الكويت، أنه ليس من الحكمة سياسيًا أن ندين أنفسنا من أجل إعادة نظم العلاقة بيننا وبين الطرف البكري وبين نظام الحكم، وذلك لأن الطرف الثاني لن يعاملنا بالمثل فلا داعي لاستذلال النفس، وكان يكفي من جوبه بزوبعة أنصار عائشة آنذاك أن يجيب دبلوماسيًا بأنه لا شأن لنا بشيئ حدث خارج حدود البلد، ولا نتحمل مسؤولية تصرفات الغير الذي يتحمل مسؤوليته بنفسه.
أمّا من الناحية الشرعية فأن إدانتنا ومساواتنا بهذا المتجاسر على مقام الإمام «صلوات الله عليه» هي جريمة بحد ذاتها، لأنه "لا سواء" بين من يهين عائشة ومن يهين صاحب الأمر صلوات الله عليه، إذ لا وجه للقياس.
وحدّد سماحته المخرج الشرعي لمن يريد أن لا يحيد عن مبدأه، ويريد تفادي الإحراج ممن يرى أن الاحتفال بهلاك عائشة إساءة، أي أنه يريد من الطرف الآخر أن يدين المسيء للإمام المهدي «صلوات الله عليه» دون أن يدين هو من أساء لعائشة بالمقابل، بأن يقول التالي:
•عائشة شخصية مختلف ومتنازع فيها بين المسلمين، أمّا أئمة أهل البيت عليهم السلام فمحل إجماع في صلاحهم، بمن فيهم الإمام المهدي عليه السلام الذي ترجمه بعض كبار علماء أهل الخلاف وقالوا أنه مولود.
•أن من يتكلم عن عائشة فأنه يتكلم من باب ردة الفعل، فعائشة أجرمت وتسببت على الأقل بمقتلة كبيرة في حرب الجمل، وأصل الجريمة ثابت، أمّا في المقابل فأن الإمام الحجة لم يسئ لأحد ولم يقتل أحد فالإساءة إليه ليست من باب ردة الفعل.
•أن عائشة أساءت لرسول الله «صلى الله عليه وآله» واعتدت عليه لمّا اتهمته بأنه مسحور، بل تظاهرت عليه ونزل فيها قرآن يتلى آناء الليل وأطراف النهار من فوق سبع سماوات، فإدانتها ثابتة في كتاب الله، ولا تجد ذلك في الإمام المهدي فلذا من يسيء إليه فهو البادئ بالتعدي بلا دليل شرعي.
•إهانة عائشة تأتي بالورقة البحثية ومصادرها من كتب أهل الخلاف، أمّا التجاسر على الإمام صاحب الأمر «صلوات الله عليه» فلا يأتي إلا بكلام سوقي خالي من المضمون العلمي.

ثم تطرق سماحته إلى رد شبهة أن اللعن والإساءة لرموز الآخرين مخالفة لمنهج أهل البيت عليهم السلام، مبينـًا سماحته عظمة التكفل بكشف مخازي المنافقين الأوائل الذين زيّفوا مسيرة الإسلام وما لهذا التكفل من الأجر والثواب عند الله تعالى.
وأكد الشيخ قبيل ختام محاضرته، التي طالت أكثر من خمس ساعات، أن المطالبة بتحديد هوية الدولة في الكويت لتصبح دولة مدنية هو الحل الأنسب لتحقيق العدالة وفض الأزمات من هذا المثيل، وهو طرح ليس صعب التحقيق بل يمكن تحقيقه خلال خمس سنوات فقط كما يمكن تحقيق إطروحة إقامة دولة البحرين الكبرى خلال عشرين سنة فقط من العمل الجدي، مشددًا سماحته أن هذا المنهج رسمه لنا أهل البيت عليهم السلام وهو مأخوذ من دلائل عديدة منها ما جاء في ذيل الرواية التي رواها كليب بن معاوية الأسدي الصيداوي عن الإمام الصادق عليه السلام وهو "فإن تميّز القوم فتميّزوا"، وهي العبارة التي عنوْن بها سماحة الشيخ محاضرته.



شارك الخبر على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp