الشيخ يستنكر تعظيم بعض أعداء أهل البيت عليهم السلام من قبل بعض جهلة خطباء المنابر الحسينية

شارك الخبر على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

2012 / 03 / 12

عبّر سماحة الشيخ ياسر الحبيب «حفظه الله» عن استنكاره واستيائه الشديد من امتداح فئة من عوام الشيعة بعضـًا من أعداء الله وأعداء رسوله وأعداء الأئمة الطاهرين «صلوات الله عليهم» والترحم عليهم لأنهم قاموا بأعمال صالحة ظاهرًا، دون التفتيش عن الدوافع الحقيقية لهؤلاء الأعداء من وراء أعمالهم هذه، كما أبدى سماحته تأسفه من أن يصدر ذلك أيضا ممن يرتقون منابر أهل البيت (عليهم السلام)؛ جاء ذلك خلال إلقاء سماحته محاضرة جديدة بعنوان «ظلم الأمة للإمام علي عليه السلام» ألقاها من منبر حسينية سيد الشهداء عليه السلام في لندن مساء السبت الموافق للثالث من ربيع الثاني لسنة 1433 هجرية.
ونزل سماحته بشدة على بعض المعممين الجهلة الذين يصعدون المنابر ويترحمون على المأبون عمر بن عبد العزيز «لعنة الله عليه»، ويصفونه بـ"الخليفة الراشد" لمنعه من سب ولعن أمير المؤمنين (عليه السلام) على المنابر، دون أن يعرفون حقيقة هذا الرجل وما هي دوافعه من هذا العمل.
ونوّه سماحته إلى فلسفة منع عمر بن عبد العزيز من سب أمير المؤمنين «عليه السلام» والتي كانت لأجل الدنيا ولم تكن لله تعالى، حيث أن الأمة كانت قد وصلت إلى مرحلة من الانفجار، وأحد عوامل هذا الانفجار كانت السب واللعن المتكرر لعلي بن أبي طالب وأهل بيته (عليهم السلام)، فأراد عمر بن عبد العزيز بمنعه هذا السب واللعن أن يحفظ خلافة بني أمية.
وكأمثلة من جرائم عمر بن عبد العزيز أشار سماحة الشيخ الحبيب لهدم هذا الناصبي دار الزهراء البتول «صلوات الله عليها» واصفاً إياه بعمر الثاني حيث أن عمر الأول –عمر بن الخطاب– كان قد أحرق دار الزهراء ولكنها بقيت بعد ذلك، إلا أن عمر الثاني –عمر بن عبد العزيز– جاء وأكمل مسيرة جده وهدمها كليةً؛ وكمثالٍ آخر فقد حكم «لعنه الله» على رجل بالجلد حتى الموت لمجرد أنه قد نال من معاوية، ناهيك عن ذم أهل البيت (عليهم السلام) لعمر بن عبد العزيز، فقد قال فيه الإمام السجاد: ”فإذا مات لعنه أهل السماء وبكى عليه أهل الأرض“
(الأصول الستة عشر/ص230 ؛ بصائر الدرجات للصفّار القمّي/ص170/ح1 ؛ دلائل الإمامة للطبري الإمامي/ص88 ؛ الخرائج والجرائح/ج1/ص268 ؛ بحار الأنوار/ج46/ص251)

واستطرد سماحته إلى استعراض نماذج من ظلم الإمام علي (عليه السلام) من قبل المدعو محمد بن إدريس الشافعي – إمام الشافعية – الذي انخدع به بعض الجهلة من الشيعة لقوله: ”إن كان رفضًا حب آل محمد .. فليشهد الثقلان أني رافضي“ فيتصورون أنه صار واحدًا من الصلحاء من خلال هذه الأبيات!.
كما عبّر سماحة الشيخ عن إمتعاضه من عقدة التصاغر حيث يفرح الشيعي بأي كلمة يستشم منها شيئا من الإنصاف تجاهه، رافضا سماحته هذا المبدأ ومشددا على ضرورة معرفة دواعي هذه الكلمات، وأضاف .. أن هؤلاء الذين يمتدحون الشافعي لم يلتفتوا إلى دوافع هذا البيت من الشعر، فتصوروا أنه قاله لله.
وقبل أن يبيّن سماحته فلسفة قول الشافعي لهذه الكلمة، التي لم تأت حبا للرافضة أو حتى حبًا لأهل البيت «صلوات الله عليهم» ، أردف سماحته أنه فصّل فلسفتها في بعض محاضراته السابقة، داعيًا المؤمنين للتحقيق في مسيرة هذا الرجل، ومعرفة أنه في فترة من الفترات استوطن اليمن، وكان يخالط الزيدية لمّا كان هناك، وكان الزيدية – وخصوصا الجارودية منهم – يرمون بالرفض فقال هذا البيت محاباةً لهم.
وانتقل سماحته لنقل بعض الأقوال عن أئمة أهل الخلاف حيث كان في سياق إستعراض نماذج من ظلم الأمة للإمام علي (عليه السلام) بتعاملهم مع قتلة أمير المؤمنين «عليه السلام» وأعدائه بطريقة تختلف عمّا يتعاملون به مع قتلة أبي بكر وعمر وعثمان وأعدائهم؛ فمن جملة هذه الأقوال قول لأحد أئمة الشافعية وأعلام مذهبهم اسمه شهاب الدين أحمد بن حمزة الرملي الشافعي، الذي جاء في كتابه "فتاوى الرملي" الذي جمعه ابنه شمس الدين، وفيه مجموعة فتاواه التي جاء فيها سؤال عن حكم لعن يزيد وسؤال عن حكم عبد الرحمان بن ملجم، أجاب بالنص: ”لا يجوز لعن يزيد بن معاوية كما صرّح جماعة منهم صاحب الخلاصة وغيره لأنه صلى الله عليه [وآله] وسلم نهى عن لعن المصلين، ومن كان من أهل القبلة، ولا يخالفه قول بعض المتأخرين اتفقوا على جواز اللعن على من قتل الحسين أو أمر به أو أجازه أو رضي به لأن معناه على وجه التعميم، وهو لعن الطوائف المدة المذكورة بالأوصاف دون تعيين الإنسان فيكون من باب لعن الله الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وحاملها والمحمولة إليه والآكل ثمنها (رواه إبن داوود وإبن ماجه)، بل لم يثبت أنه قتل الحسين ولا أمر بقتله كما صرّح به جماعة منهم حجة الإسلام الغزالي، وقال في الأنوار لا يجوز لعن يزيد ولا تكفيره فإنه من جملة المؤمنين، وقال الغزالي: إعلم أنك في هذا المقام بين أن تسيء الظن بمسلم وتطعن فيه وتكون كاذبًا أو تحسن الظن وتكف لسانك عن الطعن فيه، وأنت مخطئٌ فالخطأ في حسن الظن بالمسلمين أسلم من الصواب في الطعن فيهم، فلو سكت إنسانٌ عن لعن إبليس أو لعن أبي جهل أو أبي لهب أو أحد من الأشرار طول عمره لم يضره السكوت، ولو هفى هفوة بالطعن في مسلم بما هو بريءٌ عند الله منه فقد تعرض للهلاك“.
إلى أن يصل لجواب السؤال الثاني فينقل شهاب الدين أحمد بن حمزة الرملي حكم إمامه الشافعي في عبد الرحمان بن ملجم الذي قتل عليًا، فيقول: ”هو مسلمٌ من الخوارج الذين يكفرون مرتكب الكبيرة، فقد قال الشافعي رضي الله عنه إنه قتله متأولاً بأنه وكيل إمرأة قتل عليٌ أباها فاقتص منه يعني متأولاً عنده، وقطع عبد الله بن جعفر رجليه ويديه فلم يجزع، ثم أرادوا قطع لسانه فجزع، فقيل له: لِمَ لا جزعت لقطع يديك ورجليك وجزعت لقطع لسانك؟ قال: إني لأكره أن تمر ساعة من نهار ولا أذكر فيها اسم الله تعالى!“

واختتم سماحته محاضرته في بيان نصب الشافعي من خلال هذا النص، حيث يثبت النص تعامل الشافعي مع ابن ملجم بكل لطف ثم محاولته ترقيق القلوب على قاتل أمير المؤمنين بإظهاره بصورة المؤمن الدائم الذكر لله و لا يهمه قطع يديه ورجليه إلا أنه يجزع حين قُطع لسانه حيث لا يتمكن من ذكر الله. وأبدى سماحته تعجبه واستغرابه من هذا النصب والعداء من هذه الفرقة التي تخالف حتى الكفّار من اليهود والنصارى والبوذيين الذين يتأثرون حين تُذكر لهم قصة الحسين (عليه السلام) ولا تسمح لهم إنسانيتهم باحترام قاتل الحسين فيذمونه، بينما يمتدحه الشافعي وأتباعه.

شارك الخبر على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp