في خامس جلسات البث المباشر المباركة لجمع التبرعات لبناء مسجد السبط الثالث (المُحَسِـّـن الشهيد) عليه وعلى أمّه وأبيه صلوات الله وسلامه، وعلى قتلته وقتلة أمّه وأبيه وظالميهم لعنة الله وانتقامه، ليكون أول مسجد شيعي في لندن يحمل هذا الاسم الشريف، كشفَ سماحة الشيخ ياسر الحبيب «حفظه الله» عن تلقيه اتصالا من أحد مشايخ قم المقدسة يسأل فيه عن سبب إصرار الشيخ الحبيب وحاشيته المحترمين على مخالفة ضبط نطق التسمية الشائعة لدى عامة الناس في اسم ثالث أبناء الصدّيقة الطاهرة «صلوات الله عليها» إذ أنهم ينطقونه المُحَسِـّـن – بفتح الحاء وتشديد السين مع الكسر – لا بتسكين الحاء وكسر السين أي (المُحْسِن) كما عهدت ذلك مسامع الناس.
وأردف الشيخ الحبيب حفظه الله ورعاه وأبقاه شوكة في عيون النواصب والظواهر البالونية، أنه أجاب ذلك العالم الكريم بأن هذا اللفظ هو ما وردَ في ترجمة هذا السبط الشهيد، وبيان ذلك يحتاج إلى مراجعة المصادر التي لم تكن حاضرة في ذهن سماحته، واعدًا إيّاه بأن يأتي على استعراضها بشكل عاجل وسريع خلال حلقة البث المباشر بإذن الله تعالى، أملاً في أن يستفيد من ذلك المشاهدون الكرام أيضا ليصححوا هذا اللفظ الشائع المغلوط حول السبط المظلوم.
وعلى بركة الله تعالى استفتح الشيخ الحبيب ذكر الأدلة و المصادر بما جاء في كتب اللغة ومتون السير التاريخية في التراث الإسلامي، فأوجز عددًا من الأدلة وهي:
• نقل ابن منظور عن ابن خالويه بأنه قد ذكر شرحا قال فيه:
شَبَّرُ وشَبِيرٌ ومُشَبَّرٌ هم أَولاد هارون، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، ومعناها بالعربية حسَن وحُسيْن ومُحَسِّن، قال: وبها سَمَّى علي عليه السلام أَولاده شَبَّرَ وشَبِيراً ومُشَبِّراً يعني حسناً وحسيناً ومُحَسِّناً، رضوان الله عليهم أجمعين.
(لسان العرب/ مادة شبر)
• ذكر الزبيدي أن (الحسَن والحُسيْن والمُحسِـّن) هي ترجمة أسماء أبناء هارون (شُـبّر وشُـُبيْر ومُشبِّر) إلى اللغة العربية، ثم أشار بالنص إلى أن الأخير يُلفظ هكذا بالتشديد كما جاء في أصل الروايات، ويقصد بالروايات ما جاء في أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان من سمّاهم بهذه الأسماء.
(تاج العروس من جواهر القاموس/ج3 /ص 389)
• ترجم ابن حجر العسقلاني شخصية المُحسِـّن بن علي بن أبي طالب، باعتبارها في ميزانه شخصية (أحد الصحابة) فقال: المحسن – بتشديد السين المهملة – ابن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب الهاشمي سبط النبي.
(الإصابة في معرفة الصحابة/ج3 /ص471)
• روى العصامي المكي: ”فولدت فاطمة حسنـًا وحسينـًا ومحسنـًا – بميمٍ مضمومة، فحاءٍ مهملة، فسينٍ مشدّدة مكسورة –“
(سمط النجوم العوالي في أنباء الأوائل والتوالي/ج1 /ص437)
ولم يسمح الوقت للشيخ الحبيب للاسترسال في حديثه، إذ سرعان ما كاشفه مقدّم البرنامج الأستاذ عبد الله الخلّاف بانهمار سيل التبرعات القادمة لبناء مسجد السبط الشهيد في لندن واستتباع ذلك سيل من الرسائل الواردة على موقع قناة فدك وعضويات الطاقم الفني التطوّعي للقناة في مواقع التواصل الاجتماعي وهواتفهم الشخصية بشكل غريب يوحي بالاستشعار أن البرنامج محط نظرة كريمة من عين الزهراء عليها السلام إذ ساهم وجود الشيخ في البرنامج خلال هذه الفترة القصيرة بحلول بركة عظيمة من خلال هذا البرنامج دفعت بتدفق التبرعات لبناء المسجد من محبي فاطمة الزهراء عليها السلام حول العالم، سواءًا من مؤيدي هذا المنهج في نصرة الزهراء البتول عليها السلام من خادمها الوفي الشيخ ياسر الحبيب أو من مخالفيه على حدٍ سواء، إذ جر البرنامج حتى بعض أبناء العامة ليتبرعوا ويسهموا في سبيل إحياء هذا المشروع وإعلاء رايته.
هذا ولا تزال حملة التبرعات قائمة إلى حد كتابة هذا التقرير، وتشير المعطيات الأولية إلى الاقتراب من جمع أكثر من نصف المبلغ المطلوب، واستبشار وجوه المؤمنين والمؤمنات خيرا، ببركة ما قدّموه لآخرتهم قبل دنياهم، أو لدنياهم قبل آخرتهم دون اختلاف في كلتا العبارتين لكون من يقدّم عونـًا في هذا السبيل يعود عونه عليه بالبركة والرزق وتيسير قضاء الحوائج.