2013 / 05 / 03
صدر عن الشيخ ياسر الحبيب البيان التالي:
بسم الله المنتقم القهار شديد العقاب
الجريمة التي ارتكبها بقايا الأمويين في الشام بنبش قبر سيدنا الشهيد حجر بن عدي الكندي (رضوان الله تعالى عليه) وسرقة بدنه الشريف ودفنه في مكان مجهول؛ تنذر بعاقبة وتستدعي تحولا وتفرض تكليفا.
أما العاقبة؛ فستكون سوءا على هؤلاء المجرمين الإرهابيين في الدنيا والآخرة، كما ساءت عاقبة سيدهم معاوية - قاتل حجر - إذ كان يردّد وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة: «ويلي منك يا حجر! إن يومي منك لطويل»!
وقد روي عن إمامنا الصادق عليه السلام: «يقول الله عز وجل: من أهان لي وليا فقد أرصد لمحاربتي». فهؤلاء بجريمتهم البشعة هذه قد جعلوا أنفسهم في حرب مع الله تعالى إذ أهانوا وليّا من أوليائه وانتهكوا حرمته، فلم تعد حربهم مجرد حرب دنيوية مع نظام سياسي يريدون إسقاطه والاستيلاء على السلطة من بعده، بل تعدّوا هذا الطور إلى حرب مع الله القاهر الجبار، وليست الحرب مع الله هزلا كتلك، فما هي إلا مهلة وسيروْن عاقبة ما صنعوا، حكما فصلا من الله تعالى القائل وهو أصدق القائلين: «إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ * وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ * إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدًا * فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا».
وأما التحوّل؛ فهو لمسار الحدث في سورية الذي بدأ بانتفاضة عفوية شعبية تنادي بالحرية وانتهى إلى حرب أهلية طائفية فُرضت على الشيعة. ولقد كنا ممن وجّه الخطاب لهؤلاء الذين زعموا أنهم ثوار أننا لسنا معنيين بالدفاع عن النظام الذي تحاربونه، كما أننا لسنا معنيين بالوقوف معكم، فنحن على الحياد لكننا مع مبدأ حق الشعوب في التخلص من أنظمتها الجائرة وتحديد مصيرها. ونصحنا هؤلاء بأن لا يقحموا الشيعة كطرف في الصراع بحجة أن أطرافا وأنظمة سياسية تتقمص التشيع اصطفت مع النظام، فالشيعة بجمهورهم العريض إنما يتبعون مراجعهم العدول، وهؤلاء موقفهم منذ البداية واضح، وهو الحياد الحذر. إلا أن هؤلاء المجرمين الذين زعموا أنهم ثوار أبوا إلا إقحام الشيعة في الصراع، ولم يتناغموا فحسب مع الخطاب التحريضي عليهم وتصويرهم بصورة العدو؛ بل شاركوا فعليا على الأرض في استعداء الشيعة ومقدساتهم رغم الوعود الكاذبة - ومنها ما أُرسل لنا ولم نرد عليه - بأنهم لن يفعلوا، وأنهم سيقطعون اليد التي تمتد على المقدسات لأنها مقدسات جميع المسلمين، لا مقدسات الشيعة فحسب.
أما وقد تحوّلوا إلى هذا المنعطف الخطير اليوم بنبش قبر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله؛ فذلك قد استدعى من الشيعة تحوّلا أيضاً سيدفع هؤلاء الأوغاد الذين زعموا أنهم ثوار ثمنه باهظا جدا، لا في سورية وحدها، فالحرب مفتوحة إقليميا وهي مفروضة على الشيعة الذين ما شاءوا أبدا الدخول فيها، وهم اليوم إنما يدافعون عن مقدساتهم، ولا يدافعون عن نظام بعينه، وسيكون ردعهم لهؤلاء الإرهابيين قاسيا جدا بإذن الله تعالى، كما ردعوا من قبل الإرهابيين في العراق حين حمي الوطيس. ومن جرّب غضبة الشيعة علم صدق ما نقول.
وأما التكليف؛ فهو في استفراغ الوسع في استصدار قرار أممي بحماية المقدسات والمكون الشيعي في بلاد الشام، ليشكل غطاء دوليا وقانونيا للتدخل لتأمين المراقد المقدسة والمدن والأحياء الشيعية. وفي هذا الصدد ندعو جميع الأطراف الدينية والحكومية والسياسية والحقوقية للإسراع في استصدار هذا القرار والتحرك الجاد لتسوية الوضع على الأرض.
وعلى المؤمنين والمؤمنات إصلاح أنفسهم والتوجه بقلوب صادقة إلى الله تعالى بأن يرفع هذه الغمة عن هذه الأمة بتعجيل ظهور وليه القائم من آل محمد صلوات الله عليهم أجمعين، ففي ذلك خلاصنا وخلاص البشرية جميعا. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ياسر الحبيب
ليلة تسع بقين من جمادى الآخرة لسنة أربع وثلاثين وأربعمئة وألف من الهجرة النبوية الشريفة.
لندن