أخيرا تحقق الحلم! بعد جهود جبارة ومضنية؛ افتتحت هيئة خدام المهدي عليه السلام في لندن أرض فدك الصغرى وفيها مسجد السبط الثالث المحسِّن الشهيد «عليه السلام» تزامنـًا مع مناسبة ذكرى ميلاد السيدة فاطمة الزهراء «عليها السلام» لسنة 1434 هجرية، وبهذه المناسبة تجمع في انتظار الحضور الكريم للشيخ الحبيب ومن برفقته من المشايخ جمهور غفير من المؤمنين والمؤمنات الذين توافدوا من داخل المملكة المتحدة ومختلف أنحاء العالم قبل أن يجتمعوا عند بوابة المدخل لحضور الافتتاح من الصباح الباكر، إذ حجز بعضهم تذاكر السفر من فترة طويلة وجاءوا جميعا وهم على أحر من الجمر لحضور هذا الفتح العظيم الذي ساهم فيه المؤمنون الكرام من شتى بقاع العالم في حدث فريد.
الشيخ الحبيب تقدم الحشود المتوافدة التي سارت في نواحي أرض فدك الصغرى بتهاليل الفرح والصلاة على محمد وآل محمد لتحضر مشهدًا تاريخيًا متمثلاً برفع علم هيئة خدام المهدي عليه السلام على إحدى تلال هذه الأرض المباركة، قبل أن يتسابق الحضور لرص الصفوف بعد أن رُفع على مسامعهم الأذان بصوت الزميل حامد الطاهر، والذي كان أذانـًا داخليًا فقط لحين صدور الإجازات الرسمية لرفع الأذان بالمكبرات الخارجية، معلنا دخول وقت صلاة الظهرين لتؤدى بإمامة الشيخ الحبيب.
ثم تقدّم مستشار الشيخ، الدكتور ماجد العبيدي، الذي قام بمهمة عريف الحفل، بإلقاء كلمة أشاد فيها بكل الجهود التي سعى أصحابها بالتشمير عن سواعدهم لتأسيس هذا الصرح الحضاري الإسلامي الرافضي الأصيل، رافعًا أسمى التهاني والتبريكات لمقام رسول الله الأعظم وابنته الصديقة الكبرى وأهل بيتهما الأطهار «صلوات الله عليهم» لا سيّما بقية الله الإمام المنتظر «صلوات الله عليه»، مقدّما بذلك أصدق عبارات الشكر والحمد لله تعالى على هذه النعمة التي سيعم خيرها البشرية جمعاء إن شاء الله، قبل أن يتفضل بعده الشاعر المبدع عادل الخطيب بإلقاء قصائد ولائية أعدّت لهذه المناسبة، ويأتي الدور بعدهما إلى سماحة الشيخ الحبيب ليعتلي المنبر الحسيني الشريف الذي تشرف بالانتقال معه إلى هذا البقعة بعد نقله من المقر القديم.
وقد ألقى الشيخ الحبيب «حفظه الله» كلمة مطوّلة استمرت لحوالي ساعة كاملة، نوّه فيها على أن صرح مسجد السبط الثالث المحسّن الشهيد «عليه السلام» سيكون اللبنة الأولى لبناء جيل من الصالحين والمبلغين لرسالة رسول الله «صلى الله عليه وآله» وعترته الطاهرة الطيبة «عليهم أفضل الصلاة السلام»، كما كان مسجد رسول الله «صلى الله عليه وآله» اللبنة الأولى لتوحيد المجتمع على مبادئ دين الله «عز وجل» بعد هجرته الشريفة إلى المدينة المنورة.
ودعا سماحته الجميع من المؤازرين والمناوئين من شيعة آل محمد «صلوات الله عليهم» إلى أن يتعظوا بهذا الدرس الذي أتاهم من وراء تحقق هذا الإنجاز ببركة أهل البيت أجمعين «صلوات الله عليهم» بشكلٍ عام، وببركة الزهراء وابنها المحسّن الشهيد «صلوات الله عليهما» بشكلٍ خاص، عبر أن يتناسوا كلمة (مستحيل) في طريق الإخلاص لإحياء دين الله وكشف مظلومية رسول الله والعترة الطاهرة وإسقاط باطل أعداء المصطفى وأعداء أهل البيت «صلوات الله عليهم»، عند صدقهم النية في استنقاذ الناس من الضلال وجمعهم على الهدى والنور، مع مواجهة مشكلة قلة المغيث والناصر في بادئ الأمر.
وبشـّر الشيخ الحبيب «حفظه الله» المتابعين له بأن الهدف المرجو من هذه الأرض المهداة للزهراء «صلوات الله عليها» هو التمهيد لافتتاح البلاد الإسلامية سيّما مكة المكرمة والمدينة المنورة وأرض فدك الكبرى، مع رفع رايات (يا محمد) و(يا علي) و(يا فاطمة) و(يا حسن) و(يا حسين) على منائرها المقدسة، دون وضع اعتبار لكلمة مستحيل، بغية تخليص تلك البلاد من الجاهلية الثانية بعدما خلّصها رسول الله «صلى الله عليه وآله» من الجاهلية الأولى.
وجدد الشيخ دعوته للمؤمنين الذين رأوا بركة هذا المشروع إلى مواصلة التبرع لبناء وتشييد هذا المسجد وتكوين أركانه، وإلى تجهيز أنفسهم للقدوم إلى لندن للاستقرار حول أرض فدك الصغرى إلى أن تتحول إلى قرية إسلامية رافضية أصيلة، إذ تسعى الهيئة لشراء الأراضي من حواليها وهداية أبناء سكان تلك المنطقة من الإنجليز والبريطانيين، مؤكدًا للمؤمنين الكرام أن الله سضمن لهم أرزاقهم ببركة أهل البيت الطاهرين وسيدة نساء العالمين وابن أمير المؤمنين المحسّن الشهيد «صلوات الله عليهم»، محذرًا من إبقاء المكان مهجورًا بانتصار وساوس الشياطين على إرادة المؤمنين، الأمر الذي قد يؤخر الوصول بنا إلى الهدف الأسمى.
كما بشـّر سماحته الأخوة من المؤمنين والمؤمنات بالعمل الجدي لتأسيس مدرسة في هذه المنطقة إلى جانب حوزة علمية تعمل على تخريج جيل صالح من المجتهدين والخطباء والمبلّغين وتعمل على حفظ تراث آل محمد «صلوات الله عليهم» الذي تسعى الجهات المناوئة لهم إلى طمسه وتغييبه أو تحريفه باتجاه المناهج المنحرفة كالعرفان الباطل والبترية.
ثم تحدث الزميل الباحث عبد الله الخلاف بحديث سريع وموجز عرض فيه قصة هذا الفتح وكيف بدأ من مجرد صورة لهذا المكان عرضها الزميل أحمد شكوري على سماحة الشيخ مرورا بحملات التبرع الاستثنائية وما رافقها من جهود وأتعاب ومحاربات وصولا إلى تجهيز هذا المكان وإعلان الافتتاح رسميا وأداء الصلاة فيه.
وتحدث بعده الأخ الزميل محمد عبد الرحيم محمد صالح باعتباره أحد الجنود المجهولين ممن تكفلوا بتنظيم حملات التبرعات عما سمعه بنفسه من المتبرعين والمتبرعات مما نالوه من كرامات وقضاء حوائج ببركة بذلهم من أموالهم ومساهمتهم في تحقيق هذا الإنجاز الكبير. ومن تلك الكرامات شفاء إحدى المؤمنات من السرطان تماما وحمل امرأة كانت وزوجها محرومين من الذرية منذ زواجهما قبل نحو 11 سنة.
وانضم إلى قائمة المتحدثين الأخ الكريم سالم الكربلائي حيث تحدث هو من جانبه أيضا عن بعض الكرامات التي حصلت له شخصيا ولمعارفه الذين أسهموا في تأسيس هذا المسجد المبارك.
كما تحدث أحد المؤمنين الكرام الذي جاء من النجف الأشرف خصيصا لحضور حفل الافتتاح وقد غلبته عبرته ودمعت عينيه طالبا من الشيخ الحبيب براءة الذمة لأنه كان مضللا بالشائعات الكثيرة التي تنال من الشيخ وأصحابه ولذلك كان يعارضه بشدة لكنه الآن من أشد المناصرين له بل يعتبر نفسه فداء للشيخ بعد الذي رأى من إنجازاته.
وكان مسك الختام للرادود المتألق باسم الدراجي الذي أمتع الحاضرين بأهازيج وأناشيد تصدح بحب أهل البيت عليهم السلام وبغض أعدائهم، إلى إن اختتم الأخ الزميل السيد علي الحسيني من القسم الإنجليزي في الهيئة حفل الافتتاح بكلمة باللغة الإنجليزية شدّد فيها على ضرورة الإكثار من التبليغ باللغة الإنجليزية لهداية أهالي هذه الديار الغربية مع ضرورة التصدي للأصوات المناوئة والمضللة للمجتمع، والتي تأصّل للانحراف بلباس مشايعة وموالاة آل محمد «صلوات الله عليهم».
جدير بالذكر أن حفل الافتتاح تشرف بحضور سماحة الشيخ محمد سيروز وسماحة الشيخ ضياء الدين الزبيدي وسماحة الشيخ علي معاش إلى جانب عدد غفير من المؤمنين والمؤمنات. كما قامت بعض وسائل الإعلام البريطانية بتغطية الحفل.