بعد أن أقدمت زمرة من المجرمين النواصب السفلة على انتهاك حرمة ولي الله حجر بن عدي الكِندي (رضوان الله عليه) في منطقة مرج عذرا السورية، وإصدار بيانه المندد بهذه الجريمة الشنعاء، قرر الشيخ الحبيب خلال برنامج البث المباشر الأسبوعي معه على قناتي فدك وصوت العترة الفضائيتين على مختلف الترددات، قرر قطع ورقته البحثية التكميلية للحلقة السابقة من البرنامج ليلقي في يوم الجمعة الموافق 22 جمادى الثانية 1434 هجرية ورقة بحثية عن هذا الولي الصالح الذي ترك الشيعة مقامه ليصبح عرضة لعدوان النواصب، وقد حظت كلمة الشيخ بنصيب واسع من الانتشار بين المتابعين سيما أنها جائت في ليلة افتتاح قرية فدك الصغرى.
الشيخ الحبيب أجمل فيما يقارب الساعة حديثه عن الأخطاء الفادحة التي وقع فيها الشيعة بهذا العصر وتسببت في تراجع أو انحسار سيطرتهم على مقدساتهم حتى صارت تنتهك جهارًا نهارًا دون رد فعل قوي منهم على الساحة، تاليًا بيان الفئة الباغية التي استهدفت الضريح والقبر، قبل أن يبدأ كلمته حول متعلقات فاجعة فقد حجر بن عدي المكنى بــ (حجر الخير)، ويعلق عليها، سيرا باستعراض سيرة هذا الصحابي الجليل التابع لمنهج أمير المؤمنين (عليه السلام) ورسول الله (صلى الله عليه وآله)، مميطا اللثام عن وجه معاوية القذر وجريمته النكراء بحق هذا الصاحب لرسول الله الذي كان من الذين أجمع المؤرخون على صلاحهم بكتب التراث الإسلامي.
فنقل سماحة الشيخ (حفظه الله) نص ترجمة محمد بن أحمد الذهبي – إمام البكرية في الجرح والتعديل – لسيرة حجر بن عدي (رضوان الله تعالى عليه) المؤرخة في كتابه (سير أعلام النبلاء/ ج3/ ص462)، إذ روى فيها هناك فضائل عدة لهذه الشخصية المحمودة والمظلومة في الوقت نفسه، والتي من ظلامتها أنها من دخلت منطقة مرج عذراء لتفتحها وتنقل لها الإسلام، ثم دار الزمان فقـُتِلت فيها من قبل معاوية، ثم دار الزمان أكثر فأكثر فأتت زمرة إرهابية تنتهك مقامها وتصدر بيانا ركيكا تتجاسر به على من ضمه التراب تحت وطئتها بمستوى ضعيف لا يرقى ليكون صادرا من عرب أرادوا التباهي بعروبتهم – إن كانوا عربًا حقا كما يزعمون– حيث هاجموا به هذا الصحابي العربي القح بلغة إن شاءوا لأوصلوها إلى نعته بالفارسي.. الصفوي.. المجوسي!
وفسر الشيخ الحبيب هذا الحقد الدفين، والتجاهل البكري المريب لهذه الجريمة البشعة ضد هذه الشخصية الجليلة القدر، بأن الأمر يعود لكونه شيعيًا من شيعة علي بن أبي طالب (صلوات الله عليه)، مع وجود ثارات قديمة بينهم وبينه لكونه أحد الذين أذاقوا حزب عائشة الويلات في حرب الجمل، كما أنه ممن أذاق حزب معاوية الويلات بحرب صفين.
وأدان سماحته الذهبي لإخفاءه اسم علي (عليه السلام) عند حديثه عن سبب مقتل حجر بن عدي (رضوان الله عليه) في سنة 51 للهجرة، إذ تنبه الذهبي أن التصريح باسم علي قد يثير التساؤلات لدى الفرد العامي فيقوده إلى أن يبحث ويتفحص التراث الإسلامي جيدا فيصبح شيعيا بعد ذلك.
كما أدان الشيخ الحبيب الفرقة البترية عند استعراضه للمواقف الخالدة لهذه الشخصية، إذ أنه كانت ممن يجهر بالحق ويهين ما يسمى عندهم (رموز الآخرين)، الأمر الخطير الذي تحذر منه هذه الفرقة، كما أكد أحد تابعيها وهو خامنئي عند إصداره لفتوى دون علم قبل سنوات في زمننا المعاصر ليدين بها من يهين عائشة، دون أن يعلم أنه برفعه لواء الدفاع عن حجر بن عدي يكون مدافعًا عن أحد من ثاروا على عثمان وجهروا بثلبه وتركوا التقية ورائهم.
وفي الختام سلط الشيخ (حفظه الله) الأضواء على جريمة معاوية (لعنه الله) في قتل حجر الخير (رضوان الله عليه) صبرا، كأصحاب الأخدود حسب ما تنبأ أمير المؤمنين علي عليه السلام وسجلت ذلك المصادر البكرية كما في (البداية والنهاية/ج6/ص253/ لابن كثير)، مع إرجاع البيهقي قول الإمام لمصدره المرجح عنده وهو كلام رسول الله صلى الله عليه وآله، قبل أن يضيف الشيخ الحبيب أن معاوية تجاوز جريمته في قتل حجر بن عدي بإرتكاب جرائم أخرى من بعد قتله وهي هدم داره وقتل ابنيه.