وسط حضور كثيف أكد الثقة بنمو وتوسع التيار الرافضي البرائي شارك الشيخ الحبيب في الاحتفال المبارك بمناسبة هلاك الطاغية الثاني عمر بن الخطاب لسنة 1435 هجرية.
ابتدأ الحفل بتلاوة عطرة من الذكر الحكيم تلاها الحاج أبو هادي الكربلائي وتلتها كلمة باللغة الإنكليزية ألقاها الباحث السويدي المتشيع آدم كازي، ثم تلاه الشيخ محمد سيروز حيث ألقى قصيدتين باللغة الفارسية، ثم كلمة لسماحة الشيخ الحبيب، وبعد سماحته ألقى الشاعر أبو غيث المياحي قصائد شعرية فصحى وباللهجة المحكية، ثم ألقى أحد الأخوة الباكستانيين أنشودة باللغة الأوردية، ثم بعدها صعد المنصة الرادود السيد صالح الموسوي ليسعد الحضور بأهازيج رافضية، ثم كلمة باللغة العربية للشيخ عباس آغائي. لينتهي الحفل بأداء صلاة العشائين جماعة بإمامة الشيخ.
ابتدأ سماحة الشيخ كلمته برفع أسمى آيات التهاني والتبريكات إلى المولى صاحب الأمر (عليه السلام وعجل الله فرجه الشريف)، ثم تطرق سماحته إلى إثبات نفاق عمر من القرآن الكريم، حيث افتتح الحديث بتلاوة أول خمس آيات من سورة المنافقين إلى قوله تعالى: ”هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ“. ثم أورد سماحته حديثا من الكافي الشريف مرويا عن الإمام الكاظم (عليه السلام) وهو التالي: ”إن الله تبارك وتعالى سمّى من لم يتبع رسوله في ولاية وصيّه منافقين، وجعل من جحد وصيّه إمامته كمن جحد محمدا وأنزل بذلك قرآنا، فقال: يا محمد إذا جاءك المنافقون (بولاية وصيّك) قالوا: نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين (بولاية علي) لكاذبون“. (الكافي - الجزء 1 - الصفحة 432).
وعلّق سماحته على هذه الرواية بأن عمر وصاحبه أبا بكر (لعنهما الله) هما أصدق مصاديق انطباق هذا المعنى، حيث بايعا أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم الغدير قبل أن يتنكرا لبيعتهما له، ويزدادا كفرا بمطالبتهما إياه (عليه السلام) بالبيعة لهما.
وأكمل سماحته بقوله أننا - نحن الشيعة - نقول أن عمر منافق ونقيم الأدلة على ذلك ويأبى المخالفون إلا أن يجعلوه صالحا تبعا لهواهم، وأن عمر وأضرابه من المنافقين الذين أسلموا إسلاماً ظاهريا ثم كفروا لأنهم كانوا يريدون أن يكون الدين على هواهم، وما إن مضى النبي (صلى الله عليه وآله) شهيدا مسموما حتى نكثوا وارتدوا. ثم أكمل سماحته أن الفرقة البكرية فرقة لا تستحيي إذ تدّعي أن الله تعالى أنزل آيات تخطئ نبيه (صلى الله عليه وآله) وتوافق رأي عمر (لعنه الله).
ثم تلا سماحة الشيخ آيتين إحداهما من سورة آل عمران والأخرى من سورة النساء:
• «إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ • إنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ» (الآية 92 و 93 من سورة آل عمران).
• «إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ آمَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْرًا لَّمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً» (الآية 38 من سورة النساء).
واستطرد سماحته في تفسيرهما ذاكرا رواية عن الإمام الصادق (عليه السلام) وردت في كتاب الكافي الشريف: ”عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل: ”إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لن تقبل توبتهم“ قال: ”نزلت في فلان وفلان وفلان، آمنوا بالنبي (صلى الله عليه وآله) في أول الأمر وكفروا حيث عرضت عليهم الولاية، حين قال النبي (صلى الله عليه وآله): من كنت مولاه فهذا علي مولاه، ثم آمنوا بالبيعة لأمير المؤمنين عليه السلام ثم كفروا حيث مضى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فلم يقروا بالبيعة، ثم ازدادوا كفرا بأخذهم من بايعه بالبيعة لهم فهؤلاء لم يبق فيهم من الإيمان شيء“. (المصدر: الكافي للكليني - الجزء 1 - الصفحة 420).
وبيّن سماحة الشيخ أن المراد بـ ”فلان وفلان وفلان“ هم أبو بكر وعمر وعثمان، إذ لا يعقل أن يقول المعصوم (عليه السلام): ”فلان وفلان وفلان“ دون أن يبيّن من هم وإلا لن يستقيم المعنى. ثم استطرد سماحته بقوله أن العلامة المجلسي في بحار الأنوار والمشهدي في تفسيره كنز الدقائق وغيرهما قد بيّنوا أن هذا التعبير استخدمه النسّاخ بداعي التقية لظروف زمن تدوين الرواية.
ودعا سماحته المخالفين إلى التجرد عن الهوى والمواريث الشائعة، والتدبر فيما جاء عن أهل البيت (عليهم السلام) في شأن عمر بن الخطاب وأضرابه من المنافقين (لعنهم الله)، واستدل سماحته بذكر بعض الشواهد التي يرويها المخالفون والتي تؤكد ما جاء عن أهل البيت (عليهم السلام) وتكون ملزمة للمخالف، حيث ذكر ما جاء في صحيح البخاري عن مسور بن مخرمة، قال: ”لما طعن عمر جعل يألم، فقال له ابن عباس وكأنه يجزعه: يا أمير المؤمنين ولئن كان ذاك لقد صحبت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأحسنت صحبته، ثم فارقته وهو عنك راض، ثم صحبت أبا بكر فأحسنت صحبته، ثم فارقته وهو عنك راض، ثم صحبت صحبتهم فأحسنت صحبتهم ولئن فارقتهم لتفارقنهم وهم عنك راضون، قال (عمر): أمّا ما ذكرت من صحبة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ورضاه فإنما ذاك منّ من الله تعالى منّ به علي، وأمّا ما ذكرت من صحبة أبي بكر ورضاه فإنما ذلك منّ من الله جل ذكره منّ به علي وأمّا ما ترى من جزعي فهو من أجلك وأجل أصحابك والله لو أن لي طلاع الأرض ذهبا لافتديت به من عذاب الله عز وجل قبل أن أراه“. (المصدر: صحيح البخاري - الجزء 4 - الصفحة 201)
علق الشيخ بقوله أن هذه قرينة وفضيحة واضحة لأهل الخلاف، إذ يشهد فيها عمر على نفسه بأنه منافق بما يطابق ما جاء في الآية: «إن الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ الأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ» والتي أجمع المفسرون على أنها نزلت في المنافقين.
وبيّن الشيخ كذب ابن عباس وتملّقه لعمر في ادعائه بأنه سيموت وأصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) عنه راضون، منوّهاً أن السيدة الزهراء (صلوات الله عليها) قد ماتت وهي ساخطة على عمر (لعنه الله)، مما يعني أن ابن عباس كذب في قوله أن عمر قد رُضِيَ عنه. وعلاوة على كذب ابن عباس - وهو راوي حديث رزية الخميس - أن النبي (صلى الله عليه وآله) مضى وهو عن عمر راضٍ! كيف يكون ذلك وكان آخر عهده رزية الخميس؟! وكيف يرضى النبي (صلى الله عليه وآله) عن رجل يسبه بقوله أنه ”يخرّف“؟!
وختم سماحة الشيخ كلمته أن هناك من ”الصحابة“ من احتفل بهلاك عمر، حيث ينقل سماحته من سير أعلام النبلاء ما نصه: ”قال ابن سعد ابتنى أبو جهم بالمدينة دارا وكان عمر (رضي الله عنه) قد أخافه وأشرف عليه حتى كف من غرب لسانه، فلما توفي عمر سر بموته، وجعل يومئذ يحتبش في بيته، يعني يقفز على رجليه“. (المصدر: تاريخ الإسلام للذهبي - الجزء 5 - الصفحة 281). وأبو جهم هذا هو: أبو الجهم بن حذيفة القرشي العدوي والذي كان قد أظهر الفرح والسرور بهلاك عمر بن الخطاب، وعليه فإن على المخالفين أن يعذروا الشيعة باحتفالهم بهذا اليوم لأنهم عملوا بالحديث المكذوب على رسول الله والمعتبر عند المخالفين: ”أصحابي كالنجوم بأيّهم اقتديتم اهتديتم“.