بيان مناصرة وتأييد لشعب البحرين ضد حكومته الجائرة

شارك الخبر على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp

2007 / 12 / 27

صدر عن الشيخ ياسر الحبيب البيان التالي:

‏بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطيبين الطاهرين ولعنة الله على أعدائهم أجمعين

”وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا“.

الجرائم الجديدة التي أضافتها حكومة أبناء البغايا في البحرين إلى سجّلها الأسود؛ والمتمثلة بقتل أحد الشباب المؤمنين الذين خرجوا في مسيرة سلمية لإحياء ذكرى الشهداء وضحايا التعذيب، وما تلا ذلك من إجراءات قمعية منظمة ضد المواطنين الأبرياء بمن فيهم من نساء وأطفال؛ تُظهر بوضوح أن هذه الحكومة مستمرة في غيّها ولن تتراجع عن طغيانها، وأنها لا تزال ماضية في عدائها التاريخي ضد الشعب الأصلي.

وقد بيّنت الأحداث الإجرامية الأخيرة أن هذه الحكومة الناصبية المتوحشة لا تأبه بالتحولات التي طرأت على العالم فجعلته قرية صغيرة لا يمكن التعتيم على القمع فيها، بل لا يمكن التستّر على أية حادثة يشوبها شيء من الظلم مهما كان حجمه ومقداره، فكأن القائمين على هذه الحكومة يقولون رغم هذا الواقع بملء الفم: ها نحن نقتل ونسجن وننكل ونعتدي جنسيا ونسرق وننتهك حقوق الإنسان.. فتعال أيها العالم وانظر فلسنا نخشى أحدا!

إزاء هذا فإن من اللازم على المؤمنين في البحرين البدء بمرحلة جديدة من تحدّي النظام الجائر وصولاً إلى إسقاطه لقيام حكومة الشعب الأصلي، وينبغي أن تكون أنماط هذه المرحلة وأبعادها متعددة ومرسومة على مدى طويل، لأن مثل هذا الهدف الكبير - وهو إسقاط الحكم الجائر - لا يمكن تحققه بين ليلة وضحاها، وأي استعجال سيكون من قبيل التهوّر الذي لا عاقبة نافعة له.

لذا فإننا نعيد التذكير بما أوصينا به، وهو في نقاط:

الأولى؛ مع تشجعينا المطلق على النزول إلى الشارع، والتظاهر والتجمهر، وإطلاق هتافات التحدي، وحرق صور الظالمين، وإلقاء خطابات الثورة، وتوزيع المنشورات التحريضية، وما إلى ذلك من وسائل الضغط والتصعيد.. مع كامل إيماننا بضرورة كل ذلك؛ إلا أنه لا ينبغي أن ينقلب الأمر إلى التفجير والإحراق، وتدمير الممتلكات الشخصية أو العامة، وغير ذلك مما قد تسعى إليه السلطة نفسها لتشويه مسيرة الشعب لنيل حقوقه.

الثانية؛ من أكثر ما يؤلم ويؤرّق الديكتاتوريات اليوم ويُسهم بالتعجيل في سقوطها هو القيام بعصيان مدني شامل مترافق مع تغطية إعلامية واسعة، هذا العصيان يتطلب تضحية عامة من الشعب بأكمله، فعلى الجميع أن يمتنع عن العمل والدراسة والتعاطي مع الحكومة حتى تُشلَّ كلية، وحينها على الجميع أن يحذر من أن يقع المؤمنون في خديعة جديدة تسوّقها السلطة كحل وسطي أو تفاوضي كما جرى سابقا غير مرّة، فيجب الثبات على المبدأ وإغلاق باب الحوار إلا مع طرف دولي ثالث له هيمنة، كأميركا وبريطانيا، أو مع مؤسسة دولية كالأمم المتحدة. ومن الأهمية بمكان أثناء ذلك التركيز على الإعلام العالمي لتدويل قضية البحرين، فإن صداها في العالم خافت إلى مستوى غير مرضٍ إطلاقا.

الثالثة؛ تشكيل حكومة تمثيلية في الخارج يقوم على رأسها قياديون بارزون، على أن تتشكل بوسائل انتخابية حديثة - كتقنيات الإنترنت مثلا - لتكتسب شيئا من المصداقية في المحافل الدولية وتقوم بدورها كبديل شرعي للحكومة غير الشرعية الجاثمة على صدر الشعب في الداخل.

الرابعة؛ ينبغي الإذعان إلى حقيقة أنه لا يمكن أن يقع أي تغيير في البحرين أو في غيرها ما لم يؤمَن جانب الدول الاستعمارية الكبرى، وما لم يتم تحييدها على الأقل، فإن ما تخشاه هذه الدول في هذه المنطقة هو قيام حكومات ثورية أو راديكالية جديدة تهدد مصالحها وتصطدم بسياساتها، ولا مجال للمناقشة في أن أية مجابهة حالية مع هذه الدول ستكون خاسرة من جهة أننا الأضعف. وعليه؛ ينبغي الإذعان إلى ضرورة إعمال سياسة المصالح المتبادلة من باب الاضطرار، حتى يؤمَن جانب هذه الدول ولا تقف حجر عثرة أمام التغيير المنشود، وإلا لذهبت كل الجهود أدراج الرياح كما وقع إبان الانتفاضة الشعبانية المجيدة في العراق قبل أربعة ستة عاما، فقد كان بالإمكان حينها تغيير المعادلة السياسية بإبداء مرونة تجاه المخاوف الأميركية بهدف إنجاح الانتفاضة والتخلص من الحكم الصدامي، وكان ذلك سيوفر علينا ستة عشر عاما من العذاب الإضافي الذي انتهى بالاحتلال وعودة الأميركيين بالنتيجة. يمكننا أن نكون أذكى من اليهود، والبكريين، وأذكى من الغربيين أنفسهم، لو فهمنا قانون ”خذ وأعطِ“ وطبقناه بحكمة. على أن أي مضي في هذا الاتجاه لا بد وأن يكون بإمضاء المرجعية والفقيه الجامع للشرائط في حال تعذر الحصول على إمضاء شورى الفقهاء المراجع.

الخامسة؛ وهي النقطة الأهم؛ التوجه بقلوب مخلصة ونوايا صادقة نحو مقام قطب دائرة الإمكان مولانا صاحب العصر والزمان (صلوات الله وسلامه عليه) مثلما توجه إليه ذلك المؤمن الطاهر (محمد بن عيسى رضوان الله عليه) فأنقذ المولى شعب البحرين ببركة توسلاته ودموعه في ليل الصحراء! فلو أصبحنا جميعا بهذه الحالة من الانقطاع إلى إمامنا المفدى (صلوات الله عليه وعجل الله فرجه) لما تأخر عنا اليُمن بلقائه ولما حُبس عنا نصره وتأييده. فليكن شعب البحرين المجاهد، ذلك الشعب الذي يضرب مثالا لغيره من الشعوب في الإيمان العميق والارتباط الشديد بمقام بقية الله الأعظم صلى الله عليه وعلى آبائه الطاهرين. ولتكن سمة هذا الشعب هي أنه ”شعب مهدي آل محمد“.

نسأل الله تعالى لإخواننا المؤمنين في البحرين الفرج والنصر والتأييد، عاجلا قريبا إن شاء الله تعالى.

ياســـر الحبيـــب
ليلة 17 من ذي الحجة لسنة 1428 من الهجرة النبوية الشريفة
لندن

شارك الخبر على Google Twitter Facebook Whatsapp Whatsapp